حسن بن يحيى

عمر العبسو
مقدمة
شاعر من الشعراء الإسلاميين المعاصرين في اليمن. وهو من القلة القليلة من أبناء الحركة الإسلامية الذين نهجوا هذا النهج الإسلامي الأصيل، ويعدّ الشهيد الشاعر محمد محمود الزبيري أول من فجر ينابيع الشعر الإسلامي الحركي هناك
ثم سار على نهجه ثلة مباركة من الشعراء من أمثال: علي أحمد باكثير الذي اشتهر كقاص أكثر منه شاعراً، والشاعر المؤرخ عبد الرحمن طيب بعكر، والشاعر الإسلامي المعاصر حسن بن يحيى الذاري، .. وغيرهم
وسوف نقف في هذه الصفحات نجلي فيها سيرة حياة الشاعر حسن بن يحيى الذاري، وأبرز ملامح شعره الإسلامي.
ولادته ونشأته
ولد الأستاذ حسن بن يحيى علي الذاري في قرية الذاري، في منطقة الهجرة، التي تقع في سفح جبل شيزر في مديرية (الرضمة)، بلواء أب في اليمن السعيد عام 1354 هـ - 1935م . وفي تلك البلدة الهادئة الوادعة التي تطل على وادٍ زراعي جميل امتاز بطيب المناخ وخصب التربة نشأ حسن، وعاش أيام طفولته وصباه في بيت كريم من بيت علم وأدب وفضل، عرف بالتقوى والعلم معاً ، فأبوه يحيى الذاري من كبار علماء اليمن في زمانه .
وفي مسجد القرية لازم والده العلامة الشيخ يحيى وحفظ القرآن وعدداً من المتون ودرس عليه السيرة ونهج البلاغة وعلوم اللغة . وفي الحادية عشرة من عمره انتقل والده إلى جوار ربه، فهاجر الأستاذ حسن الذاري إلى صنعاء للدراسة .
دراسته، ومراحل تعليمه
وفي قريته تلقى مبادئ العلوم في عدد من الكتاتيب، وحلق المساجد، حيث حفظ القرآن ، ومن مشائخه في هذه الفترة: أبوه الشيخ العالم يحيى علي الذاري، والعلامة (عبدالوهاب أحمد الوشلي). ثم درس في بلده حتى أكمل المرحلة الثانوية .
ثم انتقل إلى مدينة صنعاء، وهو في الثامنة عشرة من عمره؛ فدرس مبادئ الدين الحنيف، وقرأ السيرة، والفقه، وعلوم اللغة في مدرسة دار العلوم (المدرسة العلمية)، والجامع الكبير بصنعاء . وحصل على إجازة علمية عودلت بعد ذلك بليسانس الجامعة الأزهرية .
السفر إلى مصر
ولكن طموح الشاب الناشئ لم يقف عند هذا الحدّ، فسافر إلى مصر عام 1376هـ - 1956م؛ فالتحق بمعهد الدراسات الأدبية التابع لجامعة الدول العربية، كما التحق بمركز تنمية المجتمع؛ فحصل على دبلوم في الخدمة الاجتماعية، وخلال هذه الفترة التقى بعدد من قيادات جماعة (الإخوان المسلمين) في القاهرة.
علاقته بالدعاة الإسلاميين
اتصل بعدد كبير من العلماء والأدباء ، مثل : الشهيد سيد قطب ، والإمام أبو الأعلى المودودي ، والداعية الإسلامي الكبير أبو الحسن الندوي مؤسس رابطة الأدب الإسلامي العالمية ورئيسها ، وغيرهم – رحمهم الله جميعاً.
وبقي يدرس فنون العلم المختلفة في مصر حتى عام 1973م . كما أنه قام بزيارة للمدينة المنورة، ودرس في كلية الدعوة بالجامعة الإسلامية . وكان حسن الذاري مولعاً بالدراسات الأدبية والإسلامية ، ولم يكتف بما درس في المعاهد والجامعات، فقام بدراسة الكثير من مؤلفات رواد الفكر الإسلامي في العصر الحديث، واطلع على كتب الإمام البنا، والمودودي، والندوي، والرافعي، والسباعي، وسيد قطب..
وأمثالهم من القادة الأعلام، فجمع حصيلة كبيرة من العلم والثقافة كان لها أثر بالغ في نشاطاته المتعددة في ميادين الدعوة وخاصة في الحقل التربوي ..وساهم في وضع المنهج الديني للمدارس اليمنية، وقام بتأليف كتب فقه السيرة المقررة حالياً على طلاب المرحلتين الإعدادية والثانوية كما ساهم في إعداد مناهج المعاهد العلمية .
