الإمام حسن البنا في فندق بنك مصر بمكة المكرمة (الكعكي حديثا)

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإمام حسن البنا في فندق بنك مصر بمكة المكرمة (الكعكي حديثا)
أماكن لها تاريخ في ذاكرة الإخوان المسلمين


إخوان ويكي

مقدمة

الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام، وقد حرص الإخوان المسلمين على تشجيع المسلمين على أدائه، والاستعداد له في المستقبل إن لم يتيسر للمسلم في الوقت الحاضر، وقد حرص الإمام البنا على سلك النواحي العملية في التشجيع على أداء هذه الفريضة حيث شكل لجنة تحت مسمى لجنة الحج، والتي وضعت أطر وقوانين ومعايير لآلية الحج وتوفير النفقات لدى الأخ داخل الجماعة، بل وضعت محاذير لمن يتخلف عن الادخار لأداء هذه الفريضة.

وفي ذلك يقول الأستاذ البنا:

والحج فيه أسمى معانى الجهاد وأدق تدريب عليه، فهو احتمال مشاق الأسفار ووعورة الطرق، والمران على السير في البر والبحر، وأروع ما ترى الكتيبة الإسلامية في الأرض المقدسة كهيئة المجاهدين يوم تراها تلقى الجمرات فترجم عدوها العتيد، وتكبر ربها المجيد فى نظام محكم فريد. (1)

وضعت الجماعة لائحة تنظيم حج الإخوان في مؤتمر الشورى الثالث عام 1935م، وما أن فرغت اللجنة حتى أعلن الأستاذ البنا عن نيته للسفر لأداء فريضة الحج سنة 1354هـ - 1936م فكان دافعا لحماس كثيرا من الإخوان أن يشاركوا في أول رحلة حج للإخوان، فلبى دعوته على الفور مائة من الإخوان المسلمين كان منهم ثماني عشرة امرأة.

فندق بنك مصر (الكعكي حديثا)

في منطقة أجياد الواقعة في محيط الحرم المكي بمكة المكرمة قام طلعت حرب باشا ببناء أقدم فندق في مكة المكرمة وهو فندق بنك مصر عام 1920م حيث ظل هذا الفندق مقصداً لكبار الشخصيات الذين رأوا فيه جمال الإقامة وتوفير أفضل الخدمات الفندقية مروراً بإنشاء أول مصعد لفندق في السعودية، وكذلك المطعم الشهير بوجباته المصرية انتهاءً بالآلة البخارية التي كانت تغذي غرف الفندق بالماء الحار في فصل الشتاء. وكان الفندق من دورين، أرضي ودور أول

آل الفندق إلى صدقة وسراج كعكي اللذين اشتريا الفندق حينما كان الملك فيصل والياً على الحجاز. حيث عملا على تطوير الفندق وفق الحداثة المعمارية، وزاد من عدد أدواره إلى ستة أدوار، بل طلب من صديقة طلعت حرب أن يمده المصعد الكهربائي الذي رأه في القاهرة، فأرسل له فأرسب له مهندس سوداني اسمه محمد أحمد شمد عام 1945م - 1365هـ فزود الفندق بأول مصعد لفندق في السعودية.

استمر الفندق ملك صدقة وسراج كعكي إلى أن أنتقل عام 1408هـ - 1987م إلى شركة مصر للسياحة، بعد ذلك انتقلت الإدارة إلى مجموعة من المستثمرين وتغيرت ملامح الفندق كلياً خلافاً للطرز المعمارية القديمة التي عرفت عن الفندق ثم تولى إدارته محمد سعيد سراج كعكي، الذي جدّد الفندق تجديداً شاملاً وطوّره مما أهله للحصول على تصنيف 4 نجوم.

وكان طراز الفندق مزيجاً بين الصناعة الحديدية والخشبية في الأسقف والأرفف وحافظ على رونقه الذي اعتاد عليه كبار الشخصيات بشكل جمالي، والشبابيك الطولية المستوحاة من الثقافة الإنجليزية، والرخام المرصع بالنقوش العربية، والأعمدة الخشبية الثقيلة، ما جعل الفندق خليطاً من الجماليات الشرقية والغربية ومقصداً لكبار الشخصيات الملكية والأميرية وضيوف الدولة السعودية.

ظل الفندق يقدم خدماته حتى أصدرت السلطات السعودية قرا بإزالته من أجل التوسعة الثالثة للحرم المكي وذلك عام 2014م.

رحلات البنا للحج

بعدما أقر مجلس الشورى العام لائحة الحج سافرت أول رحلة للإخوان للحج عام 1936م، كما شارك الإخوان في الندوة الأدبية التي أقامها الشباب العربي السعودي في "أوتيل" مكة. كما سافر في بعثة الإخوان يوم الخميس 3 من ذي الحجة 1364هـ الموافق 8 من نوفمبر 1945م.

