مقدمة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

فهرس الكتاب

دار بخلدى من سنين أن أكتب مذكراتى وقد كان هذا المعنى يراودنى منذ سنة 1926 عندما بدأت أدون ما مر بى من أحداث منذ ذلك العام الى حين نشر المذكرات مع ما يحضرنى مما مر بى قبل سنة 1926 كنت أدون الأحداث الداخلية والخارجية فى مفكرات ( أجندات ) وكنت أعتز بها وأجد فيها هواية تجذبنى نحو أحداث العالم ما يختص بمصر وما يتعلق بغيرها ولكن لما فتشوا بيتى فى نوفمبر سنة 1954 أخذو ا كل ما فيه من أوراق حتى تلك المذكرات وحتى ملفات الجنايات التى كنت أدرسها لأترافع فيها وظللت منذ ذلك التاريخ نزيل سجون عبد الناصر طوفت خلالها كل سجون المحافظات فى الوجه القبلى تقريبا ولما خرجت من السجن بعد استيفاء مدة العقوبة (15 سنة ) مضافا اليها اعتقال فى مزرعة ليمان طره دام حوالى العامين حدث عندى عزوف عن الاسترسال فى هذه الهواية من الناحية النفسية ومن بعض الظروف التى تحيط بالموقف من جميع نواحيه .

هذا الى أن نظرتى الى مثل هذه المذكرات يجب أن تكون صادقة مع الأحداث لا مع وجهة نظر من يتولى كتابة مذكراته لأن الأمر أمر تاريخ والتاريخ إما أن يسرد فى صدق وأمانة وإما البعد عنه تحسبا من الخطأ والتضليل للأجيال القادمة إذا قرىء من ناحية واحدة . إذا أضفنا الى ذلك أن فى حياتى بعض ما لا يرضى المتشددين من الإخوان أو غيرهم كالرقص الأفرنجى والموسيقى وحبى للانطلاق فى حياتى بعيدا عن قيود التزمت التى لم يأمر به دين من الأديان خاصة إسلامنا لالذى وصفه نبينا بما معناه أنه سمح لن يشاده أحد إلا غلبه وطلب منا الايغال فيه برفق لأن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى كنت أحجم دائما عن التعرض لكتابة المذكرات خاصة بعد أن خلت من يدى مراجعى الخاصة التى كتبت بها الأيام وأحداثها كما هى تماما ، وذات يوم زارنى فى مكتبى بمجلة الدعوة الأستاذ عصام غازى مندوب جريدة الشرق الأوسط فى القاهرة وتحد ث معى فى كتابة مذكراتى فكان جوابى أننى لا أستطيع كتابة مذكرات صحيحة مطابقة للواقع لأن مرجعى سلب من بين يدى ولكنى إذا كتبت فسأكتب ذكرياتى أى ما يعلق بذهنى مما مر بى فى حياتى ومن المقطوع به أن الذاكرة ليست العماد الراسخ فى سرد الأحداث لأنها عرضة للخطأ حينا وللنسيان أحيانا فقبل الرجل متفضلا ولما كنت أعرف أممثل هذا العمل يأخذ صاحبه مقابلا ماديا ولما كنت لا أريد أن أنزل بذكرياتى الى سوق المزايدة فاشترطت علىالمندوب أن يوضح توضيحا تاما أن ما أكتبه لم أتناول عليه ثمنا لأنه تاريخ والتاريخ لا ينزل الىعالم البيع والشراء لأنه ليس ملكا لفرد ولكنه حق أجيال قادمة لزاما علينا أن ننير لها الطريقفى إباء الصدق وشمم الصراحة اللائق بكل ما يتعرض لمثل هذه الأمور ولرغبتى الصادقة فى تصحيح الخطأ والتذكير بما نسيت شاكرا راضيا .

وقبل الرجل وأقدمت علىا لتدوين معتمدا على صاحب الفضل الأول والأخير جل جلاله معتصرا لذاكرة باضت عليها طيور الزمن وسكنها صغار الطير يرزقها الله إذ تغدو خماصا وتروح بطانا .

وحدث ما توقعت فقد غضب البعض لبعض ما كتبته عن خصوصياتى . والحق أنى راض عما كتبت ليعلم الناس قاطبة أن الإخوان المسلمين بشر من البشر يعرض عليهم كل ما يعرض على غيرهم دون ادعاء بزهادة باطلة أو ورع مصطنع وأن الاخوان المسلمين حلبوا أشطر الدهر فذاقوا حلوه ومره وأنهم إذ يدعون الى الله لا يدعون عن تعصب أو من بطن بوتقه عاشوا فيها بعيدا عن مجتمعهم بل إنهم يعرفون ما يعرف الناس وأنهم ليسوا أحلاف تعصب أو أنضاء تخلف عقلى أو اجتماعى .

