مليارات للجيش والشرطة والقضاء.. السيسي يحمل الفقراء مسئولية تمويل التعليم والصحة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
مليارات للجيش والشرطة والقضاء.. السيسي يحمل الفقراء مسئولية تمويل التعليم والصحة


بزعم انتمائهم للإخوان.jpg

أحمد يونس

(11 يونيو 2019)

مقدمة

في ظل سياسات التوحش التي يتبعها نظام السيسي العسكري مع الشعب المصري، قلصت الموازنة الجديدة التى اقرها البرلمان الانقلابي، امس مخصصات التعليم والصحة والدعم التمويني وكل ما يمت للفقراء بصلة، في الوقت الذي يفتح السيسي الباب على مصراعيه لتمويل المشروعات التي تهم وتفيد الاغنياء، من العاصمة الادارية والقطار الكهربائي فائق السرعة للعين السخنة والمناطق السياحية ومشروع هضبة الجلالة الترفيهي او مدينة العلمين..وغيرها من المدن المليارية، التي تبتلع مليارات الدولارات والجنيهات…عبر التمويل بالامر المباشر او ببيع الاراضي او بالقروض المليارية من الصين لتمويل العاصمة الادارية.

وليس ادل على ذلك من اطلاق "صندوق الاستثمار القومى الخيري للتعليم"،، الذي اطلقته امس وزارة التخطيط بحكومة الانقلاب مستهدفا تمويل عجز الموازنة بالتعليم عبر التبرعات الخيرية، سواء من عموم المصريين او من الهيئات الخيرية، وهو ما يعد اكبر دليل على تخلي نظام السيسي عن مسئولياته ازاء المصريين.

ورغم ان الموازنة الجديدة حوت الكثير من الابواب الغامضة لتمويل مزايا خاصة للجيش والشرطة والقضاء وايضا زيادة موازنة مجلس النواب 4 اضعاف، يضن نظام السيسي على الفقراء الذين قدرهم البنك الدولي بنحو 60% من المصريين في ابريل الماضي…حيث تراجعت مخصصات الدعم التمويني والتعليم والصحة والخدمات الاجتماعية بالموازنة الجديدة.

صندوق خيري

من جانبه قال محمود منتصر، الرئيس التنفيذي لبنك الاستثمار القومى إن فكرة إنشاء صندوق خيري للتعليم جاءت ليتم الصرف من خلاله من واقع وثائق استثمار يتم صرف العائد منها على التعليم بمشتملاته، بدايًة من تطوير المحتوى التعليمى نفسه ثم المعلمين والمنشآت والأجهزة والمعدات التى تستخدم فى العملية التعليمية، موضحًا أن الغرض من الصندوق هو تبنى رؤية تنهض بالتعليم فى مصر، وأنه خلال 2020 سوف ينطلق المشروع وستصدر الوثائق الخاصة به.

كانت وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري بحكومة الانقلاب قد شهدت خلال مايو الماضي انعقاد الاجتماع التأسيسي الأول لمجلس إدارة صندوق الاستثمار القومي الخيري للتعليم، حيث ناقش الاجتماع الهدف من إنشاء صندوق الاستثمار الخيري لدعم التعليم والذي يتمثل في إيجاد آلية لتوفير تمويل مستدام للمشاريع التعليمية، والارتقاء بمستوى التعليم والعمل على دعم الطلاب، بالإضافة إلى توفير خدمة تعليمية متميزة موجهة للمناطق المحرومة والأكثر احتياجًا، مع إدارة العمل الخيري والوقف بشكل مؤسسي واحترافي.

عائد دوري منتظم

يُشار إلى أن وزارة الأوقاف بحكومة الانقلاب تعتبر المساهم الرئيس في صندوق الاستثمار الخيري للتعليم وأشارت وزيرة التخطيط بحكومة الانقلاب هالة السعيد إلى أن الصندوق يهدف في الأساس إلى تحقيق عائد دوري منتظم، مع المحافظة على مستوى مخاطرة قليل وذلك من خلال استثمار متنوع في أدوات قليلة المخاطر وعالية السيولة مثل أدوات الدخل الثابت من أذون وسندات خزانة وأوعية ادخارية وأدوات عالية العائد مثل أسهم الشركات المصرية المقيدة في البورصة المصرية.

شارك باطلاق الصندوق شركة أيادي للاستثمار والتنمية إحدى شركات بنك الاستثمار القومي بالتعاون مع بنك مصر والبنك المصري الخليجي وثلاثة من رجال الأعمال ، هم: رؤوف غبور، محمد فريد خميس، وصادق السويدي، وستديره شركة إن آى كابيتال القابضه التابعة لبنك الاستثمار القومي.

