البناء الداخلي لحركة الإخوان المسلمين في قطاع غزة 1967-1987

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
البناء الداخلي لحركة الإخوان المسلمين في قطاع غزة 1967-1987

د. نهاد الشيخ خليل

ملخص

تتناول هذه الدراسة موضوع البناء الداخلي لحركة الإخوان المسلمين في قطاع غزة، وتعرض المكونات الرئيسة للحركة، وتوضح البناء الهرمي للحركة، وأهم التطورات التي طرأت عليه، وتكشف عن أهم القرارات التي اتخذتها الحركة في فترة الدراسة، وتناقش طبيعة العلاقة بين القيادة والقاعدة، وتشرح طريقة اختيار الأعضاء وتربيتهم وارتقاءهم في إطار الحركة.

وتستعرض الدراسة أنشطة الذراع الطلابي للحركة (الكتلة الإسلامية)، وكذلك نشأة وتطور ودور التنظيم النسائي داخل الحركة.

The internal structure of the Muslim Brotherhood movement in gaza strip 1967-1987 Abstract: This study talks about the internal structure of the Muslim Brotherhood movement in Gaza Strip, presents the main components of the movement, and describes its hierarchical structure of and the most important developments that happened to it. The study also reveals the most important decisions taken by the movement in the period mentioned above, discusses the nature of the relationship between the leadership and the members, and explains the method of selecting members and educating them in the frame of the movement. The research shows the activities of the movement's student activities (the Islamic Bloc) as well as the origins and evolution of the women organization inside the movement.

مقدمة

يتناول هذا البحث دراسة الأوضاع الداخلية لحركة الإخوان المسلمين في قطاع غزة؛ من حيث بناء التنظيم؛ وتكويناته المختلفة من لجان وأجهزة، والاهتمام بتحديد شروط العضوية؛ وحقوق وواجبات الأعضاء، وقواعد العمل التنظيمي، ولجان العمل داخل الحركة وسُبل تكوين القيادة وتداولها داخل الحركة. ويتناول كذلك السياسة التربوية التي تختار طرق تعليم الأعضاء وتربيتهم وتهذيبهم وإكسابهم الصفات الإيمانية والسمت الإخواني.

ويسعى البحث للإجابة على الأسئلة التالية: ما هي المكونات الأساسية لتنظيم الإخوان المسلمين في قطاع غزة في فترة الدراسة؟ ما هو الدور الذي لعبه الطلاب في الحركة؟ ما هو الدور الذي لعبته المرأة في الحركة؟ ما هي فلسفة وأساليب التربية عند الإخوان في مرحلة الدراسة؟

وقد اعتمد البحث الحد الزماني الممتد منذ العام 1967 حيث تم إعادة بناء تنظيم الإخوان في قطاع غزة من جديد في ظروف العمل السري تحت الاحتلال، أما السنة التي تم اختيارها لنهاية البحث فهي 1987 حيث بدأت الحركة مرحلة جديدة من تاريخها، ودخلت تطويرات على بنيتها التنظيمية، واعتمدت الدراسة منهج البحث التاريخي، ولتسهيل عرض القضايا سابقة الذكر، والإجابة على أسئلة البحث، فقد جرى تقسيمه إلى المباحث التالية:

المبحث الأول : البنية التنظيمية للإخوان المسلمين في قطاع غزة 1967-1987

ورد في النظام الداخلي لجماعة الإخوان المسلمين أن "حركة الإخوان المسلمين في فلسطين هي جزء لا يتجزأ من جماعة الإخوان المسلمين العالمية، وهي تعمل على تطبيق المنهج الإسلامي في كافة نواحي الحياة لتحقيق أهدافها الدعوية والسياسية". (1)

ويحدد النظام الداخلي للحركة مجموعة الأهداف التي تسعى الحركة للالتزام بها كالتالي(2):

  1. تؤمن حركة الإخوان المسلمين بضرورة قيام الدولة الإسلامية في فلسطين وتطبيق مبادئ الشريعة، وتحويل المجتمع الفلسطيني إلى مجتمع إسلامي بالوسائل الشرعية.
  2. القيام بالدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتبليغ رسالة الإسلام.
  3. تحرير كافة الأراضي المحتلة في فلسطين.

أما وسائل حركة الإخوان المسلمين لتحقيق أهدافها، فقد وردت في النظام الداخلي للجماعة كما يلي(3):

  1. نشر الدعوة عن طريق الاتصال المباشر بالجماهير، وتجميعهم حول الحركة.
  2. تربية الأفراد على المبادئ والمثل الإسلامية.
  3. المشاركة في العمل السياسي بما يُحقق أهداف الحركة.
  4. اعتبار الجهاد وسيلة مؤدية لتحرير كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة.
  5. إنشاء وتأطير المؤسسات التي تخدم أهداف الحركة.
  6. التنسيق مع حركات المقاومة والقوى الفلسطينية الفاعلة على الساحة الفلسطينية.
  7. إقامة علاقات وطيدة مع الدول وحركات التحرر العالمية التي تساند القضية الفلسطينية.
  8. اتخاذ كافة الوسائل المادية والمعنوية المُتاحة والمشروعة والتي تنسجم وسياسة الحركة من أجل تحقيق أهدافها.

وقد تعرّضت حركة الإخوان المسلمين قبل سنة 1967 لضربة قاسية على يد السلطات المصرية، وهاجر أغلب الفاعلين فيها إلى دول الخليج للعمل، وانتقل الكثير منهم إلى صفوف حركة فتح. وبعد الاحتلال الإسرائيلي سنة 1967 بادر الشيخ أحمد ياسين(4) بدعوة مجموعة من الشخصيات المنتمية لحركة الإخوان، والراغبين في العمل لإعادة تشكيل التنظيم، وكان عددهم عشرة تقريباً. (5)

ويمكن القول أن هذا هو القرار الأول الذي اتخذته الحركة بعد سنة 1967، واعتمد اتخاذه على المبادرة من قِبَل مجموعة الكوادر الأكثر نشاطاً في الحركة. وقد لا حظ بعض الباحثين تمتع قيادة حركة الإخوان بسمة المبادرة حيث يذكر محمد المدهون أن أحمد ياسين كان "يؤمن بضرورة المبادرة القيادية". (6)

في المرحلة الأولى شكلت هذه المجموعة قيادة الحركة، ولم يكن هناك كيانات أو مؤسسات تنظيمية أخرى، ومع الوقت بدأت أعداد المنتمين للإخوان تتزايد، وترافق هذا مع استحداث هياكل وأشكال ومؤسسات ومراتب تنظيمية تناسب الواقع الجديد.

وأصبح تنظيم الإخوان يتكون من الهيكلية التنظيمية التالية:

(1)الهيئة الإدارية العامة: هي القيادة العليا للحركة في قطاع غزة، وتكون مسئولة عن الهيئات الإدارية لمختلف المناطق(7)، وقد تكوّنت في البداية من مجموعة الشخصيات التي بادرت للعمل بعد الاحتلال الإسرائيلي عام 1967، وهؤلاء الأشخاص هم: أحمد ياسين، وإبراهيم اليازوري، ومحمد الغرابلي، يمثلون مدينة غزة، ومحمود أبو خوصة يمثل جباليا وتوابعها من مناطق شمال قطاع غزة، وعبد الفتاح دخان(8) ممثلاً عن المنطقة الوسطى، ومحمد عايش النجار ممثلاً عن خانيونس، ومحمود محسن ممثلاً عن رفح. (9)

وانتُخِب عبد الفتاح دخان رئيساً للهيئة الإدارية، لكنه تنازل عن هذه المهمة للأستاذ أحمد ياسين؛ معللاً ذلك بأن المسئول يجب أن يكون من منطقة غزة فهي مركز القطاع، إضافة إلى أن أحمد ياسين تتوفر فيه صفات القيادة، وأصبح عبد الفتاح دخان نائباً للرئيس بشكل تلقائي. (10)

دارت نقاشات طويلة داخل الهيئة الإدارية العليا، والتي أُطلق عليها أيضا المكتب الإداري؛ بشأن تحديد الأولويات، هل تبدأ الحركة بمقاومة الاحتلال؟ أم تُعيد بناء ذاتها؟ وتعمل على بناء جيل جديد يكون قادراً على البدء والاستمرار في المقاومة.

وحُسم الأمر بأن الأولوية يجب أن تكون لصالح إعداد جيل وتربيته، وإعادة بناء التنظيم، وأن الهدف المرحلي لحركة الإخوان في قطاع غزة يجب أن يقتصر على إنجاز هذه المهمة(11). ويذكر أحمد ياسين أن هذا القرار اتُخذ بعد نقاشات دارت بين الداخل والخارج، حيث سافر أحمد ياسين إلى عمان، والتقى مع عبد الله أبو عزة(12)، مندوباً عن الإخوان المسلمين الفلسطينيين في مدينة عمان، وأكد الطرفان على أولوية التربية وإعادة بناء التنظيم. (13)

وتجدر الإشارة إلى أن الشيخ أحمد ياسين كان ميالاً للبدء بالعمل العسكري منذ اللحظة الأولى وأبدى هذا الموقف في الداخل والخارج، لكنه التزم بموقف الأغلبية التي أصبحت قراراً للحركة(14). ويمكن القول أن هذا هو القرار الثاني الذي اتخذته الحركة منذ تأسيسها، وقد تم اتخاذه بالتشاور بين الداخل والخارج.

واصلت هذه المجموعة القيادية عملها منذ البداية حتى منتصف السبعينات، لم يطرأ عليها أي تغيير، فغالبية هذه المجموعة كانت تعمل في التدريس، والمنتسبين الجدد للحركة كانوا من الطلاب في العادة، وكان العمل مُنصَبّاً على أنشطة دعوة الناس للالتزام بتعاليم الدين والاستقامة على الصعيد الفردي والجماعي، واستمر الانسجام الكامل بين المجموعة القيادية الأولى، ولم تظهر أي اختلافات أو تباينات في الرأي حتى منتصف السبعينات.

خاصة وأن قيادة التنظيم كانت حريصة على الربط بين الأجيال الجديدة وقدامى الإخوان من خلال الاحتفالات العامة التي يتصدرها قدامى الإخوان مثل أسعد حسنية وعبد الرحمن سكيك وصفوت النونو، وبعض الزوار الذين يأتون إلى قطاع غزة في الصيف مثل عبد الكريم نصار ومحمد صيام وإسماعيل الخالدي، هذه الاحتفالات واللقاءات التي كانت تضم مختلف الأجيال كانت تُشعر الجميع بالترابط والثقة. (15)

لكن بعد ذلك بدأت تظهر بعض النقاشات داخل الحركة حول مسائل عديدة: منها إعادة ترتيب الأولويات، ومسألة المقاومة المسلحة ضد الاحتلال، وضرورة استحداث آليات عمل جديدة (مثل بناء المؤسسات)، حينها لجأت القيادة إلى استحداث جسم جديد وهو (مجلس الشورى) لكي تُدار بداخله النقاشات وتُحسم الخلافات (16).

ومع نهاية السبعينات أصبح المكتب الإداري يُنتخب من مجلس الشورى، وقد جرت انتخابات دورية كل عامين منذ نهاية السبعينات وحتى اندلاع الانتفاضة الأولى. وقد أفرزت نتائج الانتخابات بعض التغييرات في عضوية المكتب الإداري. (17)

وقد أوضحت نتائج الانتخابات أن باب المشاركة كان مفتوحاً أمام الأجيال المختلفة، سواء الأجيال الحركية أو الأجيال العُمرِيّة، فعندما نجد قيادة تضم كل من عبد الفتاح دخان (وهو من مواليد عام 1934، وانتمى للإخوان في أواسط الخمسينات) وإبراهيم المقادمة (وهو من مواليد عام 1952، وانتمى للإخوان سنة 1969) فهذا يعني أن القيادة تشمل أجيالاً عُمرية مختلفة،

كما أن انضمام عبد العزيز الرنتيسي (18) لقيادة الحركة (وهو من مواليد عام 1947 وانتمى للحركة عام 1979) يعني أنه لم تكن هنالك حواجز أمام حديثي العهد بالحركة عندما يمتلكون الكفاءة ويفوزون في الانتخابات.

(2) مجلس الشورى: يُعتبَر أعلى هيئة قيادية للحركة، وله السلطة العليا على جميع الهيئات التنظيمية واللجان المنبثقة عنها، وقراراته ملزمة لها جميعاً(19). تشكل مجلس الشورى الأول في منتصف السبعينات، وكان أقرب إلى المجلس الاستشاري بهدف توسيع دائرة التشاور حول القضايا الهامة والمستحدثة.

وجاء تشكيله بمبادرة من القيادة العليا للحركة، وتكوّن المجلس من عشرين عضواً تقريباً يمثلون المناطق المختلفة، وقد مثّل منطقة رفح في هذا المجلس كل من محمود محسن، وسيد أبو مسامح، وحسين المصري، وإبراهيم علوان، وإبراهيم أبو مر. (20)

أما منطقة خانيونس فمثّلها الحاج محمد عايش النجار، ومنطقة المعسكرات الوسطى مثّلها في المجلس عبد الفتاح دخان، ومحمد طه(21)، وحماد الحسنات(22)،ومثّل منطقة غزة كل من أحمد ياسين، ومحمد حسن شمعة، وإبراهيم اليازوري، وأحمد الملح، وداوود أبو خاطر، وإسماعيل أبو شنب، ومنطقة شمال قطاع غزة كان ينوب عنها عبد الرحمن تمراز.

لم يأت تشكيل هذا المجلس باختيار القاعدة، وإنما جاء بتنسيب وتعيين من القيادة التنفيذية للحركة( 23)، وعقد المجلس أول اجتماع له في بيت الدكتور أحمد الملح في حي الزيتون بمدينة غزة.

يذكر سيد أبو مسامح أن الهدف من إيجاد هذا المجلس هو تمثل روح الإسلام في تكريس منهج الشورى، وأنه خطوة على طريق بناء مؤسسات الحركة، وأن تشكيل هذه المؤسسة جاء بناء على مبادرة قيادية خالصة، وأن القواعد لم يكن لها أي تأثير على اتخاذ هذا القرار، لكن يبدو أن هذا التفسير غير دقيق، فقد شهد منتصف السبعينات نقاشات في أوساط الطلاب من أبناء الحركة الذين كانوا يدرسون في الجامعات المصرية.

وشملت هذه النقاشات موقف الحركة من القضية الفلسطينية وطريقة اتخاذ القرار فيها، ومدى ملاءمة وقدرة القيادة على مواجهة أعباء المرحلة(24)، وفي هذا السياق جاء استحداث مؤسسة مجلس الشورى ليكون بمثابة مجلس لـ (أهل الحل والعقد)، أو مجلس استشاري بالتعبير الحديث، وذلك لتحقيق مجموعة من الأهداف تتمثل في استيعاب قيادات من الأجيال الجديدة؛ التي أنهت دراستها في الجامعات؛ وأصبح لها حضور في الميدان، إضافة إلى تحقيق قدر أكبر من الانسجام الداخلي في الحركة، ومنذ نهاية السبعينات أصبح تشكيل مجلس الشورى يتم عبر الانتخابات الداخلية.

(3) الهيئات الإدارية المحلية: هي السلطة الإدارية للحركة على مستوى المنطقة المحلية(25). وفي البداية كانت البنية التنظيمية تتكون من القيادة العليا ومن يتم تنظيمهم من الأعضاء الجدد، وعندما تكاثرت أعداد المنتمين للتنظيم بدأت الحركة تطور بنية التنظيم شيئاً فشيئاً إلى أن استقرت بتقسيم قطاع غزة إلى سبع مناطق: هي الشمال، وشرق غزة، وغرب غزة، والمعسكرات الوسطى، وخان يونس، ورفح. (26)

وبعد ذلك تقرر أن تجري انتخابات منتظمة كل عامين لانتخاب الهيئات الإدارية لكل منطقة من هذه المناطق، ومن ثم يجري تشكيل المكتب الإداري العام ومجلس الشورى اللذان يضمان ممثلي المناطق المذكورة أعلاه. (27)

(4) العضو والعضوية: تعتبر حركة الإخوان المسلمين أن العضوية فيها حق مكتسب لكل فلسطيني مسلم آمن بمبادئ وأهداف الحركة وسياساتها العامة(28)، وتقسم الحركة العضوية فيها إلى ثلاثة أنواع هي(29): العضو النصير، وهو المؤيد للحركة دون أن ينتظم في صفوفها.

