مموِّل الإخوان.. ومموِّل الوطني

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
مموِّل الإخوان.. ومموِّل الوطني


مقدمه

بقلم أ. د. حلمي محمد القاعود

لم أسعد في الفترة الأخيرة بمقال قدر سعادتي بمقال “حسني عبد الرحيم”* الشيوعي التروتسكي كما وصفته الجريدة التي نشرت المقال، فقد عثرت أخيرًا على شيوعي محترم، لا يتخذ الشيوعية مدخلاً للتحالف مع النظام البوليسي الفاشي، أو اتخاذها “سبُّوبة” يرتزق منها داخليًّا وخارجيًّا، ويردِّد ما تخُطُّه الأجندة الأمريكية اليهودية ترديد الببغاوات التي لا تخطئ في نطق ما تسمعه أو يُملَى عليها.


تعريف لحسنى عبد الرحيم

حسني عبد الرحيم” صديق لخيرت الشاطر- نائب مرشد الإخوان المسلمين- منذ عام 1968؛ حيث كان الاثنان من طلاب كلية الهندسة جامعة الإسكندرية، وهي بالمناسبة الكلية التي كان بها قسم للهندسة النووية، وكان من أبرز خرِّيجيه وأساتذته حلمي حتحوت، الذي عاقبه جمال عبد الناصر في قضية الإخوان عام 1965 (مع سيد قطب) وحُكِم عليه بالسجن المؤبَّد، إلى أن أَفرج عنه السادات، فذهب إلى مكة وعمل في تخطيطها وتحديثها بعبقرية فذَّة، حتى قرأتُ نعيَه في (الأهرام) منذ حين غير بعيد إن لم تخنِّي الذاكرة.

وكان هناك الدكتور عصمت زين الدين، الذي اصطدم بالسلطة في عصر السادات والعصر الحالي، وحلمي وعصمت من العبقريات النادرة في المجال النووي، ولكن أبى النظام إلا أن يقضي عليهما معنويًّا، بينما تولَّى اليهود القضاء على الدكتور يحيى المشدّ جسديًّا، بل إن الآخرين ممن نبغوا في هذا المجال تشتَّتوا في بلاد الله سعيًا وراء مكان يعرِف أقدارهم ويكافِئهم بما يستحقون، أو بقوا في شبه بطالة مقنَّعة في هذه المؤسسة أو تلك، ينتظرون العلاوة السنوية مثل بقية المواطنين!!


القضاء على العلماء العرب

القضاء على العلماء العرب في التخصص “النووي” والتخصصات “التقنية” عمومًا هدفٌ استراتيجيٌّ للأمريكان واليهود الغزاة، وللأسف فإن خيرت الشاطر واحدٌ من نوابغ التخصصات الدقيقة، وكان من أوائل أهداف الغزاة الصليبيين الأمريكان وحلفائهم قتلُ علماء العراق المتخصصين في الهندسة النووية أو إغواؤهم للخروج من العراق، وقد حقَّقوا هذا الهدف بنسبة كبيرة للغاية.

أما النظام البوليسي الفاشي المصري، فقد دمَّر المشروع الذي بدأه خيرت الشاطر- مع كل الضربات التي وجهها له بالسجن والملاحقة والحصار- وقضى على شركة سلسبيل التي كانت ترشِّح مصر للتفوق على الهند في مجال (البرمجيات)، ولكن النظام- قيل بأوامر أجنبية- رفض أن تتقدَّم مصر برمجيًّا على يد شخص ينتسب إلى الإخوان المسلمين.

حسنى عبد الرحيم.. الشيوعي التروتسكي.. يكتب عن خيرت الشاطر المسلم المفكِّر العالِم النابغة، الذي تعلَّم في الغرب من أجل أن تكون بلادُه قويةً مستغنيةً بذاتها عن الأعداء المتوحِّشين، وكان يمكنه أن يكون صاحبَ مكانةٍ عظمى في أية دولة من دول الاستعمار التي تعرف قيمة العلم والعلماء، بغضِّ النظر عن انتماءاتهم الفكرية والدينية والسياسية!!

ولكنَّ زملاء حسني عبد الرحيم من الماركسيين والتروتسكيين الذين “تأمركوا” و”تصهينوا” يأبون إلا أن يشاركوا النظام البوليسي الفاشي سلوكَه الغشيم القاصر، فيقدحون في خيرت الشاطر، ويصوِّرونه- مع رفاقهم من كتَّاب لاظوغلي وخصوم الإسلام- في صورة الإرهابي صانع الميليشيات ومموّلها!! الذي يملك الملايين، ينفق منها على طلاب الأزهر الفقراء، ويشتري لهم الكتب والمذكّرات ويسقيهم الفكر المتطرف (الاسم الحركي للإسلام)، ويريد من خلالهم الصعود إلى كرسي الحكم!!


