الفرق بين المراجعتين لصفحة: «المرجعية الإسلامية للدولة بين الإخوان المسلمين والليبراليين»

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
سطر ٢٣٠: سطر ٢٣٠:


:'''وقد عبر أعلام [[الإخوان]] فى كتبهم عن ذلك ، يقول العلامة [[القرضاوى]]:''' " إنَّما الدولةُ [[الإسلام]]يَّة إذا نظرنَا إلى المضمونِ لا الشكل، وإلى  الـمُسمَّى لا الاسم " دولةٌ مدنيَّةٌ مرجعُهَا [[الإسلام]] "، وهي تقومُ على  أساسِ الاختيار والبيعة والشورى، ومسؤوليَّة الحاكم أمام الأمَّة،  وحقِّ كلِّ فردٍ في الرعيةِ أن ينصحَ لهذَا الحاكِم، يأمرُه بالمعروفِ،  وينهاهُ عن المنكر....والدولةُ  الإسلاميَّةُ دولةٌ مدنيَّةٌ تقومُ على المؤسسات،ِ والشورَى هي آليَّةُ  اتخاذِ القراراتِ في جميعِ مؤسساتِهَا".(8)
:'''وقد عبر أعلام [[الإخوان]] فى كتبهم عن ذلك ، يقول العلامة [[القرضاوى]]:''' " إنَّما الدولةُ [[الإسلام]]يَّة إذا نظرنَا إلى المضمونِ لا الشكل، وإلى  الـمُسمَّى لا الاسم " دولةٌ مدنيَّةٌ مرجعُهَا [[الإسلام]] "، وهي تقومُ على  أساسِ الاختيار والبيعة والشورى، ومسؤوليَّة الحاكم أمام الأمَّة،  وحقِّ كلِّ فردٍ في الرعيةِ أن ينصحَ لهذَا الحاكِم، يأمرُه بالمعروفِ،  وينهاهُ عن المنكر....والدولةُ  الإسلاميَّةُ دولةٌ مدنيَّةٌ تقومُ على المؤسسات،ِ والشورَى هي آليَّةُ  اتخاذِ القراراتِ في جميعِ مؤسساتِهَا".(8)


====ثانياً: تقوم على المواطنة====
====ثانياً: تقوم على المواطنة====


المواطنة مصطلح حديث، لم يظهر إلا فى الآونة الأخيرة، لذلك لا نجد له وجود إلا فى الكتابات الحديثة، لكن مدلوله العام كان موجودا على أرض الواقع فى الدولة الإسلامية، ودعا الإسلام التعايش مع الجميع تحت مظلة الإنسانية على أسس الحرية والعدالة والمساواة دون تمييز .  
:المواطنة مصطلح حديث، لم يظهر إلا فى الآونة الأخيرة، لذلك لا نجد له وجود إلا فى الكتابات الحديثة، لكن مدلوله العام كان موجودا على أرض الواقع فى الدولة الإسلامية، ودعا [[الإسلام]] التعايش مع الجميع تحت مظلة الإنسانية على أسس الحرية والعدالة والمساواة دون تمييز .  


ولعل من المبررات التى استدعت وجود المصطلح تبنى الغرب الأوربى إثارة النزعة الطائفية فى البلاد العربية،       " فمنذ القرن التاسع عشر أعلنت القوى الأوروبية الكبرى حمايتها للأقليات الدينية العربية غير المسلمة، فأدى ذلك إلى خلق شعور عام لدى المجتمع بأن هذه الأقليات تنتمي إلى مجتمعات الغرب العدو الذي يمارس سياسة الاستعمار والإذلال للعرب. "(9) الأمر الذى انعكس أثره كذلك على الأقليات فى تعبيرهم عن ممارسة التمييز ضدهم، وأنهم مضطهدون ويفتقدون أسس العدالة والمساواة والمواطنة.  
:ولعل من المبررات التى استدعت وجود المصطلح تبنى الغرب الأوربى إثارة النزعة الطائفية فى البلاد العربية، " فمنذ القرن التاسع عشر أعلنت القوى الأوروبية الكبرى حمايتها للأقليات الدينية العربية غير المسلمة، فأدى ذلك إلى خلق شعور عام لدى المجتمع بأن هذه الأقليات تنتمي إلى مجتمعات الغرب العدو الذي يمارس سياسة الاستعمار والإذلال للعرب. "الأمر الذى انعكس أثره كذلك على الأقليات فى تعبيرهم عن ممارسة التمييز ضدهم، وأنهم مضطهدون ويفتقدون أسس العدالة والمساواة والمواطنة. (9)


وفى العقود الأخيرة فرضت الكنيسة على المسيحيين طوقا من العزلة، وعدم الانصهار فى المجتمع، وأصبح المسيحيون فى كثير من المواقف يستنجدون بأمريكا وأوربا كوسيلة ضغط على الحكومة المصرية التى تضطر فى النهاية للاستجابة لطلباتهم، مما أدى إلى الاحتقان بين المسلمين والمسيحيين والتعبير عنه فى صور عنف متبادل وفتنة طائفية تحدث من حين لآخر .
:وفى العقود الأخيرة فرضت الكنيسة على المسيحيين طوقا من العزلة، وعدم الانصهار فى المجتمع، وأصبح المسيحيون فى كثير من المواقف يستنجدون بأمريكا وأوربا كوسيلة ضغط على الحكومة المصرية التى تضطر فى النهاية للاستجابة لطلباتهم، مما أدى إلى الاحتقان بين المسلمين والمسيحيين والتعبير عنه فى صور عنف متبادل وفتنة طائفية تحدث من حين لآخر .


ويرتبط مفهوم المواطنة كما تبلور في الفكر السياسي الحديث بالدولة القومية من جهة وبالديمقراطية من جهة ثانية.والعلاقة بين فكرة المواطنة والعلمانية أو المواطنة والدولة القومية. فلقد عرف العالم ومنه أوروبا دولا قومية علمانية لا تعترف لكل مواطنيها بحق المساواة بل قد تقترف في حقهم اضطهادا يبلغ حد الإبادة، كما فعلت النازية والفاشية، ولم يكتسب السود في الولايات المتحدة، مع أنها دولة قومية علمانية، حقوق المواطنة ولو من الناحية النظرية إلا في ستينيات القرن الماضي، ولا يزال المسلمون يتعرضون وكذلك أعراق وديانات أخرى لضروب بشعة من التمييز والقمع في دول قومية علمانية عديدة. بما يؤكد أن هذا الربط لا يحمل أي دلالة عابرة للتاريخ، ومقابل ذلك قامت في الغرب والشرق حكومات ديمقراطية على أساس المواطنة دون أن تكون علمانية بل تتبنى دينا رسميا مثل المملكة المتحدة البريطانية حيث تجتمع في رئاسة الدولة السلطتان الدينية والسياسية، وكذا حكومات غربية وشرقية أخرى .(10)
:ويرتبط مفهوم المواطنة كما تبلور في الفكر السياسي الحديث بالدولة القومية من جهة وبالديمقراطية من جهة ثانية.والعلاقة بين فكرة المواطنة والعلمانية أو المواطنة والدولة القومية. فلقد عرف العالم ومنه أوروبا دولا قومية علمانية لا تعترف لكل مواطنيها بحق المساواة بل قد تقترف في حقهم اضطهادا يبلغ حد الإبادة، كما فعلت النازية والفاشية، ولم يكتسب السود في الولايات المتحدة، مع أنها دولة قومية علمانية، حقوق المواطنة ولو من الناحية النظرية إلا في ستينيات القرن الماضي، ولا يزال المسلمون يتعرضون وكذلك أعراق وديانات أخرى لضروب بشعة من التمييز والقمع في دول قومية علمانية عديدة. بما يؤكد أن هذا الربط لا يحمل أي دلالة عابرة للتاريخ، ومقابل ذلك قامت في الغرب والشرق حكومات ديمقراطية على أساس المواطنة دون أن تكون علمانية بل تتبنى دينا رسميا مثل المملكة المتحدة البريطانية حيث تجتمع في رئاسة الدولة السلطتان الدينية والسياسية، وكذا حكومات غربية وشرقية أخرى .(10)


1ـ المواطنة فى الإسلام.
'''1ـ المواطنة فى [[الإسلام]]:'''


" لقد بلغت الآفاق الإسلامية –في حقوق المواطنة- آفاقا لم تعرفها ديانة من الديانات ولا حضارة من الحضارات قبل الإسلام، ودولته التي قامت –بالمدينة المنورة- على عهد رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم قبل أربعة عشر قرنا.
:" لقد بلغت الآفاق الإسلامية –في حقوق المواطنة- آفاقا لم تعرفها ديانة من الديانات ولا حضارة من الحضارات قبل الإسلام، ودولته التي قامت –بالمدينة المنورة- على عهد رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم قبل أربعة عشر قرنا.


وكما مثل دستور هذه الدولة –الصحيفة .. والكتاب- أول نص دستوري يقيم حقوق المواطنة وواجباتها بين الرعية المتعددة دينيًا – المؤمنون واليهود- فلقد مثل العهد الدستوري الذي كتبه رسول الله صلَّى الله عليه وآله وهو رئيس الدولة للنصارى –عهده لنصارى نجران- مثل التجسيد والتقنين لكامل حقوق المواطنة وواجباتها.
:وكما مثل دستور هذه الدولة –الصحيفة .. والكتاب- أول نص دستوري يقيم حقوق المواطنة وواجباتها بين الرعية المتعددة دينيًا – المؤمنون واليهود- فلقد مثل العهد الدستوري الذي كتبه رسول الله صلَّى الله عليه وآله وهو رئيس الدولة للنصارى –عهده لنصارى نجران- مثل التجسيد والتقنين لكامل حقوق المواطنة وواجباتها.


ففي الأمور المالية قرر هذا العهد كامل العدل مع غير المسلمين من رعية الدولة الإسلامية، وجاء فيه –عن الخراج والضرائب-:  
:'''ففي الأمور المالية قرر هذا العهد كامل العدل مع غير المسلمين من رعية الدولة الإسلامية، وجاء فيه –عن الخراج والضرائب-:'''


"لا يجار عليهم، ولا يحملون إلا قدر طاقتهم وقوتهم على عمل الأرض وعمارتها وإقبال ثمرتها، ولا يكلفون شططا، ولا يتجاوز بهم أصحاب الخراج من نظرائهم”.
:"لا يجار عليهم، ولا يحملون إلا قدر طاقتهم وقوتهم على عمل الأرض وعمارتها وإقبال ثمرتها، ولا يكلفون شططا، ولا يتجاوز بهم أصحاب الخراج من نظرائهم”.


وفيما يتعلق بدور عبادتهم، لم يكتف الإسلام بإباحة إقامة هذه الدور من الكنائس والبيع وإنما أعلن التزام الدولة الإسلامية بإعانتهم على إقامتها…فجاء في هذا العهد الدستوري الذي كتب له رسول الله صلى الله عليه وسلم "..ولهم إن احتاجوا إلى حرمة بيعهم وصوامعهم أو شيء من مصالح أمورهم ودينهم، إلى رفد ـ (أي دعم وإعانة) ـ من المسلمين وتقوية لهم على مرمتها، أن يرفدوا على ذلك ويعاونوا، ولا يكون دينا عليهم، بل تقوية لهم على مصلحة دينهم، ووفاء بعهد رسول الله لهم، ومنة لله ورسوله عليهم”!..
:وفيما يتعلق بدور عبادتهم، لم يكتف الإسلام بإباحة إقامة هذه الدور من الكنائس والبيع وإنما أعلن التزام الدولة الإسلامية بإعانتهم على إقامتها…فجاء في هذا العهد الدستوري الذي كتب له رسول الله صلى الله عليه وسلم "..ولهم إن احتاجوا إلى حرمة بيعهم وصوامعهم أو شيء من مصالح أمورهم ودينهم، إلى رفد ـ (أي دعم وإعانة) ـ من المسلمين وتقوية لهم على مرمتها، أن يرفدوا على ذلك ويعاونوا، ولا يكون دينا عليهم، بل تقوية لهم على مصلحة دينهم، ووفاء بعهد رسول الله لهم، ومنة لله ورسوله عليهم”!..


وفي حرية الاعتقاد، جعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم فريضة إسلامية مقدسة، وليست مجرد حق من حقوق الإنسان، يمنحها حاكم ويمنعها آخرون.. فجاء في هذا العهد الدستوري: “.. ولا يجبر أحد ممن كان على ملة النصرانية كرها على الإسلام “ولا تُجَادِلُوا أَهْلَ الكِتَابِ إلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إلاَّ الَذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إلَيْنَا وأُنزِلَ إلَيْكُمْ وإلَهُنَا وإلَهُكُمْ واحِدٌ ونَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ” (العنكبوت: 46).. ويخفض لهم جناح الرحمة، ويكف عنهم أذى المكروه حيث كانوا، وأين كانوا من البلاء”..
:وفي حرية الاعتقاد، جعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم فريضة إسلامية مقدسة، وليست مجرد حق من حقوق الإنسان، يمنحها حاكم ويمنعها آخرون.. فجاء في هذا العهد الدستوري: “.. ولا يجبر أحد ممن كان على ملة النصرانية كرها على الإسلام '''"ولا تُجَادِلُوا أَهْلَ الكِتَابِ إلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إلاَّ الَذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إلَيْنَا وأُنزِلَ إلَيْكُمْ وإلَهُنَا وإلَهُكُمْ واحِدٌ ونَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ"''' (العنكبوت: 46).. ويخفض لهم جناح الرحمة، ويكف عنهم أذى المكروه حيث كانوا، وأين كانوا من البلاء”..


ومع تقرير كل هذه الحقوق، حقوق المواطنة، لغير المسلمين، من قبل الشريعة الإسلامية، وليس باستبعادها وعلى أنقاضها لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين، وعلى المسلمين ما عليهم، حتى يكونوا للمسلمين شركاء فيما لهم وفيما عليهم وحماية الأنفس والدماء والأموال والأعراض وأماكن العبادة والحريات ".. مع تقرير هذه الحقوق، قررت الشريعة الإسلامية واجبات المواطنة، فنصت على أن يكون الولاء والانتماء للوطن، وليس للأعداء الذين يتربصون بهذا الوطن ويكيدون لأهله..فجاء في العهد النبوي للنصارى: ".. واشترط عليهم أمورًا يجب عليهم في دينهم التمسك والوفاء بما عاهدهم عليه، منها: ألا يكون أحد منهم عينا (جاسوسا )لأحد من أهل الحرب على أحد من المسلمين في سره وعلانيته، ولا يأوي منازلهم عدو المسلمين، ولا يساعدوا أحدًا من أهل الحرب على المسلمين بسلاح ولا خيل ولا رجال ولا غيرهم، ولا يصانعوهم.. وأن يكتموا على المسلمين، ولا يظهروا العدو على عوراتهم.."
:ومع تقرير كل هذه الحقوق، حقوق المواطنة، لغير المسلمين، من قبل الشريعة الإسلامية، وليس باستبعادها وعلى أنقاضها لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين، وعلى المسلمين ما عليهم، حتى يكونوا للمسلمين شركاء فيما لهم وفيما عليهم وحماية الأنفس والدماء والأموال والأعراض وأماكن العبادة والحريات ".. مع تقرير هذه الحقوق، قررت الشريعة الإسلامية واجبات المواطنة، فنصت على أن يكون الولاء والانتماء للوطن، وليس للأعداء الذين يتربصون بهذا الوطن ويكيدون لأهله..فجاء في العهد النبوي للنصارى: ".. واشترط عليهم أمورًا يجب عليهم في دينهم التمسك والوفاء بما عاهدهم عليه، منها: ألا يكون أحد منهم عينا (جاسوسا )لأحد من أهل الحرب على أحد من المسلمين في سره وعلانيته، ولا يأوي منازلهم عدو المسلمين، ولا يساعدوا أحدًا من أهل الحرب على المسلمين بسلاح ولا خيل ولا رجال ولا غيرهم، ولا يصانعوهم.. وأن يكتموا على المسلمين، ولا يظهروا العدو على عوراتهم.."


هكذا قررت الشريعة الإسلامية - وليست العلمانية- كامل حقوق المواطنة وواجباتها منذ اللحظة الأولى لقيام دولة الإسلام، الأمر الذي جعل الدولة الإسلامية قائمة على التعددية الدينية طوال تاريخ الإسلام ." (11)  
:هكذا قررت الشريعة الإسلامية - وليست العلمانية- كامل حقوق المواطنة وواجباتها منذ اللحظة الأولى لقيام دولة الإسلام، الأمر الذي جعل الدولة الإسلامية قائمة على التعددية الدينية طوال تاريخ [[الإسلام]] ." (11)  


وقد عاش اليهود والمسيحيون مع المسلمين فى ظل الدولة الإسلامية وتبوءوا مناصب عالية فى الدولة الإسلامية، بل الوثنيين ومن ليس لهم دين سماوى مثل أسرة الصابئة (عبده الكواكب ) فى العصر العباسى، ونالوا منزلة رفيعة عند الخلفاء العباسين، وأمرهم مشهور فى التاريخ الإسلامى .
:وقد عاش اليهود والمسيحيون مع المسلمين فى ظل الدولة الإسلامية وتبوءوا مناصب عالية فى الدولة الإسلامية، بل الوثنيين ومن ليس لهم دين سماوى مثل أسرة الصابئة (عبدة الكواكب) فى العصر العباسى، ونالوا منزلة رفيعة عند الخلفاء العباسين، وأمرهم مشهور فى التاريخ الإسلامى .


حقيقة إننا لو ذهبنا نضرب الأمثلة على تعايش المجتمع الإسلامى ونظام الدولة الإسلامية مع غير المسلمين مهما كانت انتماءاتهم العقائدية لطالت بنا الصفحات، ولقد رصدها المفكر الإسلامى راشد الغنوشى فى كتبه،ومنها: (حقوق المواطنة فى الدولة  الإسلامية )، و(الحريات العامة فى الدولة الإسلامية )،و(حق الاختلاف وواجب وحدة الصف)، و(مقاربات في العلمانية والمجتمع المدني)، و( الحركة الإسلامية ومسألة التغيير).
:حقيقة إننا لو ذهبنا نضرب الأمثلة على تعايش المجتمع الإسلامى ونظام الدولة الإسلامية مع غير المسلمين مهما كانت انتماءاتهم العقائدية لطالت بنا الصفحات، ولقد رصدها المفكر الإسلامى [[راشد الغنوشي]] فى كتبه،ومنها: (حقوق المواطنة فى الدولة  الإسلامية)، و(الحريات العامة فى الدولة الإسلامية)،و(حق الاختلاف وواجب وحدة الصف)، و(مقاربات في العلمانية والمجتمع المدني)، و(الحركة الإسلامية ومسألة التغيير).


و" التعددية تكون حسنة إذا ما كانت إيجابية، وهي لا تكون كذلك إلا إذا كانت ضمن إطار ثقافي جامع؛ أي ضمن هوية جامعة. فتعددية الهويات المختلفة المتناقضة: هي مشكلة يجب أن تعالج وليست واقعاً يحافظ عليه، أو يتباهى به، كما يفعل كثير من الناس... وذلك لأنه لا يسهل مع مثل هذه التعددية تحقيق استقرار سياسي، ولا يسهل معها من ثَمَّ تطور اقتصادي، أو علمي أو تقني. هذا هو المتوقع عقلاً، وهو الذي تدل عليه تجارب الأمم قديمها وحديثها."( )، وقد عاش الجميع فى ظل الدولة الإسلامية التى مرجعها الإسلام يتمتعون بكامل حقوق المواطن، ويقومون بواجبهم تجاه وطنهم، وينعمون بالعدل والمساواة، وما يشذ عن ذلك، فإنما هو انحراف عن القاعدة العامة، ولا يمثل الإسلام.  
:و" التعددية تكون حسنة إذا ما كانت إيجابية، وهي لا تكون كذلك إلا إذا كانت ضمن إطار ثقافي جامع؛ أي ضمن هوية جامعة. فتعددية الهويات المختلفة المتناقضة: هي مشكلة يجب أن تعالج وليست واقعاً يحافظ عليه، أو يتباهى به، كما يفعل كثير من الناس... وذلك لأنه لا يسهل مع مثل هذه التعددية تحقيق استقرار سياسي، ولا يسهل معها من ثَمَّ تطور اقتصادي، أو علمي أو تقني. هذا هو المتوقع عقلاً، وهو الذي تدل عليه تجارب الأمم قديمها وحديثها."، وقد عاش الجميع فى ظل الدولة الإسلامية التى مرجعها الإسلام يتمتعون بكامل حقوق المواطن، ويقومون بواجبهم تجاه وطنهم، وينعمون بالعدل والمساواة، وما يشذ عن ذلك، فإنما هو انحراف عن القاعدة العامة، ولا يمثل الإسلام.  


وإذا كان الواقع الإسلامى كذلك فمن الغريب أن نسمع ونقرأ كثيرا بعد ثورة 25 يناير فى مصر عن شبهات كثيرة يثيرها الليبراليون عن موقف المرجعية الإسلامية من المواطنة، ويتساءلون عنها كأنها شىء غريب لا وجود لها على أرض الواقع، وهم بذلك يشعلون فتنة وتخويف المسيحيين من الإسلام كأنهم لم يعيشوا فى ظله يوما من الأيام، ولم يتعاملوا مع مسلمين قط .
:وإذا كان الواقع الإسلامى كذلك فمن الغريب أن نسمع ونقرأ كثيرا بعد [[ثورة 25 يناير]] فى [[مصر]] عن شبهات كثيرة يثيرها الليبراليون عن موقف المرجعية الإسلامية من المواطنة، ويتساءلون عنها كأنها شىء غريب لا وجود لها على أرض الواقع، وهم بذلك يشعلون فتنة وتخويف المسيحيين من [[الإسلام]] كأنهم لم يعيشوا فى ظله يوما من الأيام، ولم يتعاملوا مع مسلمين قط .


2- الإخوان ينادون بالمواطنة منذ نشأتهم:
'''2- [[الإخوان]] ينادون بالمواطنة منذ نشأتهم:'''


وإذا كان الإخوان المسلمون ينادون بمرجعية إسلامية للدولة، فالسؤال المطروح، ما وضع المسيحيين فى ظل المرجعية الإسلامية للدولة فى رؤية الإخوان المسلمين ؟ . إن رؤية الإخوان المسلمين للمسيحيين أنهم شركاء المسلمين فى الوطن ( لهم ما لنا وعليهم ما علينا) ".(13) وهذا الموقف ينبع أساساً من عقيدتهم الإسلامية ويمثل ثابتاً من الثوابت عندهم، ويتخذ المظهر الواضح والتطبيق العملي عبر تاريخها الطويل وحاضرها الحالي .
:وإذا كان [[الإخوان المسلمون]] ينادون بمرجعية إسلامية للدولة، فالسؤال المطروح، ما وضع المسيحيين فى ظل المرجعية الإسلامية للدولة فى رؤية الإخوان المسلمين ؟ . إن رؤية الإخوان المسلمين للمسيحيين أنهم شركاء المسلمين فى الوطن ( لهم ما لنا وعليهم ما علينا) ".(13)  


أـ المواطنة فى فكر الأستاذ حسن البنا:
:وهذا الموقف ينبع أساساً من عقيدتهم الإسلامية ويمثل ثابتاً من الثوابت عندهم، ويتخذ المظهر الواضح والتطبيق العملي عبر تاريخها الطويل وحاضرها الحالي .


إن المرجعية الإسلامية التى يستقى منها الإخوان منهجهم فى تعاملاتهم تدعو إلى المساواة والعدالة والحرية لجميع البشر دون تفرقة على أساس اللون أوالدين أو الجنس،والإسلام قدم رسخ فى عقيدة المسلم مفهوم المواطنة بالمصطلح الحديث، وأساسها الحريو والعدالة والمساواة فى الحقوق والواجبات .
'''أـ المواطنة فى فكر الأستاذ [[حسن البنا]]:'''


وإذا كان هذا هو منهج الإسلام، فإنه كذلك منهج الإخوان المسلمين،وقد وضّح مؤسس الإخوان الأستاذ البنا كل جوانب هذه العلاقة، فهى منهج ثابت ينطلق من الإسلام .
:إن المرجعية الإسلامية التى يستقى منها الإخوان منهجهم فى تعاملاتهم تدعو إلى المساواة والعدالة والحرية لجميع البشر دون تفرقة على أساس اللون أوالدين أو الجنس،والإسلام قدم رسخ فى عقيدة المسلم مفهوم المواطنة بالمصطلح الحديث، وأساسها الحريو والعدالة والمساواة فى الحقوق والواجبات .


يقول الإمام البنا فى ذلك:".. يظن الناس أن التمسك بالإسلام وجعله أساساً لنظام الحياة ينافى وجود أقليات غير مسلمة فى الأمة المسلمة وينافى الوحدة بين عناصر الأمة،وهى دعامة قوية من دعائم النهوض فى هذا العصر ...وقد اشتمل النص الصريح الذى لا يحتمل لبس فى حماية الأقليات، وهل يريد أصرح من هذا النص :" لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ  إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ "(سورة الممتحنة : 8 ـ 9) 
:وإذا كان هذا هو منهج [[الإسلام]]، فإنه كذلك منهج [[الإخوان المسلمين]]،وقد وضّح مؤسس الإخوان الأستاذ [[البنا]] كل جوانب هذه العلاقة، فهى منهج ثابت ينطلق من [[الإسلام]] .


