الإخوان والدورة الثالثة.. مواجهات ساخنة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإخواني والدورة الثالثة.. مواجهات ساخنة

تقرير- عبد المعز محمد

12-07-2009

مقدمة

نواب الإخوان في المجلس

لم تكن الدورة الثالثة للفصل التشريعي التاسع لمجلس الشعب، والتي انتهت أعمالها يوم الخميس 19/6/2008م، دورةً عاديةً؛ حيث شهدت هذه الدورة العديد من القضايا المهمة والخطيرة، فضلاً عن عددٍ من القوانين التي سيكون لها تأثير مباشر في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وفي كل هذا كان للكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين دور بارز خلال هذه الدورة؛ حيث استخدمت الكتلة كل الآليات البرلمانية في مختلف القضايا، بل إن الكتلة فعَّلت آليات برلمانية كانت في حكم الميت، مثل لجان الاستطلاع والمواجهة وطلبات المناقشة العامة.. وغيرها من الآليات.

وخلال سبعة أشهر كاملة قدَّم نواب الإخوان وحدهم أكثر من ألفَي طلب إحاطة وسؤال وبيان عاجل واقتراح برغبة، مثَّلت أكثر من 70% من الآليات التي قدَّمها كل نواب البرلمان مجتمعين، وقد تم مناقشة حوالي 60% من هذه الطلبات، كما قدَّم نواب الكتلة أكثر من 50 استجوابًا في الفترة من نوفمبر 2007م وحتى فبراير 2008م، قبل قرار الإخوان والمستقلين والمعارضة بسحب استجواباتهم وعدم تقديم استجوابات جديدة تضامنًا مع النائب سعد عبود الذي اتخذ المجلس قرارًا بحرمانه من حضور جلسات مجلس الشعب إلى نهاية الدورة الثالثة؛ بعد استجوابه عن الفساد في حج القرعة، وقد ناقش المجلس في الفترة من نوفمبر 2007 إلى فبراير 2008م 15 استجوابًا لأعضاء الكتلة، وفي العرض التالي نقدم إطلالةً على أبرز المحطات التي شهدتها هذه الدورة:

الانتخابات الداخلية

أجرت الكتلة للعام الثاني على التوالي انتخاباتها الداخلية في صناديق زجاجية وأمام ممثلي وكالات الأنباء والفضائيات والصحف المحلية والدولية، وبمراقبة لجنةٍ من النواب المستقلين، مثَّلها الدكتور جمال زهران والنائب علاء عبد المنعم والنائب سعد عبود، وقد أسفرت الانتخابات عن تغيُّرات في أمانة الكتلة بلغت 40%؛ حيث جدَّد النواب انتخاب الدكتور محمد سعد الكتاتني رئيسًا للكتلة، والأستاذ حسين محمد إبراهيم نائبًا للرئيس، واختاروا الدكتور محمد البلتاجي (ثاني مرة)، والدكتور أحمد دياب والأستاذ صبحي صالح (أول مرة) لعضوية مكتب أمانة الكتلة.

انتخابات المجلس

للعام الثاني على التوالي خاضت الكتلة بالتنسيق مع كتلة المستقلين انتخابات رئيس المجلس (صبحي صالح)، ووكيل المجلس عن الفئات (سعد عبود) وعن العمال (علي فتح الباب)، بينما قاطعت الكتلة انتخابات اللجان النوعية لإصرار الحزب الوطني على الاستحواذ عليها.

وقد أسفرت انتخابات هيئة مكتب مجلس الشعب التي جرت في 20077/11/م عن انتخاب د. أحمد فتحي سرور رئيسًا للمجلس للمرة الثامنة عشرة على التوالي، بمجموع أصوات 332 صوتًا من إجمالي 420 من الحاضرين، في حين حصل مرشح كتلتَي الإخوان والمستقلين النائب صبحي صالح على 87 صوتًا، وعلى مقعد الوكيلين حصلت مرشحة الوطني على مقاعد الفئات د. زينب رضوان على 302 من الأصوات، بينما حصل سعد عبود مرشح كتلتَي الإخوان والمستقلين على 102 من الأصوات، وحصل النائب علي فتح الباب على 96 صوتًا على مقعد العمال، في حين حصل مرشح الوطني عبد العزيز مصطفى على 308 أصوات.