وفي يوم 4 من ذي الحجة 1365هـ الموافق 29 من أكتوبر 1946م خرجت سافرت بعثة الإخوان المسلمين لأداء شعيرة الحج، وفي هذه الرحلة وجَّه الملك عبد العزيز آل سعود دعوةً خاصةً إلى بعثة الإخوان المسلمين ثاني أيام العيد.

وفي عام 1948م كانت أخر رحلات الإمام البنا للحج حيث تعرضت الجماعة للمحنة والحل بعدها، وقد سافر الإمام البنا من خلال الطائرة بسبب مرضه والعملية الجراحية التي كان قد أجراها.

علاقة الإخوان بفندق بنك مصر (الكعكي لاحقا)

الفندق ورحلة الحج الأولى للإمام البنا

في 24 من فبراير 1936م كانت أول رحلة حج للأستاذ حسن البنا وعدد من الإخوان، وكانت الجماعة في هذا الوقت غير معروفة على المستوى الدولى، لكن كان الأستاذ البنا وسيرته معروفة نوعا ما حتى أن جريدة أم القرى احتفت بوجودة ضمن حجاج هذا العام

فكتبت تحت عنوان: "على الرحب والسعة" تقول:

"وصل على الباخرة كوثر التي أقلت الفوج الأخير من الحجاج المصريين كثير من الشخصيات المصرية المحترمة لم تسعفنا الظروف بالتعرف إليهم إلا بعد صدور العدد الماضي وإنا نذكر منهم الأستاذ الكبير حسن أفندي البنا المرشد العام لجمعية الإخوان المسلمين، ومدرس بالحكومة المصرية، والشيخ حامد عسكرية واعظ مركز شبين الكوم ومن علماء الأزهر، والشيخ عبدالله سليم بدوي رئيس مدرسة أولية، ونائب الإخوان المسلمين بأبي صوير..إلخ.
أدى الإمام الشهيد وإخوانه مناسك الحج وقاموا بالالتقاء بالوفود الإسلامية المختلفة والتعرف عليهم ومعرفة أحوالهم ومناقشة مشاكلهم ومدى تسلط الاستعمار عليهم، بالإضافة إلى قيامهم بالوعظ والإرشاد متى أتيحت لهم الفرصة والمشاركة في الأنشطة المختلفة التي كانت تقام أثناء الحج، فقد قاموا بالمشاركة في الندوة الأدبية التي أقامها الشباب العربي السعودي في أوتيل مكة (فندق بنك مصر أو الكعكي فيما بعد) وهو أقدم فندق بل الفندق الوحيد آنذاك.
كما شارك الأستاذ البنا وعدد من الإخوان في المؤتمر السنوي الذي عقده الملك عبدالعزيز بمني لجميع الوفود الإسلامية، وألقى الأستاذ البنا كلمة أمام الحاضرين كانت سببا في تبليغ دعوة الإخوان للناس في كثير من الأقطار.

الفندق ورحلة الحج الثانية للإمام البنا 1945م

بعد إقرار لائحة الحج الجديدة فى عام 1944م قرر الإخوان أن يوفدوا بعثة رسمية للأقطار الحجازية للحج، تمثلهم وتدعو لفكرتهم، وتوثق الصلات بينهم وبين الزعماء العرب والمسلمين والتي كان على رأسها الأستاذ حسن البنا حيث استمرت هذه البعثة أربعين يوما.

وبعد انتهاء شعائر الحج أقامت البعثة حفلا بفندق شركة مصر للملاحة البحرية "بنك مصر" إحياءً لسنة الحق - تبارك وتعالى - فى فرض الحج بأن يكون برلمانًا جامعًا، ومؤتمرًا عامًا للمسلمين يتلاقون فيه؛ فينظروا إلى أحوالهم، ويحاولوا رسم خطة عملية لأمورهم؛

ولذا فقد دعت البعثة إلى المؤتمر علية القوم من الوزراء وكبار رجال الأعمال بمكة والقائمين بشئونها الحكومية والتجارية والعملية، كما دعت الإخوة الأفاضل مبعوثى الأقطار الإسلامية كالهند وفلسطين والمغرب وبلاد الشام

وقد حضر الحفل صاحب السمو الملكى الأمير منصور بن عبدالعزيز وزير الدفاع للمملكة العربية السعودية، والأمير عبد الله الفيصل نيابة عن جلالة الملك عبد العزيز، وازدانت ردهة الفندق بالعلمين المصرى والسعودى، واحتشدت جموع الحجيج بعد خروجهم من صلاة العشاء فى عرض الميدان، يستمعون إلى ما يلقى من كلمات وخطب، وأشرف إخوان البعثة بالاشتراك مع شباب مكة على الحفل.