والعضو التمهيدي وهو الملتزم في أسرة تمهيدية بهدف إلحاقه بالجماعة.

والعضو الفاعل هو العضو الذي التزم في صفوف التنظيم من خلال إعطاء بيعة على السمع والطاعة لقيادة التنظيم، ويخضع في السنوات الثلاث الأولى لعملية تربية على مبادئ وأفكار وأهداف ووسائل عمل التنظيم، ويشارك بعد استكمال عملية التربية في الأنشطة التنظيمية المختلفة، خاصة تحمل المسئوليات (30)

ويمكن تحديد شروط العضوية بثلاثة شروط أساسية هي(31): النقاء الأمني للفرد وعدم وجود أي انتماء أو تعاطف لديه مع أي حزب أو فكر آخر، والتدين الواضح، ومرور الفرد لفترة تنشيطية تصل إلى ستة أشهر يتم خلالها تقييم انطباق المعايير السابقة عليه، كما يتم تهيئته للانتماء للتنظيم. (32)

تستمر جلسات الأسرة التنشيطية مرة في الأسبوع وتدرس منهج يشتمل على حفظ جزء عمّ والأحاديث الأربعين النووية، وكتاب (ماذا يعني انتمائي للإسلام) للداعية الإسلامي فتحي يكن. (33)

والهدف من دراسة هذا المنهج هو تجذير مفاهيم الإيمان، وترسيخ وتصليب العقيدة في نفس وعقل النصير، وإكسابه الصفات الإيمانية والأخلاقية والسمت الإخواني، وبعد ذلك يجري دراسة كتاب (الدعوة الإسلامية فريضة شرعية وضرورة بشرية) للدكتور صادق أمين؛

حيث يؤسس هذا الكتاب لوجوب وجود حركة تعمل لنصرة الإسلام من خلال عرض صورة قاتمة لما يسميه الإخوان الجاهلية التي تعم العالم، والضعف الذي يسيطر على المسلمين، مما يوجب تأسيس جهد منظم لإعادة بعث الإسلام وإقامة دولتة، ثم يستعرض التجارب الإسلامية المختلفة أمام القارئ، ويصفها بأنها لا تعبر عن الإسلام بمفهومه الشامل،

أما الإخوان حسب هذا الكتاب فهم وحدهم الذين يملكون هذه الميزة، وعندما يُبدي النصير قناعة بالإخوان، ورغبة في الانتماء لهم؛ يجري تحذيره من الأهوال والمخاطر التي تترتب على الانتماء للإخوان، فإذا ما أصر النصير على الانتماء، يتم تكليفه من قبل الشخص الموكل بتجنيده بدراسة (رسالة التعاليم) للأستاذ حسن البنا، ورسالة التعاليم تحتوي على أركان البيعة للإخوان المسلمين، وهي إجمال لرؤية الإخوان حسبما قرر المؤسس حسن البنا في صورة أركان بيعة يتعهد الفرد بالالتزام بها. (34)

وبعد مناقشة هذه الأركان تتم بيعة الفرد للجماعة على السمع والطاعة حسب نص متفق عليه وموروث من عهد المؤسس، ليصبح هذا الفرد عضوا عاملاً في جماعة الإخوان المسلمين، ويحمل لقب (أخ)، ويلتزم إحدى الأُسر التنظيمية. (35)

لم يكن تنظيم الإخوان مفتوحاً للعضوية، بل كانت العضوية فيه قائمة على مبدأ الانتقاء في محاولة لبناء تنظيم نخبوي نوعي، لكن البعض يرى أن "الإخوان لم يكونوا يتطلعون إلى بناء تنظيم نوعي بالدرجة الأولى، بل إلى الانتشار المدروس الذي يحافظ على هوية التنظيم الفكرية ونقاءه الأمني". (36)

ويعتبر عبد السلام الحايك أن أسلوب الإخوان في التنظيم "لايحتوي على أي عملية انتقاء نوعية؛ فالنضج الفكري المطلوب لدى الفرد هو نضجه لقبول الانتماء"(37). ويرى الحايك أن هذه الطريقة في تجنيد الأعضاء لم تُقصّر فقط في جلب نُخب نوعية فقط، بل إنها ساهمت في "إبطاء نمو تنظيم الإخوان"(38)، وذلك بسبب قلة أعداد الأعضاء العاملين القادرين على تشكيل اُسَر تنشيطية، وكذلك فإن طول فترة وصعوبة الانتظام في جلسة أسبوعية لأفراد لا تجربة لهم؛ كان يؤدي إلى عدم وصول الكثيرين إلى خط النهاية، إضافة إلى أن سرية الجلسة كانت تُخيف الكثيرين. (39)

(5) الأسرة: هي اللبنة الأولى في البنية التنظيمية لحركة الإخوان المسلمين، وتتكون من ثلاثة إلى خمسة أعضاء جدد، ويترأسهم شخص يُدعى (النقيب)، ويقوم النقيب بتربية أعضاء الأسرة على مفاهيم وأفكار وأخلاق وقيم ووسائل عمل حركة الإخوان ويتابع أنشطتهم. (40)

(6) النقيب: النقيب هو العضو الذي اجتاز مرحلة التربية الأولى، وأصبح قادراً على تأهيل وتربية غيره من الأفراد، بحيث يكون قد مارس العمل التنظيمي مدة لا تقل عن سنتين، ثم يجتاز دورة تأهيل خاصة، وبعدها يتولى المسئولية عن أسرة مكونة من ثلاثة أفراد، وينضم النقيب إلى مجلس يُسمّى مجلس النقباء، ويترأسه شخص يُدعى رقيب. (41)

(7) الرقيب: الرقيب هو المرتبة التنظيمية التالية بعد النقيب، ويكون الرقيب مسئولاً عن مجموعة من النقباء، ويُطلق على هذه المجموعة اسم (مجلس النقباء)، ويشرف هذا المجلس على متابعة النشاطات التربوية للأعضاء؛ إضافة للأنشطة العامة التي يمارسها الأعضاء المنضوين تحت إطار هذا المجلس. (42)

(8) مجلس النقباء: هو مجلس يضم مجموعة من النقباء (3-4 نقباء) ويرأسهم شخص يحتل رتبة رقيب، ويشرف على النشاطات التربوية والتنظيمية والأنشطة العامة، وتنظيم الأعضاء الجدد في إطار الأعضاء المنضوين تحت إطار هذا المجلس. (43)

(9) مجلس الرقباء: هو مجلس يضم مجموعة من الرقباء (3-4 رقباء) ويترأسهم الرقيب الأقدم أو الأكثر كفاءة، ويشرف على النشاطات التربوية والتنظيمية والأنشطة العامة في إطار الأعضاء المنضوين تحت إطاره. (44)

صناعة القرار لدى الإخوان المسلمين في قطاع غزة

اتخذت الحركة في فترة الدراسة مجموعة من القرارات التي يمكن وصفها بأنها قرارات كبيرة وهذه القرارات هي(45): إعادة بناء التنظيم وتطويره حسب المعطيات المستجدة، وإعطاء الأولوية للتربية وتأجيل المقاومة.

وبعد ذلك إنشاء مجموعة من مؤسسات المجتمع المدني، ثم الانخراط في العمل النقابي. وتبع ذلك قرار الاستعداد والبدء بالعمل العسكري، وكذلك قرار الدخول في مجموعة من المواجهات والمصالحات مع القوى الوطنية، وأخيراً تطوير بنية التنظيم واستحداث مجلس الشورى واعتماد إجراء الانتخابات الدورية لاختيار قيادات الحركة.

يتضح من خلال استطلاع آراء مجموعة كبيرة من قيادات وكوادر حركة الإخوان أن اتخاذ القرارات كان في الغالب يتم بصورة مبسطة للغاية، فأعضاء التنظيم لا زال عددهم قليل، وغالبيتهم منسجمون بشكل كبير مع أنفسهم وأهدافهم وقياداتهم، وكلما تقدم النشطاء من الكوادر بفكرة أو مشروع كان الشيخ أحمد ياسين يُعطي موافقته بدون تعقيدات أو بيروقراطية، ويُقنع بقية أعضاء القيادة بهذا القرار(46)، وتنطبق هذه الطريقة المبسطة على مجمل القرارات باستثناء قرار العمل العسكري الذي كان يستغرق قدراً كبيراً من التشاور والدراسة والتواصل بين الداخل والخارج. (47)

ويُضاف إلى ما تقدم أن القرارات اتُخذت أحياناً مثل قرار تشكيل مجلس شورى استجابة لضغوط ونقاشات وحراك داخلي ونقاشات بشأن إعادة ترتيب الأولويات، وكذلك كمحاولة لاستيعاب هذا الحراك والحفاظ على متانة الصف الداخلي، وتخليصه من التوترات.

العلاقة بين القيادة والقاعدة: يتحدث أعضاء الإخوان المسلمين عن حميمية العلاقات الداخلية بين الأفراد مع بعضهم البعض، وبين القاعدة والقيادة، ويعزون ذلك إلى قلة الأعداد في بدايات تأسيس الحركة، إضافة إلى صرامة الالتزام بالمبادئ والقيم، خاصة أن أحد أركان البيعة هو "الأخوة"(48)، وعندما كان يشعر الأعضاء بأن لديهم شكوى أو انتقاد كانوا يتوجهون لمسئولهم المباشر، فإن استجاب لهم تيسرت الأمور، وإن لم يستجب فإن الطريق إلى بيت الشيخ أحمد ياسين مفتوحة للجميع، وحدث أن اشتكى بعض الإخوة في المسجد الشمالي بمعسكر الشاطئ من شدة المسئول، فذهب أحدهم للشيخ أحمد ياسين واشتكى من شدة مسئوله، فما كان من الشيخ إلا أن أحضر المسئول وتباحثوا جميعاً في الأمر، وأعطى الشيخ تعليماته بتغيير طريقة التعامل مع الأفراد، وخرج الجميع يغمرهم الرضا. (49)

لكن عبد السلام الحايك يُسجّل مجموعة من الانتقادات للعلاقات السائدة داخل تنظيم حركة الإخوان بناء على تجربته الشخصية، وتتمثل هذه الانتقادات في النقاط التالية(50): النقطة الأولى تتمثل في اعتماد التنظيم على تقديم التقارير الشفوية من المستويات الأدنى إلى الأعلى؛ معتبراً أن هذه التقارير عُرضة للتحريف وسوء الفهم؛ خاصة أنه يتم اختصار التقارير في كل مرحلة، خاصة إذا كان الذين يقدمون التقرير غير مدربين على هذا النوع من التقارير.

ويبدو أن الحايك يعتبر أن التقارير التي تُنقل عن الأفراد وتقييماتهم عبر نقيبهم هي التقارير الوحيدة التي يجري تداولها داخل التنظيم، وهذا غير صحيح، فكل أسرة ترفع تقريرها عبر النقيب، وكذلك كل منطقة، وكل لجنة، وكل مسجد، وهكذا فإن التقارير متنوعة؛ بعضها عن الأفراد، والبعض الآخر عن الأنشطة التي يمارسها الأفراد أو اللجان أو المساجد.

والنقطة الثانية من الانتقادات هي أن صوت الأفراد يختفي تقريباً، ولا يظهر في الأوساط القيادية إلا ما ينقله المسئولون، ويذكر أن التقارير تُختصر، ويسقط بعضها في الطريق إلى مجلس النقباء نظراً لضيق الوقت وكثرة المشاغل، وتنحصر مسئولية مجلس النقباء في متابعة ما يرشح من مشاكل ومعلومات إن وُجد الوقت الكافي لذلك، أما مجلس الرقباء فإن صوت الأفراد يختفي تقريباً. ويذهب الحايك إلى القول أن عناصر التأثير المتبادل بين الطرفين تأخذ اتجاهاً واحداً ومتقطعاً من أعلى إلى أسفل.

لكن الحايك يعود ليقول أن الاتصالات الفعالة بين الأفراد والقيادة كانت تتم من خلال تجاوز أو اختصار القنوات التنظيمية العادية، وكانت هذه القنوات المختصرة هي وسيلة القيادة الفعالة، الأولى لمعرفة ما يجري داخل التنظيم، وإدراك التنظيم وإدراك طبيعة المشاكل والضرورات ومن ثمَّ علاجها. ويعتبر الحايك أن هذه وسيلة جيدة ولكنها تنبئ عن عيب في بنية التنظيم يجب علاجه، لأنها تُعطّل القنوات التنظيمية الرسمية.

ويستنتج الحايك أن ماكينة العمل الحقيقية لتنظيم الدعوة لم تكن في الهرم التنظيمي الأساسي. ويعتبر أن الفعالية كانت من خلال اللجان والأجهزة الفرعية والأُطر النقابية، وهي لجان ذات مرونة واسعة ولا مركزية في الغالب، ويعتبر الحايك أن الإخوان أثبتوا تميزاً في كل هذه الساحات منحهم فرصة التحول إلى طرف مركزي في الساحة الفلسطينية منذ وقت مبكر. (51)

يمكن القول أن انتقادات الحايك تعكس تجربة شخصية حدثت معه في منطقته، وبالتالي لا يمكن تعميمها على التنظيم بشكل كامل، لكن إن صح ما يقوله قي هذا الصدد فإن حركة تُعيد بناء صفوفها بعد أن فقدت غالبية عناصرها وكوادرها لا يتوقع المرء منها أن تعمل وفق اللوائح والأطر التنظيمية بشكل صارم؛ خاصة في المراحل الأولى لإعادة بناء التنظيم، بل إن المراقب يتوقع تدخلات أكثر سفوراً من جانب القيادات ذات الخبرة؛ لكي تعوّض ضعف الخبرات عند النشطاء الميدانيين.

المبحث الثاني: التنظيم النسائي

بدأ العمل الموجه للمرأة من نقطة الصفر على صعيد النشاط والعمل، لكن على صعيد الرؤية وتحديد الأدوار فإن الميراث الفكري للإخوان المسلمين كفل هذه المسألة، ويستند الإخوان في تصورهم وعلاجهم لقضية المرأة إلى النصوص الشرعية الإسلامية، فهم يهتمون بالمرأة لأنها العامل الأول في صياغة الناشئة، ومن ثم فهي المؤثر الأول في اتجاه الأمة، ولأنها أساس الأسرة التي هي عندهم قاعدة المجتمع. (52)

ويعتقدون أن الإسلام جعل المرأة شريكة الرجل في الحقوق والواجبات، وأنها مساوية للرجل في الإنسانية والقدر، وأنه كفل لها حقوقها الشخصية والمدنية والسياسية بشكل كامل، وعاملها على أنها إنسان كامل الإنسانية له حق وعليه واجب. (53)

ويعتقد الإخوان أن نظام المجتمع المسلم يقوم على منع الاختلاط وعلى فرض الحجاب الشرعي على المرأة، وتحريم التبرج، ومنع خلوتها بالأجنبي؛ حرصاً على سلامة المجتمع من شيوع الفاحشة، ويستندون في تقرير ذلك إلى النصوص الشرعية(54).

ويرى الإخوان أن التجاذب الفطري أساسي في العلاقة بين المرأة والرجل؛ وأن غايته التعاون على حفظ النوع واحتمال متاعب الحياة، وقد نظّم الإسلام الزواج بالتربية والتشريع، وحدد العلاقة بين الزوجين في البيت على أساس التشاور والمعاملة بالمعروف، وقوامة الرجل. (55)

وبالنسبة لعمل المرأة فهم يرون أن أساسه في البيت مع زوجها وأولادها، وإذا دعتها ضرورة لغير ذلك، فعليها الالتزام بشروط الخروج، ويرون أن لها أن تذهب إلى المساجد والمدارس وما تضطر إليه من أعمال. (56)

ويرون أن تعليم المرأة ضروري في حدود الاهتمام بالتهذيب، وتعليمها ما لا غنى عنه مثل الدين والتاريخ والحساب وتدبير المنزل، وتربية الأطفال، بحيث يُمنع الاختلاط في مراحل التعليم المختلفة. (57)

وعلى صعيد تفاعل المرأة مع حركة الإخوان المسلمين في قطاع غزة، فإنه يمكن تقسيم فترة الدراسة إلى مرحلتين: المرحلة الأولى منذ العام 1967- 1979، والمرحلة الثانية منذ العام 1980- 1987.