وما زال الأستاذ حسن الذاري يواصل عمله التربوي موجهاً فنياً لمواد العلوم الشرعية واللغة العربية بالمعاهد العلمية اليمنية، ويقوم مع إخوانه العلماء بتربية جيل من شباب اليمن على الإسلام .
العودة إلى اليمن
ثم عاد إلى اليمن؛ فحصل على دبلوم في الإدارة العامة من معهد الإدارة في مدينة صنعاء، كما حصل على شهادة معادلة من وزارة التربية والتعليم.
نكهة عالقة في الذاكرة
لعل أبرز ما عشته وشاهدته في طفولتي في بلدة الذاري هي تلك العادات التي كنا نستقبل بها شهر رمضان العظيم فقد كان من عاداتنا أن نحتفل في اليوم الأخير من شهر شعبان بـ (الدحريجة) ، وهي عبارة عن أكلة شعبية مصنوعة من دقيق البر والسمن البلدي، وكان كل صبي يأخذ نصيبه من هذه الأكلة اللذيذة ، ونذهب معا إلى بعض الأماكن بعد الظهر، ونمارس بعض الألعاب، ونهتف ببعض الأهازيج مرحبين بقدوم شهر رمضان، وفي آخر النهار نقوم بتناول ما معنا من تلك الأكلة الشهية .
كما أننا كنا نجتمع بعد العشاء، وندق على أبواب القرية مرددين بعض الأهازيج معلنين عن فرحتنا بقدوم شهر رمضان، ومن هذه الأهازيج التي لا زلت أذكرها: (ألا يا مسا .. جينا نمسي من يريم .. ألا نمسي بالغرارة والشريم)، وهي أهازيج ظلت موجودة إلى وقت قريب حيث كنت أسمع بعض الأطفال في مدينة صنعاء يرددونها ... ولعلها الآن قد تركت فيما ترك من تلك العادات الحلوة .
وكان من عادة والدي رحمه الله في شهر رمضان المداومة على قراءة القرآن الكريم بمعية كثير من أبنائه ، ثم بعد صلاة العشاء يقام سمر يحضره لفيف من سكان القرية ويقضون ليلتهم في قراءة كتب الأحاديث مثل صحيحي البخاري ومسلم مختتمين كل درس من تلك الدروس بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بطريقة جميلة ومؤثرة تضفي على المجلس روحانية شفافة ، وقد علقت هذه العبارة في ذهني ولا زلت أتذكرها وأرددها حتى اليوم .
وفي مدينة تعز كان أخي العلامة المرحوم محمد بن يحيى الذاري رحمه الله ، يعتكف طيلة شهر رمضان في مسجد العرضي ، ومكث على ذلك عدة سنوات ، وكنت أذهب إليه لأداء صلاة الظهر ثم أجلس بجواره في المحراب نتلو القرآن الكريم حتى أذان صلاة العصر ، وكان يفرش لي بطانية ومخدتين ، وذات يوم قدم إلى المسجد رجل من كبار حاشية الإمام فطلب أخي مني أن أترك المكان الذي كنت أجلس فيه
فأسررت إليه أن هذا الرجل لا يستحق هذا التكريم فقال لي لقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يكرم جليسه ، ثم أن الرجل أكبر منك سناً ، فوافقته إلى طلبه على مضض ، وكان من عادة أخي محمد أنه يأخذ معه بعض النقود يؤاسي بها بعض المحتاجين من صدقات أوصى بها الوالد ومن كسبه أيضاً وذات يوم قال لي إن الناس يظنون أن النقود التي أوزعها تأتي من الإمام
و والله إنه لم يرسل لنا شيئاً من مال الله الذي بيديه لنواسي به المحتاجين وهنا سألته عن الشخص الذي بجانبه هل شاهدة يواسي أحد ؟ فقال لا .. مع أنه صاحب أملاك طائلة فهو موظف هو وأبوه وإخوته ، ويعلم الله كيف ستكون خاتمته ، وخلال التصفيات التي تمت بعد قيام الثورة كان مصير ذلك الشخص الإعدام وهي خاتمة مؤسفة ولعل تعرضه للقتل بذلك الأسلوب سيكفر عنه ما قدم من تقصير .
رمضان في القاهرة
صمت رمضان في القاهرة عدة سنوات ... ولعل أخلد ذكري في نفسي هي زيارتي للشهيد سيد قطب سنة 1965م في شهر رمضان مع أخي وزميلي الأستاذ عبده محمد المخلافي رحمه الله ، وقد التقيناه أول مرة بعد صلاة الجمعة وحين رأى المخلافي أخذني على انفراد وسألني عن الشخص التي جئت معي ..