وقد خطب فى هذا الحفل سعادة صالح حرب باشا رئيس جمعية الشبان المسلمين، والأستاذ نمر الخطيب رئيس جماعة الاعتصام بفلسطين، وشاعر جلالة الملك عبد العزيز السيد أحمد الغزاوى، والشاعر أحمد العربى. وبعد زيارة البعثة للمدينة المنورة وعقد العديد من المؤتمرات عادت البعثة إلى القاهرة ظهر يوم 10 المحرم 1365ه الموافق 14 ديسمبر 1945م.

رحلة الحج الثالثة للإمام البنا 1946م

خرجت بعثة الحج فى يوم 4 من ذى الحجة 1365هـ الموافق 29 من أكتوبر 1946م، وفي هذه الرحلة اصطحب الإخوان معهم مكبرات الصوت لعدم وجود هذه الأشياء في السعودية في ذلك الوقت، حتى أنها منعت من وزير الداخلية حتى حصل على أذن من مشايخ المملكة وزعمائها.

وكان الهدف من هذه المكبرات تعليم الناس شعائر الحج وحتى يصل الصوت لأكبر عدد ممكن من الحجاج. وفي هذه الرحلة أقام الملك عبدالعزيز حفلة خاصة للإخوان المسلمين ثاني أيام العيد وتحدث مع الإمام البنا حول القضية الفلسطينية.

أقامت بعثة الحج للإخوان المسلمين في هذه الرحلة حفل شاي فى فندق بنك مصر (الكعكي فيما بعد) بمكة المكرمة حضره الأمراء وكبار رجال الحكومة والحجاج البارزين من مختلف البلاد. وبعد زيارة المدينة المنورة عادت البعثة يوم 10 محرم 1366هـ الموافق 4 ديسمبر 1946م، لكنها تعرضت للاضطهاد من قبل حكومة صدقي باشا.

حسن البنا في فندق بنك مصر بمكة لأخر مرة 1948م

لم يشارك الأستاذ البنا البعثة السفر معها بسبب مرضه والعملية التي أجراها فسافر هذا العام عبر الطائرة، الثلاثاء 2 ذو الحجة 1367هـ الموافق 5 أكتوبر 1948م لكنه انتظر البعثة على شاطئ جدة حتى وصلت.

بعد انتهاء مناسك الحج دعا الإمام البنا إلى مؤتمر إسلامي لأمراء الحج ، كما وجهت الدعوة إلى الأمراء والوزراء السعوديين، وكان اجتماعا كبيرا أنعقد فى القاعة الكبرى بفندق بنك مصر ، حيث تحدث فيه مندوبون من كل الدول الإسلامية.

وخطب فيه الأستاذ البنا وكانت أخر كلماته في هذا الحفل:

اعلموا أن سعادة المسلمين لا تتحقق ولا تكون إلا بجعلهم القرآن الكريم دستورهم وقانونهم، إحملوهم عنى كلمة ، إن الله لا ينصر القوم الفاسقين الذين هجروا دينهم وسلكوا طريق الشيطان الرجيم، ويوم أن نعود إلى حظيرة القرآن والسنة المطهرة يوم أن نرى نصر الله ماثلا أمام أعيننا لأنه وعد من الله ووعد الله صادق لا يتخلف اقرأوا قول الله تعالى:(وكان حقا علينا نصر المؤمنين) الروم :47. ثم خنقته العبرات ،فقال بصوت متهدج: اللهم قد بلغت ، اللهم فاشهد.

وبعد زيارة المدينة المنورة عاد الإمام البنا إلى القاهرة صباح الخميس الموافق 23 من المحرم 1368هـ - 24 نوفمبر 1948م، حيث كانت العدة تعد لحل الجماعة ودخولها طور المحن الشديدة التي انتهت باستشهاد مؤسسها الإمام حسن البنا يوم 12 فبراير 1949م.

المصادر

  1. مجلة الإخوان المسلمون، العدد (25)، السنة الثانية، 16 رجب 1353ه - 25 أكتوبر 1934م.
  2. طارق الثقفي: فندق الكعكي في مكة المكرمة قصة أقدم فندق بالسعودية، السبت - 28 شهر ربيع الأول 1439 هـ - 16 ديسمبر 2017 مـ رقم العدد 14263،
  3. الإمام البنا ورحلات الإخوان للحج: موقع إخوان ويكي
  4. جريدة أم القرى – 19 ذو الحجة 1354هـ - 14 مارس 1936م.
  5. أنور الجندي: مع بعثة الحج للإخوان المسلمين عام 1364ه، دار الطباعة والنشر الإسلامية 1365ه، القاهرة، 1946م، صـ44، 45.
  6. عباس السيسي: حسن البنا مواقف فى الدعوة والداعية، دار التوزيع والنشر الإسلامية، 1422ه/ 2001م، صـ291.