في المرحلة الأولى لم يتم تنظيم أي امرأة، ولم تكن مشاركة المرأة في العمل التنظيمي شائعة في ذلك الوقت، ولم يكن موضوع المرأة مطروحاً للنقاش العام، إذ كان تركيز أغلب الفلسطينيين ينصب على فكرة التضحية من أجل الوطن، وبالتالي فلا مجال للحديث عن حقوق أو دور لشرائح اجتماعية ضعيفة أو مهمشة. (58)

إضافة إلى أن المجتمع الفلسطيني بشكل عام كان يعتبر أن الدور الأساس للمرأة هو داخل بيتها، وأن مشاركتها في الحياة العامة يترتب على وجود ضرورة، وفي هذا السياق تعزو نضال الهندي العوامل التي تحد من نشاط المرأة إلى "واقع المجتمع الفلسطيني كان ما يزال ينظر إلى المرأة على اعتبار أنها ضلع قاصر". (59)

لكن قيادة الحركة ممثلة بالشيخ أحمد ياسين وبعض الكوادر الأخرى بدأت توجه بعض الاهتمام للمرأة، وعلى سبيل المثال فقد حرص الشيخ أحمد ياسين على تنظيم ندوة أسبوعية للنساء في مسجد العباس منذ مطلع السبعينات، كانت تغلب على هذه الندوات الطابع الفقهي وتعريف النساء بأحكام الدين العامة، والأحكام الخاصة بالنساء، وحث المرأة على التزام الحجاب، والابتعاد عن السفور والاختلاط وما يُسميه الإخوان الأفراح الماجنة، والدور المركزي للمرأة في رعاية البيت والأسرة. (60)

وشهدت هذه المرحلة اهتمام الحركة بطباعة ونشر بعض الكتب الإسلامية الخاصة بالمرأة، كما سعت قيادات الحركة لإقامة مصليات للنساء ملحقة بالمساجد، وتجدر الإشارة إلى أن ذهاب المرأة للصلاة في المسجد لم يكن مألوفاً في قطاع غزة في ذلك الوقت، وإنشاء مصليات للنساء وُوجِه أحياناً برفض أئمة المساجد كما حدث مع محاولة الدكتور إبراهيم المقادمة بناء مصلى للنساء في المسجد الكبير لمخيم البريج، فرفض إمام المسجد في بداية الأمر، ولم يوافق إلا بعد جهود كبيرة بذلها الدكتور إبراهيم لإقناع الرجل. (61)

أما المرحلة الثانية فقد بدأت عندما توجهت ثلاث طالبات في المرحلة الثانوية من حي الشجاعية إحداهن طالبة تُدعى رجاء الحلبي(62)، طلبن منه أن يُزودهن بالأسلحة لمقاومة الاحتلال، فأدار الشيخ معهنّ حواراً حول فلسطين ومكانتها وضرورة الاستعداد للمقاومة، وأعطاهن كتاب (الشباب والتغيير) للداعية الإسلامي فتحي يكن، وأخذ معهن موعداً لنقاش الكتاب، وتكررت زيارات الفتيات الدورية للشيخ عام 1979، وبعد فترة ليست طويلة أخذ منهن البيعة. وكانت هذه هي أول أسرة تنظيمية في صفوف الأخوات. (63)

انطلقت الطالبات الثلاثة للعمل في مساجد الشجاعية، ونظمن العديد من الندوات وحلقات تحفيظ القرآن، وظل الشيخ أحمد ياسين هو الذي يتابع المجموعة تنظيمياً وتربوياً، وتزايدت اطّلاعات الفتيات الثلاثة للكتب الإسلامية المتوافرة في مكتبة مسجد الإصلاح في حي الشجاعية. (64)

وفي نفس الوقت كانت تتبلور في الجامعة الإسلامية مجموعة من الطالبات المتدينات، حيث جرت انتخابات لهيئة الطالبات في الجامعة الإسلامية، وهي مكونة من سبع طالبات تُمثّل الجسم الطلابي أمام الإدارة، وتُشرف على الأنشطة الطلابية، وبرز من بين أعضاء الهيئة كل من إيمان عمار (رئيسة الهيئة)، وزميلتها ماجدة عنان، وكانتا متدينتان بالفطرة، وبشكل تلقائي غلب طابع التدين على أنشطة الهيئة، وكان يجري التنسيق مع إدارة شئون الطلاب في الجامعة، إضافة إلى رئيس مجلس الطلاب. (65)

وفي صيف عام 1980 نظّمت هيئة الطالبات مخيماً صيفياً أقبلت عليه الطالبات، وحظي المخيم باهتمام لطفي شبير الذي كان يعمل محاضراً في كلية الشريعة بالجامعة، وأبدى استعداده لتقديم المساعدات، وتم التنسيق عبره لعقد مجموعة من المحاضرات في المخيم الصيفي التي تركز على قضايا المرأة، إضافة إلى الجانب الفكري الذي يركز على أن الإسلام هو المنهج الصالح للحياة، وأن الأفكار العلمانية لا يمكن أن تُصلح واقع المسلمين. (66)

وبعد ذلك برز أحمد أبو حلبية الذي كان يعمل محاضراً في كلية أصول الدين في الجامعة الإسلامية وأبدى اهتماماً بهيئة الطالبات من خلال تقديم المساعدات لها، ثم التحقت رجاء الحلبي وزميلاتها عام 1980 بالجامعة الإسلامية.

وبدأن الاحتكاك بهيئة الطالبات، وفي الانتخابات التالية رشّحت رجاء الحلبي نفسها لانتخابات هيئة الطالبات، وفازت هي ومجموعة أخرى من الطالبات، لم يكن هنالك جسم متماسك من الطالبات حتى هذه اللحظة، ولم تكن أغلب الفائزات في الانتخابات يعرفن بعضهن البعض، لكن اتضح لهن بعد الفوز أن غالبيتهن من المتدينات، باستثناء طالبة واحدة كانت تمثل الجبهة الشعبية وتُدعى نادية أبو نحلة، وفازت برئاسة اللجنة الفنية. (67)

وكانت الهيئة الجديدة برئاسة الطالبة رويدة محيسن وعضوية رجاء الحلبي وسفجان الشامي، وقامت الطالبة نادية أبو نحلة بتجميد عضويتها في الهيئة بسبب شعورها بالغُربة بين معظم الفائزات، فأضيفت إيمان عمار لتقوم بأعمال اللجنة الفنية بدلاً من نادية أبو نحلة. (68)

اهتمت هيئة الطالبات الجديدة بخدمة الطالبات في مجالات عديدة منها التنسيق مع شركات الباصات لنقل الطالبات، وكان التنسيق مُتعِباً في ذلك الوقت بسبب قلة عدد الطالبات؛ وبالتالي فإن عملية نقل الطالبات من الجنوب والشمال من الجامعة وإليها لم يكن مجدياً لشركات الباصات؛ الأمر الذي تطلّب توفير شيئاً من الدعم المالي لكي تُصبح العملية مجدية للشركات.

وقامت الهيئة أيضاً بإجراء البحث الاجتماعي من خلال الذهاب إلى بيوت الطالبات المحتاجات للإعفاء من الرسوم، وإلى جانب ذلك كانت طالبات الهيئة تقوم بكتابة المحاضرات في العديد من المساقات الدراسية على ورق الستانسيل لكي تُطبع بكميات تكفي لكل الطالبات، وكان الدافع لهذا الأمر سببان الأول يتمثل في الرغبة في خدمة الطالبات للحصول على الثواب.

والسبب الثاني هو تعبير عن الإحساس بالمسئولية تجاه الجامعة الناشئة، والرغبة في مساندتها ودعمها حتى تزداد قناعة الناس بها؛ وبفلسفتها الإسلامية التي بدأ البعض يًثير اعتراضات عليها. (69)

واهتمت هيئة الطالبات بإحياء المناسبات الدينية (مثل المولد النبوي، والهجرة النبوية والإسراء والمعراج) والوطنية (مثل يوم الأرض)، وركزت على عرض المسرحيات الهادفة في هذه الاحتفالات التي كانت من إعداد الطالبات في الغالب، ومن أشهر هذه المسرحيات؛

مسرحية تَعرّضت للتجاذبات الفكرية والسلوكية التي كانت تعيشها الطالبات المستجدات في الجامعة، وركزت على إدانة السلوكيات غير الأخلاقية التي تنشَدّ إليها بعض الطالبات، فاعتبر الاتجاه الوطني داخل الجامعة أن هذه المسرحية تربط بين التوجه الوطني والسلوكيات غير الأخلاقية، وتقدمت مندوبة الاتجاه الوطني بشكوى لدى إدارة الجامعة، وبعد التحقيق وقراءة النص من قبل رئيس الجامعة الدكتور رياض الأغا ظهر أن المسرحية تفصل بين التجاذبات الفكرية من جهة، والتجاذبات السلوكية من جهة أخرى، وانتهى الموضوع عند هذا الحد. (70)

وفي صيف العام 1982 نظّمت هيئة الطالبات مخيماً صيفياً شارك فيه الشيخ أحمد ياسين، وتحدث عن أفضلية الخيار الإسلامي، وفي هذا المخيم وجّهت بعض الطالبات أسئلة للشيخ أحمد ياسين عن سبب عدم قيام الحركة الإسلامية في فلسطين بالجهاد ضد الاحتلال؛ كما يفعل المجاهدون الأفغان ضد الاحتلال السوفييتي في أفغانستان. وشارك في المؤتمر المحاضر في الجامعة الإسلامية يونس الأسطل وقدّم تفسيراً لسورة النور. (71)

منذ العام 1983 ظهرت الكتلة الإسلامية بشكل رسمي في الجامعة، وفي المقابل برزت الكُتَل الوطنية بشكل واضح في الجامعة(72)، وانعكس هذا على الدعاية الانتخابية والسلوك العام، إذ لم يعُد التوجه العام الغالب على هيئة الطالبات هو التدين الفطري وحسب، بل بدأ التوجه الحركي واضحاً ورسمياً على أنشطة الهيئة.

ثم بدأت الهيئة الجديدة تُطالب بتحويل الهيئة إلى مجلس طالبات له شخصيته المستقلة عن مجلس الطلاب، وله ميزانيته الخاصة أيضاً(73).تفاعل مجلس الطالبات مع الهموم الوطنية، وشارك في أعمال التضامن مع المواطنين الفلسطينيين الذين يتعرضون لبطش الاحتلال، ومن أبرز الأعمال التي قام بها مجلس الطالبات قيامه بتشكيل وفد للتضامن مع طالبات المدرسة الثانوية في جنين؛ اللاتي دخلن المستشفى بسبب شربهن مياه قام المستوطنون اليهود بتسميمها.

وقد تزامنت زيارة مجلس الطالبات مع زيارة نظّمها مجلس الطلاب للمستشفى في جنين، وخلال الزيارة ألقت قوات الاحتلال القبض على الطلاب واعتقلتهم، واحتجزت هويات الطالبات، وحددت لهن مواعيد لمقابلة ضباط المخابرات الإسرائيلية في جنين. (74)

واستمرت الفعاليات واتسعت ولم يأبه مجلس الطالبات بتهديدات الاحتلال، لكن عضوات المجلس أبدين حرصاً وحذراً أكبر خلال ممارسة الفعاليات والأنشطة والتنقل من مكان إلى مكان. (75)

واستمر الشيخ أحمد ياسين في متابعة العمل النسائي من الناحية التنظيمية والتربوية، وأوكل الشيخ أمر متابعة أنشطتهن الطلابية داخل الجامعة للأستاذ أحمد أبو حلبية الذي يعمل محاضراً في الجامعة. (76)

ولم تقتصر الأنشطة داخل الجامعة، طلائع النشاط النسائي لإعطاء الندوات في مساجد قطاع غزة، وبدأت عملية تأسيس أنوية في كل مسجد من مساجد قطاع غزة، ومع الوقت توسعت أنشطة المساجد، ولم تعُد تقتصر على الندوات، بل أُقيمت الاحتفالات بالمناسبات الدينية، وحلقات تحفيظ القرآن، وتم تنظيم الرحلات إلى القدس ومدن فلسطين المحتلة عام 1948. (77)

تذكر إصلاح جاد أن "الطالبات الإسلاميات؛ شأنهن في ذلك شأن الطالبات الأخريات اليساريات والوطنيات، كن جزءاً عضوياً في كل المعارك للسيطرة على المؤسسات الإسلامية"(78). وبالفعل فقد تأثر التنظيم النسائي الناشئ في ذلك الوقت بالصراع السياسي الذي كان دائراً على هوية الجامعة الإسلامية بين قوى منظمة التحرير الفلسطينية وبين حركة الإخوان.

وكان التأثير الأكبر للصراع مع اليسار، إذ عوّل اليسار على استخدام الكتلة الطلابية في قسم الطالبات في هذا الصراع، وحاولت طالبات اليسار تنظيم فعاليات رأتها الكتلة الإسلامية وإدارة الجامعة مستفزة، واتخذت الإدارة قرارات فصل بحق إحدى طالبات اليسار وهي مروة قاسم، تطور الأمر فتعرّضت إحدى طالبات الكتلة الإسلامية، يسرى حمدان، لعملية طعن في وجهها وهي في طريقها للجامعة.

لكن الظروف الموضوعية من الناحية الفكرية والعملية ساعدت طالبات وقيادات التنظيم النسائي على تجاوز هذه الأزمة، فاليسار فكرياً وسياسياً كان يتراجع وبسرعة كبيرة، كما أن الرأي العام الفلسطيني لم يكن ليقبل ما قامت به طالبات اليسار من تحدي لإدارة الجامعة وأعرافها وقوانينها. (79)

عندما تكاثر عدد الطالبات المنتميات للحركة من مختلف مناطق قطاع غزة؛ بدأت تتشكل في كل مسجد نواة، وتسابقت هذه الأنوية على عقد النشاطات المختلفة والمتنوعة في المساجد. وبدأت تتشكل مجموعات نشطة داخل المدارس الثانوية. (80)

وفي العام 1984، وقبيل اعتقال الشيخ أحمد ياسين أصبح هناك تنظيم للأخوات مقسم إلى مناطق رئيسية وفرعية، وبدأ العمل على تطوير قيادات محلية للعمل في المساجد وفي رياض الأطفال، ورغم هذا التقدم في العمل إلا أن المرأة لم تكن قادرة على القيام بكل الأدوار داخل التنظيم وفي الأنشطة العامة، لا زال الشيخ أحمد ياسين هو الذي يأخذ البيعة من الأخوات، ولا زال الإخوة هم الذين يلقون أغلب الندوات والمحاضرات في تجمعات الأخوات، إضافة إلى إشراف الإخوة على تنظيم الرحلات الخارجية التي يتم تنظيمها لمدن الضفة الغربية أو فلسطين المحتلة عام 1948. (81)

يمكن القول أن وجود الانتخابات في قسم الطالبات بالجامعة الإسلامية بغزة ساعد بشكل كبير على تنمية قدرات المرأة في تنظيم الإخوان، لأنه أتاح للطالبات خوض تجارب ليست متاحة لهن في أي مكان آخر، ففي كل عام تجري انتخابات وتسبقها استعدادات دعائية، وهذا يتطلب صراع مع الكتل الطلابية المختلفة، كل هذا ساعد على إبراز مجموعة قيادية ذات ثقة عالية بالنفس، خاصة كل أؤلئك اللاتي ترأسن مجلس الطالبات. (82)

وتعززت قناعات التنظيم النسائي بنفسه وبقدرات الأخوات على الفعل والتأثير من خلال المساهمة الفاعلة في المظاهرات التي كانت تحدث في الجامعة عام 1986 و1987، حيث كان بقاء الطالبات في الجامعة هو بمثابة درع بشري يحمي الطلاب، ويساهم في تحريك كافة شرائح المجتمع لفك الحصار عن الجامعة. وهذا أكسب التنظيم النسائي ثقة بان حضور المرأة في العمل الإسلامي والوطني له أثر كبير. (83)