فقلت له: إنه أفضلنا على الإطلاق فأنس إليه وجلسنا نتجاذب أطراف الحديث حتى أذن للعصر فصلينا في غرفة الصالون ، وأوصانا بوصايا عديدة من أهمها الاهتمام بقيام الليل قائلاً إن ذلك زاد لا يساويه شيء . وكنت أصلي العشاء والتراويح في حي سيدنا الحسين مع الأخ المخلافي ومع الأخ علي بن إسماعيل الخباني، ثم نذهب إلى قهوة الفيشاوي نتناول القهوة والشاي في جو تغمره البهجة والأنس .
أعماله ووظائفه
- وعمل في حقل التربية والتعليم باليمن مديراً لمدرسة المعلمين .
- وصار رئيساً لقسم العلاقات وموجهاً لمواد التربية الإسلامية في جميع المراحل التعليمية في عدد من المدارس والمعاهد العلمية لمدة أربعين عامًا.
- ثم كبير موجهي الإشراف الاجتماعي في الهيئة العامة للمعاهد العلمية .
- ويعمل الآن مديراً للإدارة الفنية في المعاهد العلمية .
جهوده ومساهماته في العمل الإسلامي في اليمن
وساهم في تأسيس المعاهد العلمية في اليمن . كما ساهم في تأسيس التجمع اليمني للإصلاح وهو عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية .
من مؤلفاته
أسهم بقلمه شعراً ونثراً ، ونشر كتاباته في المجلات والصحف الإسلامية باليمن وغيرها ...
- من صرخات الإيمان. ديوان شعره الأول ، صدر له عام 1981م .
- أنوار الفجر. ديوان شعر، صدر عن دار (الضياء) في الأردن عام 1423هـ - 2002 م.
- براكين الصحوة. ديوان شعر، صدر عن دار النشر السابقة. نفس العام المذكور.
- قذائف اللهب. ديوان شعر، صدر عن دار النشر السابقة نفس العام المذكور
- رجال عرفتهم. مخطوطة في التراجم، ترجم فيها لسبعين شخصًا ممن عايشهم، ومنهم: الأستاذ (سيد قطب إبراهيم)، والإمام (أبو الأعلى المودودي)، والأستاذ (أبو الحسن الندوي)، والأستاذ (محمد محمود الزبيري)، والعلامة (عبدالعزيز بن باز).
- ثم نسفوا البيت - مسرحية شعرية، المؤلف حسن بن يحيى الذاري. نشرت عام 2002 م، الأردن ...
ألَّف واحدًا وعشرين كتابًا مدرسيًّا وله مجموعة من الكتب في السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي . عُرف في الأوساط الثقافية محاضرًا وشاعرًا، سريع النكتة، حادَّ الذكاء، وهو عضو في رابطة الأدب الإسلامي العالمية. متزوج، وأب لثلاثة أبناء، وثماني بنات.
رابطة الأدب الإسلامي تتصفح ذاكرة إبداع الشاعر حسن الذاري تواصلاً لأنشطة المكتب الإقليمي لرابطة الأدب الإسلامي العالمية باليمن، أقام المكتب صباح الخميس الماضي 24 يوليو 2008م الملتقى الشهري بعنوان: (قراءات في شعر الشاعر الكبير الأستاذ حسن بن يحيى الذاري).
وقد استهل الملتقى الدكتور محمد أحمد العامري، متحدثاً عن الدور الذي الأدبي الذي لعبه الشاعر الكبير حسن بن يحيى الذاري، فهو من أعضاء الرابطة القدماء، وممن له إسهامات كبيرة ومتنوعة في ساحة الأدب الإسلامي، مبيناً أن الشاعر ولد في عام 1935م بهجرة الذاري، وتتلمذ على يد والده العلامة يحيى بن علي الذاري والعلامة عبد الوهاب بن أحمد الوشلي
ودرس في دار العلوم والجامع الكبير بصنعاء ، رحل إلى مصر للدراسة عام 1956م في معهد الدراسات العربية العالية، واتصل بعدد كبير من العلماء والأدباء، كسيد قطب وأبو الأعلى المودودي، وأبو الحسن الندوي مؤسس رابطة الأدب الإسلامي العالمية ورئيسها، وغيرهم – رحمهم الله جميعاً.
وصدر له أربعة دواوين شعرية هي: من صرخات الإيمان، أنوار الفجر، قذائف اللهب، براكين الصحوة، وله إسهامات فـي تأليف الكتب المدرسية. وأشار إلى أن هذه القراءات في شعره، تأتي كنوع من التكريم، وإن كان يقصر عن قامة الشاعر الكبير ، لكن الاحتفاء بالأديب حياً خيرٌ من تأبينه ميتاً.
وبعد ذلك جاء دور الشاعر الكبير حسن بن يحيى الذاري، والذي بدوره شكر الهيئة الإدارية للمكتب الإقليمي في اليمن على هذه الندوة التي تتناول إبداعه، وما كتبه خلال مسيرته الممتدة لأكثر من سبعة عقود. وقد تحدث الشاعر الكبير عن نشأته، وتأثير والده وإخوته في سلوكه، وتشجيعهم له في نظم الشعر وتنقيحه، وذكر الكثير ممن تأثر بهم، من شعراء اليمن الكبار أمثال : والده العلامة يحيى بن علي الذاري .
