عبد الرحمن السندي

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
عبد الرحمن السندي

موقع إخوان ويكي (ويكيبيديا الإخوان المسلمين)

تقديم


لكل منا إيجابيات وسلبيات ،ومحاسن و أخطاء، وأقوالنا مع أفعالنا منها الطيب المحمود، والسيئ المذموم.والشخص يقيم بغالب الأمرين لديه .. فلا حسن طول الخط ، فليس من معصوم سوى الأنبياء ...و لا سيئ أينما حل ، فالمسلم فيه من الخير و الطيب الشيء الكثير .

فما بالنا لو كان هذا المسلم من الرعيل الأول لجماعة الإخوان المسلمين الذين عايشوا قلوبا نقية و تقية ، و تربوا على أياد بيضاء ..عفيفة ومتوضئة .. أمثال الإمام حسن البنا رحمة الله عليه .

حتما سيكون الأمر مختلفا وإن كانت هناك سقطات وهنات ..

ذلك هو عبد الرحمن علي فراج السندي .. والذي ولد بمحافظة المنيا عام 1918م والرئيس المدني للتنظيم الخاص للجماعة في فترة الإمام البنا،وما بعدها بقليل .. والموظف بوزارة الزراعة،رجل يتسم بالهدوء والرزانة والجد ، فيه من الصلاح والخلق الفاضل ما دفعه لقبول دعوة الإخوان المسلمين ، تلك الدعوة التي ملكت عليه شغاف قلبه ، وتتوق إلي يوم يبذل فيه نفسه في سبيل الله .

نعم كانت له أعمالا بطولية عظيمة لنصرة الإسلام،ولكن مع ذلك ومع ما فيه من خير كانت له أخطاؤه التي حاسبته عليها الجماعة فكان قرار الفصل . وبين الأمرين أثيرت حوله بعض الأقاويل ..


البداية مع التنظيم الخاص

تعرف عبد الرحمن السندي على جماعة الإخوان المسلمين من خلال الأستاذ محمود عبدالحليم المسئول التنفيذي للتنظيم الخاص ، و الذي رشحه فيما بعد لتولي مهمة الإشراف على التنظيم الخاص خلفا له نظرا لانتقاله للعمل في دمنهور في 16/6/1941م،...

يقول الأستاذ عبد الحليم:

" لما استقر الرأي علي أن ألتحق بهذه الوظيفة وأن أكون بذلك بعيدًا عن القاهرة وكان الأستاذ المرشد علي علم بأنني أكاد أن أكون المباشر الوحيد .. دون زملائي في القيادة لمهمة الإشراف علي " التنظيم الخاص " طلب إلي الأستاذ أن استخلف من يباشر الإشراف علي هذا النظام .
وقد نظرت فإذا جميع أعضاء هذا النظام مرتبطون بأعمال تشغل أكثر وقتهم وتستفرغ معظم جهدهم والإشراف علي هذا النظام يحتاج إلي تفرغ أو ما يقرب من التفرغ علي الأقل كما يحتاج إلي صفات معينة تتناسب مع خطورة هذه المهمة .
منذ التحقت بكلية الزراعة كنت أسكن بالجيزة ، وفي السنة الأخيرة لي بالكلية اتخذت لي سكنا مع بعض الإخوان في منطقة خلف مباني الجامعة تسمي " بين السرايات " وكانت الشقة التي نسكنها في الدور الأول من منزل رجل صالح كان يحبنا ونحبه ..
فلما جاءه ساكن الدور الأرضي من المنزل رأي أن يستشيرنا ، وكان الساكن طالبا في كلية الآداب ومعه شقيقه الطالب بالمدارس الثانوية ، فلما التقيت بالشابين وتحدثت معهما شمت فيهما الصلاح والخلق الفاضل فصارا من جيراننا ، وكان هذان الجاران هما عبد الرحمن السندي وشقيقه .
ثم كان أن جاء الأخ عبدالعزيز كامل ليلتحق بكلية الآداب وكان من إخوان الإسكندرية الذين أعرفهم ، وكان يريد أن يسكن قريبًا منا فسكن مع هذبن الجارين مستقلا بحجرة من هذه الشقة .
ولما كانت صلتي بالأخ عبد العزيز تقتضيني أن أكثر من زيارته لأونسه من ناحية ولأنه كان قد التحق بقسم الجغرافيا بكلية الآداب وكنت أحب أن أطلع علي بحوث شائقة لهذا القسم في الأجناس والطبائع وما شابهها من ناحية أخري .. لذا كثر ترددي علي هذه الشقة فكان هذا التردد فرصة لي للتحدث مع الساكنين الآخرين بها .
وقد لاحظت علي عبد الرحمن ... الهدوء والرزانة والجد ، كما لاحظت إقباله علي إقبالا يوحي بأن الدعوة التي عرضتها عليه تملك شغاف قلبه وتشعر بتشوقه إلي يوم يفتديها فيه بنفسه ، وظللت طيلة ذلك العام علي اتصال وثيق به ، حتى إنه كان لشدة ثقته بي ، وفرط حبه لي يعرض علي مشاكله الخاصة فلما وثقت به تمامًا عرفته بالأستاذ المرشد باعتباره عضوًا بالنظام الخاص " .
وقد فهمت منه في أثناء ماعرضه علي من شئونه الخاصة أن له إيرادًا يمكن أن يقوم بشئونه ، فلما كنت بصدد اختيار من يخلفني في الإشراف علي "النظام الخاص " تذكرت عبد الرحمن فرجعت إليه لألم بظروفه التي طرأت منذ انتهت دراستي بالكلية وغادرت " بين السرايات " ففهمت منه أن كل الذي طرأ عليه هو أنه لم يوفق في امتحان تلك السنة وأنه الآن يعيد السنة الأولي ...
فشرحت له ظروفي وأنني مضطر أن أكون خارج القاهرة ، وأنني أبحث عن شخصية تخلفني للإشراف علي " النظام الخاص " واشترط أن تكون مستوفية شروطًا معينة ، وقلت له : إن هذه الشروط تكاد أن تكون مستوفاة فيك عدا " التفرغ " فهو ليس بالأمر الميسور ...
فقال لي : إنني أشكر لك حسن ظنك بي ... وأنت تعلم أولا أنني مريض بالقلب ، ومعرض للموت في كل لحظة ، وأحب أن تكون موتتي في سبيل الله ... كما تعلم أن لي إيرادًا وإن كان محدودًا إلا أنه يعينني علي مطالب الحياة الضرورية ... وتعلم كذلك أنني رسبت في السنة الأولي بالكلية وأنني أعيدها ... وقد استقر رأيي علي الانقطاع عن الدراسة وسألتحق بوظيفة في وزارة الزراعة بالثانوية العامة ... وبذلك يتوفر لي عنصر التفرغ الذي تطلبه .
وعرضت الأمر علي الأستاذ المرشد فوافق عليه ، وأحضرت عبد الرحمن للأستاذ المرشد بايعه أمامي علي أن يقود هذا النظام وعلي أن لا يقدم علي أية خطوة عملية إلا بعد الرجوع إلي لجنة القيادة ثم إليه شخصيًا .
وسار عبد الرحمن بالنظام سيرًا موفقاً فحاز حب من يليه من القيادات والأفراد كما حاز ثقتنا حيث كان يرجع إلينا في كل خطوة عملية بل فيما دون ذلك .
ومع وجودي في دمنهور كنت أسافر إلي القاهرة في كل شهر مرة أو مرتين يعرض علي عبد الرحمن ما تم في خلال مدة غيابي ، وما يقترحه للمستقبل .
واتسعت رقعة النظام في القاهرة، وأخذت تتشعب في الأقاليم فضمت صفوة الإخوان في مختلف البلاد ."
هكذا كان عبد الرحمن السندي في هذه القترة جنديا من جنود الدعوة ملتزما بتمام السمع والطاعة للمرشد مخلصا في عمله من أجل ذلك كله حاز الإعجاب و الثقة من الجماعة قيادة و أفرادا.