فهذا النص لم يشمل على الحماية فقط بل أوصى بالبر والإحسان إليهم، وإن الإسلام الذى قدس الوحدة الإنسانية العامة فى قوله تعالى :" يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّـهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ " ( الحجرات:13) .
:'''يقول الإمام [[البنا]] فى ذلك:''' ".. يظن الناس أن التمسك بالإسلام وجعله أساساً لنظام الحياة ينافى وجود أقليات غير مسلمة فى الأمة المسلمة وينافى الوحدة بين عناصر الأمة،وهى دعامة قوية من دعائم النهوض فى هذا العصر ...وقد اشتمل النص الصريح الذى لا يحتمل لبس فى حماية الأقليات، وهل يريد أصرح من هذا النص : '''"لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ  إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ "'''(سورة الممتحنة : 8-9)


ثم قدّس الوحدة الدينية العامة كذلك، فقضى على التعصب وفرض على أبنائه الإيمان بالرسالات السماوية جميعاً.... ثم قدّس بعد ذلك الوحدة الدينية الخاصة فى غير صلف ولا عدوان فقال تبارك وتعالى:( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الحجرات:10)  هذا الإسلام الذى بُنى على هذا المزاج المعتدل والإنصاف البالغ لا يمكن أن يكون أتباعه سبباً فى تمزيق وحدة متصلة، بل بالعكس إنه أكسب هذه الوحدة صفة القداسة الدينية بعد أن كانت تستمد قوتها من نص مدني فقط "( 14)
:فهذا النص لم يشمل على الحماية فقط بل أوصى بالبر والإحسان إليهم، وإن [[الإسلام]] الذى قدس الوحدة الإنسانية العامة فى قوله تعالى : '''"يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّـهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ "''' (الحجرات:13) .


ويقول أيضا فى رسالة (إلى الشباب عامة وإلى الطلبة خاصة ) : " ويخطئ من يظن أن الإخوان المسلمين دعاة تفريق عنصري بين طبقات الأمة، فنحن نعلم أن الإسلام عنى أدق العناية باحترام الرابطة الإنسانية العامة بين بنى الإنسان .. كما أنه جاء لخير الناس جميعاً ورحمة من الله للعالمين، ودين هذه مهمته أبعد الأديان عن تفريق القلوب وإيغار الصدور.. وقد حرم الإسلام الاعتداء حتى فى حالات الغضب والخصومة فقال تعالى: ".. وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّـهَ ۚ إِنَّ اللَّـهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ"( المائدة:8)، وأوصى بالبر والإحسان بين المواطنين وإن اختلفت عقائدهم وأديانهم... وفى إنصاف الذميين وحسن معاملتهم فلهم ما لنا وعلهم ما علينا : نعلم كل هذا فلا ندعو إلى تفرقة عنصرية ولا عصبية طائفية، ومع هذا لا نشترى هذه الوحدة بإيماننا ولا نساوم فى سبيلها على عقيدتنا ولا نهدر من أجلها مصالح    المسلمين، دائما نشتريها بالحق والإنصاف والعدالة، وكفى، فمن حاول غير ذلك أوقفناه عند حده، وأبنا له خطأ ما ذهب إليه ." (15)  
:ثم قدّس الوحدة الدينية العامة كذلك، فقضى على التعصب وفرض على أبنائه الإيمان بالرسالات السماوية جميعاً.... ثم قدّس بعد ذلك الوحدة الدينية الخاصة فى غير صلف ولا عدوان فقال تبارك وتعالى: '''(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)''' (الحجرات:10) هذا [[الإسلام]] الذى بُنى على هذا المزاج المعتدل والإنصاف البالغ لا يمكن أن يكون أتباعه سبباً فى تمزيق وحدة متصلة، بل بالعكس إنه أكسب هذه الوحدة صفة القداسة الدينية بعد أن كانت تستمد قوتها من نص مدني فقط "( 14)


وفى موضع آخريقول الأستاذ البنا " تقرير وحدة الدين : وقرر الإسلام وحدة الدين فى أصوله العامة، وأن شريعة الله للناس تقوم على قواعد ثابتة من الإيمان بالله والعمل الصالح والإخاء، وأن الأنبياء جميعا مبلغون عن الله تبارك وتعالى، وأن الكتب السماوية جميعا من وحيه، وأن المؤمنين جميعا ـ فى أية  أمة كانوا هم عباده الصادقون الفائزون فى الدنيا والآخرة، وأن الفرقة فى الدين والخصومة باسمة إثم يتنافى مع أصوله وقواعده وأن واجب البشرية جميعا أن تتدين وأن تتوحد بالدين، وأن ذلك هو الدين القيم وفطرة الله التى فطر الناس عليها .....وسلك الإسلام إلى هذه الوحدة مسلكا عجيبا، فالمسلم يجب عليه أن يؤمن بكل نبي سبق،ويصدق بكل كتاب نزل ،ويحترم كل شريعة مضت، ويثنى بالخير على كل أمة من المؤمنين خلت ...ثم يقفى على ذلك بأن هذه هي سبيل الوحدة، و أهل الأديان جميعا  الأخرى إذا آمنوا كهذا الإيمان فقد اهتدوا إليها،وإن لم يؤمنوا به فإنهم فى شقاق وخلاف ....ويدعم هذه الوحدة بين المتدينين والمؤمنين تجريد الدين من أغراض البشر وأهوائهم، والارتفاع بنسبته إلى الله وحده، إن القرآن يثنى على الأنبياء جميعا فموسى عليه السلام  نبي كريم ، وعيسى عليه السلام "رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه "(النساء :171)، وأمه صديقه أكرمتها الملائكة، والتوراة كتاب كريم، والإنجيل كذلك كتاب كريم فيه هدى ونور وموعظة .وهما والقرآن معهما مصابيح الهداية  .
:'''ويقول أيضا فى ([[رسالة إلى الشباب|رسالة إلى الشباب عامة وإلى الطلبة خاصة]]):''' " ويخطئ من يظن أن الإخوان المسلمين دعاة تفريق عنصري بين طبقات الأمة، فنحن نعلم أن الإسلام عنى أدق العناية باحترام الرابطة الإنسانية العامة بين بنى الإنسان .. كما أنه جاء لخير الناس جميعاً ورحمة من الله للعالمين، ودين هذه مهمته أبعد الأديان عن تفريق القلوب وإيغار الصدور.. وقد حرم [[الإسلام]] الاعتداء حتى فى حالات الغضب والخصومة فقال تعالى: '''"وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّـهَ ۚ إِنَّ اللَّـهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ"''' (المائدة:8)، وأوصى بالبر والإحسان بين المواطنين وإن اختلفت عقائدهم وأديانهم... وفى إنصاف الذميين وحسن معاملتهم فلهم ما لنا وعلهم ما علينا : نعلم كل هذا فلا ندعو إلى تفرقة عنصرية ولا عصبية طائفية، ومع هذا لا نشترى هذه الوحدة بإيماننا ولا نساوم فى سبيلها على عقيدتنا ولا نهدر من أجلها مصالح    المسلمين، دائما نشتريها بالحق والإنصاف والعدالة، وكفى، فمن حاول غير ذلك أوقفناه عند حده، وأبنا له خطأ ما ذهب إليه ." (15)  


والتعامل بين المسلمين وبين غيرهم من أهل العقائد والأديان يقوم على أساس إنما يقوم على أساس المصلحة الاجتماعية والخير الإنساني .وبذلك قضى الإسلام على كل مواد الفرقة والخلاف والحقد والبغضاء والخصومة بين المؤمنين من أى دين كانوا . " ( 16)
:'''وفى موضع آخريقول الأستاذ [[البنا]] " تقرير وحدة الدين:''' وقرر [[الإسلام]] وحدة الدين فى أصوله العامة، وأن شريعة الله للناس تقوم على قواعد ثابتة من الإيمان بالله والعمل الصالح والإخاء، وأن الأنبياء جميعا مبلغون عن الله تبارك وتعالى، وأن الكتب السماوية جميعا من وحيه، وأن المؤمنين جميعا ـ فى أية  أمة كانوا هم عباده الصادقون الفائزون فى الدنيا والآخرة، وأن الفرقة فى الدين والخصومة باسمة إثم يتنافى مع أصوله وقواعده وأن واجب البشرية جميعا أن تتدين وأن تتوحد بالدين، وأن ذلك هو الدين القيم وفطرة الله التى فطر الناس عليها .....وسلك [[الإسلام]] إلى هذه الوحدة مسلكا عجيبا، فالمسلم يجب عليه أن يؤمن بكل نبي سبق،ويصدق بكل كتاب نزل ،ويحترم كل شريعة مضت، ويثنى بالخير على كل أمة من المؤمنين خلت ...ثم يقفى على ذلك بأن هذه هي سبيل الوحدة، و أهل الأديان جميعا  الأخرى إذا آمنوا كهذا الإيمان فقد اهتدوا إليها،وإن لم يؤمنوا به فإنهم فى شقاق وخلاف ....ويدعم هذه الوحدة بين المتدينين والمؤمنين تجريد الدين من أغراض البشر وأهوائهم، والارتفاع بنسبته إلى الله وحده، إن القرآن يثنى على الأنبياء جميعا فموسى عليه السلام  نبي كريم ، وعيسى عليه السلام '''"رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه "'''(النساء :171)، وأمه صديقه أكرمتها الملائكة، والتوراة كتاب كريم، والإنجيل كذلك كتاب كريم فيه هدى ونور وموعظة .وهما والقرآن معهما مصابيح الهداية  .


أما على الصعيد العملى، فقد تواصل الأستاذ حسن البنا " مع رؤساء الكنيسة، فكان يكاتبهم، ويتلقى ردود تلك المكاتبات.. وكان يستعين بالخبراء والمتخصصين من الإخوة الأقباط للدعم الفني في أقسام الجماعة المختلفة.. وفي عهده دافع الإخوان دفاعًا مستميتًا عن المسيحيين في بيت لحم التي كانت تسكنها أغلبية مسيحية، ولم يفرقوا بينهم وبين المسلمين، وقد سقط حول أسوار المدينة عددٌ هائلٌ من الإخوان.  
:والتعامل بين المسلمين وبين غيرهم من أهل العقائد والأديان يقوم على أساس إنما يقوم على أساس المصلحة الاجتماعية والخير الإنساني .وبذلك قضى الإسلام على كل مواد الفرقة والخلاف والحقد والبغضاء والخصومة بين المؤمنين من أى دين كانوا . " ( 16)


عندما ذهب مرشد الجماعة الأول حسن البنا لمدينة طنطا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية لعقد المؤتمر الوطني الكبير اصطحب معه أحد المتخصصين الأقباط ليتحدث في قضية قناة السويس واسمه ناصف ميخائيل، وكتب إلى البطريرك يوساب الثاني الذي تولى كرسي البطريركية بعد الأنبا يؤانس، ودعا الأقباط للمشاركة في نصرة فلسطين باعتبارها قضية المسلمين والمسيحيين، واشترك رجال دين أقباط في المظاهرة التي نظمها الإخوان المسلمون عام 1947، وتطوع أحد الأقباط في كتيبة الإخوان في حرب فلسطين، ودافع الإخوان عن المسيحيين في بيت لحم ولم يفرقوا بينهم وبين المسلمين.  
:أما على الصعيد العملى، فقد تواصل الأستاذ حسن البنا " مع رؤساء الكنيسة، فكان يكاتبهم، ويتلقى ردود تلك المكاتبات.. وكان يستعين بالخبراء والمتخصصين من الإخوة الأقباط للدعم الفني في أقسام الجماعة المختلفة.. وفي عهده دافع [[الإخوان]] دفاعًا مستميتًا عن المسيحيين في بيت لحم التي كانت تسكنها أغلبية مسيحية، ولم يفرقوا بينهم وبين المسلمين، وقد سقط حول أسوار المدينة عددٌ هائلٌ من [[الإخوان]].  


وكان لويس فانوس أحد زعماء الأقباط من الحريصين على حضور درس الثلاثاء للبنا، وشارك ثلاثة من الأقباط في اللجنة السياسية المركزية للإخوان التابعة لمكتب الإرشاد، وهم وهيب دوس المحامي ولويس فانوس عضو مجلس النواب وكريم ثابت الصحفي.  
:عندما ذهب مرشد الجماعة الأول [[حسن البنا]] لمدينة طنطا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية لعقد المؤتمر الوطني الكبير اصطحب معه أحد المتخصصين الأقباط ليتحدث في قضية قناة السويس واسمه ناصف ميخائيل، وكتب إلى البطريرك يوساب الثاني الذي تولى كرسي البطريركية بعد الأنبا يؤانس، ودعا الأقباط للمشاركة في نصرة [[فلسطين]] باعتبارها قضية المسلمين والمسيحيين، واشترك رجال دين أقباط في المظاهرة التي نظمها [[الإخوان المسلمون]] عام [[1947]]، وتطوع أحد الأقباط في كتيبة [[الإخوان]] في حرب [[فلسطين]]، ودافع [[الإخوان]] عن المسيحيين في بيت لحم ولم يفرقوا بينهم وبين المسلمين.  


ورد توفيق غالي على مقالات سلامة موسي الذي اتهم فيها الإخوان بإثارة الفتنة، وشارك مكرم عبيد في جنازة حسن البنا وذهب لمنزل والده للعزاء، وكان وكيله في لجنة الطور التابعة لدائرة الإسماعيلية حين رشح نفسه في الانتخابات النيابية عام 1944 في وزارة أحمد ماهر باشا يونانيا مسيحيا متمصرا يدعي الخواجه باولو خريستو.  
:وكان لويس فانوس أحد زعماء الأقباط من الحريصين على حضور درس الثلاثاء [[البنا|للبنا]]، وشارك ثلاثة من الأقباط في اللجنة السياسية المركزية [[للإخوان]] التابعة ل[[مكتب الإرشاد]]، وهم [[وهيب دوس]] المحامي و[[لويس فانوس]] عضو مجلس النواب و[[كريم ثابت]] الصحفي.  


أما المرشد الثاني للجماعة الهضيبي فقد أحبط محاولة الوقيعة بين الإخوان والأقباط حينما أوحى الإنجليز لأحد عملائهم بحرق كنيسة في السويس وأشاعوا أن الإخوان هم من فعلوها فقام بزيارة البطريرك الذي نفى التهمة عن الإخوان وأهدى المرشد مسبحة من الكهرمان، وبدد مخاوف الأقباط من تحكيم الشريعة بقوله "لكم وما تدينون في الأحوال الشخصية، أما أحكام المعاملات فليس للمسيحية فيها نصوص ولذا فالأخذ بما تراه الأغلبية واجب".  
:ورد توفيق غالي على مقالات سلامة موسي الذي اتهم فيها [[الإخوان]] بإثارة الفتنة، وشارك مكرم عبيد في جنازة [[حسن البنا]] وذهب لمنزل والده للعزاء، وكان وكيله في لجنة الطور التابعة لدائرة [[الإسماعيلية]] حين رشح نفسه في الانتخابات النيابية عام [[1944]] في وزارة أحمد ماهر باشا يونانيا مسيحيا متمصرا يدعي الخواجه باولو خريستو.  


المرشد الثالث عمر التلمساني قال لم نشهد ما يسمى فتنة طائفية في مصر إلا في السنين الأخيرة.. الفتنة الطائفية شعار تسرب لمصر لزعزعة الأمن فيها، واستعانت الحكومة به في تهدئة أحداث الفتنة الطائفية بالزاوية الحمراء عام 1981. (  17)
:أما المرشد الثاني للجماعة [[حسن الهضيبي]] فقد أحبط محاولة الوقيعة بين [[الإخوان]] والأقباط حينما أوحى الإنجليز لأحد عملائهم بحرق كنيسة في السويس وأشاعوا أن [[الإخوان]] هم من فعلوها فقام بزيارة البطريرك الذي نفى التهمة عن الإخوان وأهدى المرشد مسبحة من الكهرمان، وبدد مخاوف الأقباط من تحكيم الشريعة بقوله "لكم وما تدينون في الأحوال الشخصية، أما أحكام المعاملات فليس للمسيحية فيها نصوص ولذا فالأخذ بما تراه الأغلبية واجب".  


ب ـ المواطنة فى برنامج حزب الحرية والعدالة:
:المرشد الثالث [[عمر التلمساني]] قال لم نشهد ما يسمى فتنة طائفية في [[مصر]] إلا في السنين الأخيرة.. الفتنة الطائفية شعار تسرب لمصر لزعزعة الأمن فيها، واستعانت الحكومة به في تهدئة أحداث الفتنة الطائفية بالزاوية الحمراء عام [[1981]]. (17)


ويشير الأستاذ مصطفى مشهور مرشد الجماعة الأسبق فى رسالة الرؤية الواضحة الموجهة للإخوان المسلمين، إلى أن هذه الوحدة الوطنية تشملها وتؤصلها الهوية الإسلامية، فيقول: " .. اندمجت مصر بكليتها فى الإسلام : عقيدته ولغته وحضارته، ودافعت عنه وذادت عن حياضه، وردت عنه عادية المعتدين، وجاهدت فى سبيله ما وسعها الجهاد بمالها ودم أبنائها .. هذه الهوية الإسلامية لا تقف عند حدود المتدينين بالإسلام فى العالم الإسلامى، وإنما تشمل كذلك الأقليات غير المسلمة التى انصهرت قومياً وحضارياً ووطنياً مع الأغلبيات المسلمة، فإذا كانت الهوية الإسلامية تمثل بالنسبة للمسلم : عقيدة وشريعة وقيماً وحضارة وقومية ووطنية وثقافة وتاريخاً وتراثاً فى الفكر وفى القانون بنفس القدر الذى تمثله بالنسبة للمواطنين غير المسلمين فى هذه الجوانب سواء بسواء " .( 18)
'''ب ـ المواطنة فى برنامج حزب الحرية والعدالة:'''


ويتضح ذلك الموقف فى برنامج حزب الإخوان المسلمين (الحرية والعدالة )، ومما جاء فيه : "ومن ثم فإن حزب الحرية والعدالة يتخذ من الشريعة الإسلامية التى يؤمن بها أغلبية شعبنا المصري مرجعيته ودليله. وهذه الشريعة بطبيعتها تؤكد على جملة مبادئ أولها قضية الوحدة الوطنية، فما دامت الشريعة تقر حرية الاعتقاد وحرية العبادة وحق غير المسلمين فى التحاكم إلى شريعتهم فى أمورهم الخاصة وتساوى بين الناس فى الحقوق والواجبات فهي تؤكد حقيقة الوحدة الوطنية .....وفى ضوء هذه الرؤية فإن حزبنا هذا (حزب الحرية والعدالة) حزب مفتوح لجميع المواطنين المصريين على اختلاف عقائدهم وأجناسهم وأعمارهم وأعمالهم.."(19)
:ويشير الأستاذ مصطفى مشهور مرشد الجماعة الأسبق فى رسالة الرؤية الواضحة الموجهة للإخوان المسلمين، إلى أن هذه الوحدة الوطنية تشملها وتؤصلها الهوية الإسلامية، فيقول: " .. اندمجت [[مصر]] بكليتها فى [[الإسلام]] : عقيدته ولغته وحضارته، ودافعت عنه وذادت عن حياضه، وردت عنه عادية المعتدين، وجاهدت فى سبيله ما وسعها الجهاد بمالها ودم أبنائها .. هذه الهوية [[الإسلام]]ية لا تقف عند حدود المتدينين ب[[الإسلام]] فى العالم الإسلامى، وإنما تشمل كذلك الأقليات غير المسلمة التى انصهرت قومياً وحضارياً ووطنياً مع الأغلبيات المسلمة، فإذا كانت الهوية الإسلامية تمثل بالنسبة للمسلم : عقيدة وشريعة وقيماً وحضارة وقومية ووطنية وثقافة وتاريخاً وتراثاً فى الفكر وفى القانون بنفس القدر الذى تمثله بالنسبة للمواطنين غير المسلمين فى هذه الجوانب سواء بسواء " .( 18)


ومن خصائص الدولة عند الإخوان أنها "دولة تقوم على مبدأ المواطنة، مصر دولة لكل المواطنين الذين يتمتعون بجنسيتها وجميع المواطنين يتمتعون بحقوق وواجبات متساوية، يكفلها القانون وفق مبدأي المساواة وتكافؤ الفرص.
:ويتضح ذلك الموقف فى برنامج حزب [[الإخوان المسلمين]] ([[برنامج حزب الحرية والعدالة|الحرية والعدالة]])، ومما جاء فيه : "ومن ثم فإن [[برنامج حزب الحرية والعدالة|حزب الحرية والعدالة]] يتخذ من الشريعة [[الإسلام]]ية التى يؤمن بها أغلبية شعبنا المصري مرجعيته ودليله. وهذه الشريعة بطبيعتها تؤكد على جملة مبادئ أولها قضية الوحدة الوطنية، فما دامت الشريعة تقر حرية الاعتقاد وحرية العبادة وحق غير المسلمين فى التحاكم إلى شريعتهم فى أمورهم الخاصة وتساوى بين الناس فى الحقوق والواجبات فهي تؤكد حقيقة الوحدة الوطنية .....وفى ضوء هذه الرؤية فإن حزبنا هذا ([[برنامج حزب الحرية والعدالة|حزب الحرية والعدالة]]) حزب مفتوح لجميع المواطنين المصريين على اختلاف عقائدهم وأجناسهم وأعمارهم وأعمالهم.."(19)


ويجب أن تعزز النصوص القانونية معاملة كل المواطنين على قدم المساواة دون تمييز، وعلى الدولة والمجتمع العمل على ضمان قيام الأوضاع الاجتماعية اللازمة لتحقيق ذلك، وأن يُمكَّن الأفراد من المشاركة بفاعلية فى اتخاذ القرارات التى تؤثر فى حياتهم، وخاصة فى القرارات السياسية. "( 20)
:ومن خصائص الدولة عند [[الإخوان]] أنها "دولة تقوم على مبدأ المواطنة، [[مصر]] دولة لكل المواطنين الذين يتمتعون بجنسيتها وجميع المواطنين يتمتعون بحقوق وواجبات متساوية، يكفلها القانون وفق مبدأي المساواة وتكافؤ الفرص.