أحببت ان أكتب هذه المقدمة لأسباب عدة منها مطالبتى كل قارىء أن يبادر الى تصحيح ما يراه من واقع خاطئه سببها اعتمادى ـ بعد الله طبعا ـ على ذلكرتى والذاكرة كثيرا ما تنسى والنسيانليس بذنب فقد رفع الله به المسئولية عن المسلمين مع الخطأ والاكراه . ومن بين الأسباب استجابتى للكثيرين الذينطالبوا بجمع هذه الذكريات فى كتيب واحد ومن الأسباب اننى أحببت أن اعلن عن حقيقتى فى مختلف مراحل حياتى كما جاء فى الذكريات وأثبته هنا للـاكيد والتذكير . لم أخف شيئا إذ ليس فى حياتى ما أخجل من ذكره وطرحه علىالناصية وإن خالفنى البعض فى هذا بحجة أن هذا يليق وهذا لا يليق ؟ والأمر فى نظرى ليس لياقة ولكنه أمر الصراحة التى يجب أن يتسم بها كل من تعرض لهذا الأمر حتى يعرف الناس ما لم يكونوا يعرفون وفوق هذا كله فإنى ألفت النظر بهذه المقدمة أننى كنت حريصا كل الحرص على شرح منهاج الاخوان المسلمين فى شتى نواحى النشاط الاقتصادى أوالسياسى أوالاجتماعى علما وتربية وليعلم الخاص والعام أن للإخوان منهاجا وأنهم لا يتحدثون من فراغ وحرصت على أن أبين ما لهم من أثر فى حياة المجتمعالمصرى بل والاسلامى كله هذا الأثر الذى لا ينكره إلا صاحب هوى لا يريد إلا طمس معالم كل مجهود إسلامى وخاصة إذا كان هذا المجهود إخوانيا محضا .

ويعلم الجميع أن الصحف تدفع المقابل لهذه الذكريات فأردت أن أظهر طابع الاخوان فى مثل هذه المناسبات وأنهم لا يتاجرون بالتاريخ ولا ينزلون به الى سوق المبيعات والمشتريات وإن كان هذا الكتيب يباع بثمن فما هى إلا تغطية نفقات الورق والطبع والنشر والتوزيع وعلى القارىء أن يلاحظ بدقة أننى لم أتعرض لخلافات أو غيرها حدثت داخل الجماعة لأنها أمور وقعت وانقضت ولا مصلحة لأحد فى نبشها وإخراجها من مثواها لتكون محل نقاش من جديد .

لقد ران التعتيم الاعلامى على الاخوان من سنة 1980 فأحببت أن أعيد الناس الى التذكير بهذه الجماعة الطاهرة التى اجتمعت كل القوى المعادية للاسلام على مهاجمتها والتشهير بها بغير الحق محاولة أن تحد من نشاطها فى ميدان الدعوة الاسلامية وكانت إرادة الله فوق كل إرادة فما من محنة حلت بهذه الجماعة إلا خرجت منها أصلب عودا وأكثر عددا وأصدق عزما وأصفى نية على مواصلة العمل فى سبيل الله ولا أتجاوز الحقيقة كثيرا إذا قلت إن هذه المحن عرفت الناس بهذه الجماعة المخلصة الخالصة على أوسع نطاق وبأكبر مما كان يمكن أن يعرف الناس بها وعنها


عداي لهم فضل علي ومنة فلا أبعد الله عني الأعاديا

هم بحثوا عن زلتي فاجتنبتها وهم نافسوني فاجتنيت المعاليا


وهكذا فشلت جميع خصوم هذه الدعوة فى إخفاء نورها وصرف الناس عنها بعد أن تكسرت النصال على ا لنصال فلم يعد لسهم منفذ الى صميم هذه الدعوة التى ستبقى ما بقى الوجود بفضل الله ومعونته لأنها دعوة من أجله وفى سبيله وابتغاء مرضاته .

هذه الذكريات منهاج إخوانى وجهاز إعلامى يستطيع القارىء معه أن يعرف الكثير مما لم يكن يعرفه عن الاخوان المسلمين ومدى نشاطهم وما إذا كان لهم منهاج

أو ليس لهم كما حرصت على البعد عن الشخصيات كى لا أدخل فى نقاش مع أحد فى مسائل لا جدوى من ورائها على أى حال .

ولولا ألحاح الكثيرين على نشر هذه الذكريات ما عنيت بها خاصة وأنها كتبت على عجل ودون مراجع أو مراجعة

وأسأل الله أن يكون فيها من النفع ما انعقدت عليه النية والله من وراء القصد .


عمر التلمساني


فهرس الكتاب