ويضم في عضويته ايضا خمسة أعضاء، وهم:

د/ليلى اسكندرــ وزيرة التطوير الحضاري السابقة، د/دينا برعي ــ نائب رئيس الجامعة الأمريكية، د/سلمى بكري ــ رئيس مجلس إدارة مؤسسة "التعليم أولًا"، داليا عبدالقادرــ رئيس لجنة التنمية المستدامة باتحاد بنوك مصر، د/أحمد عكاشة ــ عضو اللجنة الاستشارية لكبار علماء مصر.

فكرة الصندوق رغم اهميتها وقمتها الا ان الجانب الاخر منها، يشيء الى تخلي الدولة عن دورها الاساسي في توفير كل المخصصات التي يحتاجها عموم الشعب من تعليم وصحة، بل ان االمثير للدهشة، هو انه رغم مشكلات التعليم المتصاعدة التي عبر عنها وزير التعليم الانقلابى طارق شوقي في مجلس نواب الانقلاب، وتاكيده عجز المخصصات في موازنة التعليم وان الوزارة تحتاج نحو 11 مليار جنيه لاستكمال مشروعاتها..

وقال شوقي، خلال اجتماع لجنة الخطة والموازنة بمجلس نواب العسكر ، إنه منزعج من تصرف وزارة المالية من تلقاء نفسها دون الرجوع إليه، قائلا: "لو مخدناش إللي عايزينه المرة دي مشروع تطوير التعليم هيقف، ودا مش تهديد، عايزين 11 مليار جنيه فوق المعتمد من المالية، مش هكمل من غيرهم والوزارة هتقفل، عايزين 110 مليار جنيه دون زيادة مرتبات المعلمين، وليس لدينا رفاهية الحوار".

وبحسب ما قاله وزير التعليم الانقلابى ، فإن وزارته طالبت الحكومة بتخصيص 39 مليار جنيه بين المقترح والمعتمد، 16 مليار جنيه لزيادة المرتبات، و4.6 مليار جنيه للأبنية التعليمية، و4.9 مليار جنيه كتطوير للتابلت والشبكات، و 800 مليون جنيه للكتب، و12.7 مليار جنيه طلبات المديريات وديوان عام الوزارة.

استراتيجية السيسي

ومؤخرا حذرت دراسة بعنوان "تخلي الحكومة عن مسئولياتها الاقتصادية والاجتماعية بالموازنة الجديدة.. جريمة دستورية وتهديد لحياة المصريين"، منشورة بـ"الشارع السياسي" من أن ن الادارة العسكرية للمنظومة ، تعتمد اخفاء الحقائق عن الشعب وفقط، وعدم اطلاعه على حقيقة آلامه التي يشعر بها ويتيقن بها، إلا أنه لا يستطيع أن يعبر عنها، في ظل سيطرة كاملة من الأذرع الأمنية على خريطة الإعلام المصري بكافة أشكاله.

وأشارت الدراسة إلى أن الدولة تواصل سياسة الاستثمار فيما يُسمى بـ"المشروعات القومية"، عبر عدد ضخم من عقود تطوير الطرق والمشروعات السكنية والمنشآت الطبية ومشروعات المياه، تشارك في تنفيذ معظمها الهيئة الهندسية التابعة للقوات المسلحة، فضلًا عن مشروع العاصمة الإدارية الجديدة الذي تمتلك القوات المسلحة -عبر جهاز الخدمة الوطنية وجهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة 51% من الشركة المالكة له.

مستوى المعيشة

ويعاني المصريون خلال العامين الأخيرين من تراجع ملموس في مستويات معيشتهم، بعد انخفاض قيمة العملة المحلية وارتفاع أسعار السلع والخدمات بمعدلات كبيرة وبشكل متزامن، على غير ما ألفوه من تغييرات تدريجية خلال العقود السابقة، وترتبط معاناتهم بتطبيق برنامج "إصلاح اقتصادي"، يستهدف إخراج الاقتصاد المصري من أزمته عبر حزمة من السياسات التقشفية التي تم الاتفاق عليها مع صندوق النقد الدولي.

بل إن الأخطر على المصريين، الذين قدر البنك الدولي نسبة الفقر بينهم بـ60%، تراجع الإنفاق الحكومي – وفق الموازنة الجديدة – على عدد من البنود التي تمس حياة المواطنين بشكل مباشر، كالتعليم والصحة، بجانب تمويل المشروعات التي يخترعها السيسي عبر الاقتراض والديون، التي يبتلع سداد فوائدها ما يقرب من 40% من الإنفاق الحكومي سنويًا، متفوقًا على نصيب الأجور والدعم والاستثمارات العامة من هذه النفقات.