يشهد بذلك الأستاذ عمر التلمساني حيث يقول:

" لقد عهد الإمام الشهيد بتيسير أمور هذا النظام الى أحد الشباب بعد تزكية من بعض عناصر الإخوان وبعد مبايعة للإمام الشهيد....وقد سار عبد الرحمن السندى سيرا حسنا موفقا نال به رضاء القيادات والأفراد فى النظامين الخاص والعام فى الإخوان المسلمين."

و يقول الأستاذ محمود الصباغ:

"ولقد لمسنا من عبد الرحمن طوال فترة العمل معنا الصدق في اللقاء والصبر على العناء، والبذل بالمال والوقت دون حدود، مع صفاء في النفس، ورقة في الشعور، والتزام بأحكام الدين حتى أحببناه حبًا صادقًا من كل قلوبنا، لما جمع الله فيه كل هذه الصفات".

من روائع بطولات السندي

بداية نذكّر أن النظام الخاص نشأ عام 1940م بهدف:
  1. محاربة المحتل الإنجليزي داخل القطر المصري.
  2. التصدي للمخطط الصهيوني اليهودي لاحتلال فلسطين.
  3. حماية الدعوة ورجالها من المؤامرات التي تحاك ضدها ومحاولة العبث بها ومن المعروف أن الإمام البنا تعرض لستة محاولات اغتيال ونجحت السابعة فى 12 فبراير 1949م.

فقد دعا الإمام البنا خمسةً من الإخوان، وهم:

صالح عشماوي، وحسين كمال الدين، وحامد شريت، وعبدالعزيز أحمد، ومحمود عبدالحليم، وعهِد إليهم بإنشاء النظام الخاص وتدريبه، ... وقد وضعوا برنامجًا للدراسة داخل النظام، مثل:
  1. دراسة عميقة ومستفيضة للجهاد في الإسلام من خلال القرآن والسنة والتاريخ الإسلامي.
  2. التدريب على الأعمال العسكرية.
  3. السمع والطاعة في المنشط والمكره فيما يوافق تعاليم القرآن والسنة.