وأخوه العلامة محمد بن يحيى بن علي الذاري .وأبو الأحرار الشهيد المناضل محمد محمود الزبيري . والشاعر والمناضل زيد الموشكي . وسرد طرفاً من تفاصيل حياته، والعديد من المواقف الطريفة التي حدثت له في اليم، أو أثناء دراسته فـي مصر .
كما سرد نتفاً من ذكرياته عن الحياة في اليمن عبر رحلته الممتدة. ثم تحدث الدكتور عبده الحكيمي عن طوافه في دواوين الشاعر الكبير، مفتتحاً كلامه بقوله : يسرنا أن في هذا اليوم أن نلتقي مع موهبة شعرية ستترك أثرها في موكب الشعر العربي عامة ، والشعر اليمني خاصة ، هذه الموهبة التي تجلت في شاعرنا القدير الذي صبغ شعره هذه الصبغة الإسلامية المتميزة ، واستوعب معظم الأحداث المعاصرة التي تهم المسلمين ، فسجلها قصائد فُكتب لها بذلك البقاء والخلود، ومن هذه الأحداث التي تابعها ما يخص :
أولاً :الساحة اليمنية
وثانياً - الساحة الفلسطينية: فقد نظم فـي أحداثها مجموعة من القصائد المتميزة .
وثالثاً جراح المسلمين في العالم : مما لفت نظري فـي شعر أستاذنا متابعته لأحداث الشعب الشيشاني المسلم، هذا الشعب الذي نسيه كثير من المسلمين
ومن ذلك قوله:
ألف مليون كالغثاء هباءٌ
- ألف مليون ما لهم إجلال..
حقنـا يستباح دون انتقادٍ
- لحقوقٍ مـــــــــــــا تم فيها منــالُ..
غير أنه لا يبث اليأس في النفوس، ولا يثبط الهمم، بل يبعث الأمل ويبشر بالنصر، وبصحوة الأمة
حيث بقول:
- سوف يطويهم مجالٌ محال..
فبرغم الظلام فينــا نجــــــــــــومٌ..
- وبرغم القصور فينا اكتمال..
وفي شعر أستاذنا نجد الوحدة الموضوعية ، والوحدة العضوية ، كما أننا نجد في شعره النفس الطويل ، والشاعرية المتدفقة ، وتوليد المعاني فيما يتوقع القارئ أو السامع أنه سيتوقف هنا ، وإذ به يفاجئنا بمعانٍ جديدة لم تخطر في أذهاننا ، ولقد تنوعت اهتمامات الشاعر ، وخاض في كل ميدان بصرخاتٍ مدوية وقذائف من اللهب عاتية واصفاً حالة الأمة
وما يحدث لها في صور تسجيلية وصور مدوية متنقلاً بين بحور الشعر الخليلية المختلفة بحرية. وعاد الحديث للدكتور محمد أحمد العامري ليتحدث فـي قراءته لشعر الشاعر الكبير عن ملامح من نفسية الشاعر وجوانب اهتمامه، بقوله أن الشاعر يملك شخصية فتية وثابة رغم بلوغه السبعين، أو لنقل قتالية هجومية، وهو شاعر أمة لا شاعر قُطـر، وشاعر جماعة لا شاعر ذات مفردة، شاعر دين لا شاعر قومية
والعاطفة والمعنى فـي شعر الشاعر حسن الذاري لا تبارى، وتختلف الأذواق فيما عداها من عناصر الشعر الأخرى، والشاعر لا يدع مناسبة تلم بالأمة إلا ونجد له فيها قصيدة مدوية وصرخة حارقة.
واستعرض بعد ذلك عدداً من قصائد دواوينه ومدى تفاعله مع قضايا أمته حتى لا تكاد تجد قصيدة تتحدث عن شخصه، لذلك يمكن أن نقول بحق أن شاعرنا شاعر القضية الإسلامية، وإلى جانب هذا جمع شاعرنا بين عمق الفكرة وخطابية الكلمة لأن المواضيع التي يطرقها تحتاج للوضوح والشفافية دون الغوص في الغموض أو الإبهام و الإيهام، وهو ما ميز الشاعر حسن بن يحيى الذاري .
كما ألقى الشاعر حسن بن يحيى الذاري نماذجاً من شعره. واختتمت الندوة بتعقيب الأستاذ بشير المساري بكلمة حول شعر الشاعر وما تتطلبه بعض المدارس الأدبية من متطلبات النص الشعري كجماعة الديوان مثلاً، مُتسائلاً: أما آن للشاعر بعد هذه الصوت المرتفع الصداح أن يخفف من هذه الحدة و يهمس..!