رفض بيان الحكومة

رفض نواب الإخوان البيانَ الذي ألقاه رئيس الوزراء د. أحمد نظيف أمام مجلس الشعب في 30/12/2007م، وأكد نواب الكتلة أن نظيف تحدَّث عن أحوال شعبٍ آخر غير الشعب المصري، وأكدوا أنه في ظل إعلان رئيس الوزراء عن زيادة مستوى دخل المواطن المصري وزيادة معدلات التنمية يعيش أكثر من نصف الشعب المصري تحت خط الفقر.

وأكدت الكتلة على لسان نوابها أن رئيس الوزراء يتحدث عن بلدٍ آخر غير مصر، واقترح النواب أن يُنشر هذا البيان على الموقع الإلكتروني للمجلس، وإجراء استفتاءٍ للشعب المصري حوله؛ لبيان مدى تصديقه للأرقام والبيانات الواردة فيه.

مؤكدين أن نظيف تجاهل الحديث عن خطته لمواجهة الفساد الموجود في كافة أركان الحكومة، كما أنه تجاهل الحديث عن حقوق الإنسان في الوقت الذي توجد تقارير المجلس القومي لحقوق الإنسان التي تكشف انتشار حالات التعذيب، ونائب رئيس المجلس قال إنه لا ينام بسبب ما يصله من شكاوى حول التعذيب، مثل حرق شاب بالسبرتو وإلقاء شاب من البلكونة، كما أن أرقام الحكومة حول التنمية متضاربة وغير حقيقية؛ حيث إن هناك 4 أرقامٍ لتقارير حكومية حول معدل النمو.

ويتمنى نواب الكتلة أن يسمعوا من رئيس الوزراء رؤيةً فوريةً لما يقع من كوارث في أكثر من قطاعٍ حكومي، كما انتقدوا خطط الحكومة للتصدي لارتفاع الأسعار ووقف البطالة وغيرها من القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

استجوابات الفقر وارتفاع الأسعار

شنَّ أعضاء الكتلة هجومًا حادًّا على السياسات الحكومية، واتهموها بالفشل والعجز وعدم القدرة على مواجهة الكوارث الاجتماعية التي أدَّت إلى تفاقم الأزمات، فيما حمَّل النواب الحكومةَ مسئوليةَ ازدياد معدلات الجريمة، في ظل استمرار الفقر، وانتحار الشباب، وغرقهم داخل سواحل البحر الأبيض المتوسط.

وقال النواب إنها حكومة الأغنياء ورجال الأعمال على حساب الفقراء، والذين يحتاجون قوت يومهم، محذِّرين من حدوث ثورة الجياع، واتهموا في استجواباتهم الدكتور أحمد نظيف ووزراء المجموعة الاقتصادية باتباع سياساتٍ أدَّت إلى زيادة معدلات التضخُّم والبطالة وانخفاض المرتبات.

وأكَّد النواب المستجوِبون أن استجواباتهم تعدُّ انتفاضةً من مجلس الشعب ضد الحكومة الظالمة، محذِّرين من موجاتٍ جديدةٍ أخرى من الغلاء سوف تعصف بالبلاد.

جاء ذلك في الاستجوابات التي ناقشها المجلس في جلسة الإثنين 200731/12/م حول انتشار الفقر بين المجتمع المصري، وزيادة الأسعار بصورةٍ تهدِّد الاستقرار الاجتماعي، وهي سبعة استجوابات لكل من: د. حمدي حسن، ود. أحمد أبو بركة، ود. فريد إسماعيل، ود. إبراهيم الجعفري، وصبري خلف الله، ومحمود عامر، ويحيى المسيري.

وقد طالب 70 نائبًا يمثلون كتلة الإخوان المسلمين وعدد من النواب المستقلين بسحب الثقة من حكومة د. أحمد نظيف، وجاء الطلب في مذكرةٍ قدَّمها النواب إلى رئيس مجلس الشعب بعد تصويت نواب الأغلبية على الانتقال إلى جدول الأعمال بعد مناقشة المجلس هذه الاستجوابات.

رشاوى الحزب الحاكم

أثارت الكتلة في جلسة يوم السبت 200729/12/م قضية حصول أعضاء الحزب الحاكم على مبالغ مالية كبيرة من الحكومة، تراوحت ما بين 100 و250 ألف جنيه لكل نائب، لصرفها في دائرة النائب، وهو ما اعتبرته الكتلة والمعارضة بمثابة رشاوى تقدمها الحكومة لنوابها.