وبعد أن تولى عبد الرحمن السندي مسؤولية التنظيم الخاص ، بدأ في جهاد المحتل الإنجليزي وذلك بتنفيذ العديد من العمليات الناجحة و التي أصابت العدو في مقتل .... نذكر من ذلك :

(1) أول أعمال النظام الخاص بث الفزع والرعب فى قلوب المحتلين الإنجليز:

يقول الأستاذ عبد الحليم محمود :

" كنا في ذلك الوقت في أوائل أعوام الحرب العالمية الثانية ، وكانت القاهرة تعج بجحافل الجنود الإنجليز، وكنت لا تكاد تمشي في شارع من شوارع القاهرة لاسيما الشوارع الرئيسية خصوصًا بالليل إلا ويحتك بك جماعات من هؤلاء الجنود في حالة سكر وعربدة ، يهاجمون الرجال والنساء ، ويعبثون بكل ما تصل إليه أيديهم ، في الوقت الذي تلازمهم فيه أسلحتهم كأنهم في ميدان القتال .
وجأر الأهالي بالشكوى من عبث هؤلاء الجنود ، ومن كثرة ما جنوه من قتل أبرياء وهتك أعراض وتحطيم محلات ، ولكن الحكومات التي تحكم البلاد لم تكن تجرؤ حتى علي توصيل هذه الشكاوى إلي مسامع السادة الإنجليز .
ورأي إخوان النظام الخاص أن يعملوا عملا يبث الخوف في قلوب هؤلاء الجنود العابثين ، لعل هذا الخوف يردعهم عن عبثهم حين يشعرون أن الطريق أمامهم ليس سهلا كما اعتادوا ، وأن هناك من يقف لهم بالمرصاد ، وأن حياتهم ستكون ثمناً لهذا العبث.
وقرر " النظام " لكي يكون للعمل أبلغ الأثر أن يختاروا توقيتًا معينًا ومكانًا معينًا ومناسبة معينة ، فاختاروا ليلة عيد الميلاد ، واختاروا النادي البريطاني حيث يكون مكتظًا بالجنود الانجليز وضباطهم وألقوا عليهم قنبلة لم تقتل أحدًا
ولكنها بعثت الرعب في نفوسهم وحققت الغرض منها تمامًا فبدأوا يفهمون أنهم يعبثون وسط قوم يستطيعون أن يحفظوا كرامة أنفسهم بأنفسهم وأن يلقنوا من يعتدي عليهم دروسًا قاسية ، وقد قبض في هذا الحادث علي بعض الإخوان أذكر منهم الأخ نفيس حمدي الذي كان إذ ذاك طالبًا والأخ حسين عبد السميع ."

(2) حادث كشف السفينة الصهيونية الراسية في ميناء بورسعيد

فعندما كان الإمام البنا رحمه الله يريد تنفيذ عملية ما ضد المحتل الإنجليزي و اليهود.. كان يرسل عبد الرحمن السندي كموفد منه إلى الشخص المراد..
حدث هذا عام 1947م في حادثة تعطيل سفينة يهودية في ميناء بورسعيد والتي كانت تحمل شحنة أسلحة للصهاينة في فلسطين وكانت السلطات المصرية تجهل طبيعة هذه الشحنة لأنها كانت ترفع علم بنما ، فقام النظام الخاص بقيادة محمود الصباغ وأحد إخوان بورسعيد بتفجير جزء من السفينة أدى إلى عطبها مما دفع السلطات لسحب السفينة لإصلاحها وإفراغ الشحنة التي تكشفت لهم أنها أسلحة فقاموا بمصادرتها.

(3) حادث القطار الإنجليزي :

يحكي الأستاذ محمود الصباغ فيقول :

" قام بهذا الحادث أيضا إخوان من النظام الخاص وقسم الوحدات يرأسه الأخ صلاح شادي، وقد نفذه الأخوة علي بدران، وحسن عبيد من الطيران، والأخ إبراهيم بركات من الصيانة بأن حملوا سلال السميط والبيض والجبن شأن الباعة الجائلين الذين يشاهدون في القطارات؛
وذلك لتغطية ما بداخلها من قنابل، وترصدوا موعد وصول قطار القوات الإنجليزية الذي يمر عبر القاهرة في منطقة الشرابية، حيث كان القطار الذي يحمل هذه القوات يضطر للتهدئة في مسيرته في هذا المكان بسبب أعمال الحفر التي كانت قائمة.
ثم بدءوا يقذفون القنابل داخل القطار من شباكه في أثناء سيره المتمهل في هذا المكان، وكانت المسافة التي يسيرها القطار بعد قذف القنابل تكفي للتباعد بين الإخوان وبين الانفجارات التي تحدثها القنابل بعد ثوان من إلقائها، وقد أشرف على هذه العملية كل من الأخوين صلاح شادي وعبد الرحمن السندي، دون أن يشعر أي منهما بدور الآخر، بسبب كون الأخوان المنفذين أعضاء في كل من النظام الخاص وقسم الوحدات في وقت واحد."

(4) شركة الإعلانات الشرقية

كان أكبر حادث نسف من هذا النوع هو الذى وقع فى شركة الإعلانات الشرقية بشارع جلال قريبا من شارع عماد الدين بالقاهرة فى 12/11/1948,ولقد كانت الشركة مركزا لعملاء الصهيونية بمصر ومكانا لاجتماعاتهم وتجميع الأخبار لهم تحت ستار الصحافة والإعلان.