شعر حسن بن يحيى الذاري: دراسة موضوعية
كان حسن الذاري منذ صغره مولعاً بالدراسات الأدبية والإسلامية، بدأ يمارس الشعر منذ السادسة عشرة من عمره، وشعره متفاعل مع قضايا اليمن والأمة الإسلامية عامة، يسهم بقلمه شعراً ونثراً، وينشر كتاباته في المجلات والصحف الإسلامية باليمن وغيرها . واختار له الأستاذ أحمد الجدع قصيدة لقاء الأنوار للشاعر : حسن بن يحيى الذاري ... كأفضل مئة قصيدة في العصر الحديث .
وكان يحفظ الشعر والأدب، وساعده على ذلك الوسط الذي عاش فيه، فوالده عالم جليل وأديب يحب الشعر ويقرضه . وقام منذ صباه بحفظ الكثير من الشعر العربي، واطلع على شعر الفحول من الشعراء أمثال : حسان بن ثابت، والمتنبي، وشوقي، والرصافي، وإقبال، والزبيري.... وغيرهم.
وبدأ يمارس الشعر منذ السادسة عشرة من عمره، وكان ميالاً إلى فني الغزل والحماسة .. ولكن أحداث الحياة والتحديات التي تعيشها الأمة الإسلامية صرفته عن تلك الوجهة .
وتأثر شاعرنا بالحركة الإسلامية المعاصرة ورأى فيها أمله المنشود فقام يدعو إلى تطبيق الإسلام، ويبين مزايا النظام الإسلامي، والتزم مبادئ الحق والاستقامة، وسار على طريقة شاعر الرسول الكريم حسان بن ثابت، فهب ينافح عن الإسلام ودعاته، ويهجو أعداء الدعوة من الملحدين والمارقين .
ويدعو الأمة الإسلامية إلى الوحدة واليقظة، والتمسك بمكارم الأخلاق، ومقاومة الانحلال والإلحاد، وعاش الذاري متفاعلاً مع قضايا اليمن والأمة الإسلامية عامة، يسهم بقلمه شعراً ونثراً ، وينشر كتاباته في المجلات والصحف الإسلامية باليمن وغيرها .
وسجّلَ صادق مشاعره وأحاسيسه نحو دعوته .. وشعره ينطق بالحكمة ويدافع عن الإيمان .. ولا عجب في هذا فالإيمان يماني والحكمة يمانية، لقد صاغ شعره في الدعوة إلى الإسلام وأبرز الجوانب التي امتاز بها نظامه الخالد، وقام بفضح أساليب الأعداء ومؤامراتهم على الأمة الإسلامية، وكشف أخطار التبرج والاختلاط وطالب بتحصين المرأة المسلمة، وحذر من أخطار المناهج الدراسية التي وضعها عملاء الاستعمار لتنشر السموم في الأجيال الناشئة .
وهكذا نجد الذاري ينظم شعره في موضوعات متعددة ومناسبات مختلفة فلا نجد حادثة أو مشكلة من مشكلات الأمة الإسلامية إلا وله فيها قول .. لقد نظم في فضح أساليب الأعداء والتآمر على الإسلام وقيمه
فقال في قصيدة بعنوان (إلى البشرية المنكوبة):
- فهـــــــــــــــذه قيم الأخلاق تنحدرُ
وهذه فتن الأطماع معلنة
- حرباً على الحق فيها يبرز الخطرُ
فالجاهلية تمضي في تآمرها
- تدمــــــــــــــــــــــــــر القيم العليا وتأتمرُ
وقال يصف (جور الحكام)، ويدافع عن الشعوب المظلومة:
- ت الرعايا ويُستباح الحرام
ليعيش الحُكّام في ترف اللهو
- وتشـــــــــــــــــــقى بجورها الأقوام
ويرى العدل واجباً نسف حكم
- أفسدته بفسقها الحكامُ
ولما قامت في اليمن محاولة ماكرة تسعى لتصفية ما تبقى من عمل بالشريعة الإسلامية ، وفرض أساليب الطاغوت (القانون المستورد) أهاب شاعرنا بالعلماء من أجل إنقاذ الجيل الضائع بين انحلال الغرب وجحود الشرق ..