وطالب النواب بإحالة القضية إلى الجهاز المركزي للمحاسبات؛ لإعداد تقريرٍ حولها، وبعد الشد والجذب عرقل نواب الوطني اتخاذ هذا القرار ورفض المجلس عرض القضية على الجهاز المركزي للمحاسبات.

رفض الحساب الختامي والمطالبة بمحاكمة غالي

رفضت الكتلة مشروعَ الحساب الختامي للحكومة عن عامي 2006/2005، و2006/2007، جاء ذلك في جلسة يوم 14/1/2008م أثناء مواصلة المجلس مناقشةَ تقرير لجنة الخطة والموازنة عن الحساب الختامي للحكومة ومناقشة البيان الذي ألقاه المستشار جودت الملط رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات؛ حول ملاحظات الجهاز على الأداء الحكومي خلال هذه الفترة، وقد أعلن نوابُ الكتلة رفضَهم تقريرَ اللجنة، مطالبين بإقالة الحكومة.

ورغم محاولات نواب الأغلبية التشويشَ على نواب المعارضة- في تلك الجلسة- الذين طالبوا بردِّ اعتبار رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، ومحاسبة وزير المالية الذي قام بسبِّ وقذف رئيس الجهاز واتهمه بأنه ممثِّل البنك الدولي في مصر، إلا أن نواب الإخوان أصرُّوا على ضرورة احترام الدستور والقانون؛ وأكد النواب أن هناك انتهاكًا للدستور حدث على يد وزير المالية الذي خالف نص المادة 155 من الدستور، والتي توجب عليه احترام الدستور والقانون، كما أوجبت عليه احترام مؤسسات الدولة الدستورية، وهو ما تجاوزه وزير المالية، وسبق أن كرَّره الوزير عندما سبَّ المعارضة أثناء مناقشة استجوابات الفقر والغلاء.

وأعلن نواب الإخوان أنهم سيفعِّلون المادة 159 من الدستور الخاصة بمحاكمة الوزراء، وأنهم سيتقدمون بطلب موقَّع عليه من أكثر من خُمس نواب البرلمان لمحاكمة وزير المالية على هذه التجاوزات، مؤكدين أن وزير المالية يأخذ من جيوب الغلابة ويعطي كبار المستثمرين؛ حيث تحصل الشركات الكبرى على80% من الدعم؛ كما أن هذه الشركات تأخذ دعمًا أكثر من الضرائب التي تدفعها عشرات المرات، في حين بلغت المتأخرات على هذه الشركات 7 مليارات جنيه، في الوقت الذي تأخذ فيه دعمًا يبلغ 50 مليار جنيه.

إنفلونزا الطيور من جديد

هاجم نواب الكتلة الحكومة في طريقة مواجهتها لإنفلونزا الطيور؛ حيث وصف نواب الإخوان خطة الحكومة بالفاشلة، وأكَّدوا- خلال جلسة مجلس الشعب "الإثنين 200828/1/م" أنَّ الحكومة فشلت في السيطرة على المرض؛ بدليل أنَّ المجلس عاد لمناقشة الموضوع مرةً أخرى بعد 12 شهرًا من مناقشته العام الماضي.

وهاجم النواب الحكومةَ لتقاعسها عن تنفيذ قرار رئيس الوزراء بنقل حظائر الخنازير خارج الكتلة السكنية، واصفين عمل الحكومة بأسلوب الجُزر المنعزلة، وتخبط قراراتها وتصريحاتها حول المرض.

يُذكر أنه مع انتشار مرض إنفلونزا الطيور في مزارع مصر بشكلٍ بات يُهدد بالقضاء على الثروةِ الداجنة بالبلاد؛ اندلعت المظاهرات في المدن المصرية، وبالتزامن مع ذلك تحرك نواب الكتلة، كلٌّ في دائرته، للتوجيه والإرشاد بإصدار البيانات وتنظيم الندوات عن مرض إنفلونزا الطيور، وكيفية الوقاية منه، وكيفية الحفاظ على الثروة الداجنة، فضلاً عن تقديم العديد من الاستجوابات وطلبات الإحاطة تحت قبة المجلس لدفع الحكومة للمواجهة الصحيحة والجادة مع المرض.

مواجهة سرقة أموال التأمينات

قدم 102 من نواب الكتلة البرلمانية للإخوان ونواب كتلة المستقلين؛ طلبًا لسحب الثقة من د. بطرس غالي (وزير المالية) بعد اتهامه بضياع 307 مليارات جنيه من أموال التأمينات والمعاشات.