فى كتابه (من قتل حسن البنا) قال محسن محمد:

" نفذ الإخوان كما قال رجال الشرطة تهديداتهم ضد أكبر وأخطر المؤسسات اليهودية فى مصر. فى 12 مننوفمبر 1948أمر السندى بنسف مكاتب ومطابع الشركة الشرقية للإعلان التى يملكها اليهودويرأسها يهودى... هنرى حاييم"أ.هـ.
أضف لذلك ما قامت به الطائرات الصهيونية من اختراق الأجواء المصرية تحت سمع وبصر المحتل البريطاني وإلقاء قنبلة على حي فقير من أحياء عابدين حيث مات الكثير من المصريين وهدمت البيوت وكانت الخسائر فادحة فكان رد الإخوان على هذه الجرائم وسط صمت الحكومة المصرية والمحتل البريطاني الذي تغافلا عن جرائم الصهاينة.

(5) حادثة السيارة الجيب:

هذه الحادثة كانت سببا في كشف جميع أوراق التنظيم الخاص لجماعة الإخوان المسلمين من قبل الحكومة .. وملخص هذه الحادثة أنه الأخ عادل كمال قام بنقل أوراق خاصة بالتنظيم الخاص للإخوان تحتوي أسرار هذا النظام ،ووسائله وأهدافه ومعها بعض الأسلحة المخصصة للجهاد في فلسطين من شقة بحي المحمدي ، إلى أخرى بالعباسية لأحد الإخوة ، مستعينا في ذلك بسيارة جيب ، كان يقودها الأخ مصطفى كمال عبد المجيد ، وكان معهما الأخ طاهر عماد الدين ..
وصلت السيارة الجيب إلى منزل الأخ: إبراهيم محمود علي بالعباسية ، وكان من سكان هذا المنزل المخبر صبحي علي سالم والذي كان في خصومة مع الأخ إبراهيم محمود علي ، ولاحظ هذا المخبر أن السيارة لا تحمل أرقاما ..
وكيدا في خصمه وجاره الأخ إبراهيم محمود علي أراد أن يضبطها كسيارة بدون ترخيص ، ولكنه سعد لما رأى أن السيارة تحمل أسلحة ومتفجرات وأوراق ، غير أن الإخوة هربوا منه ،فلاحقهم واستعان بالناس صارخًا أنهم صهيونيون فتم ضبط كلا من أحمد عادل كمال وطاهر عماد الدين؛
أما مصطفى كمال عبد المجيد فلم يمسكوا به ، ليذهب مباشرة إلى الأخ سعد كمال صاحب ورشة سيارات والتي كانت قريبة من منزل الأخ مصطفى مشهور ويخبره بما حدث ، وذلك ليذهب الأخ سعد لإخبار الأخ مشهور والذي لم يكن موجودا بالمنزل حينها بل كان قدرا يسير في نفس الشارع الذي ضبطت فيه السيارة الجيب، ومعه حقيبة بها أوراق عن أعمال الجهاد ضد المحتل واليهود ليودعها لدى أحد أقربائه ،.
وجاء البوليس إلى منزل الأستاذ مشهور وفتشوه ولم يكن موجودا وقتئذ، وقد لاحظ هو والأخ السندي والذي كان قد تأخر لشغل ما أن هناك بوليس فلم يدخل البيت واستمرا في سيرهما كل على حدة ،وبعد التحقيقات تم القبض على مشهور والسندي وغيرهما ، وكانت المحاكمة .

عبد الرحمن السندي ... في الميزان

أثيرت أقاويل كثيرة عن شخصية عبد الرحمن السندي جراء أعمال معينة قام بفعلها بعد توليه مهام المسؤولية المدنية للتنظيم الخاص ... وهنا نذكر كل عمل أدين به ... و هل حقا كان قد قام به و أمر بتنفيذه ؟!! فإن كان الجواب بنعم فما هي دوافعه ، و إن كان الجواب بلا فما هو الإثبات على ذلك ؟...

فى البداية لا بد أن نعي حقيقة هامة جدا يحاول الناس أن يغفلوها وهي أن الإخوان المسلمين بشر يخطئون ويصيبون وأنهم ليس بمعزل عن المجتمع، وأن نفوسهم نفوس بشرية تتأثر بما حولها من ضغوط وغيرها فقد حدث فى عهد رسول الله مثل ذلك ونزل فيهم قرآن لكن لم يقم لهم رسول الله الحكام أو أخرجهم من الإسلام.

بالإضافة أن الإخوان لا يقرون القتل إلا للدفاع عن النفس والوطن والعرض ولا يكفرون أحدا أقر بالشهادتين ، أما أن يحكم على جماعة كبيرة أو طائفة لتصرف فردي فهذا تجن.