فقال في قصيدة بعنوان (صيحة الحق):
- بهدى العلم وامنحوه التزاما
بجهود مضــــــــــــــاعفات وصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــبرٍ
- يتحدى الإهمال والإحجاما
جحد الحق كل من وصف الإسلام
- بالنقص باغياً هـــــــــــــــــــــــــــــدّاما
فقد الرشد كل من هـــــــــــــجر الشرع
- جحوداً وألّه الأصنــــــــــــــــــــــــاما
عبئوا الجيلَ بالعقيدة واحمـــــــــــــــــــــــــــوه
- فمـــــــا زال تائهاً حــــــــــــــــــــــــــيرانا
وعندما قامت عصابات الإلحاد الإرهابية بتحريض من عدن بارتكاب الجرائم وقتل الأبرياء في اليمن هبّ يكشف أساليبهم الإباحية :
وتعـــــــــــلن آثام التحلل في جهرِ
وما سمعت أوطاننا قطّ فرية
- كفرية قوم قد أصروا على الكفر
فلو حكم الإسلام ما ساد باطل
- ولا عبثت في غيّها عصب الغدر
ولا امتلك الإلحاد أرضاً تقله
- ولا عاش يسطو بالجريمة والوزر
ولما رأى الفتاة المسلمة تتعرض لتحديات التبرج الخليع والاختلاط المشين وخاصة عندما انتشرت هذه الجرثومة المدمرة بين المسلمين، وغزت مراكز العلم في جامعة اليمن وبعض مدارسها بعد أن كانت معقلاً للإيمان وعريناً للمجد ..صرخ الذاري في وجه هذا الخطر المدمر
وقال في قصيدة بعنوان (صرخة العلم):
- حين أضحى مسخّراً للمجون
في بلاد كانت منــــــــــــــارة طـــــــــــــــــــهرٍ
- وعفـــــــــــــــــــــافٍ مُبجّلٍ وحصين
في بلاد كانت معـــــــــــــــــــــــــــــــــاقل عزٍّ
- وعرين للمجد أي عرين ؟
غير أن التخطيط للهدم في أرضي
- مصر على احتلال العرين
لا بجيش فالجيش أضعف شأناً
- من تهادي الفتاة ذات الفتون
أيها الشعب هل لديك أحاسيس
- فنفضي إليك بالمكنون ؟
خطة الغزو أفلست في اقتحام الدا
- ر قسراً ، ولم تجد من معين
غير حشد الأزياء في ساحة العر
- ض بأسلوب الماكر الصهيوني
فإذا شُيدت على عبث اللهو
- مهـــــــــود التعليم والتكوين
فسدت قيمة الفضيلة في النفس
- وعاشت في بؤرة التوهين
وكان شاعرنا يتتبع أخبار الحركات الإسلامية في كل بلد من بلدان العالم الإسلامي وما إن سمع بالمسيرة الكبرى التي قامت بها الجماعة الإسلامية في يوم مجد الإسلام في باكستان عام 1970م بقيادة الإمام المجدد الشيخ المودودي، والتي عبرت بها الجماعة عن أصالة جهادها من أجل إعلان الباكستان دولة إسلامية
حتى أرسل قصيدة للأستاذ المودودي قال فيها:
- إذ تجلّى في موكب المودودي
رائد الفكر بل مجـــــــــــــــــــــدده الباني
- صروح الإيمـــــــــــــان والتجديد
جلّ شأن الإسلام كم أشرق النو
- ر بقــــــــــــــرآنه الفـــــــــــــــريد المجيد
جلّ شأن الإسلام ما خاب حرٌّ
- يرتضيه وسيــــــــــــلة للصعود ِ
فارفعي يا كتائب النصر باسم الله
- صـــــــــوت التكبير والتحميد ِ
واجعلي من محمد قائداً أعلى
- ورمـــــــــــــــــــــــــزاً للنصر والتأييد ِ
وأشاد بالشيخ الداعية يوسف القرضاوي الذي نظم ذلك النشيد الذي يصدح به هؤلاء الشباب :
- شـــــــــــــعره مولد جيل الغلب
وغدا يعلن في ساح الوغى
- يا أخي في الهند أو في المغرب
نحن كالبنيان في وحدتنا
- رغم بعد الدار أو أصل الأب
لا تسل عن عنصري عن نسبي
- فهو أعلى من مدار الشهب
الذكرى المئوية لميلاد الإمام
وفي الذكرى المأوية لميلاد الإمام المجدد حسن البنا - رضوان الله عليه، كتب الشاعر اليمني (حسن بن يحيى الذاري) قصيدة
يقول في مطلعها:
حسن أحسنَ الإله اصطفاه
- قائداً رائداً فنال ارتقاءً
فاض منه العطا فأعطى ببذل
- للذي فضّله أفاض العطاء
صاغ منه القرآن أطهر روح
- نور اشراقها تساما بهاءً
كوَّن الجيل وفق منهج رب
- ومضى قائداً يبث النقاء
لقد اختار الله هذا الإمام، واصطفاه، وصنعه على عينه التي لا تنام، ورعاه بكنفه الذي لا يرام، ومنحه التفوق، وصاغه القرآن، وطهر روحه من الأدران، فكوّن جيلاً من الشباب المؤمن، الذين طهرت قلوبهم، وزكت نفوسهم، فكانوا رهباناً في الليل، فرساناً في النهار .