مموِّل الإخوان

مموِّل الإخوان هذا كان يمكنه- لو فكر كتَّاب لاظوغلي وأهل اليسار المتأمرك وخصوم الإسلام- أن يصعَد إلى الحكم بطريقة أفضل لو دخل الحزب الوطني، وهتف لزعامته، وتبرَّع للجنة السياسات، وحينئذ كان يستطيع أن يجعَل جريدةَ الحزب وجريدة لجنة السياسات وجرائد الحكومة والنظام والأحزاب الكرتونية وبعض الجرائد التي تُسمَّى مستقلة وتلعب “الاستغماية” مع “لاظوغلي”.. أن يجعلها تسبِّح بحمده، وتحوِّله إلى بطل قومي في السياسة والفكر الجديد، والجيل الصاعد أقصد “جيل المستقبل”!!

العصابة الماركسية المتأمركة، وكتَّاب لاظوغلي وخصوم الإسلام.. يعلمون جيدًا أن مموِّل الحزب الوطني “يغسل أكثر بياضًا”، ولا يدخل السجن، ولا يصنع برمجيات تقدم بلاده، ولكنه يشتري مصانع الدولة بتراب الفلوس ويحتكر بعض الخامات الاستراتيجية، ويرفع الأسعار التي من خلالها يعوِّض تبرعاته للحزب أضعافًا مضاعفةً، ويمتصُّ دماء الشعب البائس التعيس، وفي الوقت نفسه “يدلَّع” نفسه بكل أنواع الحياة، والزواج بجميلات السينما والطرب- آسف الكليبات- ويلعب بالبورصة كيف يشاء وقتما شاء، ولا يجد غضاضةً في تزويد المستعمرات النازية اليهودية في فلسطين المحتلة باحتياجاتها بناءً وتعميرًا.

ولكن حظَّ خيرت الشاطر لم يجعله مموِّلاً لحزب الحكومة، بل مموِّلاً للإخوان، كما يزعم السادة كتَّاب لاظوغلي وأشباههم، فكان من الضروري أن يذوقَ السجن وتصادَرَ أموالُه، وتغلق شركاته، وينقطع رزق العاملين معه، وهم على أبواب عيد الأضحى المبارك، وكأن خيرت ومن معه أضحيةٌ رمزيةٌ يقدمها النظام للسادة الأمريكان والصهاينة، كما قدمت حكومة “المالكي” أضحيةً رمزيةً أخرى اسمها “صدام حسين” يوم عيد النحر؛ لتأكيد الولاء والطاعة، ورفض الإسلام الذي يزعج الغرب واليهود جميعًا.

تمنَّيت أن أعرفَ خيرت الشاطر وألتقي به، ولكن حسني عبد الرحيم الشيوعي التروتسكي المخلص لعقيدته قدَّمه لي بأفضل ما يقدِّمه واحدٌ من الإخوان المسلمين، وأكد لي أن هناك شيوعيين لا بد أن تحترمهم حتى لو كان الخلاف معهم بمقدار ثمانين ومائة درجة!!

بَيد أنني لا أوافق على توصيفه لاثنين من قادة الإخوان، رأيتهما مرات قليلة منذ ربع قرن، وعليهما آثار التعذيب الوحشي الذي مارسه ضدهما الجلاَّدون في أواخر عهد السادات، وكانا في أول حياتهما العملية وهما “عبد المنعم أبو الفتوح” و”عصام العريان”.. إنهما من النوعية التي تعمل ولا تبحث عن غنائم، ثم إنهما يحتسبان ما يلاقيانه من قهر وتعسف واضطهاد، لامسوِّغ له إلا كراهية النظام للإسلام أولاً، ولمن يعارضونه ثانيًا، وللتوافق الوطني ثالثًا، وللاستقرار الحقيقي الذي يقوم على التنوع والتعدُّد وكرامة الإنسان رابعًا.

وأيًّا ما كان رأي حسني عبد الرحيم في هذا أو ذاك أو غيرهما، فشهادته لخيرت الشاطر وسامٌ على صدره في زمن باع فيه معظم “الماركسيين” أنفسهم بثمن بخسٍ دراهم معدودة، يدفعها النظام أو غيره من المؤسسات المعادية للإسلام، واستطاعت هذه الدراهم أن تحوِّل “الماركسية” من الدفاع عن حقوق الفقراء والمُعدَمين إلى الكفاح من أجل الفتات الذي يلقيه النظام أو غيره، وهو أمرٌ لعمري عجيب!! حين ينقطع هؤلاء للهجوم على الإسلام والتشكيك في ثوابته، وارتداء عمامة الفتوى، مع أن بعضهم لا يعرف فرائض الوضوء، ولم يصُم رمضان، ولم يسمع عن الزكاة، ويعد الحج وثنيةً؛ بسبب الطواف حول الكعبة وتقبيل الحجر الأسود!!

شكرًا لحسني عبد الرحيم، وكان الله في عونك يا خيرت، أنت ومن معك، ولعنة الله على الظالمين

المصدر