الاعتداء الأمريكي على سوريا.. تأمين احتلال العراق

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الاعتداء الأمريكي على سوريا.. تأمين احتلال العراق
ضحايا القصف الامريكى.jpg

كتب- أحمد التلاوي:

العدوان الأمريكي الأخير على منطقة البوكمال السورية الحدودية الواقعة على مقربة من مدينة القائم العراقية لم يكن عشوائيًّا أو صدفةً أو حتى مقتصرًا على ما قيل من جانب الأمريكيين والعراقيين في الحكومة في شأن استهدافه محطة لنقل المقاتلين العرب والأجانب إلى العراق لمحاربة قوات الاحتلال الأمريكية هناك.

فحقيقة الأمر أنَّ هناك العديد من الخلفيات حكمت هذه الضربة التي استهدفت مبنىً مدنيًّا تحت الإنشاء، وقتلت عمدًا ثمانية من المواطنين السُّوريِّين وأصابت آخرين، وهذه الخلفيات تمس في جوانبها الأوضاع السياسية العامة في منطقة الشرق الأوسط، خلال المرحلة المقبلة، والتي سوف تتلو تغيير شخصية الرئيس الأمريكي القابع في البيت الأبيض.

وجاء الرد السوري الرسمي على هذا العدوان "ضابطًا للنفس"، و"قانونيًّا"، و"إعلاميًّا" كما هي العادة في مثل هذه الحالات التي تكررت في السنوات الأخيرة من جانب الكيان الصهيوني، وإنْ كانت هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها مثل هذا العدوان بواسطة قوات أمريكية؛ حيث إنَّ الأيادي الأمريكية الخفية كانت وراء توجيه الكثير من الضربات العسكرية الصهيونية ضد سوريا، وكان أهمها تصفية موقع الكبار النووي السوري في سبتمبر 2007 م بدعمٍ مخابراتيٍّ أمريكيٍّ.

السوريون ينددون بأمريكا خلال تشييع جنازة الضحايا

العملية لاقت تنديدًا عربيًّا ودوليًّا واسع النطاق؛ حيث أدانت منظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول العربية و مصر و إيران و لبنان وفرنسا وروسيا هذا الهجوم، بينما دعت الأخيرتان الولايات المتحدة إلى احترام سلامة الأراضي السورية، كما أدانته بعض الأطراف العراقية غير الرسمية، ومن بينها هيئة علماء المسلمين السُّنَّة في العراق ، وفي فلسطين أدانت كلٌّ من حركتي حماس والجهاد الإسلامي العدوان الأمريكي.

رد فعل الكيان الصهيوني كان بمثابة إهانة لدمشق في حقيقة الأمر، فوزير الحرب الصهيوني أيهود باراك أعرب عن اعتقاده بأنَّ العدوان العسكري الأمريكي "لن يكون له تأثير على إسرائيل"، بحسب نصِّ ما قال، وهو يشير إلى طبيعة رد الفعل السوري التقليدي في مثل هذه المواقف منذ انتهاء حرب رمضان/ أكتوبر 1973 م.

أسباب معلنة

في حقيقة الأمر فإنَّ بعض المراقبين وضعوا تفسير ما حدث في سياق موضوع تهريب العناصر المدربة والسلاح عبر الحدود السورية- العراقية، من جهتها، فصحيفة (التايمز) البريطانية قالت في عددها الصادر أمس الإثنين 27/10/ 2008 م: "إنَّ الغارة تمثل تحذيرًا ل سوريا كي تضبط حدودها مع العراق"، وأضافت الصحيفة أنها جاءت "بعد سنوات من الإحباط الأمريكي من سوريا لعدم قدرتها على ضبط حدودها التي تعتبر أحد مداخل الجهاديين إلى العراق ".

ودعم من ذلك الاتجاه تصريحات المتحدث باسم الحكومة العراقية علي الدباغ، بأنَّ المنطقة التي استهدفتها الغارة كانت "مسرحًا للمقاتلين الذين يشنون هجمات عبر الحدود" بحسب زعمه، وقال الدباغ في تصريحاتٍ إنَّ "آخر تلك الهجمات قتلت فيها مجموعة مسلحين 19 من منتسبي الداخلية العراقية في قرية حدودية".

كما زعم مصدر عسكري أمريكي في العراق أنَّ العملية أدَّت إلى مقتل أحد كبار معاوني زعيم تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين السابق أبو مصعب الزرقاوي، الذي قتلته القوات الأمريكية في صيف العام 2005 م، ويدعى أبو غادية.

ومنذ أنْ وصلت القوات الأمريكية والبريطانية الغازية إلى العراق في ربيع العام 2003 م، وهي تتهم سوريا و إيران رسميًّا بتهريب السلاح والمقاتلين إلى داخل العراق ، ودعم التمرد الشيعي وأحيانًا السُّنِّي ضد الغزاة في العراق .

وكان من المنطقي توجيه الضربة خلال الحرب الحقيقية التي خاضتها القوات الأمريكية في مدينة القائم القريبة من موقع البوكمال هذا؛ حيث كانت الدماء الأمريكية تسال ويتم تدمير عربات الهمفي والهامر الأمريكية المدرعة يوميًّا، وبسخاء على أيدي المقاتلين العراقيين والأجانب القادمين عبر الحدود مع سوريا، وهي معارك كانت قوية مثل معارك الفلوجة والرمادي والأنبار.

وقتها كان ضرب دمشق ذاتها مبرَّرًا من جانب الأمريكيين، أما الآن، وقد شارفت القوات الأمريكية في العراق على تقنين أوضاعها والخروج بحلول العام 2011 م- بحسب ما هو معلن- ومع اقتراب موعد انتخابات الرئاسة الأمريكية، يأتي الأمريكيون في ظلِّ أوضاعٍ سياسيةٍ واقتصاديةٍ شديدة الاضطراب لديهم، لكي يقوموا بضرب سوريا ؟.