خاض العمل النسائي في بداياته ما يمكن تسميته معارك في مواجهة السفور والاختلاط والأفراح الماجنة، فالمجتمع الفلسطيني حتى نهاية السبعينات ومطلع الثمانينات لم يكن يقبل حجاب المرأة، وكان على الفتاة التي تقرر لبس الحجاب أن تخوض مواجهة ضارية مع الأهل حتى تقنعهم أو تفرض عليهم قبول ارتدائها الحجاب، ونفس الأمر ينطبق على امتناع الفتاة الملتزمة بحركة الإخوان عن حضور الأفراح المختلطة كان ميداناً آخر للمواجهة مع الأهل، والمجال الثالث للمواجهة يتمثل في امتناع الفتاة الملتزمة عن مصافحة بني عمومتها في مناسبات الأعياد أو الأفراح أو في أي مجال للاحتكاك الاجتماعي. (84)

المبحث الثالث: الكتلة الإسلامية

يعتقد البعض أن الكتلة الإسلامية أُنشئت مع بداية إنشاء الجامعة الإسلامية سنة 1978، بينما يؤكد عدد من قادة ومؤسسي الكتلة الإسلامية أنها تأسست بعد العام 1980، وكانت قد جرت في العام 1978 انتخابات طلابية في الجامعة الإسلامية بغزة، لكنها كانت على أساس فردي، ولم يكن هناك كُتل طلابية، وكذلك سنة 1979، وفي سنة 1980 برزت التوجهات السياسية داخل الجامعة الإسلامية، وكانت منقسمة إلى تيارين: الأول هو تيار م ت ف، والثاني هو التيار الإسلامي. (85)

كان الطالب حجازي البربار، وهو أحد كوادر الإخوان المسلمين، قد فاز بالانتخابات سنة 1979 برئاسة مجلس الطلاب، وكان يمتلك كاريزما مكنته من السيطرة على الساحة الطلابية، لكن علاقته بقيادة الإخوان توترت على خلفية أحداث حريق مكتبة جمعية الهلال الأحمر؛ حيث حمّلت قيادة الحركة حجازي البربار المسئولية عن هذا الخلل، وعاقبته بتخفيض رتبته التنظيمية من نقيب إلى أخ، إضافة إلى اتخاذها قراراً بتعيين خلف له في قيادة الكتلة الطلابية في العام 1980، ووقع الاختيار على طالب جديد يُدعى خالد الهندي ليقود الكتلة الطلابية التابعة للإخوان. (86)

قرر خالد الهندي بالاتفاق مع الشيخ أحمد ياسين احتواء حجازي البربار وليس التصادم معه، وبعد جلسات تشاور عديدة اتفق خالد الهندي وحجازي البربار على الاحتكام للأغلبية الطلابية في اختيار المرشحين لعضوية مجلس الطلاب من خلال الاقتراع السري في أوساط الطلاب المؤيدين للتيار الإسلامي، وكانت النتيجة أن حاز فريق حجازي البربار على تسعة مقاعد، ولم يحصل فريق خالد الهندي إلا على مقعدين، فقبل الهندي النتيجة؛ وأقنع الشيخ أحمد ياسين بجدواها، وحدثت الانتخابات الطلابية، وكان رئيس المجلس هو حجازي البربار، ونائبه خليل الحية، وحاز خالد الهندي على منصب أمين اللجنة الثقافية، وحاز زميله ضياء السوسي على مقعد أمين اللجنة الاجتماعية. (87)

في هذه الأثناء، وبالتوازي مع النشاط من خلال مجلس الطلاب المنتخب، تم تشكيل قيادة للكتلة الطلابية الإخوانية تشمل خالد الهندي وعطا الله أبو السبح، وكانت تنسق مع الشيخ أحمد ياسين مباشرة، وتمكنت الكتلة الإسلامية من استقطاب عدد كبير من العناصر النشيطة الموالية لحجازي البربار.

واستطاع خالد الهندي وعطا الله أبو السبح تشكيل كتلة طلابية خاضت الانتخابات في العام التالي تحت اسم (كتلة العمل الطلابي الإسلامي الموحد) وترأس القائمة عطا الله أبو السبح، وكان خالد الهندي هو نائب الرئيس، وفي هذه الدورة الانتخابية شكّل حجازي البربار كتلة طلابية أطلق عليها اسم (مسلمون وكفى)، لكن نتائج الانتخابات أظهرت انحسار تيار حجازي البربار بشكل كبير. (88)

وفي الدورات الانتخابية التالية، وتحديداً عام 1982، أصبح خالد الهندي هو رئيس مجلس الطلاب، وتلاه يحيى السنوار ثم يحيى موسى ثم إسماعيل هنية ويحيى موسى مرة أخرى، وبعده أسامة المزيني في نهاية العام 1987، حيث اندلعت الانتفاضة وأُغلقت الجامعة الإسلامية بتاريخ 9-12-1987. (89)

خلال هذه المرحلة التاريخية أبدى طلاب الكتلة الإسلامية ومجلسها نشاطاً واسعاً في المجال النقابي والوطني، وعلى الصعيد النقابي فقد اهتمت مجالس الطلاب التي شكلتها الكتلة الإسلامية بخدمة الطلاب في المجالات التالية:

  • إقامة المخيمات الصيفية والتي كان آخرها إقامة المخيم الصيفي سنة 1987، والذي اشتمل برنامجه على المحاضرات والتمارين الرياضية وقيام الليل والتعود على شظف العيش.
  • تنظيم معارض الصناعات الوطنية على أرض الجامعة، وكان أبرز تلك المعارض ذلك الذي نظّمه مجلس الطلاب يوم السبت 27-9-1986؛ حيث لقي إقبالاً كبيراً من الطلاب والمواطنين(90).
  • إقامة المهرجانات والدورات الرياضية، فقد دأب مجلس الطلاب على إقامة مباريات تنافسية بين مختلف الفرق الرياضية من كافة أنحاء فلسطين المحتلة، إضافة إلى سباق الدراجات(91)، ومسابقات السباحة، وعقد دورات الكراتيه ورفع الأثقال في محاولة لتدريب الطلاب وإعدادهم الإعداد الجسماني وفق الإمكانات المتاحة، ومعارض بيع الأدوات الرياضية، والتي كان آخرها بتاريخ 21-3-[[1987]. (92)
  • إقامة الأسابيع الثقافية، والتي تشتمل على معارض الكتاب وأعمال السجناء ومعارض للتراث الشعبي الفلسطيني، ومعارض للصناعات الوطنية، ومعارض للأنشطة الطلابية، وفي بعض الأحيان كانت قوات الاحتلال تقتحم الجامعة وتصادر محتويات بعض المعارض، ونظّم مجلس الطلاب معرض الكتاب الخامس بتاريخ 1-3-1986 (93)، ومعرض الكتاب السادس في شهر فبراير سنة 1987؛ حيث ضم المعرض آلاف الكتب التي لقيت إقبالاً كبيراً من قِبَل مختلف شرائح المجتمع الفلسطيني. (94)
  • إقامة الأمسيات الشعرية والندوات الثقافية وإصدار النشرات التثقيفية، والمسابقات الثقافية لتشجيع الكتابة، وكان من بين هذه المسابقات تلك الخاصة بكتابة النصوص المسرحية في العام 1987، وقد تم رصد جوائز متواضعة للفائزين الخمسة الأول من ميزانية مجلس الطلاب تصل قيمتها مجتمعة إلى 140 ديناراً أردنياً. (95)
  • حل المشاكل الطلابية ذات العلاقة بالنظام الأكاديمي، وقد لجأ مجلس الطلاب إلى إعلان الإضراب في مطلع الفصل الدراسي الثاني من العام الجامعي 1986-1987. وبعد حوارات مع إدارة الجامعة؛ أوقف مجلس الطلاب الإضراب بعد أن حقق مطالبه المتمثلة في تخفيض رسوم المراجعة في الامتحانات، وزيادة وقت دوام المكتبة، وإلغاء رسوم تأجيل الدراسة(96). وتجدر الإشارة إلى أن مجلس طلاب الجامعة لجأ إلى إعلان الإضراب أكثر من مرة لأغراض أكاديمية منها يوم 9-5-1987 لمدة ساعتين للمطالبة بسحب مادة الرسوب من كشف الدرجات عند التخرج، وللمطالبة بافتتاح فصل صيفي في الجامعة. (97)
  • توفير المساعدات المالية للطلاب، حيث كان مجلس الطلاب في بداية الجامعة مسئولاً عن الإعفاءات، لكن هذه المسئولية تحولت إلى عمادة شئون الطلاب منذ سنة 1983، لكن بقي مجلس الطلاب يعمل على جمع التبرعات وتوفير رسوم للفقراء من الطلاب.
  • طباعة الكتب الدراسية وتوفيرها للطلاب بسعر التكلفة في الغالب. (98)
  • تولى مجلس الطلاب مسئولية إجراء البحث الاجتماعي للتعرف على الطلاب الفقراء المحتاجين للمساعدات المالية، وكانت هذه العملية مُجهدة إذ كانت تتطلب أن يتنقل أعضاء مجلس الطلاب في كل مناطق قطاع غزة للحصول على نتائج البحث الاجتماعي. (99)
  • كان مجلس الطلاب أيضاً يُشرف على عمل الكافتيريا الطلابية من حيث الإدارة والإنتاج والبيع، وكان يقوم بتوظيف عدد من العاملين فيها(100) ريثما يجري تمكين الطلاب من إدارة الكافتيريا بشكل كامل، لكن لم يتمكن الطلاب من مواصلة إدارتها بسبب عدم استقرار مجلس الطلاب، ففي كل عام يجري انتخاب قيادة جديدة له، وجرى نقل المسئولية على الكافتريا من مجلس الطلاب إلى إدارة الجامعة في العام 1984، ونفس الأمر انطبق على طباعة الكتاب الجامعي(101).

ويمكن القول أن مجلس الطلاب قام بإدارة الكافتريا وطباعة الكتاب الجامعي، إضافة إلى دوره البحث الاجتماعي وتوفير القروض للطلاب في المرحلة الأولى كجزء من إحساسه بالمسئولية تجاه إنجاح مسيرة الجامعة التي تتعرض لصعوبات في ظل الاحتلال، وكذلك تنافس الفصائل على السيطرة عليها، وبعد أن استقرت الجامعة انتقلت المسئولية عن هذه المسائل للجامعة.

  • تشكيل الفرق المسرحية والإنشادية وتنمية مهارات الهواة في هذه المجالات.
  • وعمل مجلس الطلاب على ربط الجامعة بالمجتمع من خلال القيام بالأعمال التطوعية؛ التي تساهم في مساعدة المزارعين على تخفيف كلفة الإنتاج؛ الأمر الذي يعزز لديهم الصمود في مواجهة السياسة الإسرائيلية، وفي نفس الوقت يعزز لدى الطلاب روح الإحساس بالمسئولية تجاه المجتمع، وتورد نشرة النداء صورة لطلاب الجامعة الإسلامية وهم يشاركون المزارعين في حصاد القمح في منطقة بني سهيلا شرق مدينة خانيونس. (102)
  • واهتم مجلس الطلاب بالأنشطة الوطنية، وقد لا حظ الباحث الإسرائيلي رؤوبين باز أن المسألة الوطنية الفلسطينية احتلت مكانة "مركزية في النشرات الإسلامية الصادرة عن الحركة الطلابية في سنوات الثمانينات". (103)
  • وقد نظّم بتاريخ 11-4-1987 مؤتمراً طلابياً تضامناً مع الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال. (104)
  • وفي هذا المجال اهتم مجلس الطلاب بتنظيم سلسلة من الرحلات الطلابية لتعريف الطلاب بأرض الوطن ومعالمه التاريخية والحضارية، وأطلق على سلسلة الرحلات هذه "اعرف وطنك". (105)
  • نظّم مجلس الطلاب معرضاً للصور الفوتغرافية بتاريخ 4-4-1987، حيث ضم المعرض أجنحة مختلفة تحمل أسماء مدن وقرى فلسطين ومخيمات اللاجئين ، وشمل المعرض على جناح خاص بالمساجد والأوقاف داخل الوطن المحتل، كما ألقى خالد السعيد، وقد كان يعمل محاضراً في قسم اللغة العربية بالجامعة، محاضرة بعنوان (تجربة صلاح الدين في التحرير). (106)
  • كان مجلس الطلاب يقيم المهرجانات بكافة المناسبات الإسلامية والوطنية حيث كان يُدعى لها آلاف المواطنين إضافة إلى طلاب الجامعة(107)، ويتخلل هذه الاحتفالات الكلمات والأناشيد والمسرحيات والقصائد الشعرية، وفي بعض الأحيان كان يتخلل الاحتفالات كلمات للكُتَل الطلابية، وذلك –كما يقول يحيى موسى العبادسة- في محاولة "لإتاحة الفرصة من أجل تحقيق الوحدة الوطنية". (108)
  • وكان مجلس الطلاب يربط في احتفالاته بين الديني والوطني في المناسبات المختلفة، حيث نظم المجلس محاضرة في شهر أغسطس 1987 بعنوان (الهجرة النبوية والشتات الفلسطيني).وتجلّى هذا الربط بين الديني والوطني في حفل الإسراء والمعراج الذي اقامه مجلس الطلاب بتاريخ 4-4-1987 حيث ركزت الكلمات على معاني الإسراء الدينية إضافة إلى إبراز الموقف السياسي لحركة الإخوان من القضية الفلسطينية. (109)
  • ويعتبر يحيى موسى العبادسة، رئيس مجلس الطلاب في دورة 1986-1987، أن مجلس الطلاب عبر مسيرته تمكن من تحقيق إنجاز مهم يتمثّل في إرساء "دعائم التعامل الديمقراطي، وإعطاء الحريات في التعبير عن الرأي لكل التوجهات الطلابية". (110)

لكن الكُتل الطلابية كانت تشتكي من عدم إفساح المجال لها للمشاركة في الأنشطة، ومن أمثلة ذلك ما وردة في نشرة صوت الجماعة الإسلامية "خلال الأسبوع الماضي أُقيم في الجامعة الإسلامية معرضاً للكتاب، وحفلاً مُغلقاً لتكريم طلاب السنة التأهيلية، ثم معرضاً للتراث، أشرف مجلس الطلاب الكتلة الإسلامية على جميع هذه النشاطات، كنا نتمنى أن يسمح الإخوة في المجلس لإخوانهم في الجماعة الإسلامية أو غيرهم من الطلاب المساهمة في هذه المناسبات تأكيداً على معاني التعاون والأُخوة الإسلامية". (111)

وحاولت الكتلة الإسلامية تقديم الخدمات للطلاب من خلال مجلس الطلاب للجميع وبدون استثناء، لكنها أرادت أن تحافظ على نفسها، وأن تُحدث شئ من التمايز بين الكتلة الإسلامية وبين مجلس الطلاب فانسحب خالد الهندي من رئاسة المجلس عام 1984 وأصبح أميناً للسر، وكان الهدف من هذه الخطوة إبراز قيادات جديدة إضافة إلى التفرغ لبناء جسم الكتلة بحيث يبقى نشطاً على مدار العام، وليس في زمن الدعاية الانتخابية فقط، وبرز من بين كوادر الكتلة والمجلس قيادة ثلاثية تكونت من خالد الهندي ويحيى السنوار ويحيى موسى، وقد تمتع هؤلاء بمكانة متميزة بين الطلاب نظراً لما يتمتعون به من قدرات قيادية.

وفي مساعي تكريس الفصل بين الكتلة الإسلامية ومجلس الطلاب تم تشكيل هيئة قيادية عليا للكتلة تضم ممثلين عن المناطق المختلفة لقطاع غزة، وكانت مهمة هذه الهيئة متابعة أبناء وأنشطة الكتلة الإسلامية على مدار العام، سواء على صعيد المناطق أو داخل الجامعة.