لقد جاءت دعوة البنا في عصر عجَّ بالذنوب والموبقات، وقامت فيه دول تعادي الإسلام ودعوته، وهدمت الخلافة وأصبحت رسماً بعد عين، وتولى شؤون البلاد الأقزام والعملاء
وصار الرويبضة يتكلم في شؤون عامة المسلمين :
- بشــــــــــــــرور تلطخ الأجــواءَ
فيه للكفر دولة ونفــــــــــــــــــــــــوذ
- كيد عدوانه طغى استعلاءَ
همه محو أمــــــــــــــــــة كوّن الله
- هــــــــــــداها فطـالت الأنحاءَ
هُدم الصرح للخلافة حتى
- شتت الشمل واحتسينا البلاءَ
وتولى شئوننا كل قزمٍ
- من قطيعٍ لا يعرف الأجراء
يقول الأستاذ حسن الذاري، وقد أنشأها بمناسبة الذكرى الرابعة لاستشهاد محمد محمود الزبيري، الذي كان شاعراً ، ومات شهيداً
وفيها يقول :
- حد أقام مــــــــن الفخار مثالا
وكم اعتلى قمم النجاح مجاهداً
- خاض الغمار وصارع الأهوالا
المجد أسمى مطلب لمناضل
- قهر الصعاب ومزّق الأغلالا
ومضى جريئاً نحو أكرم غاية
- تبني الحياة وتنشيء الأجيالا
يا للبطولة إذ يمثل ســــــــرها
- بطل نشـــــــيد بذكره إجلالا
ونفاخـــــــر الدنيا بأروع رائد
- نشــر البيان وأيقظ الأفكارا
وسرى بأرجاء البسيطة نظمه
- حتى هدمنا قبساً لنا ومنارا
وأنار من سحر البيان عقودنا
- حتى هدمنا السجن والأسوارا
وتمثلت أهدافنا في نظمـــــه
- صوراً لشعب أنجب الأحرارا
ورأى الزبيري الأمين عقيدة
- تبني الخلود وتدرأ الأخطارا
فهنا شعر إسلامي جيد في معانيه وألفاظه فقد أبانت هذه المقطوعة أن الزبيري خاض غمار الجهاد، وصارع الأهوال من أجل مطلب سام وغاية نبيلة، وهي بناء الحياة وتنشئة الأجيال على أسس إسلامية سليمة وكافية في بناء المجد ودرأ الأخطار التي تتعرض لها الشعوب من حين لآخر .
والمقطوعة قمة في أفكارها ومعانيها ولكنها بحاجة إلى صياغة فنية أحكم وأسلوب أدق – قوة في التعبير وجزالة في الألفاظ – يلائم الغرض منها . ويظهر أن الشاعر كان في بداية تجربته الشعرية ولهذا لم تسلم قصيدته من بعض الهنات الفنية، شأنه شأن كافة الشعراء المبتدئين .
قضية الجهاد الأفغاني
يقول في قصيدة بعنوان (صوت الشعب الأفغاني) ذلك الشعب الفقير الذي هزّ بجهاده عروش الطغاة:
- بثبات فوق التحدّي تجلّى
بجهاد معبّر ٍ عن خلودي
- فخلودي من السماكين أعلى
لا بأرضي ولا بتلوين جسمي
- بل بديني شأوتُ دائاً وأصلاً
فبه قوتي وفيه انطلاقي
- روع العــــــــــالمين قولاً وفعلاً
وكتب الشاعر الإسلامي حسن بن يحيى الذاري قصيدة أشاد بجهود التجمع اليمني للإصلاح، وتحدث عن أهدافه وآثاره الإصلاحية :
- لشعب يملي ما يشاء معبرا
من منبع الإيمان من روح الهدى
- صغنا التجمع للتآلف مظهرا
لم نتخذ فكراً عقيماً وافـــــــــــــــدا
- ســـــــرنا بعزم للصعاب مدمرا
سرنا وعين الله ترعى سيرنا
- وتبث فينـــــــــــا همــــــــــــــــــــــــــةً وتنورا
يؤكد الشاعر أن التجمع اليمني للإصلاح استقى فكره من التشريع الإسلامي ومن دين الأمة ولم يستورد الأفكار العقيمة من الشرق والغرب ...
- جهد التجمع قد نما متطورا
من فيض مختلف التجارب للحمى
- مــــــــن ما أفاد المصلحين تأثرا
بالله نؤمن لا نوحــــــــــــــــــــــــــــــد غيره
- سنظـــــــل بالتوحيد نحتل الذرا
لله نخلص لا نوالي غــــــــــــــــــــــــــــــــــــيره
- بالعون منه ننال نصراً مثمرا
بالحق نسطع لا نهاب تحدياً
- بصراحة الآراء نعلن للورى
أن دعاة للعــــــــــــــــــــــدالة والبناء
- نأبى امتهانا للحياة معكرا
وهدف الإصلاح هو العدالة الاجتماعية وترسيخ قيم التوحيد والوحدة والجهر بالحق والحرية في التعبير، ورفض جميع أشكال الذل والعبودية ...