وخلصت دراسة الشارع السياسي إلى أن المواطن (وليس الدولة أو المستثمر) هو أكبر متحمل لتكاليف سياسات الإصلاح، سواء تلك المبنية على خفض النفقات أو المؤدية لزيادة الإيرادات، فرغم تأكيد صندوق النقد على أهمية التوسع في فرض الضرائب على أصحاب الدخل الأعلى وملاحظاته في الوثائق الخاصة بمتابعة البرنامج الاقتصادي المصري التي تشير إلى أن الضرائب على أرباح الشركات تشهد تراجعًا مستمرًا خلال السنوات العشر الأخيرة، إلا أنه في نهاية الأمر سمح لحكومة الانقلاب بالتراجع عن الضرائب التي كانت قد بدأت تفرضها على أصحاب الدخل الأعلى، وعلى المعاملات الرسمألية، بينما ضغط عليها بشدة حين تأخرت في تطبيق ضريبة القيمة المضافة، رغم أن الأخيرة هي ضريبة تراجعية يتحملها المستهلك الذي لا يحقق أي أرباح.

إلغاء الدعم

هذه الاجراءات تأكيد جديد بأن نظام السيسي العسكري هو من يُقسّم شعب مصر إلى شعبين:

الأول يحظى بالامتيازات المالية والسياسية والترفيهية والاجتماعية من منتسبي المؤسسة العسكرية والقضاء والشرطة والمقربين من النظام، والثاني عليه دفع الرسوم والضرائب وتحمل الإجراءات الاقتصادية والتقشف الحكومي، بل والتبرع لدعم مصر و"تحيا مصر"، و"اصبروا علينا شوية"، و"انتوا هتاكلوا مصر!"، و"هتدفع يعني هتدفع"، "أجيب منين؟".. وغيرها من المصطلحات التي تُصدر للمواطن العادي.

ففي الوقت الذي يصطلي الشعب الفقير من ارتفاع الأسعار وزيادة تكاليف الحياة، تخطط حكومة السيسي لمجزرة اقتصادية بإلغاء الدعم عن أسعار الكهرباء والوقود، وزيادة الرسوم والضرائب المستهدفة، وتعكف الدائرة المقربة من نظام عبد الفتاح السيسي خلال الفترة الحالية، على وضع تصورات اقتصادية واجتماعية تمنح المنتمين للمؤسسة العسكرية والأجهزة الأمنية والقضاء امتيازات كبيرة، في ضوء زيادة غير مسبوقة في تكاليف المعيشة والسلع والخدمات، بدءا من يوليو المقبل..

شرائح معينة

وكشفت أرقام الموازنة عن سعي حكومة السيسي لإبعاد شرائح بعينها من ارتفاع الأسعار المرتقبة، وفي مقدمتها مؤسسات الجيش والشرطة والقضاء، بعد رفع تقديراتها لباب "المصروفات الأخرى" في العام المالي الجديد، من 74.69 مليار جنيه إلى 90.44 مليار جنيه، والتي تخصص لصالح ميزانيات الدفاع والأمن القومي، واعتمادات جهات مثل مجلس النواب، والقضاء، والجهاز المركزي للمحاسبات.

كذلك، رفعت الحكومة الانقلاب من مخصصات باب "قطاع النظام العام وشئون السلامة العامة" من 61.72 مليار جنيه إلى 69.68 مليار جنيه في الموازنة الجديدة، من بينها 54.37 مليار جنيه لباب الأجور، والتي تذهب إلى خدمات الشرطة، والسجون، والمحاكم، ووزارتي الداخلية والعدل، والمحكمة الدستورية، والهيئات القضائية، ودار الإفتاء المصرية، وصندوق تطوير الأحوال المدنية، وصندوق أبنية المحاكم، وصندوق السجل العيني.

وهكذا يدير السيسي شعب مصر بمنطق التقشف للفقراء والمزايا للأقوياء من شرطة وجيش وقضاء…وهو ما يؤكد اعتماد التسول والتبرعات والشحاتة على الشعب لتمويل خدماته الصحية والتعليمية في الوقت الذي يتم فيه التلاعب بالميزانيات وتقرض القروض لتمويل خدمات الاغنياء..وصدق وهو كذوب من غنى "انتوا شعب واحنا شعب"!!!!

المصدر