وفى موضع آخر : " مع الأخذ فى الاعتبار أن غير المسلمين من حقهم التحاكم إلى شرائعهم فى مجال الأسرة والأحوال الشخصية .كما أن هذه الدولة مسئولة عن حماية حرية الاعتقاد والعبادة ودور العبادة لغير المسلمين بنفس القدر الذى تحمى به الإسلام وشئونه ومساجده ." (21)  
:ويجب أن تعزز النصوص القانونية معاملة كل المواطنين على قدم المساواة دون تمييز، وعلى الدولة والمجتمع العمل على ضمان قيام الأوضاع الاجتماعية اللازمة لتحقيق ذلك، وأن يُمكَّن الأفراد من المشاركة بفاعلية فى اتخاذ القرارات التى تؤثر فى حياتهم، وخاصة فى القرارات السياسية. "(20)


وجاء فى الفصل الثاني من برنامج حزب الحرية والعدالة :"  المبادئ السياسية الأساسية . 2- المساواة وتكافؤ الفرص . يعد مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص ضرورياً لتحقيق العدالة وتعميق الانتماء للوطن ويتحقق ذلك عن طريق:
:'''وفى موضع آخر:''' " مع الأخذ فى الاعتبار أن غير المسلمين من حقهم التحاكم إلى شرائعهم فى مجال الأسرة والأحوال الشخصية .كما أن هذه الدولة مسئولة عن حماية حرية الاعتقاد والعبادة ودور العبادة لغير المسلمين بنفس القدر الذى تحمى به [[الإسلام]] وشئونه ومساجده ." (21)


عدم التمييز بين المواطنين فى الحقوق والواجبات على أساس الدين أو الجنس أو اللون بإتاحة الفرص أمامهم فى التعبير عن الرأى، والترشح، وتولى الوظائف والتنقل، والانضمام للتنظيمات السياسية، والتعليم والعمل، فى ظل الحفاظ على القيم الأساسية للمجتمع ." (22)   
:'''وجاء فى الفصل الثاني من [[برنامج حزب الحرية والعدالة]] :''' "من المبادئ السياسية الأساسية: المساواة وتكافؤ الفرص: يعد مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص ضرورياً لتحقيق العدالة وتعميق الانتماء للوطن ويتحقق ذلك عن طريق عدم التمييز بين المواطنين فى الحقوق والواجبات على أساس الدين أو الجنس أو اللون بإتاحة الفرص أمامهم فى التعبير عن الرأى، والترشح، وتولى الوظائف والتنقل، والانضمام للتنظيمات السياسية، والتعليم والعمل، فى ظل الحفاظ على القيم الأساسية للمجتمع ." (22)   


والإخوان يعتبرون أن تقوية الروابط بين أبناء الوطن وتحقيق مبدأ المواطنة، إنما هو تقوية للروابط الداخلية ضد الاعتداءات الخارجية، فإن  " العمل علي تقوية الجبهة الداخلية وضمان ثباتها وترابطها بما يؤهلها للصمود أمام التهديدات الداخلية والخارجية وذلك بإرساء مبدأ المواطنة ." (23)
:و[[الإخوان]] يعتبرون أن تقوية الروابط بين أبناء الوطن وتحقيق مبدأ المواطنة، إنما هو تقوية للروابط الداخلية ضد الاعتداءات الخارجية، فإن  " العمل علي تقوية الجبهة الداخلية وضمان ثباتها وترابطها بما يؤهلها للصمود أمام التهديدات الداخلية والخارجية وذلك بإرساء مبدأ المواطنة ." (23)
   
   
وخلاصة القول:
'''وخلاصة القول:'''
   
   
كما مثلت العلمانية بكل ألوانها مدخل شعوب الغرب إلى الحداثة وثمارها العلمية والسياسية كالمواطنة والديمقراطية، فإن سبيل المسلمين إلى ذلك هو الإسلام وليس غيره بسبب جمعه في منظومة واحدة متماسكة بين ضمير الإنسان ونظامه الاجتماعي، بين المادي والروحي والدنيوي والأخروي، وبسبب عمق قيمه في الوجدان والثقافة، وهو ما يفسر أن تهميشه من قبل النخب العلمانية التي حكمت المنطقة كان العامل الرئيسي في فشل التجارب التنموية على كل صعيد، علمي تقني أو سياسي أو اقتصادي، ومنها الفشل في حل القضية الفلسطينية، وكيف ترتجى تنمية على أي صعيد مع استبعاد الروح الجامع والوقود المحرك للجماهير؟(24)  
:كما مثلت العلمانية بكل ألوانها مدخل شعوب الغرب إلى الحداثة وثمارها العلمية والسياسية كالمواطنة والديمقراطية، فإن سبيل المسلمين إلى ذلك هو [[الإسلام]] وليس غيره بسبب جمعه في منظومة واحدة متماسكة بين ضمير الإنسان ونظامه الاجتماعي، بين المادي والروحي والدنيوي والأخروي، وبسبب عمق قيمه في الوجدان والثقافة، وهو ما يفسر أن تهميشه من قبل النخب العلمانية التي حكمت المنطقة كان العامل الرئيسي في فشل التجارب التنموية على كل صعيد، علمي تقني أو سياسي أو اقتصادي، ومنها الفشل في حل القضية الفلسطينية، وكيف ترتجى تنمية على أي صعيد مع استبعاد الروح الجامع والوقود المحرك للجماهير؟(24)  
 
" وإن مبدأ المواطنة يجد  دعامته المستقاة من أحكام الشرع الإسلامي بموجب المادة ‏2‏ هذه‏، وهو يستبعد أي زعم بأن مبدأ المساواة بين المواطنين متعارض مع الشرع الإسلامي، وأنه مبدأ لا يمليه إلا الفكر الوضعي المنفصل عن الدين‏، ومن ثم فهو يقيم بناء المواطنة بعيدًا عن التوترات العقيدية‏.‏


ونحن نريد أن يتداخل بعضنا في بعض، لا أن ينفصل بعضنا عن بعض، ومما يهيئ لهذا التداخل أن تتداخل المفاهيم الطيبة بعضها في بعض، مثل: الدين والمواطنة، لا أن تتصارع ويقف بعضها دون بعض‏.‏
:" وإن مبدأ المواطنة يجد  دعامته المستقاة من أحكام الشرع الإسلامي بموجب المادة ‏2‏ هذه‏، وهو يستبعد أي زعم بأن مبدأ المساواة بين المواطنين متعارض مع الشرع الإسلامي، وأنه مبدأ لا يمليه إلا الفكر الوضعي المنفصل عن الدين‏، ومن ثم فهو يقيم بناء المواطنة بعيدًا عن التوترات العقيدية‏.‏


ومن جهة أخرى، فإن فكرة المساواة بين المسلمين وغيرهم من أهل الكتاب في بلادنا كانت متحققة في غالب الفقه الإسلامي بالنسبة للحقوق الخاصة والفردية، بموجب أن لهم ما للمسلمين، وعليهم ما عليهم" (25)
:ونحن نريد أن يتداخل بعضنا في بعض، لا أن ينفصل بعضنا عن بعض، ومما يهيئ لهذا التداخل أن تتداخل المفاهيم الطيبة بعضها في بعض، مثل: الدين والمواطنة، لا أن تتصارع ويقف بعضها دون بعض‏.‏


:ومن جهة أخرى، فإن فكرة المساواة بين المسلمين وغيرهم من أهل الكتاب في بلادنا كانت متحققة في غالب الفقه الإسلامي بالنسبة للحقوق الخاصة والفردية، بموجب أن لهم ما للمسلمين، وعليهم ما عليهم" (25)


====ثالثاً:  دستورية====
====ثالثاً:  دستورية====

مراجعة ٢١:٢٤، ٦ ديسمبر ٢٠١١

المرجعية الإسلامية للدولة بين الإخوان المسلمين والليبراليي .. دراسة مقارنة

موقع إخوان ويكي (ويكيبيديا الإخوان المسلمين)


الفصل الأول: المرجعية الإسلامية للدولة عند الإخوان المسلمين

مقدمة

Ikhwan-logo1.jpg

قال تعالى : "لَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ "(النور: 46-52)

حقيقة لقد ظهرت مصطلحات سياسية كثيرة لم تكن موجودة فى العصور الإسلامية بالرغم من الوجود الفعلي للمدلول، فلم يكن معروفا فى تلك العصور كلمات : السياسة ، و المدنية ، مرجعية الدولة ، و الدستور والقانون، والديمقراطية لم تكن موجودا من قبل لكن معناه كان موجودا بالفعل .

ونجد من يقول: عندما يقال : قال الله وقال الرسول، فماذا نقول نحن ؟؟ إذن لا مجال للرأي والاجتهاد بعد قول الله و قول الرسول . فهم يظنون ـ جهلا ـ أن الحاكم فى الإسلام أشبه بالمفتى الذى يبين الحكم الشرعي فى القضايا المطروحة ، وبالفعل فهي كلمة حق يراد بها باطل.

والجهل بالنظام السياسي الإسلامى وراء افتراءات كثيرة يسطرها الليبراليون والعلمانيون والشيوعيون واليساريون ويرددونها حتى يظن كثيرون منهم أن المرجعية الإسلامية للدولة تصادر الحريات ، وتفرض إرادتها قسرا ولا مجال فيها للعقل والفكر؛ لأن الحكم فيها مقدس منزل من عند الله لا رأى للإنسان فيه ، وعلى الإنسان أن يستقبل أحكامه بالرضا والقبول دون مناقشة أو إبداء رأى أو اعتراض ، ومن يخرج عليه يحكم عليه بالكفر ، وإن آثر الشعب الصمت، فإنه يستبدل استبدادا باستبداد آخر من نوع جديد فى صورة الحكم الدينى .

إن من يدرس النظام السياسي فى الإسلام يجد فصلا تاما بين العالم الفقيه الذى يستنبط الأحكام الشرعية وبين الحاكم أو رئيس الدولة فى ظل المرجعية الإسلامية ، فالفقيه يصل إلى مكانته الفقهية باجتهاده فى العلوم الشرعية واللغوية ومرجعيته القرآن والسنة ، أما الحاكم أو الرئيس فإنه يصل إلى منصبه باختيار الشعب الذى يستمد منه الحاكم أو الرئيس شرعيته ، ولا يشترط فيه ما يشترط فى الفقيه من الناحية العلمية ، ويكون اختيار الشعب نابعا من إرادته الشخصية وثقته فيمن يختار.

يقول الدكتور يوسف القرضاوى: والحاكمُ في الإسلام واحدٌ مِنَ الناسِ ليس بمعصوم ولا مُقدَّس. يجتهدُ لمصلحة الأمَّةِ ؛ فيصيبُ ويخطئ. وهو يستمدُّ سلطتَه وبقاءَهُ في الحكمِ من الأرض لا مِن السماءِ، ومِن الناسِ لا مِن الله، فإذَا سحب الناسُ ثقتَهُم منه، وسخطتْ أغلبيتُهُمْ عليهِ لظلمِهِ وانحرافه ؛ وَجَبَ عزلُهُ بالطرقِ الشرعيَّةِ، ما لم يؤدِّ ذلك إلى فتنةٍ وفسادٍ أكبرَ، و إلا ارتكبُوا أخفَّ الضررين، والحاكمُ في الإسلام ليس وكيلُ الله ، بل هو وكيلُ الأمة، أو أجيرُهَا، وكَّلَته إدارةُ شؤونِهَا، أو استأجرته لذلكَ.. والدولةُ الإسلاميَّةُ لا يقوم عليها رجالُ الدينِ بالمعنَى الكهنوتيِّ المعروفِ في أديانٍ عدَّةٍ ؛ فهذا المعنَى غيرُ معروفٍ فِي الإسلام، إنما يوجد علماءُ دين مِن بابِ الدراسة والتخصص، وهذَا بابٌ مفتوحٌ لكلِّ من أرادَهُ وقدر عليه ..(1)

ومرجعية الحاكم الدستور والقانون المستمد من القرآن والسنة. وبالتالي فإن أحكام القرآن والسنة مواد حاكمة للدستور، ورئيس الدولة لا يبفرد بقرارات تمس الدولة دون مراجعة السلطة التشريعية ممثلة فى نواب الشعب، ومن هنا فإن رئيس الدولة ينطلق فى حكمه من خلال مؤسسة تشريعية منتخبة من الشعب لا مؤسسة دينية، ورئيس الدولة يطبق فى سياسته الأسس العامة للحكم فى الإسلام ، ومنها : الشورى والحرية والعدل والمساواة ، والعمل على رفعة الوطن والارتقاء به . وهذه المبادىء ، وهى أصيله فى النظام السياسي الإسلامى وتنص عليها دساتير العالم ، ثم نجد من يطالب بها كأن لا وجود لها فى الإسلام .

والإسلام لم يمنح أي حاكم سلطة دينية علي أحد من الناس ، فهو ليس معصوما ، ولا مهبطا للوحي , ولا مستأثرا بتفسير القرآن,وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يوحى إليه وعمله من مصادر التشريع ، ومع ذلك كان المسلمون يراجعونه فى قرارته وينزل على رأيهم . و ليس فى الدولة الإسلامية سلطة دينية تفرض وصاية على رئيس الدولة ولا المؤسسات التشريعية ، لأن من واجبات رئيس الدولة والسلطة التشريعية الحفاظ على قواعد الإسلام ومبادئه . وفى ذلك يقول الأستاذ البنا عن مسئولية الحاكم:

" فالحاكم مسئول بين يدي الله وبين الناس ، وهو أجير لهم وعامل لديهم ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) ، وأبو بكر رضي الله عنه يقول : عندما ولى الأمر وصعد المنبر: (أيها الناس ، كنت أحترف لعيالي فأكتسب قوتهم ، فأنا الآن أحترف لكم ، فافرضوا لي من بيت مالكم) . وهو بهذا قد فسر نظرية العقد الاجتماعي أفضل وأعدل تفسير ، بل هو وضع أساسه , فما هو إلا تعاقد بين الأمة والحاكم على رعاية المصالح العامة , فإذا أحسن فله أجره , وإن أساء فعليه عقابه "...(2)

ورئيس الدولة بينه وبين الشعب عقد اجتماعي عندما تقدم ببرنامجه وعرضه على الشعب ليختاره رئيسا ثم أساء واستبد بالأمور ، فالساكت على الفساد والظلم مشارك فيه ، ومن حق الشعب الذى اختاره أن يعزله .

ومن هنا فالإسلام وضع القواعد الكلية التى يجب على البشر الالتزام بها ، وترك التفصيلات ، وترك للمجتمع الاجتهاد فى تحقيقها بالصورة التى تناسبه . وما يحدث ممن محاولة إقصاء الإسلام من الحياة ، هو فى الحقيقة جهل بالإسلام ومبادئه السياسية .


تمهيد

1- المرجعية الإسلامية للدولة تُسْتِمد من الثقافة السائدة فى المجتمع

الثقافة السائدة فى المجتمع تعنى الفكر السائد الذى يعتقد به المجتمع وتتشكل ثقافته منه ، فإذا نظرنا إلى الأمور التى استقر عليها المجتمع فى مصر والبلاد العربية نجدها مستمده من الثقافة الإسلامية ، فمرجع ثقافة المجتمع إنما هو الإسلام ،فمن يشرب الخمر ينظر إليه المجتمع على أنه خروج على ثقافة المجتمع الذى لا يبيح شرب الخمر ، والشخص نفسه لايدعى أنها مباحا له ، كذلك فإن المجتمع لا يمكن أن يقبل الزنى على أنه حرية شخصية ، ومن هنا تشكلت ثقافة المجتمع المستمدة من الإسلام ، فلابد لأى دستور أن ينبع من ثقافة المجتمع لا يتصادم معه ،والثقافة السائدة فى المجتمعات العربية مرجعها الإسلام ، فليس غريبا أن نقول بأن المرجعية الثقافية الإسلامية للمجتمع ضرورة لحفظ كيان الدولة .
إن أى دولة فى العالم لها مرجعية تنبع من ثقافتها أيّا كانت هذه المرجعية ، فهى توافق لما يسود المجتمع من فكر، والمرجعية هى تشكل ثقافى يجتمع عليه الناس، والجماعة من الناس تحتاج إلى تنظيم، والتنظيم يقرر ضوابط للحركة والتزامات متبادلة، والمرجعية دائما تعكس الثقافة السائدة فى المجتمع بين الجماعة البشرية، والمعول عليه فى تكشف المرجعية السائدة بين الناس فى الجماعة المعنية.. ولا توجد دولة ولا نظام ولا فرد ولا جماعة إلا لها مرجعية ما، فى تعاملاتها ونظمها وعلاقاتها، فمثلا صدر فى فرنسا قانون يفرض منع الحجاب على المرأة فى ظهورها العام، وكان ذلك طبعا يستند إلى مرجعية سائدة فى المجتمع الفرنسى، وقد واجهها البعض بأن الأصل هو الحرية، وهى مواجهة جدلية بين أصلين مرجعيين انتهت بتوافق بينهما على نحو ما. والمهم أنه يمكن القول إنه لا يوجد إدراك بشرى بغير أن يكون له أساس مرجعى ثقافى. المرجعية إذن هى مفهوم فكرى ثقافى يتعلق بالأصول الفكرية المرجوع إليها ،وهى على سبيل البيان:
  • أولا: الأصول الفكرية والثقافة العامة التى تؤمن بها الجماعة، التى تشكل قوة التماسك الأساسية لها بوصفها البشرى.
  • ثانيا: الأصول الفكرية والثقافية العامة التى تصدر عنها مبادئ المشروعية فى المجتمع، سواء بالنسبة للأوامر والنواهى التى يلتزمون بها فى علاقاتهم مع بعضهم البعض، أو بالنسبة لأحكام التعامل التى يتداولونها ويتبادلونها بينهم.
  • ثالثا: الأصول الفكرية والثقافية العامة التى تتشكل منها هياكل النظم السياسية والاجتماعية المشخصة للجماعة والمنظمة لها بوصفها الاجتماعى والسياسى، سواء الجماعة السياسية العامة أو الجماعات الفرعية التى يتكون منها المجتمع من أسر وعشائر وقبائل وطوائف وحرف ومهن، وهى المنظمة لأنماط العلاقات الاجتماعية السائدة فى كل من ذلك...(3)
وإصلاح البنية الاجتماعية للأمة يتطلب إدراك الأمة لهويتها وقيمها المرجعية، إذن تتمثل بداية الإصلاح في بناء قدرات الأمة. وهنا يأتي دور الحركة الإصلاحية، بوصفها المحرك الأساسي لعملية الإصلاح. وما دامت الحركة الإصلاحية الإسلامية، تحوز على تأييد واسع بين الناس، وتحوز أفكارها على تأييد أوسع وأشمل، فهذا يعني أنها تحمل بالفعل المشروع الذي سيحقق توافق الأمة. وفي كل الأحوال، فإن على الحركة الإصلاحية العمل بين الناس حتى يتبلور إجماع الأمة، وهي في هذا تتفاعل مع جماهير الأمة، وتطور مسارها لتقوم بدورها الطليعي. ...(4)
ومعنى أن يكون دين الدولة الرسمي الإسلام أن تكون مرجعيتها الفكرية إسلامية، وأن تكون هذه المرجعية الإسلامية إنما تترجح من داخلها الآراء والاجتهادات لما أورده الدستور من مبادئ أخرى تتعلق بالمساواة والحقوق والحريات، وذلك كله في إطار ما تسعه المرجعية الشرعية وما تتقبله بأي من وجوه الاجتهاد الفقهي المعتبر مما يلائم أوضاع الزمان والمكان وتغير المصالح العامة للأمة‏.‏..(5)
وما يثار حول أن الإسلام دين الدولة يتنافى مع وجود مسيحيين ، فإن الدكتور نبيل لوقا بباوى يوضح خطأ ذلك التصور بقوله: " المقصود بأن الإسلام دين الدولة هو أن الغالبية العظمي من سكان مصر يدينون بالإسلام وهذه حقيقة وواقع لأن القول بأن الإسلام دين الدولة هي وصف مجازي لأن الدولة فكرة قانونية ، وهي فكرة الشخص الاعتباري والفكرة القانونية أو الشخص الاعتباري لا دين له ، فالدولة كشخص اعتباري لا تتوجه للصلاة أو أن الدولة تصوم‏,‏ فالدولة لا دين بها بصفتها شخصا اعتباريا أو فكرة قانونية لأن الدين فقط للشخص الطبيعي أو الإنساني‏,‏ فالمقصود بأن دين الدولة الإسلام‏,‏ المقصود بذلك أن غالبية المصريين يدينون بالإسلام مثلما نقول إن إنجلترا أو فرنسا أو إيطاليا دولة مسيحية أي أن الغالبية بها مسيحيون رغم وجود أقليات دينية أخري وعلي ذلك لا يوجد أي ضرر للأقباط من القول بأن الإسلام دين الدولة المصرية‏...(6)
وبعد ثورة 25 يناير اجتمع الليبراليون والعلمانيون واليسارون والشيوعيون على رفض المرجعية الإسلامية للدولة تحت ادعاءات أن الفكر المرجعى المستند إلى الإسلام ينكر شئون المصالح الدنيوية، وهو اتهام لا يقوم فى أساسه ولا لدى الغالبية الغالبة من مفكرى هذا المجال،و أن المرجعية الدينية لدى المؤمنين بها ليس فيها الفصل بين صلاح الدنيا والدعوة له وبين العبادة، وأن الإيمان أبدا مقترن بعمل الصالحات.
وأن منا من يستند فى مرجعيته عن حقوق الإنسان إلى نص البيان العالمى الصادر من الأمم المتحدة بأن جميع الناس يولدون أحرارا متساوين فى الكرامة والحقوق، فلماذا لا يقبل مواطن له يقول ذات المعنى مستندا إلى نص عبارة عمر بن الخطاب ؟ ولماذا تقوم الفرقة بين الاثنين ؟ وكذلك بالنسبة للقول عن حرية الفكر والاعتقاد وأنه لا إكراه فى الدين ، وبالنسبة للوفاء بالعهود.
إن " المرجعية " بوصفها مفهوما ثقافيا تفرض نفسها شئنا أم أبينا على جميع المؤسسات والسلطات وقيم السلوك ونظم المعاملات، وهى لا نختارها من مرجعيات عديدة معروضة علينا، وإنما هى ما يتعلق بالشأن الثقافى الحاصل وبالواقع الفكرى السائد لدى الجمهرة الغالبة من المواطنين فى كل عصر ومصر، هى ما يؤمن به الشعب فى عمومه ويتخلل العقول والأذهان فى الحياة البشرية الوطنية، وهى ما يحفظ قوة التماسك لهذه الجماعة المعنية...(7)

‏:ومن هنا فإن من يعرف مفهوم المرجعية الإسلامية يدرك أنها أمان للمجتمع وحفظ حقوقه مسلمين ومسيحيين ،ولا يوجد ضرر علي الأقباط من ذلك لأن الضرر يقع علي الأقباط لو كان النص الدستوري يقول إن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الوحيد للتشريع ولكن النص الدستوري لم يقل المصدر الوحيد بل قال المصدر الرئيسي أي أنه يوجد بجوار المصدر الرئيسي مصادر أخري‏,‏ خاصة بالمسيحيين مثل الإنجيل أو الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد وكتب الرسل وقرارات المجامع الكنسية‏. والمقصود من ذلك وجود مصادر أخري مسيحية كثيرة بجوار الشريعة الإسلامية تحكم مسائل الأقباط‏,‏ خصوصا الأحوال الشخصية لأن الإنجيل .

ولم تعن المسيحية بتنظيم واجبات الإنسان نحو غيره ولم تعن الشريعة المسيحية بالمعاملات أو العقود أو غيرها من المسائل التنظيمية بين الناس وكل ما ورد في الإنجيل في إنجيل متى الإصحاح الخامس آية ‏22‏ وإنجيل لوقا الإصحاح السادس عشر في مسائل الأحوال الشخصية لغير المسلمين وهذا المبدأ هو‏(‏ أتركهم لما يدينون‏)‏ أي في مسائل الأحوال الشخصية للمسيحي أتركهم للإنجيل ومسائل الأحوال الشخصية لليهود أتركهم للتوراة ومعني ذلك أن مسائل الأحوال الشخصية يجب تطبيق الإنجيل فيها بالنسبة للأقباط وهذا ما تقرره الشريعة الإسلامية أما غيرها من المسائل المالية أو العقود أو المعاملات المدنية فليس منصوصا عليها في الإنجيل وعلي ذلك في المسائل المالية والمدنية لا يوجد أي ضرر أن يكون هناك قانون واحد يطبق علي جميع المسلمين والمسيحيين في الدولة الواحدة لأنه ليس من المعقول في المسائل المالية والمدنية أن يصدر قانون شيك يطبق علي الأقباط وقانون شيك يطبق علي المسلمين أو قانون إيجارات للمسلمين وقانون إيجارات للمسيحيين‏,‏ ففي المسائل المدنية والمالية يخضع جميع المواطنين لقانون واحد لأن القاعدة في المسيحية التي أقرها السيد المسيح في الإنجيل هي‏(‏ اعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله‏)‏ أي أطيعوا الحاكم في المسائل الدنيوية وأطيعوا الله في المسائل العقائدية‏.‏..(8)
ويوجه المستشار طارق البشرى نداء لمعارضى المادة الثانية من الدستور بقوله : " لذلك أرجو من الحريصين على تأكيد مبدأ المساواة أن ندعمه بكل الإمكانات الفكرية، وأن نقيمه لدى المؤمنين بالإسلام على أسس تصدر من مرجعيتهم،‏ وأن المساواة تؤدي إلى الاندماج، أما من كان يقصد من تعديل هذه المادة إضعاف إسلامية الدولة، فإن نص المادة الثانية المذكورة هو كاشف عن واقع استتباب الإسلام لدى المسلمين في مصر وليس منشئا له طبعا‏.‏ ولن يغير التعديل واقعا، ولكن يثير حفيظة ويعمق جرحا، ويقيم تناقضا على المدى الطويل، تناقضا ليس بين المواطنين المسلمين والمسيحيين، ولكنه تناقض بين مبدأ المرجعية الإسلامية ومبدأ اللادينية السياسية‏.‏..(9)