حادثة مقتل النقراشي

موجز ملابسات هذه الحادثة ودوافعه:

لقد تولى محمود باشا النقراشي رئاسة الوزراء مرتين المرة الأولى من 24/2/1945م حتى 15/2/1946م، والثانية من ديسمبر 1946م حتى 28 ديسمبر 1948م، وكان النقراشي قبل ذلك معلما في التربية والتعليم حتى التحق بحزب الوفد وساهم في جماعة اليد السوداء غير أنه منذ أن تولى الوزارات وقد تغير منهجه فترك التصدي للإنجليز وحباهم وعمل على تنفيذ قراراتهم بقدر المستطاع مما ألب عليه نفوس الشباب خاصة والشعب عامة.
ففي وزارته الأولى حيث كانت البلاد تموج بالمظاهرات ضد المحتل ارتكب هو ما يسمى بحادثة كوبري عباس أو مذبحة الطلبة حيث خرج الطلبة من جامعة فؤاد الأول القاهرة حاليا على اختلاف أطيافهم متجهين إلى قصر عابدين في 9 فبراير 1946م، للتعبير عن سخطهم للوضع الذي تحياه البلاد، من تصرفات المحتل الذي أذل العباد وانتهك أعراض الحرائر في الشوارع؛
غير أن قوات البوليس والتي كان النقراشي باشا وزيرًا للداخلية كما كان رئيس للوزراء قامت هذه القوات بمحاصرة الطلبة فوق الكوبري ثم قامت بفتح الكوبري وهاجمت الطلبة من الجانبين مما دفع الطلبة إلى إلقاء أنفسهم في النيل فغرق كثير منهم غير من اعتقل ومن نال من الضرب ألوانًا، كل ذلك إرضاء للإنجليز مما أثار غضب الطلبة واتهموه بالعمالة للإنجليز.

هذا غير ما قام به في وزارته الثانية من تصرفات زادت من حنك الناس وغضبهم عليه مثل:

  1. قام بعرض قضية مصر على مجلس الأمن، وقد تأخر في عرضها عام حيث سبقته سوريا ولبنان واندونيسيا، ونالوا استقلالهم الفعلي، لكن تأخره في العرض بل وتهاونه في المطالبة وضعف عرضه أدى لرفض مجلس الأمن مناقشة القضية وأن القضية قضية داخلية يحلها المصريون مع الإنجليز، وليس ذلك فحسب بل لم يتمسك بوحدة مصر والسودان فأهمل قضية السودان حتى اقتطعها الانجليز من مصر.
  2. أعلن الانجليز أنهم سينسحبون بقواتهم من فلسطين في 15 مايو 1948م، وقد يسر الأمر لليهود للاحتلال الأماكن التي يخلونها، فطالب الإخوان فتح أبواب التطوع واستطاعوا أن يقنعوا عبد الرحمن عزام الأمين العام لجامعة الدول العربية بفتح باب التطوع، فسارع الشباب من كلِّ حدب وصوب يستكتبون أسمائهم في سجلات المتطوعين، وفتحت الجامعة العربية أبوابها أمام المتطوعين، كما فتح المركز العام للإخوان أبوابه وتسابق الشباب، وسافرت أول كتيبة للإخوان تحت قيادة الشيخ محمد فرغلي ويوسف طلعت، ثم سافرت الكتيبة الثانية إلى قطنه في سوريا لتنضم للمجاهدين السوريين، فكان ذلك سببًا في فزع الملك وخشيته من زيادة نفوذ هؤلاء المجاهدين فضغط على النقراشي بإرسال قوات من الجيش، واستفسر النقراشي عن حالة الجيش من وزير الدفاع محمد حيدر وقائده اللواء أحمد المواوي فاعترضا على دخول الجيش بهذه الحالة بسبب الضعف الذي يعانى منه وقلة السلاح، غير أن النقراشي باشا طلب باجتماع مجلس النواب وعرض عليه الأمر بعد تزييف الحقائق حيث أخبرهن أن الجيش لديه العدد والعتاد، مما كان له أثره السيئ وقت المعركة حيث منى الجيش بالعديد من الهزائم والضربات، هذا غير صفقات السلاح الفاسدة التي أرسلت للجيش فكانت وبالا عليه، بل لم يكتف بذلك فحسب، بل منع السلاح الذي كانت تقوم اللجنة العليا لنصرة فلسطين بجمعه وإرساله للمجاهدين.
  3. قبوله الهدنة في 4 ديسمبر 1948م استجابة لنداء اليهود ومن خلفهم الانجليز والأمريكان بالرغم من وصول المجاهدين وقوات الجيش لمناطق هامة حتى أنهم كانوا على مقربة من تل أبيب، كما أنه أثناء الهدنة لم يقم بإمداد القوات بالسلاح بل منع السلاح في الوقت التي كانت العصابات اليهودية تحصل على السلاح وتقوم بخرق الهدنة بين الحين والأخر.
  4. أصدر أمر بمنع باقي المجاهدين من السفر بل وطالب بعودة المجاهدين الموجودين في أرض المعركة، بل أصدر أمر للواء فؤاد صادق باعتقال كل المجاهدين الموجودين في فلسطين غير أن الرجل رفض اعتقالهم حتى يتموا مهمتهم.
  5. عندما وقع الجيش المصري تحت الحصار في الفالوجا لم يمده بالإمدادات ولم تصل له أية إمدادات إلا عن طريق المتطوعين تحت قيادة الضابط معروف الحضري، وظل الجيش تحت الحصار حتى عقدت معاهدة ردوس في مارس 1949م، مما زاد من حنق وغضب الجيش على الملك والوزارة.
  6. بعد وصول المتطوعين من الإخوان إلى فلسطين واشتباكهم مع عصابات اليهود أثبتوا جدارتهم في إدارة المعركة مما أقلق اليهود بسبب هذه الفئة، فاستغاث اليهود بالأمريكان والانجليز والفرنسيين فعقدوا اجتماع في فايد في 10 نوفمبر قرروا فيه أن يطلبوا من النقراشي باشا حل جماعة الإخوان المسلمين واستدعاء قواتهم، وبالرغم أن أحدا لم يستطع إصدار مثل هذا القرار من قبل حيث حاول النحاس باشا لكنه تراجع كما تراجع حسين سرى باشا لكن النقراشي باشا وافق على ذلك وطلب من عبد الرحمن عمار مسئول الأمن العام إعداد مذكرة ليبنى عليها الحل فأعداها من قضايا ضد الإخوان برأهم القضاء منها جميعا غير أن النقراشي باشا أصدر في 8 ديسمبر 1948م قرارًا بحل جماعة الإخوان المسلمين ومصادرة أموالهم وأملاكهم ومؤسساتهم وشركاتهم مما أدى لتشريد آلاف العمال بها فزاد من غضبهم عليه، وقد قال عبد الرحمن الرافعي على حل جماعة الإخوان المسلمين: «لعمري أن النقراشي لم يكن موفقًا في إصدار هذا الأمر؛ فإنه ليس من العدل أن تأخذ الجمعيات والأحزاب بتصرفات أو جرائم وقعت من بعض أعضائها، بل يقتصر الجزاء على من ارتكبوا هذه الجرائم».
  7. لم يكتف النقراشي بحل الجماعة ومصادرة أملاكها لكنه أصدر قرارًا باعتقال قادتها والزج بهم في السجون مما أدى إلى فراغ لدى الشباب المملوء حماسة وغضبا على هذه التصرفات ومن ثم فقد عنصر التأثير والتوجيه الصحيح لهم وأصبحوا كالسفينة بدون ربان.
كل هذه الأمور دفعت بعض شباب الإخوان في ظل غياب قادتهم أن ينظروا إلى النقراشي على أنه خان القضية وباع البلاد فقرروا الانتقام منه، فقام الطالب عبدالمجيد أحمد حسن الطالب في كلية الطب البيطري بالترصد له حتى استطاع إطلاق الرصاص عليه أمام المصعد داخل وزارة الداخلية
حيث ارتدى ملابس ضابط ودخل الوزارة على أنه فرد منها وقتل النقراشي باشا بسبب العوامل التي ذكرناها آنفا في 28 ديسمبر 1948م.