وعملت قيادة الكتلة على تكوين قيادات جديدة فاختارت عشرة من طلاب المستوى التأهيلي سنة 1984 وأخضعتهم لبرنامج مكثف يشتمل على إعطاء محاضرات، وإعداد أبحاث عن القضية الفلسطينية، واجتياز دورات في الإدارة ومهارات الاتصال، وكان من بين هؤلاء العشرة أسامة المزيني(112) وسامي أبو زهري. (113)

وقامت مجموعة أخرى من كوادر الكتلة يقودها فكري عبد اللطيف بإعداد كتيب بعنوان فن التعامل، وهو عبارة عن تلخيصات لمجموعة من الكتب مثل: كتاب (كيف نكسب الأصدقاء ونؤثر في الناس) لدايل كانيجي، وكتاب (جدد حياتك) للشيخ محمد الغزالي، وغيرها من الكتب، وقد أسفرت هذه الجهود عن تكوين مجموعة من الكوادر تملك وعياً سياسياً ومهارات إدارية وقدرات جيدة على التواصل، وتمكنت من قيادة الكتلة الإسلامية ومجلس الطلاب فيما بعد.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن استخدام اسم الكتلة الإسلامية لم يبدأ إلا عام 1984، وجاءت هذه التسمية نتيجة لنضج نقاش امتد على مدار الفترة السابقة بشأن ما كان يُسمّى (تنظيم الجامعة)، حيث كانت العلاقات بين طلاب الإخوان المسلمين داخل الجامعة هي علاقات تنظيمية.

فكما أنهم مرتبطون عبر الأُسر التنظيمية في مناطقهم، فإنهم يُكوّنون أُسَر مشابهة داخل الجامعة، ولها قيادتها الخاصة، ومع الوقت بدأت ترتفع الأصوات بأنه لا ضرورة لوجود علاقات تنظيمية بين الطلاب لأسباب عديدة منها الخطورة الأمنية في كشف أعضاء التنظيم على بعضهم.

وكذلك لأن العلاقة التنظيمية تُبقي النشاط الطلابي محجماً ومتقوقعاً على أعداد قليلة من الطلاب، ولهذا تم حل تنظيم الجامعة، واستُبدل بالإطار الطلابي الذي حمل اسم (الكتلة الإسلامية)، الأمر الذي منح العمل الطلابي مرونة أوسع، ووفر إمكانية لدمج أعضاء أكبر من الطلاب لديهم إيمان بالفكرة لكنهم غير مستعدين للانتماء للتنظيم.

وعلى صعيد النشاطات الوطنية فقد كان للكتلة الإسلامية ومجالس الطلاب التي شكلتها دوراً بارزاً يمكن إجماله فيما يلي:

  • كان للكتلة الإسلامية دور بارز في قيادة المظاهرات والمواجهات المناهضة لاعتداءات المستوطنين على المسجد الأقصى سنة 1980 عندما حاولت مجموعة من المستوطنين الصلاة في المسجد الأقصى، وكذلك بتاريخ 12-4-1982 عندما قام أحد المستوطنين بإطلاق النار على المصلين في المسجد الأقصى، وفي احتجاجها على هذه الاعتداءات حشدت الكتلة الإسلامية المئات من أعضائها وأنصارها وذهبت بهم للرباط في ساحات المسجد الأقصى لمنع تكرار اعتداءات المستوطنين. (114)
  • وبخصوص المواجهة مع قوات الاحتلال فقد مرت الكتلة الإسلامية بمرحلتين، وكان هذا تبعاً لموقف حركة الإخوان من العمل المباشر ضد الاحتلال.

في المرحلة الأولى، وهي التي سبقت عام 1986، كانت الكتلة الإسلامية تمتنع عن المشاركة في المظاهرات ضد الاحتلال، وكانت تلجأ لتفريغ الجامعة من طلاب الكتلة عندما تظهر في الأفق بوادر أي مواجهة مع الاحتلال، لكن بعد العام 1986 أخذت الكتلة الإسلامية تتفاعل مع المواجهات والمظاهرات بشكل كبير، ومن أشهر المواجهات التي قادتها الكتلة الإسلامية مع الاحتلال ما حدث بتاريخ 21-2-1987، حيث اعتقل في نهاية هذه المواجهات عدد من الطلاب أغلبهم من أبناء الكتلة الإسلامية وكان من بينهم سامي أبو زهري وعصام جودة، وهما من أعضاء مجلس الطلاب. (115)

وكذلك بتاريخ 19-4-1987 حيث أصيب واعتقل عدد من أبناء الكتلة الإسلامية كان من بينهم جمال الهندي، وهو عضو في مجلس الطلاب. (116)

وما حدث في أعقاب استشهاد أربعة من مجاهدي حركة الجهاد الإسلامي بتاريخ 6-10-1987 حيث حدثت مواجهات أُصيب خلالها عدد من أبناء الكتلة الإسلامية بإصابات بالغة؛ كانت أخطرها حالة الطالب عاطف عسقول.

كانت الشرارة في التواريخ سابقة الذكر تبدأ بمناوشات بين الطلاب داخل الجامعة، وبين قوات الاحتلال التي كانت تعتلي أسطح المباني المجاورة للجامعة في ساعات الصباح، وكان الطلاب والطالبات يصرون على البقاء في الجامعة، ويرشقون قوات الجيش بالحجارة، التي كانت تقذفهم بالرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع، وتستمر المواجهات حتى ساعات العصر، حينها تنطلق النداءات من مآذن المساجد تدعو الناس لنجدة أبنائهم وبناتهم بالجامعة، فيخرج الناس بالآلاف ويقتربون صوب الجامعة من كل الاتجاهات، حينها تشعر قوات الاحتلال بالورطة لأنها أصبحت محاصرة بين الجماهير وبين طلاب الجامعة بعد أن كانت تحاصر الجامعة فتضطر قوات الاحتلال للانسحاب، وحينها يخرج الطلاب من الجامعة يشعرون بالانتصار، وهذا كان يشجع الطلاب على المزيد من المقاومة ويكشف لهم جوانب الضعف لدى الجيش الذي اعتاد أن يصف نفسه بأنه لا يُقهر.

  • وكذلك دعت الكتلة الإسلامية الطلاب للتظاهر على أثر استشهاد الطالبة انتصار العطار في أواخر شهر نوفمبر 1987 في مدرستها بمدينة دير البلح، حيث قام مستوطن كان يمر بسيارته من هناك بإطلاق النار على المدرسة فأصاب الطالبة حوالي الساعة العاشرة صباحاً، وبعد ساعة من الحادث قام مجلس الطلاب بتعليق الدراسة ودعوة الطلاب للتظاهر، واشتعل قطاع غزة بأكمله بعد ذلك. (117)

كانت الساحة الطلابية في الجامعة الإسلامية بغزة مشتعلة بالنقاشات؛ التي كانت تتزايد في انتشارها وفي حِدّتها خلال الدعاية الانتخابية التي تسبق إجراء الانتخابات الطلابية، حيث كانت الانتخابات تُعقد غالباً في الأسبوع الأول من شهر ديسمبر من كل عام.

وكان الطابع الغالب على النقاش والمناظرة هو الطابع السياسي حيث كانت الكتل الطلابية المختلفة وهي (حركة الشبيبة الطلابية التابعة لحركة فتح، والجماعة الإسلامية التابعة للجهاد الإسلامي، وكتلة الوحدة الطلابية التابعة للجبهة الديمقراطية، وكتلة العمل الطلابي التابعة للجبهة الشعبية)، كل هذه الكُتَل كانت توجه سؤالاً واحداً ومحرجاً للكتلة الإسلامية، وهو أين أنتم على ساحة المقاومة؟

ولأن حركة الإخوان لم تكن قد انخرطت بعد في العمل المقاوم ضد الاحتلال، وكانت تُعطي الأولوية للتربية، على عكس الفصائل الأخرى التي كانت تركز على المقاومة(118)،فقد كان شباب الكتلة يستحضرون التاريخ والنضالات السابقة للإخوان المسلمين في حرب 1948 وفي الخمسينات من القرن العشرين.

وكذلك في نهاية الستينات حيث شارك الإخوان فيما يُطلقون عليه اسم عمليات الشيوخ، وأصدرت الكتلة في هذا المجال كتيباً أسمته (الحقيقة الغائبة)، استعرضت خلاله كل جهود الإسلاميين الكفاحية لأجل القضية الفلسطينية منذ بدايتها وحتى نهاية الستينات وأضافت إليها تجربة أسرة الجهاد بقيادة الشيخ عبد الله نمر درويش داخل فلسطين المحتلة سنة 1948، وكذلك اعتقال الشيخ أحمد ياسين ومجموعة من إخوانه سنة 1984 بتهمة حيازة أسلحة وتشكيل تنظيم مسلح لإبادة دولة إسرائيل.

كانت الكتلة الإسلامية تهتم كثيراً بالدعاية الانتخابية منذ بداية الفصل الدراسي الأول من كل عام لأن الانتخابات تجري في الأسبوع الأول من الشهر الثالث من الفصل الأول، وتنقسم الاستعدادات للدعاية الانتخابية إلى عدة مجالات هي:

أولاً: الاهتمام بالطلاب الجدد، ويتمثل الاهتمام بهم من خلال مساعدتهم وإرشادهم في عملية التسجيل واختيار التخصص، وإقامة احتفال ترحيبي خاص بهم، وتكثيف التفاعل الفردي معهم من قبل كوادر الكتلة، وتخصيص مجموعة من المحاضرات التعبوية الخاصة بهم.

ثانياً: فرز الطلاب حسب انتماءاتهم السياسية وسلوكهم التصويتي، وتقوم قيادة الكتلة بهذه المهمة عبر مسئولي المناطق، بحيث يتم إعداد كشوف بأسماء الطلاب حسب انتماءاتهم السياسية وتحديد المستقلين الذين لم يحددوا موقفهم بعد لكي يتم الاتصال بهم، وإقناعهم بضرورة التصويت للكتلة، وكذلك إمكانية إحضارهم للجامعة يوم الاقتراع. (119)

ثالثاً: إعداد المادة الدعائية المكتوبة، حيث يتم تشكيل لجنة خاصة لهذا الغرض، والمادة الدعائية المكتوبة تتكون من:

  1. البيان السياسي، ويتضمن المواقف السياسية التي تتبناها الكتلة الإسلامية، وهي مواقف حركة الإخوان، وفي العادة كانت تركز هذه البيانات على حق الشعب الفلسطيني في أرضه ورفض التسويات السياسية.
  2. البيان الانتخابي، ويتضمن الوعود التي سيعمل مجلس الطلاب الجديد على تحقيقها للطلاب، خاصة على صعيد تحسين الخدمات مثل الكافتريا والكتاب الجامعي، وإقامة الأنشطة الرياضية والفنية، ورعاية المواهب الشعرية والفنية. وفي الغالب كانت البيانات الانتخابية تركز على جدية العمل للحفاظ على إسلامية الجامعة. (120)
  3. الملصقات، حيث كان يتم اختيار الكثير من المقولات للمشاهير من الشخصيات العربية والإسلامية والعالمية التي تؤكد على عظمة الإسلام وأهمية فلسطين وقدرات الحركات الإسلامية على مواجهة الاحتلال، وأن المستقبل للدين الإسلامي، إضافة إلى بعض رسومات الكاريكاتير المعبرة، وبعد ذلك يجري عرضها بشكل فني جميل على أوراق بريستول في أماكن مخصصة داخل الجامعة.

رابعاً: تحديد مجموعة من الأنشطة العامة بحيث يتم تنفيذها عن طريق مجلس الطلاب، وتشمل هذه الأنشطة احتفال أو اثنين، أو معرض للكتاب أو للأدوات الرياضية بهدف إبراز مهارات الكتلة ومجلسها في خدمة الطلاب، إضافة إلى عقد مجموعة من المحاضرات السياسية القوية والمؤثرة خاصة تلك التي كان يلقيها بسام جرار، وهو محاضر في معهد معلمين رام الله، ويتميز بثقافة عالية وقدرة كبيرة على الإقناع.

خامساً: تحديد فريق للنقاشات والمناظرات العامة في ساحة الطلاب، حيث كانت الكتلة الإسلامية حريصة على توزيع المهام بين عناصرها، ولهذا خصصت فريق للنقاشات العامة مع أبناء الكُتَل الأخرى، وكانت تمنع بقية عناصر الكتلة من الخوض في نقاشات عامة، وكانت تحثهم على استثمار الوقت في الاتصالات الفردية مع الطلاب الجدد ومع الطلاب المستقلين الذين لم يحددوا موقفهم بعد. (121)

ويضاف إلى ما تقدم أن الكتلة الإسلامية لم تكن تُفضّل الإكثار من النقاشات العامة لأن أكثر هذه النقاشات كانت تجري مع عناصر الجماعة الإسلامية، وهذا من شأنه أن يُستثمر على يد الشبيبة لإبراز أن الإسلاميين منقسمين، وأن المسألة لدى الإسلاميين ليست مسألة دينية، وإنما هي مصالح حزبية وشخصية.

ومن أبرز المواقف التي كانت الكتلة الإسلامية تفضل عدم النقاش فيها انعقاد الجمعية العمومية لمجلس الطلاب، حيث كانت تنعقد الجمعية ويؤخذ النصاب، وخلال قراءة تقارير المجلس ولجانه كان طلاب الكتلة ينسحبون بالتدريج تفادياً لحصول نقاشات، وكانت قيادة المجلس والكتلة يبررون ذلك بأن عناصر الشبيبة واليسار والجماعة الإسلامية لا يستهدفون نقاشاً جدياً للتقارير، وإنما إثارة شبهات وعرض خلافات لا داعي لها. (122)

ورغم ذلك فقد كانت الكتلة تهتم بتكوين فريق خاص للنقاشات العامة في ساحة الجامعة، وكان أبرز أعضاء هذا الفريق خالد الهندي، ويحيى موسى ويحيى السنوار، وعندما تخرج الهندي والسنوار انضم لفريق الحوار والنقاش عبد الفتاح السطري، وفكري عبد اللطيف وأسامة المزيني، وخلال السنوات 1984-1986 كانت النقاشات والمناظرات تتم بشكل عفوي داخل ساحات الجامعة.

بحيث تبدأ الجماعة الإسلامية بالتجمع في ساحة الجامعة، ويبدأ المتحدثون بطرح التساؤلات حول موقف الإخوان من القضية الفلسطينية والكفاح المسلح، وأحياناً كانت تقوم الشبيبة بهذا الأمر، والهدف استدراج الكتلة الإسلامية للنقاش والحوار، أحياناً الكتلة الإسلامية كانت تستجيب وتخوض نقاشات، كان من أبرزها حوار بين يحيى السنوار عن الكتلة الإسلامية، وبين محمد دحلان سنة 1985، وكان التركيز في هذا الحوار على تبادل الاتهامات بين الطرفين، فدحلان أخذ على الإخوان المسلمين عدم قيامهم بالكفاح المسلح ضد إسرائيل، وأن المجمع الإسلامي يعمل بترخيص من الاحتلال، والسنوار أدان التوجهات السلامية لدى قيادة فتح خاصة فيما يتعلق بالموافقة على المؤتمر الدولي، والسعي لإقامة كونفدرالية مع الأردن. (123)

وفي العام 1987 حصل تطور هام إذ اتفقت الكتلة الإسلامية مع حركة الشبيبة على عقد مناظرة رسمية بين الطرفين بحضور كل طلاب الجامعة، بحيث تكون تحت رعاية عمادة شئون الطلاب، وبالفعل عُقدت المناظرة، ومثّل الكتلة الإسلامية فيها عبد الفتاح السطري وأسامة المزيني، بينما مثّل حركة الشبيبة كل من عبد الحكيم الجعيدي وزكريا التلمس، وقد عرض الفريقان وجهة نظرهما وخرج مؤيدو الطرفين وقد شعروا بالتعادل.

سادساً: اختيار قائمة الطلاب الذين سيخوضون الانتخابات باسم الكتلة، وكانت قيادة الكتلة بالتنسيق مع قيادة الحركة يقومون باختيار القائمة، وكان الاختيار يتم بحيث تحتوي القائمة على مجموعة تُمثّل كل أو أغلب مناطق قطاع غزة، وكل أو أغلب الكليات الموجودة في الجامعة، وكل أو أغلب المستويات الدراسية الأربعة في الجامعة.