2- عدم تخلى الإخوان عن الناحية الإيمانية والتربوية

قد يظن كثيرون أن العمل السياسي للإخوان المسلمين سيؤثر على الجانب الإيماني والتربوي عندهم ، وبالتالي بعد فترة من السياسة يخفت الجانب الإيماني والتربوي شيئا فشيئا حتى يصبح الإخوان جماعة سياسية ، ويحدث انفصال بين الجانب السياسي والإيماني ، والإخوان فى برنامج حزب الحرية والعدالة يؤكدون على عدم تخليهم عن الجانب الإيماني والتربوي ، ففي برنامج الحزب " ولذلك فالجانب الأول فى برنامج حزبنا يعتمد على تزكية النفوس وتطهير القلوب وترقية المشاعر وتهذيب الطباع بالدعوة إلى الالتزام بالعبادة ومكارم الأخلاق وحسن المعاشرة والمعاملة والتذكير بالله واليوم الآخر حتى تستيقظ الضمائر وتتكون المراقبة الذاتية، وتستقر قيم الخير فى النفوس وتنفر من الشر ودواعيه، إضافة لتكوين المناخ الصالح الذى يحض على الاستقامة والصلاح، وتقديم القدوة الحسنة، وتوظيف المدرسة والبيت والمسجد والكنيسة وأجهزة الإعلام فى ذلك.
وهذا المنهج ليس خاصاً بالمسلمين دون غيرهم ، ولكنه منهج تعتمده الأديان وبخاصة المسيحية التى تعنى بالأخلاق والمعاملة اعتناءً فائقاً .والقلة التى لا يصلحها هذا المنهاج تتصدى لها التشريعات وأجهزة الرقابة والعقوبات "إن الله ليزغ بالسلطان ما لا يزغ بالقرآن " ...(10)
لقد ظهر فى مصر بعد ثورة 25 يناير اتجاهات تهاجم إسلامية الدولة وتدعى أن أي دعوة إلى مرجعية إسلامية للدولة ، إنما هي دعوة إلى دولة دينية تمارس الديكتاتورية والاستبداد ، ولا حكم ولا رأى للإنسان فيها ، والحاكم فيها يحكم بالحق الإلهي كما كان فى الحكم الديني المسيحي فى أوربا ، ولو انصفوا لقالوا لا نريد حكما إسلاميا ، وهذا رأيهم الذى لا يستطيع أحد أن يصادر حريتهم فى التعبير . أما أن يحاول أن يفرض رأيه على الدولة ،وأن تسير وفق رأيهم ، وتنحى الإسلام جانبا ، فهو أمر لا يمكن قبوله بحال مكن الأحوال .
وهم يسوقون حدثًا تاريخيًا من هنا ، وحدثا آخر من هناك للاستدلال على أن الدولة الإسلامية لم تطبق الإسلام إلا فترة الرسول صلى الله عليه وسلم والراشدين حتى سنة 41هـ ، وأصبحت الدولة بعد ذلك لا صلة لها بالإسلام ، وأن حكم الدولة الإسلامية أصبح حكما علمانيا يراعى مصالح المجتمع ولا صلة لها بالإسلام .
هناك من يظن أن الإخوان لا يقبلون مشاركة الآخرين فى البناء ، وبالتالي فهم يرون أنفسهم الفصيل السياسي الوحيد الذى يستطيع أن يقوم ببناء الوطن وتطبيق الإسلام ، ومن هنا تأتى نظرتهم إلى إقصاء الآخرين .
حقيقة إن الإخوان يعتبرون أنفسهم جماعة من المسلمين ، وليسوا جماعة المسلمين . وإذا كان الإخوان ينادون بالمرجعية الإسلامية للدولة ،فإنهم لم يحتكروها لأنفسهم دون غيرهم ، فحزب " النور"، و" الوسط " مرجعيتهما إسلامية . وبالتالي فإن ذلك لا يعنى إقصاء الآخرين عن العمل من أجل رفعة البلاد ، بل لا يقوم البناء إلا بتكاتف الجميع ، ونجد ذلك " حين وضع الإمام «البنا» تصورًا لفكر الجماعة ومنهجها، كانت الجماعة أداة ووسيلة لبناء نهضة الأمة بناء على المرجعية الإسلامية، وليست هدفاً بحد ذاته. كما أن «البنا» حدد بوضوح أننا لسنا وكلاء عن الأمة في بناء النهضة، ولكن نحن ندعو ونرغب في الفكرة، ونوعي، ونشارك الأمة في بناء النهضة ولا يفترض أن يقوم الإخوان وحدهم بالمهمة. "..(11)
إن الاتجاهات الليبرالية والعلمانية واليسارية تحاول إقصاء الإخوان عن العمل السياسي والمشاركة فى خدمة وطنهم عن طريق تشويه الحقائق لدى الجماهير المؤيدة للإخوان بأن نشاط الإخوان السياسي يجعلهم يتخلون عن مبادئهم الأخلاقية وبالتالي يصبحون بعد فترة قصيرة مثلهم مثل غيرهم الغاية عندهم تبرر الوسيلة . ولذا ينبغي على الإخوان لكي يحافظون على مبادئهم الأخلاقية أن يبتعدوا عن السياسة . لكن السؤال الذى يطرح نفسه ، لماذا يحذرون الإخوان من السياسة ويطلبون منهم الابتعاد عنها ثم يقبلون هم عليها ؟! أليس هذا تضليل وخداع ومخالفة القول للفعل؟ وإذا تخلى الإخوان عن المشاركة السياسة ؛ فإنهم يتركون إدارة الدولة لمن يمارسون الكذب والغاية عندهم تبرر الوسيلة على حد تعبيرهم.
وقد ردّ حزب الحرية والعدالة على ذلك فى برنامجه ، ومما جاء فيه : " وهناك أمر آخر فى غاية الأهمية وهو رؤيتنا للسياسة، فبينما يرى الكثيرون أن السياسة هي فن الكذب والنفاق والتلون والخداع حتى وصفها بعضهم بأنها عملية قذرة ينبغي على كل من يحرص على نظافة سمعته وسلامة مبادئه أن ينأى عنها.
يرى حزبنا أن السياسة هي فن إدارة الدولة وتدبير أمور الناس، بحيث تحقق الأمن والعدل والكفاية والقوة والمنعة والتقدم والخير والحق والفضيلة لجميع الناس.
وهذا كله لا يمكن إنجازه إلا بارتباط السياسة بالمبادئ والأخلاق والصدق والوفاء والأمانة والإحسان، والضمير الحي الذى يزجر أصحابه أن يأكلوا الحرام من المال، أو يعتدوا على المال العام، أو يقبلوا الرشوة باسم الهدية أو العمولة أو يعتدوا على حقوق الإنسان أو يقوموا بتزوير الانتخابات واغتصاب السلطة أو يولوا المناصب للأقارب و المحاسيب .
فالأهداف العظيمة عندنا لا تتحقق إلا بوسائل نظيفة، ومن ثم نرفض مقولة (الغاية تبرر الوسيلة)، ونرفض مقولة (السياسة عملية قذرة) وإنما نمارسها لننظفها ونطهرها، ونسمو بها إلى مستوى الأعمال والأخلاق الراقية.
بهذين الجناحين المادي والمعنوي يستطيع الفرد والمجتمع أن يحلق إلى آفاق المستقبل المشرق بإذن الله ...(12)
ومن ناحية أخرى فإن من مارسوا السياسة على مدار العقود الطويلة الماضية لم يطبقوا النظام السياسي الإسلامى وإلا لما وصلت البلاد إلى الفساد والظلم والاستبداد الذى أدى إلى قيام ثورة 25 يناير 2011 ، وبالتالي فإن السياسة لا تتحمل أوزار أصحابها ، فمن أفسدوا الحياة السياسية هم اليوم فى السجون ، والحزب الوطني المنحل الذى زور واستبد وأفسد تم حلّه ، وبقيت المواقع السياسية كما هي لمن يصلح ويحسن ، ولا وجود لمن يمارس سياسة الظالمين والفاسدين ، فلماذا لا يتقدم الإخوان ، وهم الذين بذلوا وضحوا فى عهود الظلم والاستبداد ؟! .
والإخوان يتفهمون طبيعة المرحلة الانتقالية التى تمر بها البلاد ، وتحاول كل طائفة إثبات ذاتها ووجودها وطرح برامجها وعرض أفكارها على الساحة ، ولعلنا عندما نقرأ (رسالة نحو النور) للأستاذ الإمام حسن البنا نشعر بأنه كتبها اليوم بعد ثورة 25 يناير فى مصر ، وليست من سبعين سنة تقريبا ، يقول الإمام حسن البنا عن أهمية المرحلة الانتقالية وخطورتها :
"وإن أخطر العهود في حياة الأمم وأولاها بتدقيق النظر عهد الانتقال من حال إلى حال ، إذ توضع مناهج العهد الجديد ، وترسم خططه وقواعده التي يراد تنشئة الأمة عليها والتزامها إياها , فإذا كانت هذه الخطط والقواعد والمناهج واضحة صالحة قويمة فبشِّر هذه الأمة بحياة طويلة مديدة وأعمال جليلة مجيدة , وبشِّر قادتها إلى هذا الفوز ، وأدلتها في هذا الخير بعظيم الأجر وخلود الذكر وإنصاف التاريخ وحسن الأحدوثة. " ..(13)
وقد أوضحوا كثيرا مما يتعلق بمنهجهم السياسي ومرجعيتهم الإسلامية ، ونجد حزب الحرية والعدالة يوضح ذلك فى برنامجه السياسي ، وفيه: " ومن ثم فإن حزب الحرية والعدالة يتخذ من الشريعة الإسلامية التى يؤمن بها أغلبية شعبنا المصري مرجعيته ودليله.وهذه الشريعة بطبيعتها تؤكد على جملة مبادئ أولها قضية الوحدة الوطنية ، فما دامت الشريعة تقر حرية الاعتقاد وحرية العبادة وحق غير المسلمين فى التحاكم إلى شريعتهم فى أمورهم الخاصة وتساوى بين الناس فى الحقوق والواجبات فهى تؤكد حقيقة الوحدة الوطنية ." ..(14)


المبحث الأول: المرجعية الإسلامية للدولة : رؤية تاريخية

ينص الدستور فى البلاد العربية على أن الإسلام دين الدولة والشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع ، وتنص دول أوربية على دين الدولة بالرغم من وجود أقليات مسلمة ، ودول تنص على علمانية الدولة ، و أخرى لا تنص على دين فى الدستور ،ولم تثر مشكلة حول إقرار الدين فى الدستور من عدمه ، ولم نسمع بجدال ومحاولة من الأقلية فرض إرادتها على الدولة والاعتراض على أن ينص الدستور على دين الغالبية العظمى من الشعب كما نجد فيما فى مصر من قبل الليبراليين والعلمانيين والاتجاهات الأخرى .بالرغم من أن مرجعية الإسلام على طول التاريخ لم يثر حولها مثل هذا الجدل والنقاش ، وكانت من المسلمات المتعارف عليها بين الجميع .و" جميع الدول العربية تنص في دساتيرها علي الدين الأساسي للدولة هو دين الأغلبية هو الإسلام وأن هذه الدساتير تحترم حرية إقامة الشعائر الدينية لبقية الطوائف الدينية‏,‏ ورغم أن هذه الدول بها مسيحيون فلم يطالب أحد بإلغاء هذه المادة لذلك فإن الدعوي لإلغاء المادة الثانية من الدستور المصري التي تنص علي أن دين الأغلبية للشعب المصري هو الإسلام هي دعوي ظاهرها الحق وداخلها الباطل لإحراج النظام المصري أمام بقية الدول العربية ولا أدري لماذا الإصرار علي قضايا فرعية لا فائدة من الجدل حولها إلا الفرقة والوقيعة طالما أن الخط الأساسي في الدستور المصري هو احترام حرية العقيدة لجميع الطوائف الدينية وحرية إقامة الشعائر الدينية لها ؟"..(15)

1- الإسلام مصدر التشريع فى الدولة الإسلامية

ولم يظهر طوال عهد الدولة الإسلامية من يتحدث عن المرجعية التى ينبغي أن تسير به الدولة ؛ يقول الأستاذ حسن البنا: " لأن الدولة كانت بطبيعتها إسلامية تطبق الشريعة ، وإن خالف بعض الحكام شريعة الإسلام ، فإنه بذلك خالف قانون الدولة ، وكانوا يجدون من يتصدى لهم من العلماء الذين يصححون اعوجاجهم .. وتوالى الحكام على أمة الإسلام، قلة منهم برضا واختيار الشعوب، وغالبيتهم ـ بكل أسف ـ باستبداد وغلبة ، ورغم انغماس بعض الحكام في الملذات وبُعدهم عن روح العدل والإنصاف، ورغم شيوع المعاصي وتفشي الوهن في كثير من المجتمعات، إلا أنه لم يحصل أن نُحِّيَت الشريعة الإسلامية كعقيدة ومرجع ودستور، ولم يحصل أن فرض حاكم أو اتخذ شعب من الشعوب الإسلامية غيرها أصلاً عامًّا ومرجعًا، حتى ابتليت الأمة الإسلامية بعصر الاستعمار الذي غزاها وحكمها وفرض عليها قوانينه ومبادئه، ثم سار على دربه خلفاؤه من عملائه.
ومع ذلك فإننا نقول- بكل صدق-: إنه لم يحصل أن اختار شعب من شعوب الأمة غير حكم الله أو شرعًا غير شريعته عز وجل ، بل قامت في شعوب الأمة الإسلامية- ولم تزل تقوم- ثورات ومطالبات للعودة إلى حكم الله وشريعة الإسلام، وروت الدماء الزكية الطاهرة ساحات الجهاد في سبيل إعلاء كلمة الله وشرع الإسلام؛ وإنما هو الاستبداد والقهر ولم تظهر إلا فى العصر الحديث ..(16)
و"لم يكن نظام الحكم الإسلامي نظام حكم مطلق، ولا ديمقراطيا يونانيا، ولا قيصريا رومانيا، وإنما كان نظاما عربيا خالصا، بيّن الإسلام له حدوده العامة من جهة، وحاول المسلمون أن يملئوا ما بين هذه الحدود من جهة أخري.
كان نظاما إنسانيًا، لكنه تأثر بالدين إلي حد بعيد جدًا، ولم يكن الخليفة يصدر عن السلطة الدينية، لكنه كان مقيدًا بما أمر الله به فتغير نظام الخلافة الإسلامية عن كل نظم الحكم التي عرفتها الحضارات"...(17)

2- الإسلام والشريعة الإسلامية فى أول دستور لمصر

يظن كثيرون أن دين الدولة هو الإسلام وليد سنوات قريبة ، لذا نسمع دعوات لتعديلها ، لذا فإننا سنتناول نبذة عنهما فى الدستور حتى لا يطول الأمر بنا ونخرج عن القصد . لعل العرض التاريخى لأصل المادة الثانية ومنشؤها فى الدستور المصرى يؤكد أنها موجودة فى أول دستور لمصر فى القرن العشرين ولم ينفرد الإسلاميون بوضعه ، ولم يعارضه المسيحيون واليهود فى لجنة صياغة الدستور التى كان يمثلان فيها20% من أعضاء اللجنة.
من أين ظهرت المادة ‏2‏ من الدستور؟‏ إن أصلها الدستوري يرد من المادة ‏149‏ من دستور مصر في سنة ‏1923‏ الذي استمر معمولا به حتى‏ 1953‏، وهي المادة الأولى من الباب السادس من الدستور وعنوانه: أحكام عامة، ونصت على أن الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية‏.‏ وكانت شكلت لجنة وضع هذا الدستور في أبريل سنة ‏1922‏ من ثلاثين عضوا، عدا رئيسها حسين رشدي باشا رئيس الوزارة السابق ونائب رئيسها أحمد حشمت باشا وزير المعارف السابق، وكان أعضاؤها الثلاثون من النخب السياسية العليا ذات الاتصال الوثيق بالحكم ورجاله، وهم إما من رجال السياسة المتصلين بالملك، وإما من رجال حزب الأحرار الدستوريين، وهم جلهم من ذوي التعليم والثقافة غير التقليدية، وليس فيهم من يمكن أن يكون ممثلا لما نسميه اليوم بالتيار السياسي الإسلامي، وجلهم ذوو تعليم حديث ونزوع ثقافي آخذ من الفكر الوافد ومدارسه ، مثل: علي ماهر، وعبد اللطيف المكباتي، وعبد الحميد بدوي، ومحمد علي علوبة، وعبد العزيز فهمي، وإبراهيم الهلباوي، وفيها من ذوي الثقافة والتعليم الديني الشيخ محمد بخيت المطيعي المفتي الأسبق، والسيد عبد الحميد البكري شيخ الطرق ونقيب الأشراف، والشيخ محمد خيرت راضي، كما كان فيها من المسيحيين يوسف سابا باشا، وقليني فهمي باشا، وإلياس عوض بك، وتوفيق دوس بك، كما كان عضوا بها الأنبا يؤانس نائب البطريرك وقتها، وهو من تولي البطريركية عقب وفاة الأنبا كيرلس الخامس في سنة ‏1927‏، واستمر بطريركا بضع عشرة سنة حتى وفاته، كما كان فيها يوسف أصلان قطاوي باشا من اليهود‏...(18)
" اجتمعت لجنة وضع دستور 1923م, التي ضمت ممثلين عن المكونات الاجتماعية والدينية لمصر ـ وفي مقدمتهم هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف.. والكنيسة الوطنية.. وحاخامية اليهود المصريين ـ واتفقوا جميعا علي أن يتضمن الدستور المصري النص علي أن العروبة والإسلام هي هوية مصر ـ الدولة والمجتمع ـ فنص الدستور علي أن اللغة العربية هي اللغة القومية لمصر, وأن دين الدولة المصرية هو الإسلام.. ومنذ ذلك التاريخ أصبحت هذه القسمة من قسمات العقد الاجتماعي لمصر والمصريين موضع إجماع, لا يخرج عنه إلا قلة من أهل الشذوذ الفكري, أو اللقطاء الذين يريدون استبدال الهوية الغربية بهوية العروبة والإسلام"..(19)
وتذكر مضابط أعمال اللجنة أن لجنة وضع المبادئ اقترح عليها الشيخ محمد بخيت في ‏19‏ مايو سنة ‏1922‏ أن ينص الدستور على أن دين الدولة الرسمي الإسلام، فطرح الرئيس حسين رشدي باشا الاقتراح للتصويت فتقرر بالإجماع قبوله‏..‏ ولما تلا النص في اللجنة العامة في ‏14‏ أغسطس ‏1922‏ قررت الهيئة الموافقة عليه بالإجماع، وتلا نص المادة بجلسة ‏3‏ أكتوبر ‏1922‏، فوافقت الهيئة عليه بالإجماع، ومعنى ذلك أنه بمجرد اقتراح هذا النص ووفق عليه بالإجماع بغير تحفظ ولا مناقشة، وبغير أن يظهر أنه أثار حرجًا أو قلقًا أو عنتًا، وذلك في جو فكري يفوح في فكره عبير الليبرالية ، والإجماع يشمل هنا أعضاء اللجنة غير المسلمين، وهم يبلغون نسبة تشارف ‏20%‏ من العدد الكلي، وأن من يطالع أعمال هذا الدستور إبان إعداده في داخل اللجنة أو في خارجها على صفحات الصحف، يعرف إلى أي مدى كُفل لإعداده جو من حرية التعبير ومناقشة سلطات الملك والشعب والتمثيل النسبي لغير المسلمين وغير ذلك، كفل له من ذلك ما يكشف عن أن الرضاء الذي قوبل به نص دين الدولة كان يفيد القبول الأوسع و الأشمل‏.‏
لقد كان الجميع على وعي بأنهم بصدد وضع دستور يصوغ التوجه الأساسي للدولة الحديثة بمصر، ويحدد المبادئ التي ترسم هويتها الحضارية، لذلك انتهوا إلى أن دين الدولة الرسمي الإسلام ولغتها الرسمية اللغة العربية قولا واحدا لم يكن بحاجة إلى جدل، وهو تقرير لأمر واقع‏.‏
والحاصل بعد ذلك، أن هذا الحكم الدستوري ظل مرعيًّا ضمن التراث الدستوري الأصيل للدولة المصرية على مدى القرن العشرين، وكل دستور كامل صدر في مصر أورد هذا النص بهذا الحكم، دستور ‏1930 (‏استمر نحو خمس سنوات ثم عاد دستور ‏1923)‏ ودستور ‏1956‏ في عهد ثورة ‏23‏ يوليو ‏1952، ودستور ‏1964‏، ودستور ‏1971.‏ ولم يشذ من ذلك إلا دستور ‏1958‏ في عهد وحدة مصر مع سوريا؛ لأنه لم يكن دستورا مكتملا، بدليل أن مجلسه النيابي كان بالتعيين من رئيس الجمهورية من بين أعضاء مجلس البرلمان المصري والسوري، وقد زال بانفصال سوريا في ‏1961.‏
وإن دلالة استمرار النص على دين الدولة الرسمي الإسلام عبر الدساتير المختلفة دلالة مهمة جدًّا؛ لأن مقارنة هذه الدساتير بعضها ببعض تكشف عن أنه لم يكن ثمة نظام دائم لمصر على هذا المدى،‏ فيما عدا الإقرار بعدد من المسلمات؛ منها أن دين الدولة الرسمي الإسلام‏.
كانت هذه الدساتير تتراوح بين النظام الملكي والنظام الجمهوري، وتتراوح بين الملكية المستبدة ‏(1930م)‏ والملكية البرلمانية ‏(1923)‏، وتتراوح في النظام الجمهوري بين النظام الرئاسي والنظام القريب من البرلماني، وتتراوح بين نظام الحزب الواحد ونظام تعدد الأحزاب، وتتراوح بين النظام الاشتراكي القائم على تقييد الملكية العامة وبين النظام الرأسمالي الذي يطلق حرية الملكية الخاصة، وبين…‏ وبين… إلخ.
ولكن بقيت اللغة عربية والدين الإسلامي،‏ وهذا يكشف وجه الثبات الذي لا يوجده الدستور، ولكنه لا يملك إلا أن يعترف به، ويكشف عن أنه نص حاكم لغيره وليس محكومًا بغيره، والمعنى هنا يستفاد بالاستقراء العلمي للتجربة التاريخية للأمة ودولتها‏...(20)
وقد اتجه الدكتور السنهوري إلى تقنيين الشريعة الإسلامية فى قوانين مدنية وعمل بجهد لكي يتفق القانون المدني مع مبادئ الشريعة. وقد أقر علماء الشريعة أن هذا القانون أقرب القوانين إليها, فهي إعمال مصالح العباد ودرء المفاسد عنهم...(21)
وقد درس الدكتور عبد الرازق السنهوري علاقة الدين الإسلامى بالسياسة والدولة والحكم والقانون ، فنشر فى مجلة المحاماة بحثه بالغ الأهمية عن " الدين والدولة فى الإسلام ."وتحدث عن مذهب الشريعة الإسلامية فى التمييز بين سلطات التشريع والقضاء والتنفيذ ، وخلص إلى أن الشريعة الإسلامية إذا صادفت من يعنى بأمرها تستطيع أن تجارى القانون ، بل وتتفوق عليه فى بعض المسائل ...وفى هذا النظام الفريد تجتمع" الشريعة الأهلية "و" سلطة الأمة "المستخلفة من الله فى إقامة حكمه ، بينما لا وجود للشريعة فى الدولة العلمانية ...(22)
يقول المستشار طارق البشرى: " إن العرض السابق يظهر بجلاء أن المادة ‏2‏ من دستور ‏1971‏ لم يضعها الرئيس السادات من عنده ليكسب شعبية زائفة،‏ ولا كانت مجرد نص مصطنع ليدغدغ به عواطف الجهلة‏.‏ والنص موجود من ‏1923‏ بإجماع واضعيه، وباق أيضا باستقراء تاريخي كامل، وهو أثبت من غيره إطلاقا‏.‏ وهو ليس نصا يقوم به حزب أو جماعة سياسية من أجل الانتشار ودغدغة العواطف، ودين الدولة الإسلام يقتضي بذاته الجزم بمصدرية الشريعة الإسلامية للتشريع، وإلا كان النص لغوا، وليس يصح في الأذهان أن يكون أثبت نص في الدستور هو ما يوصف بكونه لغوا،‏ ولا يصح في الأذهان قط أن يقال: إن المجتمع المصري عرف الشريعة الإسلامية مصدرا للتشريع منذ اعتلاء السادات أريكة حكم مصر في ‏1971‏، وإنه عرف الشريعة بوصفها المصدر الرئيسي للتشريع منذ شهر مايو سنة ‏1981‏ بالتعديل الدستوري الذي أدخله السادات ‏.‏ والسؤال العجيب هو‏:‏ هل صارت مصر إسلامية بقرار من الرئيس السادات ولم تكن كذلك قبله؟
أنا لا أجحد حقيقة أن الرئيس السادات إنما أراد بهذا النص أن يؤلف قلوب المصريين؛ ليتمكن من تعديل الدستور بما يتيح له الترشيح للرئاسة لأكثر من مدتين، ولكن هذا لا يعني أن مصدرية الشريعة الإسلامية كانت أمرا غير وارد ولا مهم،‏ بل إن محاولته استغلال هذا الهدف الشعبي العام لتحقيق مصلحة ذاتية له في أمر آخر إنما هو إقرار بأهمية هذا الهدف العام، وإلا لما كان سانحا له أن يؤلف به القلوب‏.‏.. وبالمثل فإن نص المادة ‏2‏ من دستور‏ 1971 هو أولا سار على نهج سوابقه فيما يتعلق بأن دين الدولة الرسمي الإسلام، ونص على مصدرية الشريعة الإسلامية، وهو حكم لا يزيد عن كونه تطبيقا؛ لأن دين الدولة الإسلام، لأن الدين هو المرجعية أو المصدرية، والسادات أراد أن يؤلف قلوب المصريين لنفسه بأن يستجيب لمطلب لديهم له هذه الأهمية‏.‏."...(23)
واتخذ مجلس الشعب المصري في 17 ديسمبر سنة 1978 قراره بالبدء في تقنين أحكام الشريعة وتشكلت لجنة برئاسة الدكتور صوفي أبو طالب رئيس مجلس الشعب فى ذلك الوقت ، وانتهت من تقنين أحكام الشريعة سنة 1983، إلا أنها لم تخرج إلى حيز التنفيذ ، وظلت حبيسة الأوراق .
وظل دستور 1971 يعمل به بالمادة الثانية: "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع." والمادة الثالثة :" مادة 3: السيادة للشعب وحده، وهو مصدر السلطات، ويمارس الشعب هذه السيادة ويحميها، ويصون الوحدة الوطنية على الوجه المبين في الدستور"....(24)
ولا يوجد أي تناقض بين المادة الثانية: الشريعة الإسلامية والثالثة : السيادة للشعب وهو مصدر السلطات .