وقد قال الإمام البنا:

«إن الجماعة لا تتحمل وزر هذا الحادث لأنها غير موجودة بحكم القانون فكيف تتحمل عمل فرد ليس لديها القدرة على محاسبته»، كما أنه تبرأ من هذه الحوادث وطالب ممن خلف النقراشي أن يلتقي بأعضاء جماعته حتى يلجم حماسهم لكن الوزارة رفضت وحالت بينه وبين أعضاء الجماعة حتى اغتيل في 12 فبراير 1949م وسط أكبر شوارع القاهرة آنذاك وبأيدي الحكومة.
إزاء كل هذا أقدم الأخ عبد المجيد حسن وبصفة فردية وليست أمرا من الجماعة في 28 ديسمبر 1948 بقتل النقراشي .

هناك من اتهم السندي بصفته مسؤول التنظيم بتدبير هذه الحادثة ، على علم من الجماعة أو على غير علم !.

لكن الأستاذ عمر التلمساني يؤكد أن الجماعة وعبد الرحمن السندي ليسوا على علم بهذا الأمر حيث يقول :

" وهكذا جاءت نهاية حكم النقراشي على هذه الصورة وبهذه الكيفية والتى لم يخطط لها أى مستوى قيادى فى الإخوان سواء فى النظام العام أو الخاص وإنما دفع الحماس بعض الشباب للانتقام من الشخص الذى حل جماعتهم ولقد كانت فترات حكم النقراشي من الفترات التى تمتلىء صفحاتها بالتهاون والعجز والخضوع لسلطة القصر وسطوة الانجليز وأيضا من الفترات الساخنة على مستوى الحركة الوطنية والصدامات العنيفة والتى دفع ثمنها فى النهاية النقراشي.

مقتل الخازندار

خلاصة الحادثة أنه تم تكليف الأخوين حسن عبد الحافظ ومحمود سعيد زينهم باصطياد أحمد بك الخازندار وهو خارج من بيته فيغتاله حسن بالمسدس بينما يقف له محمود حارسا وحاميا لانسحابه بالمسدس وبقنابل يدوية صوتية ليتم الانسحاب بعد ذلك إلى بيت عبد الرحمن السندي ، ولقد باتا ليلتهما أيضا فى بيت عبد الرحمن السندى وكان ذلك في 15 مارس 1947م.
ولكن تم القبض على الأخوين و صدر الحكم فى 22 نوفمبر 1948 على محمود زينهم وحسن عبد الحافظ بالأشغال الشاقة المؤبدة.