والهدف من هذا التنويع أن يكون المجلس قادراً على تلمس مشاكل الطلاب في كل الكليات والمناطق والمستويات، وأن تكون القائمة مقنعة وقادرة على استقطاب المؤيدين، وكذلك أن يكون هنالك مجال لتوريث التجربة في الميدان، فعندما يبدأ طلاب المستوى الأول العمل ضمن المجلس فإنهم عندما يُعاد ترشيحهم وانتخابهم في السنوات التالية سيكونون أكثر كفاءة وقدرة على العمل. (124)

سابعاً: يوم الدعاية الرسمي، وهو اليوم الذي تخصصه الجامعة رسمياً للدعاية الانتخابية بحيث يتم تعطيل الدراسة، وفي هذا اليوم يُسمح لكل كتلة طلابية بأن تُقيم مهرجان خطابي، وعروض رياضية وتعليق ملصقات، ورسم جداريات، وكانت الكتلة الإسلامية تهتم بهذا اليوم اهتماماً كبيراً وكانت تبدأ الدعاية منذ بداية الفصل الدراسي الأول بشكل تدريجي تبدأ من المحاضرات العامة إلى حلقات النقاش في ساحة الجامعة وتكثيف الاتصالات الفردية بالطلاب، وتوزيع بعض المنشورات، وإقامة بعض المهرجانات، وكل ما تقدم هو عبارة عن تسخين لليوم الأخير، حيث يجري تنظيم مسيرة من كل أعضاء ومناصري الكتلة الإسلامية تتحرك على إيقاع الطبل وتنشد نشيد

هو الحق يحشد أجناده ويعتد للموقف الفاصل
فصفو الكتائب آساده ودكو به دولة الباطل

ثم تبدأ عروض شوتوكان وننشاكو وجمباز، ثم يلي ذلك المهرجان الخطابي والإنشادي، لقد كان هذا اليوم هو بمثابة استعراض لكل مظاهر التفوق والمهارة والقوة التي تمتلكها الكتلة الإسلامية لكي تُقنع الطلاب وتجذبهم إليها. (125)

ثامناً: يوم الاقتراع، وفي هذا اليوم تُحظر كل مظاهر الدعاية الانتخابية، لذلك كانت الكتلة الإسلامية، وضمن خطة مسبقة تقوم بتحديد عناصرها في كل منطقة، تُكلّف كل واحد منهم متابعة مجموعة من الطلاب، وكل من يقترح يُشطَب اسمه من القائمة، ثم يتم البحث عن الذين لم يُدلو بأصواتهم لحثهم على التصويت إن كانوا داخل الجامعة، أو لجلبهم من بيوتهم إن كانوا لم يأتوا إلى الجامعة منذ ساعات الصباح، وكانت هذه الطريقة تُمكن الكتلة الإسلامية من معرفة عدد الأصوات التي ستحصل عليها قبل أن تظهر نتائج الانتخابات. (126)

...........

يتضح من خلال ما سبق أن قيادة حركة الإخوان اعتبرت الطلاب ساحة عمل رئيسة؛ ركزوا عليه، وتخرّج من بين الطلاب عدد من أهم قيادات الحركة فيما بعد، وشكّل الطلاب منذ البداية واجهة مهمة للاحتكاك بالناس، ومنبراً للتعبير عن المواقف السياسية، وفرصة لتدريب الكوادر وصقل خبراتهم في الميدان.

ويظهر أن الكوادر الطلابية تعرضت لمضيقات الاحتلال من خلال الاستدعاءات والاستجوابات وخاض بعضهم تجربة التحقيق، لكن بقيت المواجهة محدودة، وأطول فترة اعتقال تعرّض لها نشطاء الكتلة الإسلامية لم تزد عن ستة أشهر، لكنها كانت فرصة لهم لاختبار قدراتهم، والاحتكاك بنشطاء العمل الفدائي للفصائل الفلسطينية؛ الأمر الذي أكسبهم مزيداً من الخبرة خاصة في العمل الأمني والعسكري.

شهد العمل الطلابي أزمة قيادية، فقد تمرّدت قيادة العمل الطلابي على قيادة الحركة، لكن قيادة الحركة تمكنت من إعادة السيطرة على العمل الطلابي، واستعادة ولاء غالبية الطلاب الإسلاميين للحركة وقيادتها.

شكّل العمل الطلابي رأس الحربة في مواجهة الأسئلة الصعبة التي كانت توجه للحركة بشأن تبني القضية الوطنية؛ وتأخير الكفاح المسلح ضد الاحتلال، الأمر الذي ساهم في صقل خبرات الشباب في الميدان، وجعلهم يعملون على تنويع الأنشطة بين الثقافي والسياسي والرياضي والاجتماعي، وجمعت أيضاً بين الديني والوطني، ويُضاف إلى ذلك حاول الشباب دائماً الاستعانة بالتاريخ القريب والبعيد للتدليل على أن النهج الإسلامي هو نهج جهادي، وأن كف الأيدي في لحظة معينة لا يعني أن هذا سيستمر، بل هو استراحة محارب ليس أكثر.

ويظهر أن مجالس الطلاب وازنت بين العمل النقابي الذي يوازن بين الحقوق، وبين المسئولية تجاه الجامعة ومراعاة ظروفها الصعبة نتيجة ضعف التمويل، والتحديات التي يفرضها الاحتلال؛ إضافة للنزاع بين الكتل الطلابية والفصائل الوطنية على هوية الجامعة.

ويبدو أن كتلة الإسلامية كانت تركز بشكل كبير على الجهد الميداني بين أوساط الطلاب، سواء على صعيد التواصل الفردي، أو على صعيد الأنشطة الطلابية التي تبهر الطلاب وتُقنعهم أنهم مجموعة متميزة، يبدو أن هذا الاهتمام جاء على خلفية التعويض عن ضعف الحضور السياسي، والامتناع عن القيام بعمل عسكري ضد الاحتلال في ذلك الوقت.

المبحث الرابع: التربية

يولي الإخوان المسلمون أهمية كبيرة للتربية، وفي هذا المجال ذكر حسن البنا أن لب دعوة الإخوان "فكرة وعقيدة يقذفون بها في نفوس الناس ليتربى عليها الرأي العام"(127)، وأنه "يجب أن تكون دعامة النهضة التربية؛ فتربى الأمة أولاً وتفهم حقوقها وتتعلم الوسائل التي تنال بها هذه الحقوق، وتُربى على الإيمان بها". (128)

ويمكن القول أن التربية عند الإخوان المسلمين هي مجموع الجهود التي يقوم بها الإخوان لتنمية الشخصية المتوازنة، وإكساب أفرادهم الأيديولوجية والمعتقدات التي تحدد الحقوق والواجبات والقيم والأخلاق، وإعداد الأفراد لتحمّل المسئولية وممارسة الجهاد، وتزويدهم بالقدرات والمهارات التي تمكنهم من تغيير الواقع وإصلاحه وتحقيق أهداف الجماعة. (129)

ويُضاف إلى ما تقدم فإن التربية عند الإخوان المسلمين تستهدف إكساب الأفراد إحساساً بهوية خاصة؛ تجيب على سؤال من نحن؟ وتحدد للفرد والمجموع أخلاق وخصائص مستمدة من التراث وثوابت تستعصي على التغيير، وفي هذا السياق يجري التأكيد على مبدأ توحيد الألوهية الذي يعني أن الله هو المتفرد في الحكم والسلطان، وأن المهمة الرئيسية للإنسان هي عبادة الله وحده بمفهومها الشامل والقيام بمهمة الخلافة في الأرض. (130)

ويركز الإخوان في تربيتهم لأفراد الحركة على توفير قدر كبير من الإيمان المشترك بالغاية، والتزاماً سامياً بالأخلاق، المستمدة من الوحي في مجال الممارسة السياسية، كما يعملون على بناء الكوادر الذين يمثلون جسراً لنقل الأفكار والقيم إلى الجمهور. (131)

ويركز الإخوان على تربية أعضاء الجماعة على معاني الوطنية، وفي هذا المجال يقدم الإخوان بعض التوضيحات بشأن ما يقصدونه عندما يتحدثون عن الوطنية، حيث يقول حسن البنا "إذا كان دعاة الوطنية يريدون بها حب (الأوطان) والحنين إليها، فهذا أمر فطري من جهة، ومأمور به في الإسلام من جهة أخرى، أي أن رابطة الوطنية بهذا المعنى يقرها الإسلام" (132)

وإن كان يُراد بها وجوب العمل بكل جهد لتحرير البلد من الغاصبين وتوفير استقلاله، وغرس مبادئ العزة والحرية في نفوس أبنائه، فنحن معهم في ذلك أيضاً، والإسلام يشدد في ذلك أبلغ التشديد(133)، وإن أُريد بالوطنية تقوية الرابطة بين أفراد القطر الواحد، وإرشادهم إلى طريق استخدام هذه التقوية في مصالحهم، فيوافق البنا على ذلك، ويقول إن الإسلام يراه فريضة لازمة. ويؤكد الإخوان على أن الوطنية بمعنى حب الوطن والحنين إليه بما يعود بالخير عليه فكرة صائبة، يؤمن بها الإخوان ويعملون من أجلها. (134)

ويُعوّل الإخوان على التربية في إيجاد الفرد المسلم، وكل ما يتصل ببناء شخصيته، بحيث تدور شخصيته حول محور واحد هو إرضاء الله سبحانه وتعالى، وبعد ذلك إيجاد البيت المسلم وكل ما يجب أن يسوده من قيم وأخلاق، والمجتمع المسلم وكل ما يحيط به من علاقات، والأمة المسلمة وكل ما يتصل بها من إعداد وعمل، والدولة المسلمة وما يجب أن تكون عليه من منهج ونظام.

وينتقد خالد صلاح الدين اعتماد الإخوان على التربية والوعظ وإعداد الأفراد، ويعتبر أن إعداد الأفراد على أمل أن يؤدي هذا إلى إحداث تغيير اجتماعي ينطلق من فهم خاطئ لطبيعة المجتمع؛ ومن ثمَّ لأسلوب تغييره "فهو يفترض أن المجتمع عبارة عن مجموع الأفراد وحسب، سواء كانوا حكاماً أو محكومين، مسئولين أو غير مسئولين، وبالتالي فإن تغيير المجتمع يعني أن يتغير مجموع أفراد المجتمع، أو معظمهم بوصفهم أفراداً على نحو كمي متصاعد". (135)

يمكن القول أن انتقاد خالد صلاح الدين في محله لو أن الإخوان اكتفوا بعملية تربية الأفراد؛ وتوقفوا عندها، ولكن الإخوان بموازاة العمل على تربية الأفراد وبالتدريج قاموا بفعاليات شملت الكثير من جوانب العمل كما يتضح في الفصول التالية سواء على صعيد العمل المؤسساتي والنقابي والتعبوي والعسكري والأمني.

واتبعت جماعة الإخوان المسلمين وسائل خاصة في تربية أفرادها، ومن أهم هذه الوسائل:

  1. الأسرة.
  2. الكتيبة.

الأسرة

الأسرة في معاجم اللغة هي الدرع الحصينة، ويُقال أهل الرجل وعشيرته والجماعة يربطها أمر مشترك. أما الإخوان فإن مفهوم الأسرة عندهم يأخذ بُعداً اصطلاحياً يُطلق على الجهد التربوي والدعوي، وقد نظر الإخوان للأسرة باعتبارها التطبيق العملي لمعاني الإسلام، والأساس الجوهري للتربية. (136)

وذكر حسن البنا في رسائله أن الإسلام "يحرص على تكوين أُسَر من أهله يوجههم إلى المُثُل العليا، ويقوي روابطهم، ويرفع أخوتهم من مستوى الكلام والنظريات إلى مستوى الأفعال والعمليات". (137)

إن الأسرة هي اللبنة الأولى في بناء الجماعة وتكوينها، كما أنها أساس التكوين للأفراد، حيث يتم من خلالها صياغة شخصية الفرد لكي يُصبح قادراً على العمل في إطار الجماعة. ونظام الأُسَر مقتبس من فكر وتراث الجماعة الأم في مصر؛ ويعتبر مؤسسو الإخوان أن نظام الأُسر مفيد للجماعة، ويمكن تحديد معالم نظام الأسرة على النحو التالي:

  1. الأسرة هي مجموعة من أعضاء الإخوان يقودها شخص مؤهل تربوياً وتنظيمياً، ويُلقب قائد الأسرة بـ(النقيب)، وتجتمع الأسرة سراً مرة في الأسبوع في بيت أحد الأعضاء أو في بيت النقيب.يعتقد الإخوان أن نظام الأُسَر يُقوّي الروابط بين الإخوان، وينتج علاقة حميمة بين الأفراد، ويرفع أخوة الأفراد من مستوى الكلام والتنظير إلى مستوى العمل والتطبيق، وتُعتبر الأسرة وسيلة للاتصال بالأفراد وإيصال الأوامر والتوجيهات لهم، والاستماع إلى المشاكل والاقتراحات منهم، ويُعتبر الانضمام للأُسر واجب على كل منتم للجماعة. (138)
  2. تعتبر الأسرة هي المكان الذي يتم فيه تكوين شخصية الفرد تكويناً متكاملاً يلبي متطلبات الدين والدنيا كما تراهما جماعة الإخوان المسلمين، تقوم الأسرة بترسيخ معنى الانتماء للجماعة والالتزام بأهدافها. (139)
  3. يجري داخل الأسرة العمل على حل مشاكل الأفراد وتدريبهم على مواجهة إشكاليات الحياة الاجتماعية، حيث يعرض كل عضو مشاكله، ويشاركه الباقون في دراسة حلولها، ولا شك أن هذا يُقوِّي الرابطة بين الأعضاء بما يؤدي إليه من تعارف وتصارح ومشاركة وجدانية، وهي أساس لبناء قوة التماسك بين الأفراد على أساس سليم.

وكان على كل عضو في الأسرة أن يلتزم بالمجاملات الاجتماعية؛ ومنها التعاون مع عائلات الإخوان. وكان يجري داخل الأسرة تعليم الأعضاء على التواصل مع نظرائه على أساس المودة والرحمة، وأن يتحلى بالتواضع والإيثار إن كان يتعامل مع من هو أدنى منه، أما إذا اتصل بمن هو أعلى منه مرتبة فيكون حاله كالجندي مبنياً على الطاعة والتعاون. (140)

والأسرة في الإخوان تختلف عن أي خلية تنظيمية تقليدية، فدورها الأساسي ليس ميدان العمل كما هو معروف في التنظيمات الأخرى، وليس له مهمة عملية محددة، ويقتصر دورها على التربية على المفاهيم التي من المفترض أن تنضج الشخصية الإخوانية، وتزيل ما تبقى من اختلافات بين الأفراد الذين جاؤوا من بيئات مختلفة. (141)

ويرى عبد السلام الحايك أن المهمة الكبيرة والمثالية في تربية الفرد وإعداده "منوطة بشخص النقيب الذي هو شخص عادي محدود الثقافة والمهارات التربوية في الغالب، كما أن الوقت المخصص لها، وهو ساعتان أسبوعياً من المفترض أن تتم الوظيفة التربوية خلالهما". (142)

والأسرة الإخوانية لها منهاجها التدريسي المعتمد من قبل الجماعة، وهذا المنهاج يحتوي على عدة كتب توفر المعرفة الأساسية للإسلام وللإخوان المسلمين وأهمها:

أولاً: كتب دينية بحتة مثل (نور اليقين في سيرة سيد المرسلين) للشيخ محمد الخضري، وكتاب (الإيمان) لمحمد نعيم ياسين، و (علم أصول الفقه) لعبد الوهاب الخلاف، و (مباحث في علوم القرآن) لمنّاع القطان، و(تهذيب منهاج القاصدين) وهو اختصار لكتاب إحياء علوم الدين، و(رياض الصالحين) للإمام النووي، وتفسير ابن كثير، وكذلك تفسير (في ظلال القرآن) لشرح الآيات المقرر حفظها في المنهج. (143)

ثانياً: كتب حركية مثل (رسائل الإمام البنا)، و(معالم في الطريق) لسيد قطب، وسلسلة فقه الدعوة لمحمد أحمد الراشد وهي (المنطلق والعوائق والرقائق)، و(المنهج الحركي للسيرة النبوية) لمنير الغضبان.

وسلسلة كتب الشيخ سعيد حوى، هذه الكتب وأمثالها كانت تكون المنهج المقرر للأسرة ومدته ثلاث سنوات، وهو منهج قابل للتغيير أو التعديل حسب الضرورات والتطورات. (144)

يقول الحايك أن القسم الأكبر من هذه الكتب كان يتم تدريسها في المساجد، ومع ذلك فقد أصرت قيادة الإخوان على إلزام الأُسر بها، وعملية التنقل بين الأُسر كانت تُدخل الفرد إلى منتصف المنهج أحياناً، وأحياناً أخرى تجبره على إعادة دراسة ما درسه في أسرة أخرى. (145)

ويذكر بعض نشطاء الإخوان أن تعدد نواحي نشاط الأسرة، مع ضيق الوقت يؤدي إلى أن لا يُعطى أي جانب حقه بما في ذلك الجانب التدريسي. كما أن إناطة التحضير والشرح إلى فرد عادي خلفيته الثقافية بسيطة في الغالب، وكذلك قدرته على المطالعة والدراسة، يجعل المادة المشروحة صورة مشوهة عن المادة الأصلية.