ولما نجحت ثورة 25 يناير 2011 فى عزل مبارك عن الحكم يوم الجمعة 11 فبراير أصدر المجلس العسكرى يوم الأحد 13 فبراير إعلان دستورى بتعطيل العمل بدستور 1971م .ومنذ ذلك الوقت أعلن الليبراليون على الملأ دعوتهم إلى إلغاء المادة الثانية من دستور 71 عند صياغة دستور جديد للبلاد .

3- المبادىء العامة للمرجعية الإسلامية

يقول د. إبراهيم البيومي غانم: " وثمة عشرة مبادئ تشكل في مجموعها المعني الذي نشير إليه عندما نتحدث عن دولة مدنية أو حزب سياسي بمرجعية إسلامية.وهذه المبادئ العشرة هي:
  • أولا: الكرامة الإنسانية, وأساس هذا المبدأ هو قول الله تعالي ولقد كرمنا بني آدم وتكريم الإنسان في الإسلام سابق علي ارتباطه بأي نوع من الروابط الاجتماعية أو الدينية أو السياسية, أو غير ذلك من الروابط التي تؤطر الوجود الحياتي له, وهذا يعني أنه مكرم في ذاته ولذاته. ويعني أيضا أن كل سياسة أو قرار أو مشروع أو ممارسة تنتهك شيئا من كرامة الآدمي هي انتهاك لإسلامية الدولة, وإهدار لشرعية السلطة التي تقوم علي شئونها بنفس القدر الذي تنتهك به الكرامة الآدمية. وقلنا إن كرامة الآدمي هي القلب النابض لفكرة المجتمع المدني التي أتي بها الإسلام لبناء دولته المدنية.
  • ثانيا: إعلاء قيمة العقل, والدعوة لتحريره من كل قيد يمنعه من التفكير والإبداع. وخاصة قيود الخرافات والتقليد والأمية. وإطلاق حرية التفكير باعتبار أن العقل هو النعمة الكبري التي أنعم بها الله علي بني الإنسان, وجعل التفكير فريضة من فرائضه, ونظر إلي المقصر في أدائها كالمقصر في أداء الصلاة, أو الصيام أو الزكاة, وغير ذلك من سائر فرائض الإسلام. وكل سياسة أو قانون أو ممارسة لا تضمن للعقل حريته فهي مناهضة لشرعية الدولة المدنية المؤسسة علي مرجعية إسلامية.
  • ثالثا: العمل بمبدأ الشورى, لمنع الاستبداد, وتجنب الاستئثار بالسلطة, وقطع الطريق علي شهوة الانفراد بالرأي. ومن مستلزمات الشورى أن تتخذ السلطة كل ما من شأنه تشجيع المواطنين علي المشاركة وإدانة السلبية والانعزال. ومن ذلك أيضا عدم الاعتراف لفرد أو حزب أو جماعة أو لحكومة بالعصمة وأن العصمة للأمة; أي لمجموع الشعب, وإرادته العامة التي يتم التعرف عليها من صناديق الاقتراع الحر، وبصفة دورية.
  • رابعا: نقض السلطة الدينية, وتقويض أركانها, وتجفيف منابعها. والسلطة الدينية تعني فرض وصاية أو رقابة علي ضمير الفرد أو محاسبته علي إيمانه المستكن في قلبه. ونحن نؤمن بأن الإسلام ليس فيه سلطة دينية إلا سلطة الوعظ والإرشاد العام فقط; وأسلوبها هو الحكمة والموعظة الحسنة, وبعد ذلك من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.
  • خامسا: أن كل إنسان معصوم الدم والعرض والمال بآدميته فقط, ولا يحل لأي كان أن ينال من ذلك شيئا; إلا بجناية ارتكبها وفق قواعد القانون وبحكم قضائي عادل.
  • سادسا: إعلاء قيمة العمل, والعمل وحده ـ ذهنيا أو بدنيا ـ هو المصدر الوحيد للكسب. وهذا يقتضي تجريم كل مصدر آخر للكسب مثل الرشا, والسرقة, والغصب, وأكل المال العام, والاستيلاء علي ممتلكات الغير بالباطل.
  • سابعا: إقرار العدل لإبطال الظلم. والعدل هو إعطاء كل ذي حق حقه, دون زيادة أو تقصان ; وضمن ذلك وجود قضاء حر ومستقل. وإن أي سياسة أو قانون أو ممارسة ينتج عنها ظلم تعتبر باطلة, وتنتقص من شرعية السلطة الحاكمة, وتنتهك إسلامية مرجعية الدولة المدنية.
  • ثامنا: إقرار التعددية الدينية, وحماية المختلفين في العقيدة وحقهم في البقاء عليها, وتجريم أي عدوان يقع عليهم بسبب عقيدتهم. ومن باب أولي إقرار التعددية الفكرية والسياسية, واختلاف الآراء في تقدير المصلحة وصوغ السياسية الملائمة للمنفعة العامة, ورفع كفاءة المجتمع علي مواجهة مشاكله وتحسين نوعية حياة أبنائه; فالمرجعية الإسلامية تقرر الاختلاف والتعدد, وتجعل الفيصل في اختيار رأي علي آخر, وتفضيل سياسة أو برنامج علي برنامج لرأي أصحاب المصلحة وهم جمهور الشعب.
  • تاسعا: تجريم الإقصاء السياسي والاستبعاد الاجتماعي, ومن ثم عدم الاعتراف لفرد أو حزب أو جماعة أو فئة أو طائفة كائنة ما كانت بأنها تمتلك وحدها الحقيقة الكاملة, أو إنها معصومة من الخطأ, ولهذا فقد أمرت المرجعية الإسلامية بالشورى, وحضت علي الاستشارة كطريق للمساعد علي التوصل إلي الصواب النافع والمحقق للمصلحة.
  • عاشرا: بناء القوة وإدانة الضعف. فالقوة المادية والمعنوية, الصلبة والناعمة, مطلوبة لحماية استقلال الوطن وعزة الشعب وتحريره من أيه هيمنة أجنبية تسلبه إرادته, أو تهين كرامته. والسلطة التي تفرط في القوة, وتتسبب في ضعف المجتمع والدولة تفقد شرعيتها وفق معايير المرجعية الإسلامية للدولة المدنية.

تلك هي المبادئ العامة للمرجعية الإسلامية للدولة المدنية, ولما يتفرع عنها من أحزاب سياسية. وهي أيضا معايير تمكننا من تقويم أدائها, وتقدير مدي اقترابها أو ابتعادها عن المعايير الإسلامية في إدارة شئون المجتمع والدولة....(25)

وفي الحلقة القادمة نتناول المبحث الثاني من الفصل الأول بعنوان (خصائص المرجعية الإسلامية للدولة عند الإخوان)



المبحث الثاني: خصائص المرجعية الإسلامية للدولة عند الإخوان

تقوم خصائص المرجعية الإسلامية للدولة عند الإخوان على الخصائص الآتية:

أولاً: مدنية

مصطلح مستحدث ليس له وجود فى النظم السياسية والدستورية الحديثة، وبالتالي ليس له تعريف محدد، ولعل التعريف الذى تدور فى فلكه المناقشات والكتابات الصحفية أن الدولة المدنية التى يطبق فيها القانون والدستور على جميع الشعب دون تفريق على أساس اللون أو الدين أو الجنس، وينعم فيها الجميع بالحرية والعدل والمساواة، والشعب فيها مصدر السلطات، وتأخذ فيه بالتطور العلمي الحديث.
وقد عرف الإسلام الدولة المدنية قبل المصطلح، وكثير من المسميات التى ظهرت حديثا وانتشرت فى نظم الحكم الحديثة كان لها وجود، لكن بغير المسمى الموجود الآن، فلم تظهر فى عصر الرسول صلى الله عليه وسلم ولا الخلفاء الراشدين ولا القرون التالية كلمات : السياسة أو الدولة المدنية أو الديمقراطية كما هي منتشرة الآن فى النظم السياسية، ويتم تداولها بين الناس، لكن معناها كان موجودا بالفعل دون هذه التسميات، فالقرآن الكريم تحدث فى كثير من الآيات عن شئون الحكم (أي السياسة دون اللفظ)، فقال تبارك وتعالى: (وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ، أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة:49-50) "، ولم يعرف فى ذلك الوقت مصطلح السياسة والدولة .
ومن خصائص الدولة الإسلامية أنها دولة مدنية يتعايش فيها الجميع و يحكم بينهم قانون واحد دون تمييز، فكانت الدولة المدنية هي : دولة سيادة القانون المستمد من الشريعة الإسلامية، والحرية بكل صورها الشخصية والعقائدية، والمساواة بين الجميع دون تفرقة على أساس اللون أو الدين أو الجنس (المواطنة حاليا)،والعدالة والشورى، والشعب فيها يمارس دوره الرقابي على الحاكم .

ومن خصائص الدولة عند الإخوان أنها: دولة مدنية ... فهي ليست دولة عسكرية يحكمها الجيش ويصل فيها للحكم بالانقلابات العسكرية، ولا يسوسها وفق أحكام ديكتاتورية كما أنها ليست دولة دينية (ثيوقراطية) تحكمها طبقة رجال الدين - فليس فى الإسلام رجال دين وإنما علماء دين متخصصون – فضلا عن أن تحكم باسم الحق الإلهي، وليس هناك أشخاص معصومون يحتكرون تفسير القرآن ويختصون بالتشريع للأمة ويستحوذون على حق الطاعة المطلقة ويتصفون بالقداسة، وإنما الحكام فى الدولة الإسلامية مواطنون منتخبون وفق الإرادة الشعبية، والأمة مصدر السلطات وأساس تولى الوظائف المختلفة فيها الكفاءة والخبرة والأمانة، والأمة كما هي صاحبة الحق فى اختيار حاكمها ونوابها فهي أيضا صاحبة الحق فى مساءلتهم وعزلهم .

والفرق الأساسي بين الدولة الإسلامية وغيرها من الدول هو مرجعية الشريعة الإسلامية التى تستند على عقيدة الأغلبية العظمى من الشعب المصر، والشريعة بطبيعتها إضافة إلى الجوانب العبادية والأخلاقية تنظم مختلف جوانب الحياة للمسلمين بيد أنها تنظمها فى صورة قواعد عامة ومبادئ كلية ثم تترك التفاصيل لهم للاجتهاد والتشريع بما يناسب كل عصر ومختلف البيئات وبما يحقق الحق والعدل والمصلحة وهذا دور المجالس التشريعية على أن تكون المحكمة الدستورية العليا هى الرقيب على هذه التشريعات، مع الأخذ فى الاعتبار أن غير المسلمين من حقهم التحاكم إلى شرائعهم فى مجال الأسرة والأحوال الشخصية .(1)
ونظام الرئاسة فى الإسلام يتميز عن سائر الرياسات العليا في الحكومات الدستورية بأنها رياسة عامة في أمور الدين والدنيا، وتقوم بحراسة الدين.(2)
ويرد الأستاذ حسن البنا على الذين يسطرون أخطاء بعض الحكام والعلماء ويسقطونها على الإسلام بأسلوب خاطىء بعيد عن المنهج العلمى فى الاستدلال، فيقول فى (رسالة نحو النور) تحت عنوان: (رجال الدين غير الدين):
" ومن المبررات التي اتخذها بعض الذين سلكوا سبيل الغربيين, أنهم أخذوا يشهرون بمسلك رجال الدين المسلمين من حيث موقفهم المناوئ للنهضة الوطنية, وتجنيهم على الوطنيين وممالأتهم للغاصبين وإيثارهم المنافع الخاصة والمطامع الدنيوية على مصلحة البلد والأمة، وذلك إن صح فهو ضعف من رجال الدين أنفسهم لا في الدين ذاته، وهل يأمر الدين بهذا ؟، وهل يمليه سيرة الأجلاء الأفاضل من علماء الأمة الإسلامية الذين كانوا يقتحمون على الملوك والأمراء أبوابهم وسدودهم، فيقرعونهم ويأمرونهم وينهونهم ويرفضون أعطيتهم، ويبيّنون لهم الحق ويتقدمون إليهم بمطالب الأمة، بل ويحملون السلاح في وجوه الجور والظلم ...
هذه تعاليم الدين، وهذا ماضي رجاله من فقهاء المسلمين، فهل فيه شيء من هذا الذي يزعمون؟ وهل من الإنصاف أن يتحمل الدين تبعة رجال انحرفوا عنه ؟
وعلى هذه المزاعم إن صحت في قوم، فليست صحيحة للجميع، وإن وقعت لظرف خاص فليست تساير كل الظروف، وهذا تاريخ النهضات الحديثة في الشرق حافل بمواقف رجال الدين المسلمين في كل أمة من الأمم، وما موقف الأزهر في مصر والمجلس الأعلى في سوريا الجنوبية (فلسطين) وسوريا الشمالية (لبنان)، ومولانا أبي الكلام وإخوانه من جلة علماء الهند وزعماء المسلمين في إندونيسيا بمنسِيِّ ولا ببعيد، فتلك إذاً مزاعم يجب ألا تتخذ ذريعة لتحويل الأمة عن دينها باسم الوطنية المجردة، أو ليس الأنفع للأمة أن تصلح رجال الدين وتصطلح عليهم بدلا من أن تقف منهم الموقف المبيد .؟
على إن هذه التعبيرات التي سرت إلينا تقليدا، ومنها (رجال الدين) لا تنطبق ولا تتفق مع عرفنا، فإنها إن كانت مع الغرب خاصة " بالأكليروس " فإنها في العرف الإسلامي تشمل كل مسلم، فالمسلمون جميعا من أصغرهم لأكبرهم " رجال دين " .(3)
و"الشريعة الإسلامية هي الضوابط والقواعد والأصول، أي الحرية والعدل والمساواة والأمن والأمان وحقوق المواطنة والحقوق الإنسانية والأكل والشرب والزواج.. عندما يؤمن كل هذا للمجتمع، نكون قد طبقنا الشريعة الإسلامية وهي كل أصول الرسالات السماوية .."(4)
كما أن هذه الدولة مسئولة عن حماية حرية الاعتقاد والعبادة ودور العبادة لغير المسلمين بنفس القدر الذى تحمى به الإسلام وشئونه ومساجده ، وهذا الموقف من ثوابت الإخوان، وعبر عنه الأستاذ البنا تحت عنوان : "وحدة الأمة": (5)
" والأمة الإسلامية واحدة، لأن الأخوة التي جمع الإسلام عليها القلوب أصل من أصول الإيمان لا يتم إلا بها ولا يتحقق إلا بوجودها . ولا يمنع ذلك حرية الرأي وبذل النصح من الصغير إلى الكبير، ومن الكبير إلى الصغير، وذلك هو المعبر عنه في عرف الإسلام ببذل نصيحة، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (الدين النصيحة)، قالوا : لمن يا رسول الله ؟ قال : (لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامتهم) وقال : (إذا رأيت أمتي تهاب أن تقول للظالم يا ظالم فقد تودع منها)، وفي رواية : (وبطن الأرض خير لهم من ظهرها)، وقال : (سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله).
ولا تكون الفرقة في الشؤون الجوهرية في الأمة الإسلامية، لأن نظام الحياة الاجتماعية الذي يضمها نظام واحد هو الإسلام، معترف به من أبنائها جميعًا . والخلاف في الفروع لا يضر، ولا يوجد بغضًا ولا خصومة ولا حزبية يدور معها الحكم كما تدور .. ولكنه يستلزم البحث والتمحيص والتشاور وبذل النصيحة، فما كان من المنصوص عليه فلا اجتهاد فيه وما لا نص فيه فقرار ولي الأمر يجمع الأمة عليه وهى شيء بعد هذا . "
وهكذا نجد أن الدولة المدنية بتعريفها وأقسامها هي مطلب إسلامي أصيل، لا يشوش عليه رفض البعض للمصطلح باعتباره مصطلحا غريباً نشأ في بيئة غير بيئتنا وربما أريد منه غير ما ظهر، فلا مشاحة في الاصطلاح، والعبرة بالمسميات لا بالأسماء، ويظل اسم المدينة هو الاسم الذي أطلقه رسول الله صلى الله عليه وسلم على أول وأقدم عاصمة لدولة إسلامية على وجه الأرض اسما له دلالته واعتباره " (6)
ووثيقة الرسول صلى الله عليه وسلم مع اليهود فى المدينة خير دليل على وجود الدولة المدنية فى الإسلام التى تحدد فيها الحقوق والواجبات، وتوزع الأدوار بين فئات المجتمع المختلفة من مسلمين ويهود وعرب مشركين لم يسلموا بعد ويحكم بينهم الرسول صلى الله علي و وسلم بما أنزل الله ..
أما الانتخابات، فقد قام الرسول صلى الله عليه وسلم بإجراء أول انتخابات فى بيعة العقبة قبل أن يظهر مصطلح الانتخابات.ومن هنا فنظم الدولة الحديثة الموجودة الآن كانت موجودة بالفعل قبل أن تظهر المصطلحات السياسية المعاصرة، وجاءوا يدعون ظلما وزورا أن الإسلام لا يعرف السياسة، لأن القرآن الكريم لم يذكرها،ويطالبون بالدولة المدنية كأنها غريبة على المسلمين مع أنها أساس الإسلام، و نحن المسلمين أحق بها وأهلها .
وموقف الإخوان و رؤيتهم للمرجعية الإسلامية ثابت لا يتغير أثناء وبعد ثورة 25 يناير أن مصر " دولة مدنية ذات مرجعية إسلامية "، ويعبر عنه المرشد العام للإخوان المسلمين الدكتور محمد بديع في مؤتمر جماهيري عقد باستاد الشرقية الرياضي بمدينة الزقازيق بحضور المستشار محمد عبد القادر محافظ الشرقية: " أن الإسلام لا يعرف إلا الدولة المدنية، وأنه لا مجال للخوف من نظام الحكم الإسلامي ".(7)
وقد عبر أعلام الإخوان فى كتبهم عن ذلك ، يقول العلامة القرضاوى: " إنَّما الدولةُ الإسلاميَّة إذا نظرنَا إلى المضمونِ لا الشكل، وإلى الـمُسمَّى لا الاسم " دولةٌ مدنيَّةٌ مرجعُهَا الإسلام "، وهي تقومُ على أساسِ الاختيار والبيعة والشورى، ومسؤوليَّة الحاكم أمام الأمَّة، وحقِّ كلِّ فردٍ في الرعيةِ أن ينصحَ لهذَا الحاكِم، يأمرُه بالمعروفِ، وينهاهُ عن المنكر....والدولةُ الإسلاميَّةُ دولةٌ مدنيَّةٌ تقومُ على المؤسسات،ِ والشورَى هي آليَّةُ اتخاذِ القراراتِ في جميعِ مؤسساتِهَا".(8)


ثانياً: تقوم على المواطنة

المواطنة مصطلح حديث، لم يظهر إلا فى الآونة الأخيرة، لذلك لا نجد له وجود إلا فى الكتابات الحديثة، لكن مدلوله العام كان موجودا على أرض الواقع فى الدولة الإسلامية، ودعا الإسلام التعايش مع الجميع تحت مظلة الإنسانية على أسس الحرية والعدالة والمساواة دون تمييز .
ولعل من المبررات التى استدعت وجود المصطلح تبنى الغرب الأوربى إثارة النزعة الطائفية فى البلاد العربية، " فمنذ القرن التاسع عشر أعلنت القوى الأوروبية الكبرى حمايتها للأقليات الدينية العربية غير المسلمة، فأدى ذلك إلى خلق شعور عام لدى المجتمع بأن هذه الأقليات تنتمي إلى مجتمعات الغرب العدو الذي يمارس سياسة الاستعمار والإذلال للعرب. "الأمر الذى انعكس أثره كذلك على الأقليات فى تعبيرهم عن ممارسة التمييز ضدهم، وأنهم مضطهدون ويفتقدون أسس العدالة والمساواة والمواطنة. (9)
وفى العقود الأخيرة فرضت الكنيسة على المسيحيين طوقا من العزلة، وعدم الانصهار فى المجتمع، وأصبح المسيحيون فى كثير من المواقف يستنجدون بأمريكا وأوربا كوسيلة ضغط على الحكومة المصرية التى تضطر فى النهاية للاستجابة لطلباتهم، مما أدى إلى الاحتقان بين المسلمين والمسيحيين والتعبير عنه فى صور عنف متبادل وفتنة طائفية تحدث من حين لآخر .
ويرتبط مفهوم المواطنة كما تبلور في الفكر السياسي الحديث بالدولة القومية من جهة وبالديمقراطية من جهة ثانية.والعلاقة بين فكرة المواطنة والعلمانية أو المواطنة والدولة القومية. فلقد عرف العالم ومنه أوروبا دولا قومية علمانية لا تعترف لكل مواطنيها بحق المساواة بل قد تقترف في حقهم اضطهادا يبلغ حد الإبادة، كما فعلت النازية والفاشية، ولم يكتسب السود في الولايات المتحدة، مع أنها دولة قومية علمانية، حقوق المواطنة ولو من الناحية النظرية إلا في ستينيات القرن الماضي، ولا يزال المسلمون يتعرضون وكذلك أعراق وديانات أخرى لضروب بشعة من التمييز والقمع في دول قومية علمانية عديدة. بما يؤكد أن هذا الربط لا يحمل أي دلالة عابرة للتاريخ، ومقابل ذلك قامت في الغرب والشرق حكومات ديمقراطية على أساس المواطنة دون أن تكون علمانية بل تتبنى دينا رسميا مثل المملكة المتحدة البريطانية حيث تجتمع في رئاسة الدولة السلطتان الدينية والسياسية، وكذا حكومات غربية وشرقية أخرى .(10)

1ـ المواطنة فى الإسلام:

" لقد بلغت الآفاق الإسلامية –في حقوق المواطنة- آفاقا لم تعرفها ديانة من الديانات ولا حضارة من الحضارات قبل الإسلام، ودولته التي قامت –بالمدينة المنورة- على عهد رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم قبل أربعة عشر قرنا.
وكما مثل دستور هذه الدولة –الصحيفة .. والكتاب- أول نص دستوري يقيم حقوق المواطنة وواجباتها بين الرعية المتعددة دينيًا – المؤمنون واليهود- فلقد مثل العهد الدستوري الذي كتبه رسول الله صلَّى الله عليه وآله وهو رئيس الدولة للنصارى –عهده لنصارى نجران- مثل التجسيد والتقنين لكامل حقوق المواطنة وواجباتها.
ففي الأمور المالية قرر هذا العهد كامل العدل مع غير المسلمين من رعية الدولة الإسلامية، وجاء فيه –عن الخراج والضرائب-:
"لا يجار عليهم، ولا يحملون إلا قدر طاقتهم وقوتهم على عمل الأرض وعمارتها وإقبال ثمرتها، ولا يكلفون شططا، ولا يتجاوز بهم أصحاب الخراج من نظرائهم”.
وفيما يتعلق بدور عبادتهم، لم يكتف الإسلام بإباحة إقامة هذه الدور من الكنائس والبيع وإنما أعلن التزام الدولة الإسلامية بإعانتهم على إقامتها…فجاء في هذا العهد الدستوري الذي كتب له رسول الله صلى الله عليه وسلم "..ولهم إن احتاجوا إلى حرمة بيعهم وصوامعهم أو شيء من مصالح أمورهم ودينهم، إلى رفد ـ (أي دعم وإعانة) ـ من المسلمين وتقوية لهم على مرمتها، أن يرفدوا على ذلك ويعاونوا، ولا يكون دينا عليهم، بل تقوية لهم على مصلحة دينهم، ووفاء بعهد رسول الله لهم، ومنة لله ورسوله عليهم”!..
وفي حرية الاعتقاد، جعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم فريضة إسلامية مقدسة، وليست مجرد حق من حقوق الإنسان، يمنحها حاكم ويمنعها آخرون.. فجاء في هذا العهد الدستوري: “.. ولا يجبر أحد ممن كان على ملة النصرانية كرها على الإسلام "ولا تُجَادِلُوا أَهْلَ الكِتَابِ إلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إلاَّ الَذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إلَيْنَا وأُنزِلَ إلَيْكُمْ وإلَهُنَا وإلَهُكُمْ واحِدٌ ونَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ" (العنكبوت: 46).. ويخفض لهم جناح الرحمة، ويكف عنهم أذى المكروه حيث كانوا، وأين كانوا من البلاء”..
ومع تقرير كل هذه الحقوق، حقوق المواطنة، لغير المسلمين، من قبل الشريعة الإسلامية، وليس باستبعادها وعلى أنقاضها لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين، وعلى المسلمين ما عليهم، حتى يكونوا للمسلمين شركاء فيما لهم وفيما عليهم وحماية الأنفس والدماء والأموال والأعراض وأماكن العبادة والحريات ".. مع تقرير هذه الحقوق، قررت الشريعة الإسلامية واجبات المواطنة، فنصت على أن يكون الولاء والانتماء للوطن، وليس للأعداء الذين يتربصون بهذا الوطن ويكيدون لأهله..فجاء في العهد النبوي للنصارى: ".. واشترط عليهم أمورًا يجب عليهم في دينهم التمسك والوفاء بما عاهدهم عليه، منها: ألا يكون أحد منهم عينا (جاسوسا )لأحد من أهل الحرب على أحد من المسلمين في سره وعلانيته، ولا يأوي منازلهم عدو المسلمين، ولا يساعدوا أحدًا من أهل الحرب على المسلمين بسلاح ولا خيل ولا رجال ولا غيرهم، ولا يصانعوهم.. وأن يكتموا على المسلمين، ولا يظهروا العدو على عوراتهم.."
هكذا قررت الشريعة الإسلامية - وليست العلمانية- كامل حقوق المواطنة وواجباتها منذ اللحظة الأولى لقيام دولة الإسلام، الأمر الذي جعل الدولة الإسلامية قائمة على التعددية الدينية طوال تاريخ الإسلام ." (11)
وقد عاش اليهود والمسيحيون مع المسلمين فى ظل الدولة الإسلامية وتبوءوا مناصب عالية فى الدولة الإسلامية، بل الوثنيين ومن ليس لهم دين سماوى مثل أسرة الصابئة (عبدة الكواكب) فى العصر العباسى، ونالوا منزلة رفيعة عند الخلفاء العباسين، وأمرهم مشهور فى التاريخ الإسلامى .
حقيقة إننا لو ذهبنا نضرب الأمثلة على تعايش المجتمع الإسلامى ونظام الدولة الإسلامية مع غير المسلمين مهما كانت انتماءاتهم العقائدية لطالت بنا الصفحات، ولقد رصدها المفكر الإسلامى راشد الغنوشي فى كتبه،ومنها: (حقوق المواطنة فى الدولة الإسلامية)، و(الحريات العامة فى الدولة الإسلامية)،و(حق الاختلاف وواجب وحدة الصف)، و(مقاربات في العلمانية والمجتمع المدني)، و(الحركة الإسلامية ومسألة التغيير).
و" التعددية تكون حسنة إذا ما كانت إيجابية، وهي لا تكون كذلك إلا إذا كانت ضمن إطار ثقافي جامع؛ أي ضمن هوية جامعة. فتعددية الهويات المختلفة المتناقضة: هي مشكلة يجب أن تعالج وليست واقعاً يحافظ عليه، أو يتباهى به، كما يفعل كثير من الناس... وذلك لأنه لا يسهل مع مثل هذه التعددية تحقيق استقرار سياسي، ولا يسهل معها من ثَمَّ تطور اقتصادي، أو علمي أو تقني. هذا هو المتوقع عقلاً، وهو الذي تدل عليه تجارب الأمم قديمها وحديثها."، وقد عاش الجميع فى ظل الدولة الإسلامية التى مرجعها الإسلام يتمتعون بكامل حقوق المواطن، ويقومون بواجبهم تجاه وطنهم، وينعمون بالعدل والمساواة، وما يشذ عن ذلك، فإنما هو انحراف عن القاعدة العامة، ولا يمثل الإسلام.
وإذا كان الواقع الإسلامى كذلك فمن الغريب أن نسمع ونقرأ كثيرا بعد ثورة 25 يناير فى مصر عن شبهات كثيرة يثيرها الليبراليون عن موقف المرجعية الإسلامية من المواطنة، ويتساءلون عنها كأنها شىء غريب لا وجود لها على أرض الواقع، وهم بذلك يشعلون فتنة وتخويف المسيحيين من الإسلام كأنهم لم يعيشوا فى ظله يوما من الأيام، ولم يتعاملوا مع مسلمين قط .

2- الإخوان ينادون بالمواطنة منذ نشأتهم:

وإذا كان الإخوان المسلمون ينادون بمرجعية إسلامية للدولة، فالسؤال المطروح، ما وضع المسيحيين فى ظل المرجعية الإسلامية للدولة فى رؤية الإخوان المسلمين ؟ . إن رؤية الإخوان المسلمين للمسيحيين أنهم شركاء المسلمين فى الوطن ( لهم ما لنا وعليهم ما علينا) ".(13)
وهذا الموقف ينبع أساساً من عقيدتهم الإسلامية ويمثل ثابتاً من الثوابت عندهم، ويتخذ المظهر الواضح والتطبيق العملي عبر تاريخها الطويل وحاضرها الحالي .

أـ المواطنة فى فكر الأستاذ حسن البنا:

إن المرجعية الإسلامية التى يستقى منها الإخوان منهجهم فى تعاملاتهم تدعو إلى المساواة والعدالة والحرية لجميع البشر دون تفرقة على أساس اللون أوالدين أو الجنس،والإسلام قدم رسخ فى عقيدة المسلم مفهوم المواطنة بالمصطلح الحديث، وأساسها الحريو والعدالة والمساواة فى الحقوق والواجبات .
وإذا كان هذا هو منهج الإسلام، فإنه كذلك منهج الإخوان المسلمين،وقد وضّح مؤسس الإخوان الأستاذ البنا كل جوانب هذه العلاقة، فهى منهج ثابت ينطلق من الإسلام .
يقول الإمام البنا فى ذلك: ".. يظن الناس أن التمسك بالإسلام وجعله أساساً لنظام الحياة ينافى وجود أقليات غير مسلمة فى الأمة المسلمة وينافى الوحدة بين عناصر الأمة،وهى دعامة قوية من دعائم النهوض فى هذا العصر ...وقد اشتمل النص الصريح الذى لا يحتمل لبس فى حماية الأقليات، وهل يريد أصرح من هذا النص : "لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ "(سورة الممتحنة : 8-9)
فهذا النص لم يشمل على الحماية فقط بل أوصى بالبر والإحسان إليهم، وإن الإسلام الذى قدس الوحدة الإنسانية العامة فى قوله تعالى : "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّـهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ " (الحجرات:13) .
ثم قدّس الوحدة الدينية العامة كذلك، فقضى على التعصب وفرض على أبنائه الإيمان بالرسالات السماوية جميعاً.... ثم قدّس بعد ذلك الوحدة الدينية الخاصة فى غير صلف ولا عدوان فقال تبارك وتعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الحجرات:10) هذا الإسلام الذى بُنى على هذا المزاج المعتدل والإنصاف البالغ لا يمكن أن يكون أتباعه سبباً فى تمزيق وحدة متصلة، بل بالعكس إنه أكسب هذه الوحدة صفة القداسة الدينية بعد أن كانت تستمد قوتها من نص مدني فقط "( 14)
ويقول أيضا فى (رسالة إلى الشباب عامة وإلى الطلبة خاصة): " ويخطئ من يظن أن الإخوان المسلمين دعاة تفريق عنصري بين طبقات الأمة، فنحن نعلم أن الإسلام عنى أدق العناية باحترام الرابطة الإنسانية العامة بين بنى الإنسان .. كما أنه جاء لخير الناس جميعاً ورحمة من الله للعالمين، ودين هذه مهمته أبعد الأديان عن تفريق القلوب وإيغار الصدور.. وقد حرم الإسلام الاعتداء حتى فى حالات الغضب والخصومة فقال تعالى: "وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّـهَ ۚ إِنَّ اللَّـهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ" (المائدة:8)، وأوصى بالبر والإحسان بين المواطنين وإن اختلفت عقائدهم وأديانهم... وفى إنصاف الذميين وحسن معاملتهم فلهم ما لنا وعلهم ما علينا : نعلم كل هذا فلا ندعو إلى تفرقة عنصرية ولا عصبية طائفية، ومع هذا لا نشترى هذه الوحدة بإيماننا ولا نساوم فى سبيلها على عقيدتنا ولا نهدر من أجلها مصالح المسلمين، دائما نشتريها بالحق والإنصاف والعدالة، وكفى، فمن حاول غير ذلك أوقفناه عند حده، وأبنا له خطأ ما ذهب إليه ." (15)
وفى موضع آخريقول الأستاذ البنا " تقرير وحدة الدين: وقرر الإسلام وحدة الدين فى أصوله العامة، وأن شريعة الله للناس تقوم على قواعد ثابتة من الإيمان بالله والعمل الصالح والإخاء، وأن الأنبياء جميعا مبلغون عن الله تبارك وتعالى، وأن الكتب السماوية جميعا من وحيه، وأن المؤمنين جميعا ـ فى أية أمة كانوا هم عباده الصادقون الفائزون فى الدنيا والآخرة، وأن الفرقة فى الدين والخصومة باسمة إثم يتنافى مع أصوله وقواعده وأن واجب البشرية جميعا أن تتدين وأن تتوحد بالدين، وأن ذلك هو الدين القيم وفطرة الله التى فطر الناس عليها .....وسلك الإسلام إلى هذه الوحدة مسلكا عجيبا، فالمسلم يجب عليه أن يؤمن بكل نبي سبق،ويصدق بكل كتاب نزل ،ويحترم كل شريعة مضت، ويثنى بالخير على كل أمة من المؤمنين خلت ...ثم يقفى على ذلك بأن هذه هي سبيل الوحدة، و أهل الأديان جميعا الأخرى إذا آمنوا كهذا الإيمان فقد اهتدوا إليها،وإن لم يؤمنوا به فإنهم فى شقاق وخلاف ....ويدعم هذه الوحدة بين المتدينين والمؤمنين تجريد الدين من أغراض البشر وأهوائهم، والارتفاع بنسبته إلى الله وحده، إن القرآن يثنى على الأنبياء جميعا فموسى عليه السلام نبي كريم ، وعيسى عليه السلام "رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه "(النساء :171)، وأمه صديقه أكرمتها الملائكة، والتوراة كتاب كريم، والإنجيل كذلك كتاب كريم فيه هدى ونور وموعظة .وهما والقرآن معهما مصابيح الهداية .
والتعامل بين المسلمين وبين غيرهم من أهل العقائد والأديان يقوم على أساس إنما يقوم على أساس المصلحة الاجتماعية والخير الإنساني .وبذلك قضى الإسلام على كل مواد الفرقة والخلاف والحقد والبغضاء والخصومة بين المؤمنين من أى دين كانوا . " ( 16)
أما على الصعيد العملى، فقد تواصل الأستاذ حسن البنا " مع رؤساء الكنيسة، فكان يكاتبهم، ويتلقى ردود تلك المكاتبات.. وكان يستعين بالخبراء والمتخصصين من الإخوة الأقباط للدعم الفني في أقسام الجماعة المختلفة.. وفي عهده دافع الإخوان دفاعًا مستميتًا عن المسيحيين في بيت لحم التي كانت تسكنها أغلبية مسيحية، ولم يفرقوا بينهم وبين المسلمين، وقد سقط حول أسوار المدينة عددٌ هائلٌ من الإخوان.
عندما ذهب مرشد الجماعة الأول حسن البنا لمدينة طنطا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية لعقد المؤتمر الوطني الكبير اصطحب معه أحد المتخصصين الأقباط ليتحدث في قضية قناة السويس واسمه ناصف ميخائيل، وكتب إلى البطريرك يوساب الثاني الذي تولى كرسي البطريركية بعد الأنبا يؤانس، ودعا الأقباط للمشاركة في نصرة فلسطين باعتبارها قضية المسلمين والمسيحيين، واشترك رجال دين أقباط في المظاهرة التي نظمها الإخوان المسلمون عام 1947، وتطوع أحد الأقباط في كتيبة الإخوان في حرب فلسطين، ودافع الإخوان عن المسيحيين في بيت لحم ولم يفرقوا بينهم وبين المسلمين.
وكان لويس فانوس أحد زعماء الأقباط من الحريصين على حضور درس الثلاثاء للبنا، وشارك ثلاثة من الأقباط في اللجنة السياسية المركزية للإخوان التابعة لمكتب الإرشاد، وهم وهيب دوس المحامي ولويس فانوس عضو مجلس النواب وكريم ثابت الصحفي.
ورد توفيق غالي على مقالات سلامة موسي الذي اتهم فيها الإخوان بإثارة الفتنة، وشارك مكرم عبيد في جنازة حسن البنا وذهب لمنزل والده للعزاء، وكان وكيله في لجنة الطور التابعة لدائرة الإسماعيلية حين رشح نفسه في الانتخابات النيابية عام 1944 في وزارة أحمد ماهر باشا يونانيا مسيحيا متمصرا يدعي الخواجه باولو خريستو.
أما المرشد الثاني للجماعة حسن الهضيبي فقد أحبط محاولة الوقيعة بين الإخوان والأقباط حينما أوحى الإنجليز لأحد عملائهم بحرق كنيسة في السويس وأشاعوا أن الإخوان هم من فعلوها فقام بزيارة البطريرك الذي نفى التهمة عن الإخوان وأهدى المرشد مسبحة من الكهرمان، وبدد مخاوف الأقباط من تحكيم الشريعة بقوله "لكم وما تدينون في الأحوال الشخصية، أما أحكام المعاملات فليس للمسيحية فيها نصوص ولذا فالأخذ بما تراه الأغلبية واجب".
المرشد الثالث عمر التلمساني قال لم نشهد ما يسمى فتنة طائفية في مصر إلا في السنين الأخيرة.. الفتنة الطائفية شعار تسرب لمصر لزعزعة الأمن فيها، واستعانت الحكومة به في تهدئة أحداث الفتنة الطائفية بالزاوية الحمراء عام 1981. (17)

ب ـ المواطنة فى برنامج حزب الحرية والعدالة:

ويشير الأستاذ مصطفى مشهور مرشد الجماعة الأسبق فى رسالة الرؤية الواضحة الموجهة للإخوان المسلمين، إلى أن هذه الوحدة الوطنية تشملها وتؤصلها الهوية الإسلامية، فيقول: " .. اندمجت مصر بكليتها فى الإسلام : عقيدته ولغته وحضارته، ودافعت عنه وذادت عن حياضه، وردت عنه عادية المعتدين، وجاهدت فى سبيله ما وسعها الجهاد بمالها ودم أبنائها .. هذه الهوية الإسلامية لا تقف عند حدود المتدينين بالإسلام فى العالم الإسلامى، وإنما تشمل كذلك الأقليات غير المسلمة التى انصهرت قومياً وحضارياً ووطنياً مع الأغلبيات المسلمة، فإذا كانت الهوية الإسلامية تمثل بالنسبة للمسلم : عقيدة وشريعة وقيماً وحضارة وقومية ووطنية وثقافة وتاريخاً وتراثاً فى الفكر وفى القانون بنفس القدر الذى تمثله بالنسبة للمواطنين غير المسلمين فى هذه الجوانب سواء بسواء " .( 18)
ويتضح ذلك الموقف فى برنامج حزب الإخوان المسلمين (الحرية والعدالة)، ومما جاء فيه : "ومن ثم فإن حزب الحرية والعدالة يتخذ من الشريعة الإسلامية التى يؤمن بها أغلبية شعبنا المصري مرجعيته ودليله. وهذه الشريعة بطبيعتها تؤكد على جملة مبادئ أولها قضية الوحدة الوطنية، فما دامت الشريعة تقر حرية الاعتقاد وحرية العبادة وحق غير المسلمين فى التحاكم إلى شريعتهم فى أمورهم الخاصة وتساوى بين الناس فى الحقوق والواجبات فهي تؤكد حقيقة الوحدة الوطنية .....وفى ضوء هذه الرؤية فإن حزبنا هذا (حزب الحرية والعدالة) حزب مفتوح لجميع المواطنين المصريين على اختلاف عقائدهم وأجناسهم وأعمارهم وأعمالهم.."(19)
ومن خصائص الدولة عند الإخوان أنها "دولة تقوم على مبدأ المواطنة، مصر دولة لكل المواطنين الذين يتمتعون بجنسيتها وجميع المواطنين يتمتعون بحقوق وواجبات متساوية، يكفلها القانون وفق مبدأي المساواة وتكافؤ الفرص.
ويجب أن تعزز النصوص القانونية معاملة كل المواطنين على قدم المساواة دون تمييز، وعلى الدولة والمجتمع العمل على ضمان قيام الأوضاع الاجتماعية اللازمة لتحقيق ذلك، وأن يُمكَّن الأفراد من المشاركة بفاعلية فى اتخاذ القرارات التى تؤثر فى حياتهم، وخاصة فى القرارات السياسية. "(20)
وفى موضع آخر: " مع الأخذ فى الاعتبار أن غير المسلمين من حقهم التحاكم إلى شرائعهم فى مجال الأسرة والأحوال الشخصية .كما أن هذه الدولة مسئولة عن حماية حرية الاعتقاد والعبادة ودور العبادة لغير المسلمين بنفس القدر الذى تحمى به الإسلام وشئونه ومساجده ." (21)
وجاء فى الفصل الثاني من برنامج حزب الحرية والعدالة : "من المبادئ السياسية الأساسية: المساواة وتكافؤ الفرص: يعد مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص ضرورياً لتحقيق العدالة وتعميق الانتماء للوطن ويتحقق ذلك عن طريق عدم التمييز بين المواطنين فى الحقوق والواجبات على أساس الدين أو الجنس أو اللون بإتاحة الفرص أمامهم فى التعبير عن الرأى، والترشح، وتولى الوظائف والتنقل، والانضمام للتنظيمات السياسية، والتعليم والعمل، فى ظل الحفاظ على القيم الأساسية للمجتمع ." (22)
والإخوان يعتبرون أن تقوية الروابط بين أبناء الوطن وتحقيق مبدأ المواطنة، إنما هو تقوية للروابط الداخلية ضد الاعتداءات الخارجية، فإن " العمل علي تقوية الجبهة الداخلية وضمان ثباتها وترابطها بما يؤهلها للصمود أمام التهديدات الداخلية والخارجية وذلك بإرساء مبدأ المواطنة ." (23)

وخلاصة القول:

كما مثلت العلمانية بكل ألوانها مدخل شعوب الغرب إلى الحداثة وثمارها العلمية والسياسية كالمواطنة والديمقراطية، فإن سبيل المسلمين إلى ذلك هو الإسلام وليس غيره بسبب جمعه في منظومة واحدة متماسكة بين ضمير الإنسان ونظامه الاجتماعي، بين المادي والروحي والدنيوي والأخروي، وبسبب عمق قيمه في الوجدان والثقافة، وهو ما يفسر أن تهميشه من قبل النخب العلمانية التي حكمت المنطقة كان العامل الرئيسي في فشل التجارب التنموية على كل صعيد، علمي تقني أو سياسي أو اقتصادي، ومنها الفشل في حل القضية الفلسطينية، وكيف ترتجى تنمية على أي صعيد مع استبعاد الروح الجامع والوقود المحرك للجماهير؟(24)
" وإن مبدأ المواطنة يجد دعامته المستقاة من أحكام الشرع الإسلامي بموجب المادة ‏2‏ هذه‏، وهو يستبعد أي زعم بأن مبدأ المساواة بين المواطنين متعارض مع الشرع الإسلامي، وأنه مبدأ لا يمليه إلا الفكر الوضعي المنفصل عن الدين‏، ومن ثم فهو يقيم بناء المواطنة بعيدًا عن التوترات العقيدية‏.‏
ونحن نريد أن يتداخل بعضنا في بعض، لا أن ينفصل بعضنا عن بعض، ومما يهيئ لهذا التداخل أن تتداخل المفاهيم الطيبة بعضها في بعض، مثل: الدين والمواطنة، لا أن تتصارع ويقف بعضها دون بعض‏.‏
ومن جهة أخرى، فإن فكرة المساواة بين المسلمين وغيرهم من أهل الكتاب في بلادنا كانت متحققة في غالب الفقه الإسلامي بالنسبة للحقوق الخاصة والفردية، بموجب أن لهم ما للمسلمين، وعليهم ما عليهم" (25)

ثالثاً: دستورية

الدولة الإسلامية فى فكر الإخوان لها دستور وقانون مدني لا تتعارض مواده مع الشريعة الإسلامية . وهم يحترمون تطبيق الدستور والقانون على جميع الشعب .و يظن كثيرون أن المرجعية الإسلامية تعنى أن الحاكم سيحكم بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية، فإذا أرد أن يصدر قرارا تكلم بالقرآن و الأحاديث، وهكذا يفعل المسئولون فى الدولة كلها، والقضاة فى المحاكم ... وهكذا يدور الحكم على نسق الفتوى التي صدر لبيان الحكم الشرعي .أى أن الدولة دولة فقهاء يبينون الأحكام الشرعية فى الأمور السياسة، وهذا خلاف للحقيقة .

والمرجعية الإسلامية للدولة تعنى أن تستمد الدولة قوانينها من الشريعة الإسلامية . والدستور والقانون منه ما يتفق مع الإسلام، ومنه مواد تتعارض معه،ولا يرضى أبدا أى عاقل أن يوجد قانون يحكمه يخالف دينه وشريعته، وبناء عليه يتم إعادة صياغة القوانين إلى تخالف الإسلام وفقا للشريعة الإسلامية .

والشريعة الإسلامية هى عبادات ومعاملات وعقوبات، فأما مجال العبادات،فقد جعل الإسلام أصحاب كل دين يحتكمون إلى شرائعهم، وهذه التعددية القانونية لاتوجد فى أى دولة فى العالم سوى فى الشريعة الإسلامية، فإن دول العالم تحتوى على قانون موحد للجميع يطبق على جميع المواطنين ولا علاقة له بالدين .والمعاملات والعقوبات يتم صياغتها فى قوانين مدنية يلتزم بها الجميع دون تفرقة .

وقد استنبط الفقهاء الأحكام الشرعية فى سائر جوانب الحياة فى الفقه الإسلامى المستمد من مصادر التشريع الإسلامى، وفى مقدمته القرآن الكريم والسنة النبوية، وصنفوها فى أبواب الفقه الإسلامى المعروفة من عبادات ومعاملات وأحوال شخصية وحدود وجنايات ....ومن هذا الفقه يتم صياغة قوانين تسير عليها الدولة وتطبق على الجميع دون تفرقة إلا فى النواحي الشخصية فيتحاكم كل أتباع دين إلى دينهم .

ومن خصائص الدولة عند الإخوان أنها " دولة دستورية، ومن أهم مبادئ الدولة الدستورية تعدد السلطات و سيادة القانون، فالدولة الدستورية تقوم على دعامات ثلاث : السلطة التشريعية، والسلطة القضائية، والسلطة التنفيذية، وكل منها تعمل بشكل متمايز ومتكامل ومتضامن فى آن واحد، بما يتيح توزيع للمسؤوليات والسلطة ومنع احتكارها من قبل سلطة واحدة، وينبغي أن تشتمل كل سلطة من هذه السلطات على كيانات مؤسسية ترسخ دعائم مستقرة وقواعد عمل واضحة وسياسات محددة، بشكل يعكس الشفافية والمشاركة، فهي أمور تعنى أن تعددية السلطة هي الحافظة لمعادلة أن كل سلطة لابد أن ترتبط بالمسئولية، وكل مسئولية لابد أن تتلازم مع المساءلة.

كما أن الدولة الدستورية لابد أن تحفظ سيادة القانون من خلال بسط وتعزيز سلطان القضاء وضمان استقلاله والعمل على تنفيذ أحكامه إضافة إلى ضمان خضوع سلطات الدولة للقانون، وانضباطها به، واحتكامها إليه، واعتبار كل تصرف يصدر عن السلطات العامة مخالفاً للدستور والقانون باطلاً يستوجب المساءلة ." ( 26)

ويوضح الأستاذ حسن البنا رأي الإخوان المسلمين فى النظام الدستوري فى ( رسالة المؤتمر الخامس) بقوله: "... وأحب قبل هذا أن نفرق دائما بين ( الدستور ) وهو نظام الحكم العام الذي ينظم حدود السلطات وواجبات الحاكمين ومدى صلتهم بالمحكومين، وبين( القانون ) وهو الذي ينظم صلة الأفراد بعضهم ببعض ويحمى حقوقهم الأدبية والمادية ويحاسبهم على ما يأتون من أعمال . وأستطيع بعد هذا البيان أن أجلي لكم موقفنا من نظام الحكم الدستوري عامة، ومن الدستور المصري خاصة:

الواقع أيها الإخوان: أن الباحث حين ينظر إلى مبادئ الحكم الدستوري التي تتلخص في المحافظة على الحرية الشخصية بكل أنواعها، وعلى الشورى واستمداد السلطة من الأمة وعلى مسئولية الحكام أمام الشعب ومحاسبتهم على ما يعملون من أعمال، وبيان حدود كل سلطة من السلطات هذه الأصول كلها يتجلى للباحث أنها تنطبق كل الانطباق على تعاليم الإسلام ونظمه وقواعده في شكل الحكم .