وكان هذا بسبب أن هذا الخازندار القاضي قد عرضت عليه ثلاث قضايا :

الأولى : إلقاء قنابل على الانجليز في مدينة الإسكندرية، بأيدي مجموعة من شباب حزب مصر الفتاة ، فأدانهم بالسجن عشر سنوات .
الثانية : سفاح الإسكندرية حسن قناوي والذي كان يقوم بالتعدي جنسيا على بعض الشباب ثم يقوم بقتلهم وقد اثبتت النيابة 3 حالات ، وقد قضى عليه الخازندار بالسجن سبع سنوات مع الأشغال الشاقة في الوقت الذي طالب فيه الشعب المصري بأسره بالإعدام لهذا المجرم السفاح .
الثالثة : سيدة اتهمت بتعذيب خادمتها تعذيبًا وحشيا إلى حد إغماس عود من حديد وإدخاله في موضع العفة منها، حتى أودي بحياتها، بالسجن عام واحد مع إيقاف التنفيذ.
الرابعة: انه انتقل الى القاهرة وتولى محكمة استئناف القاهرة وعرض عليه قضية بعض الإخوان الذين ألقوا قنابل على النادي الانجليزي في عيد الكريسماس عام 1947م وقدموا للمحاكمة وأثناء دفاع المحامي بأن الانجليز أعداء انتفض الخازندار وقال لا تقل أعداء بل هم حلفاء، وحكم على أحدهم بالسجن ثلاث سنوات مما أدى إلى استياء لدى الرأي العام من كونه يحكم على الوطنيين ويخلى سبيل المجرمين.
فكان الحكم الإجماعي من المصريين عامهم و خاصتهم حتى من الجماعة ومرشدها بالإستياء الشديد منه حين كانت المقارنة بين حكمه على الشباب الفدائي في القضية الأولى ، وحكمه في القضيتين الأولى والثانية ، وأن هذا القاضي لابد وأن يكون ممالئا للانجليز.
ويروي د. محمود عساف السكرتير الخاص لحسن البنا ومسئول المعلومات (المخابرات) للإخوان المسلمين في كتابه مع الإمام الشهيد حسن البنا ص 147 محاكمة السندي فيقول :
قتل المستشار الخازندار وأنا مستشار لمجلس إدارة النظام (التنظيم السري للإخوان) ولم يكن مجلس الإدارة يعلم شيئاً عن هذه الواقعة إلا بعد أن قرأناها في الصحف وعرفنا أنه قد قبض على اثنين من الإخوان قتلا الرجل في ضاحية المعادي ومعهما دراجتان لم تتح لهما فرصة الهرب حيث قبض الناس عليهما؛
وفي ذات اليوم طلب الأستاذ الإمام عقد اجتماع لمجلس الإدارة بمنزل عبدالرحمن السندي ... ودخل الأستاذ وهو متجهم وجلس غاضباً ، ثم سأل عبدالرحمن السندي قائلاً : أليست عندك تعليمات ألاَّ تفعل شيئاً إلا بإذن صريح مني ؟ قال : بلى ، قال : كيف يتسنى لك أن تفعل هذه الفعلة بغير إذن وبغير عرض على مجلس النظام ؟ فقال عبدالرحمن : لقد طلبت الإذن وصرحتم فضيلتكم بذلك .
قال الإمام: كيف ؟ قال عبد الرحمن : لقد كتبت إلى فضيلتكم أقول ما رأيكم دام فضلكم في حاكم ظالم يحكم بغير ما أنزل الله ويوقع الأذى بالمسلمين ويمالئ الكفار والمشركين والمجرمين فقلتم فضيلتكم : "إنما جزاء من يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض "، فاعتبرت ذلك إذناً ..."!!!.
قال الإمام :
" إن طلبك الإذن كان تلاعباً بالألفاظ فلم يكن إلا مسألة عامة تطلب فيها فتوى عامة أما موضوع الخازندار فهو موضوع محدد لابد من الإذن الصريح فيه ثم إنك ارتكبت عدة أخطاء : لم تعرض الأمر على مجلس النظام ولم تطلب إذناً صريحاً وقتلت رجلاً يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله واعتبرته يحكم بغير ما أنزل الله وهو يحكم بالقانون المفروض عليه من الدولة ولو افترضنا أنه كان قاسياً فإن القسوة ليست مبرراً للقتل" .

ويقول الأستاذ محمود الصباغ :