ويذكرون أن افتقار النقباء إلى المستوى الثقافي المناسب، وانعدام التجربة التربوية، إلى جانب سطحية التجربة التنظيمية، يؤدي إلى تحول التدريس داخل الأسرة إلى عملية روتينية جامدة قليلة التأثير، ومعدومة النتائج تقريباً، إلا في الحالات التي يوجد فيها نقباء مميزون وأفراد على مستوى عالي من التعليم وهي حالات نادرة. (146)

ويذكر الحايك أنه لا يوجد لدى التنظيم في كثير من الأحيان فكرة عما يجري داخل الأسرة سوى ما ينقله النقيب شفوياً، وعملية النقل هذه مرتبطة بشخصية النقيب وتقديره للأهم فالمهم، والوقت المتاح له للنقل، وهذا يؤدي إلى أن يكون ما يستهدفه التنظيم شئ؛ وما يجري في الأسرة فعلاً شئ آخر، وهذا يتعلق بكل نشاطات الأسرة وليس التدريس فقط، ويعيب الحايك على الإخوان اعتمادهم على هذا النمط السِّري، واعتبره غير ضروري وغير مجدي في العملية التربوية، واقترح اعتماد نمط الأسرة المفتوحة "التي تُعقد بشكل علني في المسجد بحيث يقوم بالتدريس أشخاص متخصصون". (147)

الكتيبة

الكتيبة هي أول نظام تربوي في داخل جماعة الإخوان المسلمين(148)، وهي أسلوب خاص في تربية مجموعة من الإخوان، والكتيبة في اللغة مأخوذة من مادة (كتب) بمعنى جمع الشئ بعضه إلى البعض الآخر، ومن ذلك الكتاب، ويُقال أن الكتيبة هي ما جُمع فلم ينتشر، وقيل الكتيبة هي جماعة الخيل إذا أغارت من المائة إلى الألف، والكتيبة الجيش. (149)

ويقوم هذا الأسلوب على تربية الروح وترقيق القلب وتزكية النفس وتعويد البدن والجوارح على الاستجابة للعبادة. ولعل الإخوان قد اقتبسوا فكرة نظام الكتيبة من اجتماعات النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه في دار الأرقم بن أبي الأرقم، حيث كان يبث ما عنده للصحابة، ويأخذهم بأسلوب من التربية الروحية العالية، حيث تخرّج من تلك الدار من كانوا أعلاماً للهدى. (150)

ويتلخص نظام الكتيبة في أن تبيت المجموعة المستهدفة في مكان محدد، ويبيت معهم مسئولهم، يتلون القرآن ويتسامرون، ثم ينامون على الأرض، ومن خلال الكتيبة يتعارف عدد أكبر من الإخوان على بعضهم البعض، ويتدربون على الصبر والالتزام والارتقاء بالروح والنفس والتعود على تحمّل المشاق. (151)

ويمكن القول أن هذا النظام كان مرناً إذ أن وصف الإخوان للكتائب التي حضروها يختلف من فرد لآخر مع الاتفاق في إطار عام يضم: الصلاة الجماعية، والدرس الليلي، وقيام الليل، أذكار الصباح، وتمارين الرياضة، والنوم والاستيقاظ في وقت محدد، والتعارف التام، وفي هذا الإطار كان يُزاد في البرنامج أو يُنقص منها بحسب الحاجة التربوية للمجتمعين. (152)

وللكتيبة أهداف تربوية متعددة تشمل الجانب الروحي والأخلاقي والثقافي والرياضي

الخلاصة

بدأت إعادة التنظيم على يد شباب في جيل متقارب لا يتمايزون، وهذا جعل الحركة أكثر ميلاً للتشاور في اتخاذ القرارات ،والاعتماد على اللجان، وبناء التنظيم بشكل متدرج اكتمل مع نهاية سنة 1987.

اتسم البناء التنظيمي بالمرونة من حيث قدرته على تغيير أهدافه المرحلية (في البداية كان التركيز على التربية وإعداد الجيل، ثم أصبح مقاومة الاحتلال)، واستبدالها بأهداف أكثر ملاءمة في الظروف الجديدة، وأثبتت التجربة أن الحركة مُنشدّة نحو خدمة الهدف والتضحية بالأشكال والأسماء متى دعت الحاجة لذلك (عملت الحركة باسم المجمع الإسلامي، ثم في نهاية 1987 عملت باسم حركة المقاومة الإسلامية).

وظهرت المرونة في القدرة على استيعاب قيادات جديدة، والتعافي بسرعة عند غياب قيادات أخرى، والتجربة جعلت حركة الإخوان غير متمحورة على شخصية قائد فرد أو جيل؛ خاصة عندما تعرضت قيادات الحركة للاعتقال سنة 1984. وكان مصدر الشرعية في البداية مبني على المبادرة وإعادة البناء، ثم أصبح الانتخاب هو مصدر الشرعية.

اتسم التنظيم بالتقاء الناس على الفكرة واعتمادهم على المؤسسات، واللجان والهياكل المتعددة، وليس الالتقاء على الزعيم المؤسس أو الشخصية الاعتبارية أو الجيل الرائد.

اعتمد التنظيم مبدأ علنية الدعوة وسرية التنظيم، وحاولت الحركة بناء معادلة تجمع بين السر الضروري والعلن الواجب.

لم يحدث صراع على القيادة لأن منافذ الوصول السلمي لها كانت مفتوحة عبر الانتخابات، وقد تطور البناء القيادي لكي يشمل في العام 1987 مجموعة من الأجيال وأهل الاختصاص يمكن تصنيفها كالتالي: أهل السبق والخبرة مثل أحمد ياسين وعبد الفتاح دخان، وأهل الشباب والتجديد مثل صلاح شحادة، وأهل المهن والثقافة الحديثة مثل إسماعيل أبو شنب وعبد العزيز الرنتيسي وإبراهيم المقادمة.

لم يكن هناك تشكيل كُتَل الضغط أو المحاور، وكذلك الترشُّح كان ممنوعاً، وإنما الترشيح هو الذي كان سائداً في الانتخابات الداخلية.

اتخاذ القرارات كان في الغالب يعتمد على المبادرة، والشورى بمفهومها البسيط والمباشر، إضافة إلى مدى توفر الإمكانات للعمل المراد اتخاذ قرار بشأنه، لكن قرار العمل العسكري احتاج إلى تشاور أوسع شمل الداخل والخارج.

حرص الإخوان على الاستفادة في مجال الدعوة مما هو متاح من مدارس ومساجد وكُتَل طلابية، وكانوا يحاولون توسيع المُتاح ميدانياً، وكان الشيخ أحمد ياسين في العادة هو المبادر لأغلب الأنشطة التي خاض غمارها الإخوان، وبعد ذلك تنتقل المسئولية عن العمل إلى لجنة تُشرف عليه.

وقد تمكن الإخوان من تأسيس تنظيم نسائي فاعل، استطاع خلال اقل من عشر سنوات الانتشار في كل مناطق قطاع غزة. واستطاع الإخوان إيجاد شبكة متشعبة من الشباب المتعلمين الذين يتواجدون في كل مكان في القطاع، وينقلون رسالة الحركة وينظرون لأفكارها سواء في المساجد أو المدارس أو الجامعة على حد سواء.

استطاع الإخوان إيجاد نظام تربوي فاعل قادر على إيجاد الإنسان العقائدي المؤمن الذي يملك استعداداً للتضحية في سبيل المبدأ، رغم ما تعرض له النظام التربوي من انتقادات، لكنها لم تكن هي السائدة، وكانت القناعة بالنظام التربوي المعمول به كبيرة في أوساط الإخوان.