وكشفت المحاكمة البرلمانية التي شهدها مجلس الشعب في جلسة يوم "الأحد 200810/2/م" عن استيلاء الحكومة ومصادرتها أموال التأمينات والمعاشات التي يستفيد منها أصحاب التأمينات والمعاشات والأرامل واليتامى.

حرص 9 نواب هم مقدمو الاستجوابات، وفي مقدمتهم نواب كتلة الإخوان: د. فريد إسماعيل، و د. إبراهيم الجعفري، وصبري خلف الله، وعباس عبد العزيز، وسعد خليفة، وعزب مصطفى، ومن المستقلين: د. جمال زهران، ومحمد العمدة، وكمال أحمد، فضلاً عن 93 طلب إحاطةٍ وسؤالاً.. حرصوا على الاستشهاد بأدلة دامغة تدين الحكومة، وطالبوا بإقالتها، وكشفوا عن وجود مخططٍ حكوميٍّ لتصفية نظام التأمينات الاجتماعية بعمل مشروع مشبوه للمعاشات بالتعاون مع البنك الدولي.

وأكد نواب الكتلة أن هذا القانون يستهدف إلغاء حق التكافل الاجتماعي، والقضاء على قانون التأمين الحالي في غضون ثماني سنوات، وحرمان المُؤمَّن عليهم من حقهم في التكافل الاجتماعي، وإلغاء حق التوريث في المعاش الذي ينص عليه الدستور والمواثيق الدولية.

وطالب النواب- من خلال استجواباتهم- بسحب الثقة من الحكومة بعد ارتكابها جرائم الاستيلاء على أموال التأمينات ومصادرتها بالمخالفة للدستور المصري والقانون والأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا والمحكمة الإدارية العليا والاتفاقيات الدولية.

التضامن مع النائب المستقل سعد عبود

تضامن كلٌّ من نواب الإخوان والمعارضة والمستقلون في جلسة مجلس الشعب المسائية "الثلاثاء 12/2/2008م" مع النائب سعد عبود وانسحب النواب من الجلسة؛ اعتراضًا على قرار الأغلبية المتعنِّتة باستصدار قرار بمنع النائب المستقل سعد عبود من حضور الجلسات بمجلس الشعب لنهاية الدورة البرلمانية.

وأعلن نوابُ الإخوان رفضَهم هذا الإجحاف، وأكَّدوا أنَّهم معتصمون في البهو الفرعوني للمجلس، رافضين تصرفات الأغلبية، وقرر النواب- في المؤتمر الصحفي الذي عقدوه في نفس يوم الجلسة أمام مقر المجلس- سحب جميع الاستجوابات التي تقدموا بها، والامتناع عن تقديم أية استجوابات جديدة، حتى انتهاء مدة عقوبة عبود، فضلاً عن مقاطعة جلسة مجلس الشعب يوم 23 من الشهر الجاري، وهو ما حدث بالفعل، فلم يتقدم أيٌّ من نواب الكتلة بأية استجوابات، كما انسحبوا أكثر من مرة عندما قرَّر المجلس مناقشة بعض الاستجوابات التي قدموها.

توفير رغيف الخبز

في ظل تصاعد أزمة الحصول على رغيف الخبز، وعدم جودة الرغيف المدعم تفاعلت الكتلة مع تلك الأزمة وتقدم العشرات من أعضائها بطلبات إحاطة وأسئلة وبيانات عاجلة؛ تتهم الحكومة بالفشل في إدارة الأزمة وتطالبها بالعمل على حلِّ الأزمة بشكل سريع وزيادة الكميات المرسلة من الدقيق المدعوم للأفران وتشديد الرقابة على تلك الأفران؛ حتى لا يتم الاتِّجار بالدقيق في السوق السوداء.

وقد قدم النائب علي فتح الباب عضو الكتلة طلب مناقشة عامة بشأن تولِّي جهاز الخدمة الوطنية بالقوات المسلَّحة المصرية تشغيلَ المخابز التي تُنتج الخبز المدعوم أثناء مدة تنفيذ العقوبة الخاصة بسحب رخصة التشغيل، أو الإغلاق لحين دفع الغرامات المقرَّرة طبقًا للعقد في حالة بعض المخالفات.

وقد أيَّد أكثر من 200 عضو بالمجلس هذا الطلب المقدم من نائب الكتلة علي فتح الباب، ثم أصدر الرئيس مبارك بعد ذلك توجيهات بتدخل القوات المسلَّحة لحل أزمة الخبز.

المصدر