ولهذا يعتقد الإخوان المسلمون أن نظام الحكم الدستوري هو أقرب نظم الحكم القائمة في العالم كله إلى الإسلام، وهم لا يعدلون به نظاماً آخر .

بقي بعد ذلك أمران:

  • أولهما النصوص التي تصاغ في قالبها هذه المبادئ .
  • و ثانيهما طريقة التطبيق التي تفسر بها عمليا هذه النصوص .

إن المبدأ السليم القويم قد يوضع في نص مبهم غامض فيدع مجالا للعبث و بسلامة المبدأ في ذاته، و إن النص الظاهر الواضح للمبدأ السليم القويم قد يطبق و ينفذ بطريقة يمليها الهوى و توحيها الشهوات، فيذهب هذا التطبيق بكل ما يرجى من فائدة .

و إذا تقرر هذا فإن من نصوص من الدستور المصري ما يراه الإخوان المسلمون غامضا مبهما يدع مجالا واسعا للتأويل و التفسير الذي تمليه الغايات و الأهواء، فهي في حاجة إلى وضوح و إلى تحديد و بيان ... هذه واحدة، والثانية : هي أن طريقة التنفيذ التي يطبق بها الدستور، و يتوصل بها إلى جني ثمرات الحكم الدستوري في مصر، طريقة أثبتت التجارب فشلها و جنت الأمة منها الأضرار لا المنافع، فهي في حاجة شديدة إلى تحوير و إلى تعديل يحقق المقصود و يفي بالغاية .

وحسبنا أن نشير هنا إلى قانون الانتخاب، وهو وسيلة اختيار النواب الذين يمثلون الأمة و يقومون بتنفيذ دستورها و حمايته، و ما جره هذا القانون على الأمة من خصومات و حزازات، و ما أنتجه يشهد به الواقع الملموس، و لابد أن تكون فينا الشجاعة الكافية لمواجهة الأخطاء و العمل على تعديلها .

لهذا يعمل الإخوان المسلمون جهدهم حتى تحدد النصوص المبهمة في الدستور المصري، و تعدل الطريقة التي ينفذ بها هذا الدستور في البلاد، و أظن أن موقف الإخوان قد وضح بهذا البيان، و ردت الأمور إلى نصابها الصحيح ..... فنحن نسلم بالمبادئ الأساسية للحكم الدستوري باعتبارها متفقة، بل مستمدة من نظام الإسلام، و إنما ننقد الإبهام و طرائق الإنفاذ.(27)

وفى موضع آخر نجد الأستاذ حسن البنا يقول تحت عنوان : ( الإخوان المسلمون والقانون ):" قدمت أن الدستور شئ والقانون شئ آخر، وقد أبنت موقف الإخوان من الدستور، وأبين لحضراتكم الآن، موقفهم من القانون .

إن الإسلام لم يجئ خلوا من القوانين، بل هو قد أوضح كثيرا من أصول التشريع وجزئيات الأحكام، سواء أكانت مادية أم جنائية، تجارية أم دولية. والقرآن والأحاديث فياضة بهذه المعاني، وكتب الفقهاء غنية كل الغني بكل هذه النواحي، وقد اعترف الأجانب أنفسهم بهده الحقيقة وأقرها مؤتمر لاهاي الدولي أمام ممثلي الأمم من رجال القانون في العالم كله .

فمن غير المفهوم ولا المعقول أن يكون القانون في أمة إسلامية متناقضا مع تعاليم دينها وأحكام قرآنها وسنة نبيها، مصطدما كل الاصطدام بما جاء عن الله ورسوله، وقد حذر الله تعالي نبيه (صلي الله علية وسلم ) ذلك من قبل، فقال تبارك وتعالي ": وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم و أحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيرا من الناس لفاسقون أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون) المائدة : 49 - 50)، وذلك بعد قوله تعالي : " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون . . الظالمون . . الفاسقون) " المائدة : 4 4، 45،47)، فكيف يكون موقف المسلم الذي يؤمن بالله وكلماته إذا سمع هذه الآيات البينات وغيرها من الأحاديث والأحكام، ثم رأي نفسه محكوما بقانون يصطدم معها ؟ فإذا طالب بالتعديل قيل له : إن الأجانب لا يرضون بهذا ولا يوافقون عليه، ثم يقال بعد هذا الحجر والتضييق إن المصريين مستقلون، وهم لم يملكوا بعد أن يتمتعوا بحرية الدين، على أن هذه القوانين الوضعية كما تصطدم بالدين ونصوصه تصطدم بالدستور الوضعي نفسه الذي يقرر أن دين الدولة هو الإسلام، فكيف نوفق بين هذين يا أولي الألباب ؟

وإذا كان الله ورسوله قد حرم الزنا وحظر الربا ومنع الخمور وحارب الميسر وجاء القانون يحمي الزانية والزاني ويلزم بالربا ويبيح الخمر وينظم القمار، فكيف يكون موقف المسلم بينهما ؟ أيطيع الله ورسوله ويعصي الحكومة وقانونها والله خير وأبقي ؟ أم يعصى الله ورسوله ويطيع الحكومة فيشقي في الآخرة والأولي ؟ نريد الجواب على هذا من رفعة رئيس الحكومة ومعالي وزير العدل ومن علمائنا الفضلاء الإجلاء .

أما الإخوان المسلمون فهم لا يوافقون على هذا القانون أبدا ولا يرضونه بحال . وسيعملون بكل سبيل على أن يحل مكانه التشريع الإسلامي العادل الفاضل في نواحي القانون . ولسنا هنا في مقام الرد على ما قيل في هذه الناحية من شبهات أو ما يعترض سبيلها من توهم العقبات، ولكنا في مقام بيان موقفنا الذي عملنا وسنعمل عليه، متخطين في سبيله كل عقبة، موضحين كل شبهة، حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله .

ولقد تقدم الإخوان المسلمون إلى معالي وزير العدل بمذكرة ضافية في هذا الموضوع، ولقد حذروا الحكومة في نهايتها من إحراج الناس هذا الإحراج، فالعقيدة أثمن ما في الوجود، وسوف يعاودون الكرة، وسوف لا يكون ذلك آخر مجهودهم " ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون. " ( التوبة : 31 ).( 28)

ويقول الأستاذ البنا رحمه الله موضحا منهاجه في هذا المجال تحت عنوان: ( المنهاج واضح ) : " يعتقد الإخوان المسلمون أن الله تبارك وتعالى حين أنزل القرآن وأمر عباده أن يتبعوا محمدا (صلي الله علية وسلم) ورضي لهم الإسلام دينا، وضع في هذا الدين القويم كل الأصول اللازمة لحياة الأم ونهضتها وإسعادها ....

فالعالمية والقومية والاشتراكية والرأسمالية والبلشفية والحرب وتوزيع الثروة والصلة بين المنتج والمستهلك، وما يمت بصلة قريبة أو بعيدة إلى هذه البحوث التي تشغل بال ساسة الأمة وفلاسفة الاجتماع، كل هذه نعتقد أن الإسلام خاض في لبها، ووضع للعالم النظم التي تكفل له الانتفاع بما فيها من محاسن، وتجنب ما تستتبعه من خطر وويلات . وليس ذلك مقام تفصيل هذا المقال، فإنما نقول ما نعتقد ونبين للناس ما ندعوهم إليه، ولنا بعد ذلك جولات نفصل فيها ما نقوله .

احذروا الانحراف:

إن لكل أمة من دول الإسلام دستورا عاما فيجب أن تستمد مواد دستورها العام من أحكام القران الكريم، وإن الدولة التي تقول في أول مادة من مواد دستورها : إن دينها الرسمي الإسلام، يجب أن تضع بقية المواد على أساس هذه القاعدة، وكل مادة لا يسيغها الإسلام ولا تجيزها أحكامه يجب أن تحذف حتى لا يظهر التناقض في القانون الأساسي للدولة .

أصلحوا القانون،وإن لكل أمة قانونا يتحاكم إليه أبناؤها، وهذا القانون يجب أن يكون مستمدا من أحكام الشريعة مأخوذا عن القرآن الكريم متفقا مع أصول الفقه الإسلامي ."

وأعلن الإخوان مطالبهم الوطنية للإصلاح في مؤتمر صحفي عالمي يوم الأربعاء 23/2005م، كما أعلنوا مبادرتهم للإصلاح الشامل في 3/3/2004م، ونحن نذكر هنا بأهم هذه المطالب:

إطلاق الحريات العامة كافة لتهيئة مناخ صحي لإجراء الانتخابات الرئاسية؛ وذلك بإلغاء حالة الطوارئ، ورفع القيود عن تشكيل الأحزاب ونشاطها، وحرية إصدار الصحف ووسائل الإعلام، ورفع التجميد عن النقابات المهنية والعمالية والاتحادات الطلابية وأندية أساتذة الجامعات لتمارس نشاطها في إطار الدستور.

وهنا أذكِّر الجميعَ أنَّ موقف الإخوان من شكل نظام الحكم الذي نرتضيه وجوهره ثابت وواضح، وألخصه في النقاط التالية:

  • نحن نعتقد أن نظام الحكم الدستوري هو أقرب نُظم الحكم القائمة في العالم كله إلى الإسلام، ونحن لا نعدل به بديلاً، ومبادؤه تتلخص في:
  • المحافظة على الحرية الشخصية بكل أنواعها.
  • الشورى واستمداد السلطة من الأمة.
  • مسئولية الحكام أمام الشعوب ومحاسبتهم على أعمالهم.
  • الفصل بين السلطات وبيان حدود كل سلطة.
  • نحن نؤمن بتعدد الأحزاب في المجتمع المسلم، وأنَّه يجب ألا تضع السلطة التنفيذية قيودًا على حرية تشكيل الأحزاب، وأنَّ المرجع في بقاء الأحزاب أو إلغائها مرجعه إلى أمرين: قضاء حر مستقل أو الرأي العام والتأييد الشعبي في الانتخابات الدورية. "( 29)

وفى برنامج حزب الحرية والعدالة : " ومن أهم مبادئ الدولة الدستورية تعدد السلطات و سيادة القانون . فالدولة الدستورية تقوم على دعامات ثلاث؛ السلطة التشريعية، والسلطة القضائية، والسلطة التنفيذية، وكل منها تعمل بشكل متمايز ومتكامل ومتضامن فى آن واحد، بما يتيح توزيع للمسؤوليات والسلطة ومنع احتكارها من قبل سلطة واحدة، وينبغى أن تشتمل كل سلطة من هذه السلطات على كيانات مؤسسية ترسخ دعائم مستقرة وقواعد عمل واضحة وسياسات محددة، بشكل يعكس الشفافية والمشاركة، فهى أمور تعنى أن تعددية السلطة هي الحافظة لمعادلة أن كل سلطة لابد أن ترتبط بالمسئولية، وكل مسئولية لابد أن تتلازم مع المساءلة.

كما أن الدولة الدستورية لابد أن تحفظ سيادة القانون من خلال بسط وتعزيز سلطان القضاء وضمان استقلاله والعمل على تنفيذ أحكامه إضافة إلى ضمان خضوع سلطات الدولة للقانون، وانضباطها به، واحتكامها إليه، واعتبار كل تصرف يصدر عن السلطات العامة مخالفاً للدستور والقانون باطلاً يستوجب المساءلة .

السلطة القضائية:

هى الحصن الذى يلجأ إليه أصحاب الحقوق فى استقضاء حقوقهم كما يحتمى به الأفراد من تغول أصحاب السلطان وظلم الحكام وأعوانهم ومن ثم فهى التى تقيم الحق والعدل فى المجتمع وتبعث الطمأنينة فى نفوس المواطنين وتوفر الاستقرار بين جنبات الوطن .

وحتى تستطيع السلطة القضائية تحقيق ذلك لابد أن تحصل على استقلالها الكامل عن السلطة التنفيذية على وجه الخصوص .

ولقد جاهد قضاتنا العدول من أجل الاحتفاظ باستقلالهم، فى ظل هيمنة طاغية من الحكومات السابقة المتعاقبة وقدموا تضحيات كبيرة، واقترحوا قوانين عديدة للحصول على هذا الاستقلال، إلا أن معظم هذه القوانين تم تجميدها، وقد آن الأوان أن ينعم القضاء باستقلاله والشعب بأمنه وحريته وحقوقه، لذلك رأى حزب الحرية والعدالة إفراد هذه السلطة بالتأكيد على أسباب تحقيق استقلالها بما يلى :

1. إلغاء كافة أشكال القضاء الاستثنائى، واختصاص القضاء المدنى الطبيعى بالفصل فى كافة قضايا المدنيين .
2. مجلس القضاء الأعلى هو الذى يختص بكافة شئون القضاة من تعيين وترقية ونقل وندب وتأديب.
3. فصل ميزانية القضاء عن ميزانية وزارة العدل، على أن يتولى مجلس القضاء الأعلى تحديد أوجه الإنفاق بعيدا عن سيطرة السلطة التنفيذية .
4. إلغاء رئاسة رئيس الجمهورية لمجلس القضاء الأعلى ولو شرفيا .
5. تعيين رئيس المحكمة الدستورية العليا من بين قضاتها وبالأقدمية المطلقة، وكذلك رئيس هيئة مفوضى المحكمة .
6. استقلال منصب النائب العام بإقرار قواعد لانتخابه من مستوى قضائى معين، وأعضاء النيابة العامة مستقلون عن النائب العام فى العمل القضائى دون الإدارى .
7. تعيين رئيسى محكمة النقض والإدارية العليا من بين قضاتهما وبالأقدمية المطلقة، دون تدخل من السلطة التنفيذية .
8. نقل تبعية التفتيش القضائى للمجلس الأعلى للقضاء .
9. حظر ندب أو إعارة القضاة إلى مواقع بالوزارات وهيئات السلطة التنفيذية .
10. إعلاء سلطة الجمعيات العمومية للمحاكم المختلفة واختيار جميع رؤساء المحاكم الابتدائية، وكذا رؤساء محاكم الاستئناف بمعرفة مجلس القضاء الأعلى .
11. إحالة القضايا للدوائر القضائية بالترتيب، وعدم توجيه قضية بعينها إلى دائرة بعينها .
12. زيادة أعداد القضاة لضمان سرعة القضاء والعمل على احترام الأحكام وسرعة تنفيذها.
13. نادى القضاة هو المعبر عنهم ولا سلطان لأحد عليه إلا جمعيته العمومية، ويجب أن تكون له ميزانية مستقلة ضمن أبواب ميزانية مجلس القضاء الأعلى . .(30)


رابعا: الشعب مصدر السلطات

وصف الإخوان المسلمين محاكمة الرئيس المخلوع حسني مبارك بالحدث التاريخي باعتباره يمثل الحالة الأولي في العالم العربي التي يحاكم شعب رئيسه بعد خلعه علي جرائمه البشعة التي ارتكبها في حق شعبه ووطنه.واعتبرت في بيان لها أن المحاكمة لها دلالات، منها أن مصر تغيرت تغييرا جوهريا, حيث تدل علي سيادة القانون.....وأن الإرادة الشعبية هي الغالبة، فالسيادة للشعب, وهو مصدر السلطات.(31)

ينطلق الإخوان فى فكرهم السياسي من منطلق إسلامي، والقرآن الكريم هو المصدر الذى تستمد منه الدولة الإسلامية قوانينها ينص صراحة على أن الشعب مصدر السلطات،ونجد القرآن الكريم يوضح فى صراحة أن القوانين تكون نابعة من إرادة الشعب وتوافقه، يقول تعالى موضحًا صفات المؤمنين: ﴿وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾ (الشورى: 38) فقد جعل " وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ "بين فريضة الصلاة والإنفاق فى سبيل الله ليدل على منزلتها، والضمير "هم " فى " أمرهم "، و" بينهم " يعود على المسلمين، وبالتعبير المعاصر " الشعب " أي أن " أمر الشعب شورى بين الشعب " .وهو ما يعبر عنه بالشعب مصدر السلطة، ونص القرآن يقرر أن الشعب مصدر السلطات فى الآية السابقة .

" فالمبادئ والمقاصد التي جاء بها الإسلام في سياسة الأمة والدولة يمكن أن تحققها "النظم المدنية" "والتجارب الإنسانية" التي هي إبداع إنساني والمعيار في القبول والرفض هو مدى تحقيق هذه النظم لمقاصد الإسلام في إشراك الأمة في سلطة صنع القرارات وفي تحقيق العدل بين الناس." (32)

والإخوان يدعون الشعب إلى ممارسة حقه فى اختيار رئيس الدولة وأعوانه، ويمارسون حقهم فى المشاركة فى تشريع القوانين فيما لا نص قطعي فيه، ومراقبة أداء الحاكم والنصح له، وعزله إن أساء، ويؤكد الإخوان دائما أن الدولة فى فكرهم الإسلامى مدنية، الشعب فيها مصدر السلطات، وليس الحاكم هو مصدر السلطات يفعل ما يشاء كما يمليه عليه هواه، يعبث بالدولة والشعب .

منذ نشأة الإخوان وهم يؤكدون على أن الشعب هو مصدر السلطات، وقد عبر عن ذلك مرشد الجماعة الأول الأستاذ حسن البنا بقوله تحت عنوان : " احترام رأى الأمة "بقوله :

(إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ) النور وأما عن احترام رأى الأمة، ووجوب تمثيلها واشتراكها في الحكم اشتراكاً صحيحاً، فإن الإسلام لم يشترط استبانة رأى أفرادها جميعاً في كل نازلة، وهو المعبر عنه في الاصطلاح الحديث بالاستفتاء العام، ولكنه اكتفى في الأحوال العادية (بأهل الحل والعقد) ولم يعينهم بأسمائهم، ولا بأشخاصهم ..... ولقد رتب النظام النيابي الحديث طريق الوصول إلى أهل الحل والعقد بما وضع الفقهاء الدستوريون من نظام الانتخابات وطرائقه المختلفة، والإسلام لا يأبى هذا التنظيم ما دام يؤدي إلى اختيار أهل الحل والعقد، وذلك ميسور إذا لوحظ في أي نظام من نظم تحديد الانتخاب صفات أهل الحل والعقد، وعدم السماح لغيرهم بالتقدم للنيابة عن الأمة ".

وفى موضع آخر يقول :

" ومن حق الأمة الإسلامية أن تراقب الحاكم أدق مراقبة، وأن تشير عليه بما ترى فيه الخير، وعليه أن يشاورها وأن يحترم إرادتها، وأن يأخذ بالصالح من آرائها، وقد أمر الله الحاكمين بذلك فقال : (وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ) (آل عمران:159( . وأثنى به على المؤمنين خيرًا فقال : (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ) (الشورى:38) .

ونصت على ذلك سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين المهدين من بعدهم .. إذا جاءهم أمر جمعوا أهل الرأي من المسلمين واستشاروهم ونزلوا عند الصواب من آرائهم، بل أنهم ليندبونهم إلى ذلك ويحثونهم عليه . فيقول أبو بكر رضي الله عنه : (فإن رأيتموني على حق فأعينوني وإن رأيتموني على باطل فسددوني أو قوموني) ويقول عمر بن الخطاب: (من رأى فيّ اعوجاجًا فليقومه) .

والنظام الإسلامي  في هذا لا يعنيه الأشكال ولا الأسماء متى تحققت هذه القواعد الأساسية التي لا يكون الحكم صالحاً بدونها، ومتى طبقت تطبيقاً يحفظ التوازن ولا يجعل بعضها يطغى على بعض، ولا يمكن أن يحفظ هذا التوازن بغير الوجدان الحي والشعور الحقيقي بقدسية هذه التعاليم، وإن في المحافظة عليها وصيانتها الفوز في الدنيا والنجاة في الآخرة، وهو ما يعبرون عنه فالاصطلاح الحديث "بالوعي القومي" أو "النضج السياسي" أو "التربية الوطنية" أو نحو هذه الألفاظ، ومردها جميعًا إلى حقيقة واحدة هي اعتقاد صلاحية النظام، والشعور بفائدة المحافظة عليه … إذ أن النصوص وحداها لا تنهض بأمة كاملة كما لا ينفع القانون إذا لم يطبقه قاضٍ عادل نزيه" . 

و يوضح الأستاذ حسن البنا الشروط التى ينبغي توافرها، لكي يكون الشعب مصدر السلطات، فيقول تحت عنوان :" تعديل وإصلاح " :

" لا بد من تعديل وإصلاح لقانون الانتخاب، ومن وجوه هذا الإصلاح الضرورية :

1- وضع صفات خاصة للمرشحين أنفسهم، فإذا كانوا ممثلين لهيئات فلا بد أن يكون لهذه الهيئات برامج واضحة وأغراض مفصلة يتقدم على أساسها هذا المرشح، وإذا لم يكونوا ممثلين لهيئات فلا بد أن يكون لهم من الصفات والمناهج الإصلاحية ما يؤهلهم للتقدم للنيابة عن الأمة، وهذا المعنى مرتبط إلى حد كبير بإصلاح الأحزاب في مصر، وما يجب أن يكون عليه أمر الهيئات السياسية فيها .
2- وضع حدود للدعاية الانتخابية، وفرض عقوبات على من يخالف هذه الحدود، بحيث لا تتناول الأسر ولا البيوت ولا المعاني الشخصية البحتة التي لا دخل لها في أهلية المرشح، وإنما تدور حول المناهج والخطط الإصلاحية.
3- إصلاح جداول الانتخابات، وتعميم نظام تحقيق الشخصية، فقد أصبح أمر جداول الانتخابات أمراً عجباً بعد أن لعبت بها الأهواء الحزبية والأغراض الحكومية طول هذه الفترات المتعاقبة، وفرض التصويت إجبارياً .
4- وضع عقوبة قاسية للتزوير من أي نوع كان، وللرشوة الانتخابية كذلك .
5- وإذا عدل إلى الانتخابات بالقائمة، لا الانتخاب الفردي كان ذلك أولى وأفضل، حتى يتحرر النواب من ضغط ناخبيهم، وتحل المصالح العامة محل المصالح الشخصية في تقدير النواب والاتصال بهم .

وعلى كل حال فأبواب الإصلاح والتعديل كثيرة، هذه نماذج منها، وإذا صدق العزم وضح السبيل، والخطأ كل الخطأ في البقاء على هذا الحال والرضا به، والانصراف عن محاولة الإصلاح .

هيبة القانون:

ولا شك أن سلطان القانون قد تزعزع وفقد معظم احترامه كذلك، بسبب هذه الاستثناءات والمحسوبيات والحيل المتكررة، والاعتداء أحياناً بنسخ القانون لغرض شخصي .. ولو أن هذا النسخ بقانون في ظاهر الأمر، ولكن الدوافع تكون معروفة دائماً ولا تخفى على أحد، فيعمل ذلك عمله في النفوس وينال من هيبة القانون واحترام النظام" .

