معارك حماس القادمة .. بقلم: صلاح حميدة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

معارك حماس القادمة

بقلم: صلاح حميدة

دخلت حركة حماس إلى العالمية من خلال ولوجها الانتخابات الفلسطينية وفوزها فيها، وأدخلت هذه الحركة إلى أتون الصراع مع غالبية القوى الإقليمية والعالمية بدون رغبة ولا إرادة منها بعد ذلك.


قد يقول قائل: إن ذنب حماس يتلخص في عدم قدرتها على التنازل عن أفكارها ومبادئها وحقوق الشعب الفلسطيني الثابتة، وعدم قدرتها على طأطأة الرأس والاعتراف ب(الكيان الصهيوني)، وبالتالي تدخل إلى محافل السياسة الدولية من أوسع أبوابها.


فُرض الحصار وأعلنت الحرب على حركة حماس ، وخاضت حماس الحروب برجولة وصلابة، واستطاعت إفشال العدوان وثبتت على الأرض أنها رقم صعب في المعادلة الإقليمية والعالمية أيضاً.


نجاح حماس هذا أذهل كل المتآمرين عليها، الذين كانوا يؤملون هزيمتها في أربعة أيام على أبعد تقدير، ولكن هذه الهزيمة للمتآمرين على حركة حماس ، وما تمثله حركة حماس، لم ولن يجعلهم يستسلموا ببساطة، وعلى حركة حماس أن تدرك ذلك جيداً، فالاجتماعات العالمية في شرم الشيخ، وشحنات الأسلحة العالمية إلى الكيان الصهيوني، والاتفاقية الأمريكية - الصهيونية، مضافاً إليها الحراك السياسي الحالي الذي يهدف في أغلبه إلى تحقيق ما عجزت عنه الآلة الاسرائيلية على الأرض، يعبر عن عدم الاستسلام والإصرار على حرب حماس والقضاء عليها.


حركة حماس تحارب أكبر وأهم مشروع استيطاني عنصري للغرب الأوروبي وأمريكا الشمالية، بل أكبر قاعدة للمرتزقة التي تمثل أغلب القوى الاستعمارية في العالم، مضافاً إليها دول النفاق والعمالة العربية، لذلك فحركة حماس ستضطر مجبرة إلى خوض معارك طاحنة، بعضها بدأ فور نهاية إطلاق النار رسمياً، والبعض الآخر ستجبر على خوضه في قادم الأيام.


  • أولى المعارك بدأت فور نهاية إطلاق النار رسمياً، وهي معركة المنافقين الإعلامية، وهي معركة تشويه ما تم من إنجاز وصمود في وجه الآلة الصهيونية، فقد بدأ المنافقون على الفور بتقزيم الإنجاز، وبث الشائعات، وبدأوا بالحسابات الرياضية حول عدد الخسائر الفلسطينية، ولمحاربة هذه الظاهرة، لا بد من استراتيجية إعلامية مدروسة تهتم بهذه الظاهرة لخطورتها على الجبهة الداخلية والخارجية، فأبواق النفاق الإعلامية تملأ العالم من أقصاه إلى أقصاه.


  • المعركة الثانية، هي معركة البناء وإعادة الإعمار، وهي من أهم المعارك أيضاً، ولذلك فإن حركة حماس وحلفاء الحكومة الشرعية في غزة مطالبون بالإسراع في تعويض الناس والوقوف معهم وتوفير البدائل، لأنه بهذا تغلق عن نفسها باباً من أبواب الهجوم ، وعلى الحكومة إدارة الملف بحكمة، وعليها التجاوب أيضاً مع جهود الإعمار الدولية والعربية، حتى ولو طلبت أن تدير الموضوع بنفسها وبإشراف الحكومة، فليس مهما من يقوم بالإعمار ولكن بإشراف الحكومة الشرعية، فلا مطامع مالية للحكومة بالمساعدات، ولكن الهدف خدمة ورفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني.


