نتانياهو إلى واشنطن.. سلام ينبغي صده

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
نتانياهو إلى واشنطن.. سلام ينبغي صده


بقلم : إميل أمين

قبل نهاية ولاية الرئيس الأميركي بيل كلينتون الثانية بنحو العام أو يزيد قليلاً، حاول ممارسة ضغوط على رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتها بنيامين نتانياهو، من أجل المضي قدما في مسيرة السلام مع الفلسطينيين. غير أن نتانياهو العنيد، واجه كلينتون بتعبير لا يزال يدوي في أركان البيت الأبيض «سأشعل لك واشنطن»، وقد كان بالفعل أن أشعلها، بفضل فضيحة مونيكا لوينسكي، وبات كلينتون مكتوف الأيادي حتى نهاية ولايته.

اليوم يمضي نتانياهو من جديد إلى واشنطن.. ترى هل يسعى لحريق جديد، أم يحاول إطفاء حريق لا قبل للدولة الإسرائيلية بمواجهته، يتمثل في إبطال مشروع قيام دولة فلسطينية مستقلة؟

يدرك القاصي والداني أن هناك حالة رعب داخل إسرائيل تجاه فكرة قيام دولة مستقلة للفلسطينيين، وقبل أيام حذر وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك من «نزع الشرعية» عن إسرائيل، من خلال اعتراف معظم دول العالم بالفلسطينيين وبدولتهم القادمة.

لكن نتانياهو يدرك تمام الإدراك أنه من دون اعتراف أميركي صريح، لن تكون هناك دولة فلسطينية.. هل لهذا السبب يسارع نتانياهو إلى البيت الأبيض؟

يمكن القول بداية إن ثقة الإسرائيليين عامة، ونتانياهو على نحو خاص في أوباما، باتت تمثل كعب أخيل في العلاقات الأميركية الإسرائيلية اليوم، وقد اعتبر عدد كبير من المحللين السياسيين الإسرائيليين أن تخلي أوباما عن بعض من أقرب الحلفاء لأميركا، مثل الرئيس المصري السابق حسني مبارك، دليل على عدم الثقة في أوباما.. ما الذي يخشاه نتانياهو في لقائه أوباما؟

يكتب نحميا شترسلر من هآرتس الإسرائيلية يقول: كان نتانياهو حتى المدة الأخيرة قلقا من زيارته القريبة للولايات المتحدة، فربما يعلن باراك أوباما فجأة مبادرة سلام جديدة، لكنه الآن هادئ راض، فقد وقعت بين يديه فرصة ذهبية لرفض التفاوض... ماذا عن تلك الفرصة؟

قبل الجواب يتساءل المرء: وهل نتانياهو يؤمن أصلاً بأي تفاوض يسعى إلى سلام حقيقي؟

قبل نحو تسع سنوات صدرت عن 22 دولة عربية «مبادرة السلام العربية»، لكن إسرائيل خافت جدا إلى درجة أن اختارت تجاهلها حتى اليوم. مرت تسع سنين أيضاً منذ عرض الأسد الابن عقد سلام مقابل الجولان، ورفضت إسرائيل باحتقار اليد الممدودة إليها!..

بنيامين نتانياهو تلميذ في مدرسة صهيوني أكبر هو اسحق شامير الرافض لكل تفاوض، والسعيد بإفشال أي مبادرة.. «الآن أزيل تهديد السلام» هكذا كان يعقب.

التلميذ يتفوق على أستاذه أحيانا، فنتانياهو إلى واشنطن يقدح ذهنه في البحث عن أفكار جديدة، تظهره بأنه معني بالتفاوض، لكنه بحسب عمير بيرتس «ليس رافض سلام بل مثبط سلام».

فرصة نتانياهو في لقائه مع أوباما لتثبيط مسيرة السلام الوهمية، تتعلل بالمصالحة الفلسطينية، بين فتح و حماس ، وكيف لمحمود عباس أن يضع يده في يد حماس الإرهابية.. لكن هل على نتانياهو أن يقلق أصلا؟ وهل أوباما يختلف عن غيره من رؤساء أميركا في دعمه الذي لا ينقطع عن دولة إسرائيل؟

مع بدايات شهر مايو الجاري، كان أوباما يحطم الرقم القياسي في تقديم مساعدات عسكرية لإسرائيل، هذا في الوقت الذي يحتج فيه الأميركيون على الإنفاق العسكري للحكومة الأميركية، الأمر الذي دعا نتانياهو لشكر واشنطن على المصادقة على مساعدة عسكرية جديدة للدولة العبرية، والتي تمثلت في إقرار الكونغرس مشروع قانون خاص بالميزانية، يخول منح إسرائيل مساعدات عسكرية تحصل بموجبها على 205 ملايين دولار إضافية، لمساعدتها في امتلاك أربع بطاريات جديدة من نظام صواريخ القبة الحديدية..

هل من دعم دبلوماسي للدولة العبرية؟ في أروقة الأمم المتحدة كانت السفيرة الاميركية سوزان رايس تصرح مؤخرا ومن جديد، بأن الدعم الأميركي لإسرائيل سيبقى دون قيد أو شرط، ونوهت ضمنا إلى أنه لن يكون هناك أي دعم لأي مبادرة من الأمم المتحدة للاعتراف بدولة فلسطينية.

على أن السؤال الذي لا يغيب عن ناظري المحقق والمدقق في الشأن الأميركي؛ هل يملك أوباما من القوة والنفوذ ما يجعله هذه المرة لا يخشى من حرائق واشنطن كما جرى مع سلفه كلينتون، ويسعى لطرح خطة سلام تعكر صفو نتانياهو وتبعثر خططه الرامية للهروب من أي استحقاقات سلام قادم؟

حتما إن أوباما، ليس أيزنهاور، والنصر التمثيلي من جراء اغتيال ابن لادن سيزول أثره عما قريب، وتبقى المواجهة المحتدمة لأوباما مع أنصار إسرائيل في معركة انتخابات الرئاسة قائمة.

إسرائيل نتانياهو اليوم تعرف جيدا كيف تروج ومن جديد لــ «قيمتها الاستراتيجية» في عيون الرأي العام الأميركي، ما يعني رفض مباشرة أي ضغوط على نتانياهو. وتتمثل تلك القيمة من وجهة نظر إسرائيل، في منافع أربع تحققها لأميركا:

  • موقعها الجغرافي الذي يخدم لوجستياً فكرة الإمبراطورية الأميركية حول العالم.
  • الاستقرار السياسي لديمقراطية غير معرضة كالدول العربية للانقلابات والثورات.
  • صداقتها الوطيدة بأميركا، بعكس العرب المتحولين في الثورات العربية الأخيرة.
  • كونها الدولة المتقدمة سياسيا وتكنولوجيا في المنطقة.

ربما لا يجب على نتانياهو أن يبحث عن حرائق جديدة في واشنطن، لكن تبقى هناك حقيقة لا مناص منها، وهي أن إسرائيل تعيش اليوم مأساتها الكبرى، فعوضا عن كونها شعبا يسعى إلى السلام، تحولت إلى شعب يهرب منه، ومن شعب يمد يده لجيرانه، إلى شعب يرى السلام تهديدا ينبغي صده.


المصدر