وقد أكد مرشدوا الإخوان على اختلاف العصور أن الشعب مصدر السلطات فى فكر الإخوان، وفى موضع آخر يؤكد الأستاذ حسن البنا أن الشعب مصدر السلطات فى فكر الإخوان، فالشعب هو الذى يختار الحاكم ويملك عزله إن أساء،والشعب هو الذى يوافق أو يرفض على القوانين التى تمس حياته وتنظم شئونه الخاصة، يقول الأستاذ حسن البنا فى ( رسالة المؤتمر الخامس):

" إن الباحث حين ينظر إلى مبادئ الحكم الدستوري التي تتلخص في المحافظة على الحرية الشخصية بكل أنواعها، وعلى الشورى واستمداد السلطة من الأمة وعلى مسئولية الحكام أمام الشعب و محاسبتهم على ما يعملون من أعمال، وبيان حدود كل سلطة من السلطات هذه الأصول كلها يتجلى للباحث أنها تنطبق كل الانطباق على تعاليم الإسلام ونظمه وقواعده في شكل الحكم". (33)

وفى موضع آخر يقول عن سلطة الشعب فى ظل الدولة الإسلامية :" كما كانت إرادتها محترمة مقدرة، فما كان أبو بكر يمضي في الناس أمراً إلا بعد أن يستشيرهم وخصوصاً فيما لا نص فيه، وكذلك كان عمر بن الخطاب، فقد جعل الخلافة من بعده شورى في الستة اللذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض". (34)

ويقول الأستاذ محمد مهدى عاكف :" وعندما يتم تطبيق الحرية وفقا للمفهوم الإسلامى فهذه الحرية هي التي تجعل من الأمة مصدرًا للسلطات ؛ حيث تختار حاكمَها عن رضي ." (35)

وقد سعى الطاغية المخلوع حسنى مبارك إلى توريث السلطة بتعديل المادة 76 من الدستور الخاصة بالترشح لرئاسة الجمهورية وبحيث تفصّل على ابنه دون غيره ، وقد عبر المرشد السابق للإخوان الأستاذ محمد مهد عاكف عن رؤيتهم ليكون الشعب هو المصدر الحقيقي للسلطة، ويمثله نواب يعبرون عن الإرادة الشعبية، فيقول : "الإخوان والمطالب الوطنية:

أعلن الإخوان مطالبهم الوطنية للإصلاح في مؤتمر صحفي عالمي يوم الأربعاء 23/2005م، كما أعلنوا مبادرتهم للإصلاح الشامل في 3/3/2004م، ونحن نذكر هنا بأهم هذه المطالب:

  • أولاً : تعديل حقيقي للمادة 76 من الدستور يكفل تكافؤ الفرص بين المواطنين للترشيح لموقع الرئاسة، وتكافؤ الفرص للمرشحين لنيل ثقة الشعب، وأن يكون موقع الرئاسة بعيدًا عن أي شبهات بعدم الدستورية.
  • ثانيًا: إطلاق الحريات العامة كافة لتهيئة مناخ صحي لإجراء الانتخابات الرئاسية؛ وذلك بإلغاء حالة الطوارئ، ورفع القيود عن تشكيل الأحزاب ونشاطها، وحرية إصدار الصحف ووسائل الإعلام، ورفع التجميد عن النقابات المهنية والعمالية والاتحادات الطلابية وأندية أساتذة الجامعات لتمارس نشاطها في إطار الدستور.
  • ثالثًا: التصدي للخطر الخارجي الداهم والخطر الداخلي الناجم عن الإحباط؛ وذلك ببناء جبهة وطنية عريضة تضم الجميع وحتى يتحمل الجميع عبء الإصلاح ومقاومة الفساد، وهنا أذكِّر الجميعَ أنَّ موقف الإخوان من شكل نظام الحكم الذي نرتضيه وجوهره ثابت وواضح. (36)

ويقول الدكتور القرضاوى : " والأمةُ فيها (الدولةُ الإسلاميَّةُ) هي مصدرُ السلطاتِ شريطةَ ألا تُحِلَّ حرامًا، أو تحرِّمَ حلالا، جاءتْ بِهِ النصوصُ الدينيَّةُ قطعيَّةُ الدلالةِ والثبوتِ، هي دولةٌ مدنيَّةٌ ؛ لأنَّ النُّظُمَ والمؤسساتِ والآلياتِ فيها تصنعُهَا الأمةُ، وتطورُهَا وتغيِّرُهَا بواسطةِ مُمَثِّلِيهَا، حتَّى تُحقِّقَ الحدَّ الأقصَى مِنَ الشورَى والعدلِ، والمصالحِ المعتبرةِ التي هي متغيِّرَةٌ ومتطوِّرَةٌ دائمًا وأبدًا، فالأمةُ في هذه الدولةِ المدنيَّةِ هي مصدرُ السلطاتِ ؛ لأنَّهُ لا كهانَةَ في الإسلامِ، فالحُكَّامُ نوابٌ عن الأمةِ، وليسَ عن اللهِ، والأمةُ هي التي تختارُهُمْ، وتراقبُهُمْ، وتحاسبُهُمْ، وتعزلُهُمْ عندَ الاقتضاءِ، وسلطةُ الأمةِ، التي تمارسُهَا بواسطةِ مُمَثِّلِيهَا الذينَ تختارُهُمْ بإرادتِهَا الحرةِ لا يحدُّهَا إلا المصلحةُ الشرعيَّةُ المعتبرَةُ، ومبادِئُ الشريعَةِ التي تلخصُهَا قاعدةُ: لا ضَرَرَ، وَلاضِرَارَ.. والدولةُ الإسلاميَّةُ دولةُ مؤسساتٍ، فالمؤسسةُ مبدأٌ عريقٌ في الدولةِ الإسلاميَّةِ، تستدعِيهِ وتؤكدُ عليهِ التعقيداتُ التي طرأتْ على نُظُمِ الحُكْمِ الحديثِ ؛ ولأنَّ الدولةَ الإسلاميَّةَ دولةُ مؤسساتٍ، كانتِ الْقيادةُ فيهَا والسُّلطةُ جماعيةً ترفضُ الفرديَّةَ، والدِّيكْتَاتُورِيَّةَ،والاستبدادَ، فالطَّاعةُ للسلطةِ الجماعيَّةِ."(37)

وكانت الشورى من أسس الحكم الإسلامى التى دعا القرآن إليها يقول الحق تبارك وتعالى:" وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ " ( آل عمران : 159)، كما قال تعالى : " وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ " (الشورى : 38 )، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في أكثر من مناسبة أنه أهاب بالناس إلى الشورى فقال: أشيروا علي أيها الناس، وجاء في السنة ما يثبت أن الرسول ما ترك المشاورة قط، بل قال أبو هريرة: "ما رأيت أحداً أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله لأصحابه".هذه هي حرية الرأي والتعبير والانتخابات والديمقراطية ( مع التحفظ على بعض صورها) دون أن توجد هذه المسميات فى ذلك الوقت .

ولكي يكون الشعب مصدر السلطات انتخابات حرة ونزيهة، ولكي يتم ذلك لابد من توافر ما يلي :

1- تختص لجنة قضائية – دون غيرها – تشكل من أعضاء السلطة القضائية – قضاء الحكم – وبمعرفة السلطة القضائية بالإشراف الكامل على إدارة الانتخابات والاستفتاءات بمجرد صدور قرار دعوة الناخبين، وتخضع لها كافة الأجهزة التنفيذية والمحلية والأمنية التى تتصل أعمالها بالانتخابات، بحيث تشمل مرحلة الترشيح والتصويت والفرز وإعلان النتائج .
2- إلغاء جداول القيد الحالية والتي لا تعبر بأي صورة من الصور عن الشعب المصري، وإعادة الجداول طبقا للرقم القومي .
3- إدلاء الناخبين بأصواتهم طبقا للرقم القومي، مع توقيع الناخب فى كشوف الانتخابات أمام اسمه بإمضائه أو بصمته
4- فرض عقوبات صارمة على التزوير أو التلاعب أو التدخل فى الانتخابات تصل إلى الأشغال الشاقة بالنسبة
للموظف العام، واعتبارها جريمة لا تسقط بالتقادم .
5- وضع ضوابط دقيقة للإنفاق المالي فى الانتخابات .
6- كف يد السلطات الأمنية عن التدخل فى أي خطوة من خطوات العملية الانتخابية وقصر دورها على حفظ الأمن ومنع الاحتكاك بين أنصار المرشحين ." (38)

و" تحقيق الإصلاح السياسي والدستوري وإطلاق الحريات العامة وخاصة حرية تكوين الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني وإقرار مبدأ تداول السلطة طبقًا للدستور الذي يقره الشعب بحرية وشفافية."(39)


خامساً: ديمقراطية (الإجتهاد السياسي والتشريعي)

التشريع الإسلامي يعتمد في معظم أحواله على الاجتهاد والاختيار،والاجتهاد هو بذل الجهد فى استخراج الأحكام العملية من أدلتها التفصيلية ، ويعتبر الاجتهاد الوسيلة المؤدية إلى التجديد. والقوانين العادلة التى تبنى على حفظ المصالح ودرء المفاسد، ولا خلاف على ذلك .(40)

و" إن الفقه الإسلامي يقر تعددا في الآراء وتنوعا في الحلول في إطار ما تسعه نصوص الأحكام، وفي هذا التعدد والتنوع يعرف الفقهاء أن صاحب الولاية يمكن أن يرجح رأيا من هذه الآراء على رأي آخر، فيصير هو الرأي الفقهي الملزم للجماعة‏.‏ ونحن عندما نحيط الدولة رسميا بدين الإسلام، ونقرر مصدرية الشريعة في ذات الأحكام الدستورية التي تقر بالمواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات العامة والخاصة، نحن بذلك نكون قد أقررنا -بما للدستور من تنظيم الولايات العامة- بأننا ملتزمون دستوريا بتبني الرأي الفقهي الذي تسعه أحكام الشرع الإسلامي، وهو ما يدعم ويؤكد مبدأ المساواة بين المواطنين وغيره من المبادئ الواردة بالدستور مما تسعه مبادئ الشريعة‏.‏(41)

والاجتهاد لا يكون إلا في الأمور المستحدثة والمستجدات، ويكون وفقا لقواعد عامة يجب احترامها .والاجتهاد جعل الشريعة الإسلامية متطورة غير جامدة مواكبة للتطورات العصرية وتلبى المستجدات، ولذلك فإنها فى كثير من الأحكام تتسع لاختلاف الآراء، والفقه الإسلامى ما هو إلا ثمرة من ثمار الاجتهاد فى الشريعة الإسلامية، تتعدد فيه الآراء باختلاف الأدلة والعقول .

" ولقد نص القرآن الكريم علي الأسس الثابتة والقواعد الكلية التي يبني عليها تنظيم الشئون العامة للدولة, ولم يتعرض التفصيل الجزئيات, وذلك ليتسع لأولى الأمر أن يضعوا نظمهم ويشكلوا حكومتهم ويكون لهم مجالسهم بما يلائم حالهم ويتفق مع مصالحهم, غير متجاوزين حدود العدل " وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل "، والشورى " وأمرهم شوري بينهم" ، و المساواة " إنما المؤمنون أخوة ".. وكذلك وقفت العقوبات المقدرة عن خمس عقوبات.. وما عدها ترك تقديره لأولي الأمر, لأن هذه التقديرات تختلف باختلاف البيئات والأمم والأديان.

وفي المعاملات الأصل الإباحة أو التراضي بما يحقق تبادل الحاجات ودفع المضرات, مع ترك التفاصيل لولاة الأمور علي أساس التراضي".(42)

هناك فرق كبير بين الاجتهاد الفقهي التى يتطلب شروطا معينة لابد من توافرها فى المجتهد، وهى مبسوطة فى كتب الفقه وأصوله، نظرا لأنه يستنبط أحكاما فقهية يترتب عليها حكما شرعيا .

يقول الأستاذ البنا : " و حسبنا أن نشير هنا إلى قانون الانتخاب، و هو وسيلة اختيار النواب الذين يمثلون الأمة و يقومون بتنفيذ دستورها و حمايته ."

أما الاجتهاد فى النظام السياسي الإسلامى، فيكون فى الأمور التى لا تتعارض مع مبادىء الإسلام وأحكامه ، فالاجتهاد فيها جماعي لكل الشعب أو من ينوب عنه، ويتطلب مشاركة جماعية من الشعب، ويتم أخذ الرأي بالأغلبية النسبية، فالاجتهاد بالرأي فى ظل المرجعية الإسلامية للدولة جماعي بأغلبية الآراء يشارك فيه الشعب كله فى صورة استفتاء شعبي أو يختار الشعب نوابه الذين يمثلونه ويعبرون عن رأيه فى مختلف القضايا إلى تمس الوطن، ويتم التحاور والتشاور معهم نيابة عن الشعب الذى اختارهم ليمثلوه أمام الحكومة، وفى مناقشة القوانين وقبولها أو رفضها،ويتم الموافقة على القوانين بالأغلبية النسبية لنواب الشعب، والقانون الذى يتم الموافقة عليه يسرى على الشعب ويطبق فى الدولة بناء على إرادة الشعب صاحب السلطة الذى يملك إرادته، وهو الذى شرّع القانون ووافق عليه، ويشرف على تطبيقه .

" ولقد كان اجتهاد الرأي في صدر الإسلام ـ هو السبيل لتحقيق المصالح عندما لا يكون هناك نص. وبسلوك هذا الطريق ما شعر أحد بقصور الشريعة الإسلامية عن مصالح الناس، ولا رميت بحاجتها إلي غيرها, وما عرف إذ ذاك : حكم شرعي وآخر سياسي, وإنما كانت الأحكام كلها شرعية، مصدرها الكتاب والسنة وما اهتدي إليه أولو الرأي بالاجتهاد الذي تحروا به المصلحة.. والمصالح المرسلة هي التي لم يرد في الشرع دليل بشأنها، ولم يشهد الشارع باعتبارها ولا بإلغائها (43).

والسيرة النبوية تمدنا بالكثير من المواقف فى هذا الصدد، من ذلك نزول الرسول صلى الله عليه وسلم على رأى الشباب يوم أحد بالرغم من مخالفته لرأيه الشخصي، وغير ذلك من مواقف الصحابة لا تحتاج إلى مزيد من الاستدلال لوضوحها .

والاجتهاد الفقهي تتعدد فيه الآراء بناء على مختلف الأدلة، وترتبط تلك الاجتهادات فى الأحكام الفقهية بالشخص والمكان والزمان على نحو ما هو معروف فى الفقه الإسلامى .

أما الاجتهاد فى النظام السياسي الإسلامي فهو حق للشعب كله أن يبدىء برأي فى الأمور التى تمس حياته ولا تعارض مبادىء الإسلام وأحكامه .

يقول الدكتور محمد عمارة : " والاجتهاد في القضايا التي تمس الدولة يتطلب اجتهاد جماعي لا فردى، ولا يمكن أن تقوم به جماعة أو حزب واحد، لذا ينبغي " قيام جمعية تشريعية مؤلفة من خيرة أهل العلم بأصول الدين والبصر بأمور الدنيا لاستنباط الأحكام التي تتفق ومصالح الناس، ولا تخالف أصول الدين.. وفتح باب الاجتهاد الفردي شر علي التشريع الإسلامي، لأنه يمهد السبيل للأدعياء, ويكثر الخُلف وتشعب الآراء... والخير كله في اجتهاد الجماعة وتشريعهم ." (44)

ومن صور الاجتهاد السياسي الجماعي فى العصر الحديث الذى تتفق مع الإسلام مناقشة القوانين فى مجلس النواب المنتخب بنزاهة بعيدا عن التزوير، حيث يتم عرض القوانين عليه ومناقشتها ويجتهد كل نائب فى بيان رأيه والاستدلال عليه، ويتم التصويت عليها بالموافقة أو الرفض بالأغلبية النسبية .

يقول الأستاذ حسن البنا : " فالقوانين الدستورية والمدنية والجنائية بفروعها المختلفة عرض لها الإسلام، ووضع نفسه منها بالموضع الذى يجعل أول مصادرها وأقدس منابعها، وهو حين فعل هذا إنما وضع القواعد الكلية والقواعد العامة والمقاصد الجامعة، وفرض على الناس تحقيقها، وترك لهم الجزئيات والتفاصيل يطبقونها بحسب ظروفهم وإعصارهم، ويجتهدون فى ذلك ما وسعتهم المصلحة ووتاهم الاجتهاد.(45)

وفي الحلقة القادمة نتحدث عن المبحث الثالث من الفصل الأول بعنوان (النظام السياسي فى ظل المرجعية الإسلامية عند الإخوان)


المراجع

(1) راجع كتابه: في النظامِ السياسي الإسلامي ص45-47.

(2) راجع رسائل الإمام حسن البنا : رسالة نظام الحكم .

(3)‏ طارق البشري: فى الجدل حول: المدنية والدينية ، جريدة الشروق، مقالات وأعمدة: الاثنين 7 نوفمبر 2011 .

(4) د. رفيق حبيب: معركة إحياء الأمة ، إخوان أون لاين 13 مايو 2011.

(5) طارق البشري: حول المادة الثانية من الدستور المصري .

(6) د‏.‏ نبيل لوقا بباوي: عمرو بن العاص وكنيسة مرقس الرسول ،الأهرام الخميس 29 من ذي القعدة 1424 هـ 22 يناير 2004 السنة 127 - العدد 42780 قضايا و آراء.

(7) طارق البشري: فى الجدل حول: المدنية والدينية ، جريدة الشروق .

(8) د‏.‏ نبيل لوقا بباوي: عمرو بن العاص وكنيسة مرقس الرسول.

(9) طارق البشري: حول المادة الثانية من الدستور المصري .

(10) برنامج حزب الحرية والعدالة.

(11) خيرت الشاطر نائب المرشد العام للإخوان المسلمين في حوار شامل: مجلة المجتمع الكويتية . بتاريخ 23/7/2011.

(12)راجع : برنامج حزب الحرية والعدالة .

(13) راجع : رسائل الإمام حسن البنا : رسالة نحو النور.

(14) راجع : برنامج حزب الحرية والعدالة.

(15) د‏.‏ نبيل لوقا بباوي: عمرو بن العاص وكنيسة مرقس الرسول.

(16) رسائل الإمام حسن البنا : رسالة نحو النور.

(17) د. محمد عمارة: طه حسين والحكومة الإسلامية ، جريدة المصريون بتاريخ 09-08 -2011.

(18 ) طارق البشري: حول المادة الثانية من الدستور المصري .

(19)د. محمد عمارة: شهادات قبطية للمرجعية الإسلامية ،الأهرام بتاريخ 7 من ذي القعدة 1432هـ / 5 من أكتوبر 2011م الصفحة الأولى قضايا وآراء.

(20) طارق البشري: حول المادة الثانية من الدستور المصري .

(21) إبراهيم فتحي: اجتهادات متصارعة حول الدستور الإسلامي اجتهادات متصارعة حول الدستور الإسلامي ،الأهرام 8 من ذي القعدة 1432هـ / 6 من أكتوبر 2011 صفحة الكتاب .

(22)د. محمد عمارة: يجهله الإسلاميون.. ويتجاهله العلمانيون ، جريدة المصريون ، القاهرة ، 16/8/2011.

(23 ) طارق البشري: حول المادة الثانية من الدستور المصري .

(24) راجع : الموسوعة الحرة : دستور 1971.

(25) د.إبراهيم البيومى غانم : مبادئ المرجعية الإسلامية للدولة المدنية ،الأهرام 21 من رجب 1432هـ/ 23 من من يونيو 2011 صفحة الكتاب.

(26) برنامج حزب الحرية والعدالة ، موقع الحزب ، الباب الثاني :الدولة والمبادئ السياسية ـ الفصل الأول: الدولة : خصائص الدولة.

(27)د. محمد عمارة : السياسة الشرعية عند الشيخ خلاف جريدة الأهرام :الأربعاء 32من شوال 1432 هـ / 21 من سبتمبر 2011 قضايا وآراء .

(28)مصطلح يعنى : حكم رجال الدين فى الدولة التي تمارس الحكم الإلهي وفيها يحكم الحاكم باسم الله ويكون نائباً عن الله في حكم المجتمع، ويكتسب الحاكم وقوانينه وممارساته قداسة مطلقة هي من قداسة الله تعالى ذاته، وهذا النوع من الدولة الدينية هو الذي كان سائداً في أوربا في العصور الوسطي.راجع : الدكتور علاء سعد حسن : الدولة في الإسلام دولة مدنية حصريا.. ولا دولة دينية في الإسلام5/ 3/ 2011..

(29) حوار المرشد العام للإخوان لوكالة الأنباء الألمانية : الفلول سبب الفوضى ، اخوان أون لاين بتاريخ 12/9/ 2011

(30)راجع : برنامج حزب الحرية والعدالة.

(31) راجع :الدكتور علاء سعد حسن : الدولة في الإسلام دولة مدنية حصريا.. ولا دولة دينية في الإسلام5/ 3/ 2011.

(32) الأهرام : بديع: الإسلام لا يعرف إلا الدولة المدنية ولا خوف من نظام الحكم الإسلامي . الأربعاء 13 يوليو 2011.

(33) راجع : الدكتورُ يوسف القرضاوى:في النظامِ السياسيِّ الإسلاميِّ ص45-47.

(34) الهوية المأزومة بين العصبة والدولة:موقع الحزيرة نت ،الخميس 26/2/1428 هـ - الموافق 15/3/2007 م: وجهات نظر.

(35) راشد الغنوشي: الإسلام والمواطنة: موقع الجزيرة نت. السبت 22/7/1431 هـ - الموافق 3/7/2010 م تحت موضوع : وجهات نظر. (36) د. محمد عمارة : حقوق المواطنة في الإسلام جريدة المصريون بتاريخ 5/ 1 / 2009

(37)د. جعفر شيخ إدريس :المواطنة والهوية ، مجلة البيان العدد 211 ربيع الأول 1426 هـ / 2006م

(38)مجموعة رسائل الإمام البنا : رسالة إلى الشباب عامة وإلى الطلبة خاصة ، طبعة مركز البصائر ، دار التوزيع الإسلامية بالقاهرة ،2006م ، ص 420.

(39)مجلة النذير ، العدد ( 36) ، السنة الثانية 17 من رمضان 1358هـ / 31 من أكتوبر 1939 ، (نحو النور) ص 3ـ 18 ، وقد جمعت فى رسائل الإمام البنا : نحو النور ـموقف الإسلام من الأقليات والأجانب ، ص169 ـ 170.

(40)مجموعة رسائل الإمام البنا : رسالة إلى الشباب عامة وإلى الطلبة خاصة ، ص 420 ، طبعة مركز البصائر ، دار التوزيع الإسلامية بالقاهرة ،2006م ، ص426.

(41) أصول الإسلام كنظام اجتماعي : إعلان الأخوة الإنسانية والتبشير بفكرة العالمية مجلة الشهاب ، السنة الأولى ، العدد الثالث الأول من ربيع الأول 1367هـ /13 من يناير 1948 م ص (46ـ 55) : وتم نشرها فى الكتاب الخامس عشر من تراث الإمام البنا ،إعداد :مركز ، البصائر للبحوث والدراسات ، دار التوزيع والنشر الإسلامية ، القاهرة ، 2006م . ص 680 ـ 683 .

(42)السعيد رمضان العبادى: الإخوان وبناء الكنائس .. حقائق للتاريخ ،موقع إخوان ويكي، قسم أحداث صنعت التاريخ.

(43) راجع :د/ محمد عبد الرحمن عضو مكتب الإرشاد فى مقاله : الإمام حسن البنا وشركاء الوطن 1-2

(44) راجع : برنامج حزب الحرية والعدالة.

(45) راجع : السابق.

(46)راجع : السابق.

(47)راجع : السابق.

(48) راجع : السابق.

(49) راشد الغنوشي: الإسلام والمواطنة: موقع الجزيرة نت.

(50) طارق البشري يكتب : حول المادة الثانية من الدستور المصري .

(51)راجع : برنامج حزب الحرية والعدالة.

(52) مجلة النذير ، العد (35)السنة الأولى ، 17 من ذى الحجة 1357هـ / 7فبراير 1939 ص 3ـ34. تحت عنوان : (الإخوان المسلمون فى عشر سنوات (1347ـ 1357هـ )ـ الإخوان المسلمون والدستور المصرى ، وجمعت فى رسائل الإمام البنا تحت اسم : ( رسالة المؤتمر الخامس)ـ الإخوان المسلمون والدستور المصرى.ص 356ـ358. (53)الإخوان المسلمون والقانون ص 359ـ360.

(54) رسالة من الأستاذ محمد مهدي عاكف - المرشد العام للإخوان المسلمين، منشورة على موقع إخوان ويكى . (55) برنامج حزب الحرية والعدالة ، موقع الحزب ، الباب الثاني :الدولة والمبادئ السياسية ـ الفصل الأول: الدولة : خصائص الدولة.

(56) الإخوان‏:6‏ دلالات لمحاكمة مبارك‏..‏ والشعب المصري أثبت تحضره ، الأهرام 5رمضان 1432هـ / 5أغسطس 2011م المشهد السياسي

(57) رسالة من أ.د. محمد بديع المرشد العام للإخوان المسلمين : في ذكرى استشهاده ... الإمام البنا وقضايا الأمة ، موقع إخوان ويكى .

(58)مجموعة الرسائل : رسالة المؤتمر الخامس ،ص 350 وما بعدها، طبعة مركز البصائر .

(59) رسالة نظام الحكم.ص 670 وما بعده ، طبعة مركز البصائر .

(60) رسالة الأستاذ محمد مهدي عاكف - المرشد العام للإخوان المسلمين بعنوان : الحرية كما يراها الإخوان المسلمون، موقع إخوان أون لاين .

(61) رسالة من الأستاذ محمد مهدي عاكف - المرشد العام للإخوان المسلمين، منشورة على موقع إخوان ويكى .

(62) راجع : الدكتورُ يوسف القرضاوى:في النظامِ السياسيِّ الإسلاميِّ ص45-47.

(63)راجع : برنامج حزب الحرية والعدالة ، موقع الحزب على الانترنت .

(64) السابق : الفصل الثالث :تحت عنوان : الأهداف .

(65) محمد الخضر حسين : الشريعة الإسلامية صالة لكل زمان ومكان ، تقديم وتحقيق : د. محمد عمارة ، دار نهضة مصر، القاهرة 1999 ص18.

(66) طارق البشري يكتب : حول المادة الثانية من الدستور المصري .

(67) د. محمد عمارة : السياسة الشرعية عند الشيخ خلاف جريدة الأهرام :الأربعاء 32من شوال 1432 هـ / 21 من سبتمبر 2011 قضايا وآراء .

(68) د. محمد عمارة : السياسة الشرعية عند الشيخ خلاف جريدة الأهرام :الأربعاء 32من شوال 1432 هـ / 21 من سبتمبر 2011 قضايا وآراء .

(69) السياسة الشرعية عند الشيخ خلاف ، جريدة الأهرام :الأربعاء 32من شوال 1432 هـ / 21 من سبتمبر 2011 قضايا وآراء .

(70)مؤتمر طلبة الإخوان المسلمين ـ كلمة المرشد ـ السياسة الداخلية ، طبعة مركز البصائر ، ص 230 .