  • المعركة الثالثة، هي معركة كسر الحصار، وعلى حركة حماس أن تكون واضحة وضوح الشمس مع جميع الأطراف، أنها لن تتردد في تفجير الأوضاع مجدداً إذا لم يرفع الحصار عن قطاع غزة ؛ لأنه بعد كل هذه التضحيات لا يجوز مطلقاً قبول عودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل العدوان، وبخصوص معبر رفح، على الحكومة في غزة أن تطالب بفتحه في مؤتمر صحفي، وأن تعلن علانية وبلا مواربة من يرفض رفع المعاناة عن الغزيين.


  • المعركة الرابعة، هي المعركة السياسية، وهي برأيي من أخطر المعارك، وهناك سعي حثيث من نفس الأطراف التي قاتلت حماس وحكومتها وحاصرتهم وسعت لاستئصالهم، لتهميش حماس وإبعادها عن صورة الفعل السياسي، وتحقيق ما عجزت عن تحقيقه البندقية الصهيونية، وقد تكون مداخل ذلك، من خلال مفاوضات تهدئة جديدة، ومفاوضات الحوار الوطني، ومفاوضات مبادلة الجندي جلعاد شاليت، ميتاً كان أم حياً، ومن الواضح من خلال الخطاب السياسي لهذه الأطراف أنها لم تيأس من محاولاتها لإبعاد حماس عن الفعل السياسي بأي وسيلة، ولذلك فحماس مطالبة بالحيطة والحذر والحنكة في التفاوض، والتصلب مع الأطراف التي تآمرت عليها، وتغيير قواعد اللعبة، ومن أراد حلول الوسط فعليه أن يتقدم هو تجاه مشروع حماس الذي ثبتت جدواه، لا أن تذهب حماس إلى خط وسط مع مشاريع عبثية كارثية ثبت فشلها بالتجربة، أو أن تنساق إلى محاولات التخجيل والدهلزة.


  • المعركة الخامسة، وهي معركة الأمن الداخلي الفلسطيني، وقد كان من الواضح أن ضرب المؤسسة الأمنية في القطاع يقع على رأس الأهداف الصهيوينة، وتمثل ذلك بقصف المقرات الأمنية، واغتيال وزير الداخلية سعيد صيام، كما أن الدكتور أسعد أبو خليل تحدث عن اشتمال الاتفاق الأمني بين ليفني ورايس على تسليح وتدريب جماعة دحلان للانقضاض على الحكومة الشرعية في غزة، بعد إضعاف المؤسسة الأمنية هناك، وكذلك لا بد من تسريع محاربة ظاهرة العمالة والتشديد في الأحكام على العملاء، وتنفيذ الأحكام بحقهم لردعهم.


  • المعركة السادسة، وهي معركة تطوير وإعادة بناء القدرات العسكرية للمقاومة الفلسطينية، وهي من أهم المعارك، لأن المعركة الحالية والتي أخرجت الطرفين بلا نصر كامل ولا هزيمة كاملة، كما قال أحد المحللين، ستدفع الكيان الصهيوني إلى محاولة جديدة أكثر شراسة وعدوانية لتحقيق ما يعتبرونه (نصراً واضحاً) على حركة حماس، ولذلك فعلى المقاومة الفلسطينية أن تعمل على استخلاص العبر وسد النقص والعثرات التي وقعت بها في هذه الحرب، لأن لهذه المعركة ما بعدها، وهذا عدو لا يمكن الوثوق بنواياه، كما أن الأطراف المتحالفة معه، ترفض أي حلول وسط مع حماس، ولذلك قد تكون المعركة القادمة أسرع مما يتوقع الكثيرون، ولا يغرن أحد بعض معسول الكلام من بعض منافقي العرب، الذين يريدون الآن ركوب موجة النصر، بعد هزيمة حليفهم الإسرائيلي.


خرجت حركة حماس من معركة الفرقان أقوى من أي يوم سبق ذلك، وأضحت رقماً صعباً عالمياً سيجبر الجميع على التعاطي معها، فهذا عالم لا يفهم سوى لغة القوة، عالم لا يحترم إلا من يخوض غمار المعارك، وينتصر فيها، ويبقى متأهباً دوماً لخوض أية معارك قادمة.

المصدر:كتائب الشهيد عز الدين القسام-المكتب الإعلامي