المراجع

  1. النظام الداخلي لجماعة الإخوان المسلمين في قطاع غزة ،المادة 2، بدون دار نشر أو سنة نشر أو مكان نشر.
  2. المصدر نفسه، المادة 4.
  3. المصدر نفسه، المادة 5.
  4. وُلد الشيخ أحمد ياسين عام 1936 في قرية الجورة جنوب فلسطين، لجأ مع أسرته إلى قطاع غزة على أثر النكبة عام 1948، تعرّض في صباه لحادث أثناء ممارسته الرياضة فأصابه بالشلل، بعد إتمام الثانوية العامة عمل مدرساً للغة العربية والتربية الإسلامية، انتمى لحركة الإخوان في الخمسينات من القرن العشرين، وتعرض للاعتقال على يد السلطات المصرية، أثناء الاحتلال اصبح أشهر خطيب في قطاع غزة، عمل رئيساً للمجمع الإسلامي، واعتُقل سنة 1984 بتهمة حيازة أسلحة وتشكيل تنظيم عسكري والتحريض على إزالة دولة إسرائيل، اُفرج عنه سنة 1985 في إطار عملية تبادل الأسرى بين سلطات الاحتلال وبين والجبهة الشعبية-القيادة العامة بزعامة أحمد جبريل بعد أن أمضى 11 شهراً في سجون الاحتلال. واعتُقل مرة أخرى بتاريخ 18-5-1989 على يد قوات الاحتلال، وأُفرج عنه بتاريخ 1-10-1997. واستُشهد بقصف طائرات الاحتلال الإسرائيلي وهو عائد من صلاة الفجر عام 2004.أحمد منصور: شاهد على عصر الانتفاضة، الدار العربية للعلوم ودار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، ط1، 2003، ص 25-27.
  5. مقابلة أجراها الباحث مع الشيخ أحمد ياسين.
  6. محمد المدهون: السلوك القيادي للشيخ الشهيد أحمد ياسين، مؤتمر الإمام الشهيد أحمد ياسين، مجلدان، الجامعة الإسلامية، غزة، 2005، ج2، ص1088.
  7. المادة 73 من النظام الداخلي لجماعة الإخوان المسلمين في قطاع غزة.
  8. عبد الفتاح دخان من مواليد 1934 في قرية قطرة، يحمل شهادة البكالوريوس في الجغرافيا، وعمل مديراً في مدارس وكالة الغوث الدولية لتشغيل اللاجئين في قطاع غزة، اعتُقل سنة 1988 في سجون الاحتلال الإسرائيلي بتهمة المشاركة في تأسيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وأبعدته سلطات الاحتلال مع أكثر من 400 فلسطيني إلى مرج الزهور جنوب لبنان، وعاد إلى أرض الوطن، وانتُخب سنة 2006 لعضوية المجلس التشريعي الفلسطيني.
  9. مقابلة أجراها الباحث مع عبد الفتاح دخان.
  10. عبد الفتاح دخان: الإخوان المسلمون وقضية فلسطين في القرن العشرين، ج2، مركز النور للبحوث والدراسات، غزة، فلسطين، ط1، 2004، ص75. مقابلة أجراها الباحث مع الشيخ أحمد ياسين.
  11. عبد الفتاح دخان: مرجع سابق، ص75، ومقابلة أجراها الباحث مع أحمد ياسين.
  12. יחזקאל שבת: חמאס ותהליך השלום, הדפסת ארגמן, ירושלים, 1997, ע7.
  13. Matthew Levit: Hamas Politics Charity and Terrorism in the Service of Jihad AdvancedUncorrected Page Proof, New york, USA, 2006, p21.
  14. مقابلة أجراها الباحث مع أحمد ياسين.
  15. المصدر السابق.
  16. المصدر السابق.
  17. بشير نافع: لإسلاميون الفلسطينيون والقضية الفلسطينية 1950-1980، مركز فلسطين للبحوث والدراسات، غزة، فلسطين، 1999، ص26. ومقابلة أجراها الباحث مع أحمد ياسين، ومقابلة أجراها الباحث مع الشيخ سيد أبو مسامح.
  18. مقابلة أجراها الباحث مع سيد أبو مسامح.
  19. مقابلة أجراها الباحث مع الشيخ أحمد ياسين، ومقابلة أجراها الباحث مع الشيخ سيد أبو مسامح.
  20. مقابلة مع المهندس إسماعيل أبو شنب، ومقابلة مع الشيخ سيد أبو مسامح، ومقابلة مع الشيخ أحمد ياسين.
  21. وُلِد عبد العزيز الرنتيسي في قرية يبنا جنوب فلسطين بتاريخ 23-10- 1947، لجأت أسرته إلى قطاع غزة على أثر النكبة، أنهى دراسته الثانوية سنة 1965، وحصل على بكالوريوس ثم ماجستير طب من جامعة الإسكندرية سنة 1976، متزوج وأب لستة من الأبناء، وانتمى إلى حركة الإخوان عام 1979، عمل في مسشفيات القطاع، ثم اشتغل محاضراً في الجامعة الإسلامية بغزة، وانتُخب لعضوية مجلس إدارة الجمعية الطبية مرات عديدة، ثم اعتُقل سنة 1988 بتهمة تأسيس حركة حماس، واُبعد إلى مرج الزهور بتاريخ 17-12-1992، ثم استشهد بالقصف الإسرائيلي سنة 2005.
  22. عامر شمّاخ: مذكرات الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، دار التوزيع والنشر الإسلامية، القاهرة، مصر، ط1، 2004، ص7- 10.
  23. المادة 64 من النظام الداخلي لجماعة الإخوان المسلمين في قطاع غزة.
  24. مقابلة أجراها الباحث مع سيد أبو مسامح.
  25. محمد طه من مواليد قرية يبنا قضاء الرملة سنة 1937، تعلم في مدرسة القرية حتى الصف الرابع الابتدائي، وهاجر مع أسرته إلى غزة على أثر النكبة عام 1948، أكمل تعليمه، وعمل في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين منذ عام 1956 وحتى عام 1988، ويعمل مأذوناً شرعياً في المنطقة الوسطى منذ العام 1990، وكان قد انتمى لحركة الإخوان في الخمسينات من القرن العشرين، وواصل النشاط في صفوف الحركة.مقابلة مع محمد طه.
  26. حماد الحسنات من مواليد بئر السبع سنة 1935، وُلد وعاش في مضارب البدو، في منطقة كانت تعيش على الزراعة والرعي، والتعليم لم يكن منتشراً فيها، لجأ مع أسرته إلى قطاع غزة على أثر النكبة عام 1948، عمل في التدريس في وكالة الغوث، وترأس الجمعية الإسلامية فرع النصيرات.مقابلة مع حماد الحسنات.
  27. مقابلة مع المهندس إسماعيل أبو شنب.
  28. بشير نافع: مرجع سابق، ص28- 30.
  29. النظام الداخلي لجماعة الإخوان المسلمين في قطاع غزة، المادة 75.
  30. مقابلة أجراها الباحث مع محمد شمعة.
  31. مقابلة مع الشيخ أحمد ياسين.
  32. النظام الداخلي لجماعة الإخوان المسلمين في قطاع غزة، المادة 7.
  33. المصدر السابق، المادة 8.
  34. عبد السلام الحايك: حركة حماس وعد بالتحرير أم استمرار للأزمة، آفاق للطباعة والنشر والتوزيع، غزة، ط1، 2003، ص87.
  35. مقابلة أجراها الباحث مع طلال قويدر، ومقابلة أجراها الباحث مع يحيى العبادسة.
  36. مقابلة أجراها الباحث مع سيد أبو مسامح. ومقابلة أجراها الباحث مع كنعان عبيد.
  37. مقابلة أجراها الباحث مع أحمد بحر.
  38. مقابلة أجراها الباحث مع سيد أبو مسامح. ومقابلة أجراها الباحث مع يحيى العبادسة.
  39. عبد السلام الحايك، مرجع سابق، ص87.
  40. المرجع السابق، ص88.
  41. المرجع السابق، ص88.
  42. المرجع السابق، ص88.
  43. النظام الداخلي لجماعة الإخوان المسلمين في قطاع غزة، المادة 16.
  44. المصدر السابق، المادتان 18، 19.
  45. المصدر السابق، المادتان 23، 24.
  46. النظام الداخلي لجماعة الإخوان المسلمين في قطاع غزة، لمادة 25.
  47. المصدر السابق، المادة 26.
  48. مقابلة أجراها الباحث مع يحيى موسى العبادسة. ومقابلة أجراها الباحث مع سيد أبو مسامح.
  49. مقابلة أجراها الباحث مع الشيخ أحمد ياسين. ومقابلة أجراها الباحث مع يحيى موسى العبادسة.
  50. مقابلة أجراها الباحث مع يحيى موسى العبادسة.
  51. وُلد خالد يونس عبد العزيز الخالدي في مخيم الشاطئ بمدينة غزة بتاريخ 15-4-1962، وقد هاجرت أسرته إلى مدينة غزة عام 1948 عشية النكبة، درس الابتدائي والإعدادي في مدارس وكالة الغوث، والثانوية في مدرسة فلسطين الثانوية، أكمل تعليمه العالي وحصل على شهادة الدكتوراة في التاريخ الإسلامي من الجامعة الأردنية، ويعمل أستاذاً للتاريخ في الجامعة الإسلامية بغزة.مقابلة أجراها الباحث مع خالد الخالدي.
  52. مقابلة أجراها الباحث مع خالد الخالدي.للمزيد بشأن المرونة في الاتصال بين الكوادر والقيادة العليا انظر: عبد السلام الحايك: مرجع سابق، ص99-101.
  53. عبد السلام الحايك: مرجع سابق، ص99- 101.
  54. المرجع السابق، ص101.
  55. سيد قطب: معالم في الطريق، ص123.
  56. حسن البنا: المرأة المسلمة، ص203.
  57. حسن البنا: المرأة المسلمة، ص206.
  58. المرجع السابق، ص204.
  59. المرجع السابق، ص213.
  60. المرجع السابق، ص205.
  61. حسن البنا: مجموعة رسائل الإمام الشهيد، ص75- 77.
  62. إصلاح جاد: نساء على تقاطع طرق الحركات النسوية الفلسطينية بين الوطنية والعلمانية والهوية الإسلامية، تعريب فيصل بن خضراء، مواطن المؤسسة الفلسطينية لدراسة الديمقراطية، رام الله، فلسطين، 2008، ص26- 31.
  63. نضال محمد الهندي: أضواء على نضال المرأة الفلسطينية 1903- 1992، دار الكرمل للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 1995، ص41.
  64. مقابلة أجراها الباحث مع الشيخ أحمد ياسين.
  65. تقرير أعدته القيادية في حركة حماس هدى نعيم عن الحركة النسائية الإسلامية وألقت جزء منه في معهد إبداع للدراسات الاستراتيجية في محاضرة في شهر أغسطس 2008.
  66. رجاء عمر الحلبي من مواليد مدينة غزة سنة 1963، تخرجت من كلية أصول الدين في الجامعة الإسلامية بغزة، وعملت في تدريس التربية الدينية لمدة عشرة أعوام تقريباً، ونشأت في أسرة شارك أغلب أفرادها في مقاومة الاحتلال، بدءاً من والدها الذي اعتُقل زمن الاحتلال البريطاني وكذلك الإسرائيلي، وإخوتها وأخواتها.مقابلة مع رجاء عمر الحلبي.
  67. مقابلة مع أحمد ياسين. ومقابلة مع رجاء الحلبي.
  68. مقابلة مع رجاء الحلبي.
  69. كانت هيئة الطالبات جزء من مجلس الطلاب، ميزانيتها وترتيب أنشطتها يتم عبر التنسيق مع رئيس مجلس الطلاب.مقابلة مع إلهام مراد.
  70. مقابلة مع إلهام مراد.
  71. تقرير أعدته هدى نعيم، مصدر سابق.
  72. مقابلة مع إلهام مراد.
  73. مقابلة مع إلهام مراد.
  74. المصدر السابق.
  75. مقابلة مع رجاء الحلبي.
  76. المصدر السابق.
  77. المصدر السابق.
  78. مقابلة مع إلهام مراد، ومقابلة مع رجاء الحلبي.
  79. مقابلة مع إلهام مراد، ومقابلة مع رجاء الحلبي.
  80. مقابلة مع رجاء الحلبي.
  81. مقابلة مع رجاء الحلبي.
  82. إصلاح جاد: مرجع سابق، ص127.
  83. مقابلة مع رجاء الحلبي.
  84. المصدر السابق.
  85. مقابلة مع الشيخ أحمد ياسين.
  86. مقابلة مع رجاء الحلبي.
  87. مقابلة مع الشيخ أحمد ياسين
  88. مقابلة مع رجاء الحلبي.
  89. مقابلة مع الشيخ أحمد ياسين.
  90. المصدر السابق.
  91. المصدر السابق.
  92. مقابلة مع الشيخ أحمد ياسين.
  93. تقرير صادر عن عمادة شئون الطلاب في الجامعة الإسلامية بغزة عن الانتخابات الطلابية في تاريخ الجامعة عام 2009.
  94. صوت الجامعة، وهي نشرة تصدر عن دائرة العلاقات العامة في الجامعة الإسلامية بغزة ، العدد 16، أكتوبر 1986، ص31.
  95. صوت الجامعة، عدد 14، ص44، 45.
  96. صوت الجامعة، عدد 20، ص44.
  97. صوت الجامعة، عدد 14، أيار 1986،ص12.
  98. صوت الجامعة، العدد 19، فبراير ومارس 1987، ص44 .
  99. المصدر السابق، ص26.
  100. المصدر السابق، ص27.
  101. صوت الجامعة، عدد 20، ص45.
  102. مقابلة مع يحيى موسى العبادسة. ونشرة النداء،بدون تاريخ نشر، العدد الأول، ص18.
  103. مقابلة مع يحيى موسى العبادسة.
  104. نشرة النداء، العدد الأول، ص18.
  105. مقابلة مع يحيى موسى العبادسة.
  106. النداء، نشرة ثقافية غير دورية- يصدرها مجلس طلبة الجامعة الإسلامية، سنة 1983، ص39.
  107. ראובן פז: התפתחות הגורמים האסלאמים הפלסטינים בשנים 1967- 1988. עבודת גמר המוגשת כמילוי חלק מהדרישות לקבלת תואר מוסמך. אוניברסיטת חיפה. הפקולטה למדעי הרוח. החוג להיסטוריה של המזרח התיכון. דצמבר 1989. ע' 114.
  108. صوت الجامعة، عدد20، ص11.
  109. النداء، العدد الأول، ص19.
  110. صوت الجامعة، عدد20، ص42.
  111. ראובן פז: שם. ע' 102.
  112. صوت الجامعة، عدد 20، ص25.
  113. صوت الجامعة، عدد 20، ص35. وشريط فيديو لحفل الإسراء والمعراج الذي عقده مجلس الطلاب بتاريخ 4-4-1987.
  114. صوت الجامعة ، عدد20، ص26.
  115. صوت الجماعة الإسلامية،جريدة طلابية تصدرها الجماعة الإسلامية عدد (2) أكتوبر 1985، ص2.
  116. أسامة المزيني من مواليد مدينة غزة سنة 1966، وأصبح سنة 1987 رئيساً لمجلس الطلاب في الجامعة الإسلامية، وحصل على درجة الدكتوراة في علم النفس التربوي، ويعمل محاضراً في الجامعة الإسلامية بغزة.مقابلة مع أسامة المزيني.
  117. سامي أبو زهري، من مواليد مدينة رفح سنة 1967، أصبح رئيساً لمجلس الطلاب سنة 1994، ويحمل درجة الدكتوراة في التاريخ الإسلامي، ويعمل ناطقاً باسم حركة المقاومة الإسلامية حماس.مقابلة مع سامي أبو زهري.
  118. مقابلة مع يحيى موسى العبادسة.
  119. صوت الجامعة، العدد 20، مايو ويونيو 1987، ص13، 14.
  120. المصدر السابق، ص9.
  121. مقابلة مع يحيى موسى العبادسة.
  122. Jeroen Gunning: Re-Thinking Western Construction of Islamism, Pluralism, Democracy and Theory and Praxis of The Islamic Movement in The Gaza Strip, A thesis submitted in partial fulfillment of the requirements for the degree of doctor of philosophy, Centre for Middle Eastern and Islamic Studies, University of Durham, 2000,p126.
  123. مقابلة مع يحيى موسى العبادسة.
  124. لقاء مع عز الدين المصري.
  125. مقابلة مع صبحي اليازجي.
  126. مقابلة مع يحيى موسى العبادسة.
  127. مقابلة مع صبحي اليازجي.
  128. مقابلة مع يحيى العبادسة.
  129. مقابلة مع عز الدين المصري.
  130. مقابلة مع يحيى العبادسة.
  131. حسن البنا: مجموعة رسائل الإمام الشهيد، ص123.
  132. حسن البنا: مذكرات الدعوة والداعية، 140- 141.
  133. عثمان عبد العزيز رسلان: التربية السياسية عند جماعة الإخوان المسلمين 1928-1954 في مصر، دار التوزيع والنشر الإسلامية، القاهرة، مصر، ط1، د.ت.، ص13.
  134. سيد قطب: معالم في الطريق، دار الشروق، القاهرة، مصر، ط11، 1987، ص92- 94.
  135. عثمان عبد العزيز رسلان: مرجع سابق، ص193.
  136. حسن البنا: مجموعة رسائل الإمام الشهيد، ص17.
  137. المرجع السابق، ص17.
  138. حسن البنا: رسالة دعوتنا، ص275- 276.
  139. خالد صلاح الدين: الاتجاه الإسلامي الموقف العام من القضية الفلسطينية نقد وعرض 1949- 1986، عبد الله النفيسي (تحرير): الحركة الإسلامية رؤية مستقبلية، مكتبة مدبولي، القاهرة، مصر، 1989، ص105.
  140. ريتشارد ميتشل: الإخوان المسلمون، ترجمة محمود أبو السعود، تعليق صالح أبو رقيق، ط1، د.م. القاهرة، مصر، 1979، ص337.
  141. حسن البنا: مجموعة رسائل حسن البنا ، ص373.
  142. مقابلة مع محمد شهاب.
  143. مقابلة مع سيد أبو مسامح.
  144. مقابلة أجراها الباحث مع يحيى موسى العبادسة.
  145. مقابلى مع يحيى العبادسة.
  146. عبد السلام الحايك: مرجع سابق، ص93.
  147. مقابلة مع كنعان عبيد.
  148. المرجع السابق، ص94.
  149. عبد السلام الحايك: مرجع سابق ، ص94.
  150. مقابلة مع طلال قويدر.
  151. عبد السلام الحايك: مرجع سابق،ص95.
  152. عثمان عبد العزيز رسلان: مرجع سابق، ص462.
  153. ابن منظور: لسان العرب، إعداد وتصنيف يوسف خياط، دار لسان العرب، بيروت، لبنان، د.ت.، ج3، ص217.
  154. علي عبد الحليم محمود: وسائل التربية عند الإخوان المسلمين، دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع، المنصورة، مصر، ط4، 1990، ص220.
  155. المرجع السابق، ص221، 222.
  156. عثمان عبد العزيز رسلان: مرجع سابق، ص465.

المصادر

  1. النظام الداخلي لجماعة الإخوان المسلمين في قطاع غزة ،المادة 2، بدون دار نشر أو سنة نشر أو مكان نشر.
  2. تقرير أعدته القيادية في حركة حماس هدى نعيم عن الحركة النسائية الإسلامية وألقت جزء منه في معهد إبداع للدراسات الاستراتيجية في محاضرة في شهر أغسطس 2008.
  3. تقرير صادر عن عمادة شئون الطلاب في الجامعة الإسلامية بغزة عن الانتخابات الطلابية في تاريخ الجامعة عام 2009.
  4. صوت الجامعة، وهي نشرة تصدر عن دائرة العلاقات العامة في الجامعة الإسلامية بغزة ، العدد 16، أكتوبر 1986، ص31.
  5. صوت الجامعة، عدد 14، ص44، 45.
  6. صوت الجامعة، عدد 20، ص44.
  7. صوت الجامعة، عدد 14، أيار 1986،ص12.
  8. صوت الجامعة، العدد 19، فبراير ومارس 1987، ص44 .
  9. ونشرة النداء،بدون تاريخ نشر، العدد الأول، ص18.
  10. النداء، نشرة ثقافية غير دورية- يصدرها مجلس طلبة الجامعة الإسلامية، سنة 1983.
  11. شريط فيديو لحفل الإسراء والمعراج الذي عقده مجلس الطلاب بتاريخ 4-4-1987.
  12. صوت الجماعة الإسلامية،جريدة طلابية تصدرها الجماعة الإسلامية عدد (2) أكتوبر 1985.

المراجع باللغة العربية

  1. أحمد منصور: شاهد على عصر الانتفاضة، الدار العربية للعلوم ودار ابن حزم للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، ط1، 2003.
  2. بشير نافع: الإسلاميون الفلسطينيون والقضية الفلسطينية 1950-1980، مركز فلسطين للبحوث والدراسات، غزة، فلسطين، 1999.
  3. عبد السلام الحايك: حركة حماس وعد بالتحرير أم استمرار للأزمة، آفاق للطباعة والنشر والتوزيع، غزة، ط1، 2003.
  4. عبد الفتاح دخان: الإخوان المسلمون وقضية فلسطين في القرن العشرين، ج2، مركز النور للبحوث والدراسات، غزة، فلسطين، ط1، 2004.
  5. محمد المدهون: السلوك القيادي للشيخ الشهيد أحمد ياسين، مؤتمر الإمام الشهيد أحمد ياسين، مجلدان، الجامعة الإسلامية، غزة، 2005.
  6. سيد قطب: معالم في الطريق معالم في الطريق، دار الشروق، القاهرة، مصر، ط11، 1987.
  7. حسن البنا: المرأة المسلمة، بيروت، دار الجيل، 1988.
  8. حسن البنا: مجموعة رسائل الإمام الشهيد، دار الكلمة للنشر، القاهرة، مصر، 2005.
  9. إصلاح جاد: نساء على تقاطع طرق الحركات النسوية الفلسطينية بين الوطنية والعلمانية والهوية الإسلامية، تعريب فيصل بن خضراء، مواطن المؤسسة الفلسطينية لدراسة الديمقراطية، رام الله، فلسطين، 2008.
  10. نضال محمد الهندي: أضواء على نضال المرأة الفلسطينية 1903- 1992، دار الكرمل للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، 1995.

المراجع باللغة العبرية

  1. יחזקאל שבת: חמאס ותהליך השלום, הדפסת ארגמן, ירושלים, 1997.
  2. ראובן פז: התפתחות הגורמים האסלאמים הפלסטינים בשנים 1967- 1988. עבודת גמר המוגשת כמילוי חלק מהדרישות לקבלת תואר מוסמך. אוניברסיטת חיפה. הפקולטה למדעי הרוח. החוג להיסטוריה של המזרח התיכון. דצמבר 1989.

المراجع باللغة الإنجليزية

  1. Jeroen Gunning: Re-Thinking Western Construction of Islamism, Pluralism, Democracy and Theory and Praxis of The Islamic Movement in The Gaza Strip, A thesis submitted in partial fulfillment of the requirements for the degree of doctor of philosophy, Centre for Middle Eastern and Islamic Studies, University of Durham, 2000,p126.
  2. Matthew Levit: Hamas Politics Charity and Terrorism in the Service of Jihad, Advanced Uncorrected Page Proof, New york, USA, 2006.

المقابلات الشفوية

  1. أحمد ياسين، يناير 2002.
  2. أحمد بحر، شتاء 2004.
  3. أسامة المزيني، شتاء 2004.
  4. إسماعيل أبو شنب، فبراير 2002.
  5. إلهام مراد، يوليو 2009.
  6. حماد الحسنات، مارس 2003.
  7. خالد الخالدي، مارس 2004.
  8. رجاء عمر الحلبي، يونيو 2009.
  9. سامي أبو زهري، شتاء 2004.
  10. سيد أبو مسامح، سبتمبر 2009.
  11. صبحي اليازجي، أكتوبر 2009.
  12. طلال قويدر، يناير 2002.
  13. عبد الفتاح دخان، يناير .
  14. عز الدين المصري، يوليو 2008.
  15. كنعان عبيد، أبريل 2002.
  16. محمد شمعة، أبريل 2002.
  17. محمد طه، يناير 2003.
  18. يحيى العبادسة، سبتمبر 2008.