- تجتاح آفات التسلط والمرى
ندعو إلى كشف الحقيقة فالهدى
- يأب التستر والخصام المزدرى
نور الحقيقة إن أطل شــــــــــــــــــــــــــــعاعه
- جعل المفاهيم السليمة مصدرا
لا شيء أخطر من نفاق إن سرى
- طمس المعالم واستباح تهورى
خلق الصراحة بالنصيحة ساطعاً
- فقل لنصيحة قانعاً متخيرا
فبها بناء الدين يبقى راسخاً
- لا يملك التصديع فيه من افترى
وبها الحياة يسود واقع حالها
- صفــــــــــــــــــو يبدد للعقول تحيرى
من وحي إيمان بأصدق دعوة
- سرنا نحث السير نجتاز السرى
من فيض ينبوع لأطهر دعوة
- عشنا نصحح للعقول تصورا
ويمجد الشاعر بطولات الشهيد محمد محمود الزبيري الذي يعد الرائد الأول للحركة الإسلامية في اليمن:
- بقوة ســــــــــــطعت أركان طغيان
إن الوفاء لهـــــــــــــــــــــــم يبغي تذكرهم
- طول المدى عبر أجيال وأزمان
والسيل نحو ارتقاء شعب سما وأبى
- تزحزحاً عن مدار شامخ الشان
ويبين الشاعر أن الوفاء للقادة والشهداء يكون بتذكرهم عبر العصور، ثم الاستفادة من أفكارهم وتطويرها من النهضة بالأمة .
طلائع الزحف
ومن شعر حسن بن يحيى الذاري، عضو رابطة الأدب الإسلامي في اليمن قوله عن حصار غزة:
- هبت بروح اعتزام زاخر المنن
لمحو شر حصار ضد إخوتنا
- في غزة بقدس قبلة الوطن
إني أرى عزة الإيمان ماثلة
- في قوة تتحدى غصب ممتهن
الله أكبر نور الفتح موتلقاً
- على محيا رجال الصد للمحن
ويؤكد أن دولة الظلم والقهر في إسرائيل سوف تزول مهما طال الزمن:
- مؤكداً وفــــــــــــــــــق تقدير لمؤتمن
آي الكتاب تدوي في مجابهة
- لمحو أشقى اغتصاب منتن عفن
هيهات نبقى غثاء والإله له
- حق انتقام تعالى هـــــــــــــادم الوثن
دور العمالة ولى وانتهت ظلم
- كانت تفـــــــــــــــــــــــــــوح بآثام لمحتضن
شعوب أمتنا هبي مصدعة
- أوضاع سوء ستهوي دون مؤتمن
القدس قبلتنا مهما أحاط بها
- إرهاب مغتصب في حقد مضطغن
جهادنا قوة كبرى قواعدها
- بذل النفوس بإقدام مدى الزمن
حي اليمانيين أبطالاً مآثرهم
- تميزت وفــــــــــــــــق تاريخ لذي يمن
هم طلائع فتح نور عزته
- يروى مدى الدهر يشفي النفس من إحن
ويؤكد الشاعر في ختام قصيدته أن القدس هي قبلة المسلمين الأولى مهما أحاط بها الإرهاب الصهيوني ، ويؤكد أن الجهاد هو القوة التي ترسي قيم الحرية والعدل والسلام ، ويثني على شعب اليمن الذي سيكون من طلائع الحق والدعوة والإسلام العظيم في العصر الحديث .
وفاته
بعد رحلة في العمل للإسلام وحماية الأوطان رحل الشاعر حسن بن يحيي على الذاري يوم الأحد الموافق 5 جمادى الأخر 1442هـ الموافق 20 ديسمبر 2020م حيث نعاه حزب التجمع اليمني للإصلاح، باعتباره أحد مؤسسيه المخلصين ومن الرعيل الأول للحركة الإسلامية باليمن عن عمر ناهز 89 عاما.
مصادر ترجمته
- من الشعر الإسلامي الحديث: 117.
- في رحاب الأقصى، العظم: 290 .
- الشعر اليمني المعاصر بين الأصالة والتجديد، أحمد قاسم علي المخلافي، مكتبة الجيل الجديد في صنعاء: ص 460 .
- من صرخات الإيمان : ص 69 .
- شعراء الدعوة الإسلامية في العصر الحديث ، أحمد الجدع ، وحسني جرار : ج6 .
ألبوم صور