بطبيعة الحال الأمر غير مكتمل في جوانبٍ كثيرةٍ منه، فسوريا الآن أيضًا وضعت أقدامها على طريق التسوية مع الكيان الصهيوني بوساطةٍ تركيةٍ، بينما استجابت للكثير من المطالب الأمريكية في شأن الوضع في لبنان وتحقيقات اللجنة الدولية المُشكَّلة للتحقيق في اغتيال رئيس الوزراء ال لبنان ي الأسبق الراحل رفيق الحريري ، بداية من عزل قادة أجهزة الأمن السورية، وتسليم بعض المتورطين من قادة الأجهزة الأمنية اللبنانية الذين تورطوا في الحادث.

ووصولاً أيضًا إلى إعادة ترتيب ملف العلاقات مع إيران وفصائل المقاومة الفلسطينية التي تتخذ من دمشق مقرًّا لها.

لماذا؟!

إذن المنطق يفرض استبعاد دور ملف مكافحة ما يوصف بالإرهاب، وتحجيم عمليات انتقال المقاتلين والسلاح عبر الحدود السورية- العراقية.

التفسير الأقرب للصواب هو ذلك المتعلق بتطبيق الاتفاقية الأمنية المزمعة ما بين واشنطن و بغداد ، فهذه الاتفاقية حتى لو سمحت للأمريكيين بالاحتفاظ بقواعد وقوات دائمة في العراق ، لن تمكنهم من الاحتفاظ بالمعدلات الحالية من القوات، وهو ما يتطلب ترتيبات سياسية لا عسكرية لضمان الأمن في العراق في السنوات المقبلة، وبخاصة بعد 2011 م.

فتأمين العراق ووقف العنف فيه تمامًا كان بحاجة إلى نصف مليون جندي، لم يوفر الأمريكيون منهم سوى 145 ألفًا في أوسع فترات الوجود العسكري الأمريكي في العراق ، ولم ينجحوا في وقف القتال ضدهم، كما أنَّ الخروج الأمريكي الكبير المهزوم من العراق بحلول العام 2011 م سوف يؤدي إلى رسم خريطة سياسية- عسكرية جديدة في العراق والشرق الأوسط برُمَّته.

ومن هنا فإنَّ الأوضاع في العراق في مرحلة ما بعد تطبيق الاتفاقية الأمنية بحاجةٍ إلى رسائل قويَّةٍ بأنَّه صحيحٌ أنَّ الأمريكيين سوف يخرجون من العراق، إلا أنَّ العصا الغليظة سوف تظلُّ موجودة وجاهزة، وأقسى من مجرَّد توجيه اتهاماتٍ فقط كما كان الحال في السنوات الماضية.

بكاء وعويل أهالي الضحايا

هذه الرسالة كان يجب إيصالها إلى كلٍّ من دمشق و طهران، ولكن سوريا كانت الهدف المباشر للعملية الأخيرة لاعتباراتٍ من بينها أنَّها الحلقة الأضعف بين الطرفَيْن، كما أنَّ ردَّ الفعل السوري محسوب ومتوقَّعٌ من خلال تجارب سابقةٍ، كما أنَّ ضرب إيران في أيِّ مكانٍ منها سيعني فهمًا خاطئًا من جانب الإيرانيين من أنَّ الأمريكيين استهدفوهم كمقدمةٍ لعدوانٍ أوسعٍ على خلفية الملف النووي الإيراني.

مما كان يستتبع ردًّا إيرانيًّا قد يجر الأمريكيين لمعركةٍ لا يرغبونها حاليًا، وغير قادرين على خوض غمارها، كما أنَّها سوف تكون مُرتبطة بأطرٍ استراتيجيةٍ أوسع للسياسة في الشرق الأوسط، بما يتطلب ترتيبات أوسع مثل التنسيق مع الحلفاء العرب والكيان الصهيوني.

إذن فلقد دفع بعض المواطنين المسلمين والعرب في البوكمال البائسة الصحراوية الثمن بالدم كأول مخاضٍ للاتفاقية الأمنية العراقية- الأمريكية المزمعة، وتحت شعار "مكافحة الإرهاب"، الذي جاء أمريكيًّا!!

المصدر

للمزيد عن الإخوان في سوريا

مراقبو الإخوان في سوريا

1- الشيخ الدكتور مصطفي السباعي (1945-1964م) أول مراقباً عاماً للإخوان المسلمين بسوريا ولبنان.

2- الأستاذ عصام العطار (1964- 1973م).

3- الشيخ عبدالفتاح أبو غدة (1973-1975م).

4- الأستاذ عدنان سعد الدين (1975-1981م).

5- الدكتور حسن هويدي (1981- 1985م).

6- الدكتور منير الغضبان (لمدة ستة أشهر عام 1985م)

7- الأستاذ محمد ديب الجاجي (1985م لمدة ستة أشهر).

8- الشيخ عبدالفتاح أبو غدة (1986- 1991م)

9- د. حسن هويدي (1991- 1996م).

10- الأستاذ علي صدر الدين البيانوني (1996- أغسطس 2010م)

11- المهندس محمد رياض شقفة (أغسطس 2010)

.

من أعلام الإخوان في سوريا
أقرأ-أيضًا.png

كتب متعلقة

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة

تابع مقالات متعلقة

أخبار متعلقة

وثائق ومتعلقات أخرى

وصلات خارجية

الموقع الرسمي لإخوان سوريا

وصلات فيديو

.