"وعقدت قيادة النظام الخاص محاكمة لعبد الرحمن على هذا الجرم المستنكر، وحضر المحاكمة كل من فضيلة المرشد العام الشهيد حسن البنا وباقي أفراد قيادة النظام بما في ذلك الأخوةصالح عشماوي، والشيخ محمد فرغلي، والدكتور خميس حميدة، والدكتور عبدالعزيز كامل، ومحمود الصباغ، ومصطفى مشهور، وأحمد زكي حسن، وأحمد حسنين، والدكتور محمود عساف؛
وقد أكد عبد الرحمن في المحاكمة أنه فهم من العبارات الساخطة التي سمعها من المرشد العام ضد أحكام المستشار الخازندار المستهجنة، أنه سيرضى عن قتله لو أنه نفذ القتل فعلاً، وبلغ من تأثر فضيلة المرشد العام أنه أجهش بالبكاء ألمًا لهذا الحادث الأليم الذي يستوجب غضب الله، لأنه قتل لنفوس بريئة من غير نفس؛
كما يعتبر مادة واسعة للتشهير بالدعوة ورسالتها في الجهاد من أجل إقامة شرع الله، وقد تحقق الإخوان الحاضرون لهذه المحاكمة من أن عبد الرحمن قد وقع في فهم خاطئ في ممارسة غير مسبوقة من أعمال الإخوان المسلمين، فرأوا أن يعتبر الحادث قتل خطأ، حيث لم يقصد عبد الرحمن ولا أحد من إخوانه، سفك نفس بغير نفس، وإنما قصدوا قتل روح التبلد الوطني في بعض أفراد الطبقة المثقفة من شعب مصر أمثال الخازندار بك.
ولما كان هؤلاء الإخوان قد ارتكبوا هذا الخطأ في ظل انتمائهم إلى الإخوان المسلمين وبسببه، إذ لولا هذا الانتماء لما اجتمعوا على الإطلاق في حياتهم ليفكروا في مثل هذا العمل أو غيره، فقد حق على الجماعة دفع الدية التي شرعها الإسلام كعقوبة على القتل الخطأ من ناحية.
واعتبر هذا الخطأ الذي يقع لأول مرة في تاريخ الجماعة درسًا للأخ عبد الرحمن السندي، أن لا ينقل إلى التنفيذ إلا الأمر الصريح من الإمام الشهيد وأنه ليس للاجتهاد ولا للمفاهيم الضمنية في هذه الأمور الخطيرة مجال أو سبيل بأي شكل من الأشكال.
ولقد كانت براءة عبد الرحمن من القتل العمد إجماعية، ولا تحتمل أي شك أو تشكيك، فالجميع يثق في صدق عبد الرحمن ورجولته، ويقدر أن التجربة الأولى عرضة للخطأ، وأن ظروف هذا الحادث النفسية كان تبرر مثل هذا الخطأ.

والسؤال: هنا هل أمر عبد الرحمن السندي بها وأقرها دون إخبار المرشد الإمام البنا وأخذ الإذن منه ؟

هناك من أجاب بنعم ، وهذه الفئة قالت إن عبد الرحمن السندي كان قد بدأ بوضع نفسه موضع الندية مع الإمام المرشد ، ويعمل أعمالا دون عرضها على الإمام وأخذ الإذن،ومن ثم الالتزام بالرأي سواء كان بالموافقة أو بالرفض .
وبعضهم قال أنه عمل نتج عن فهم خاطئ في ظل الوقائع والأحكام التي جاء بها أحمد بك الخازندار أغضبت منه الرأي العام والوطنيين عموما.لكن هذا لم يكن ليدفع أحد لاغتياله وهذا ما لم يقره الإخوان ولا مبادئهم ولا شرعهم الذي استمدوه من كتاب الله وسنة نبيه، لكن كان الخطأ الذي أوجب المراجعة والتشديد على عدم فعل أية شئ بدون أخذ المشورة فيه.

مقتل سيد فايز والهجوم على المركز العام

بعد وفاة الإمام البنا وتولى الأستاذ حسن الهضيبي مسؤلية المرشد العام وعمله على عدم سرية النظام الخاص، لم يُرض هذا عبد الرحمن السندي فأصبح يدير النظام الخاص دون الرجوع إليه مما حدا بالمرشد بعد مشاورات واجتماعات للهيئة التاسيسية لعزله وتعيين المهندس سيد فايز مكانه .. ثم بعد ذلك بفترة وجيزة قتل المنهدس سيد فايز على أثر استلامه لهدية في بيته كانت ملغمة ..ودارات الشبهات حول السندي واختلفت في ذلك الرؤى وإليك أخي القارئ بعضها :

أولا رأي الأستاذ محمود عبدالحليم الذي قال عن السندي:

كان يعلم أن المهندس فايز وهو من كبار المسئولين في النظام الخاص من أشد الناقمين علي تصرفاته ، وأنه وضع نفسه تحت إمرة المرشد العام لتحرير هذا النظام في القاهرة علي الأقل من سلطة السندي ، وأنه قطع في ذلك شوطاً باتصاله بأعضاء النظام بالقاهرة وإقناعهم بذلك غير أن ذلك لم يرض السندي.

ويقول الأستاذ علي نويتو:

لقد عشت هذه الأحداث وكنت على علم بهذا الأمر .. نعم دارت حوله الشكوك ولكن لايمكن القول أنه على علم بهذا أو أنه المدبر لهذا الموضوع ولم يكن هذا هو سبب الفصل إنما سبب فصله مخالفته الكثيرة..

أما الأستاذ محمد مهدي عاكف فيقول :

من قال إن عبد الرحمن السندي هو قاتل سيد فايز فهو كاذب .... كاذب.. أبدا لم تكن هناك أية شبهة حول السندي في هذا الأمر .. وقد حققت الحكومة أكثر من مرة وكذلك كانت تحقيقات الإخوان والتي أكدت عدم ثبوت مسؤلية السندي عن هذا الأمر ..

ويقول محمود عساف في ص 157 وما بعدها :

التقيت بالأخ المهندس السيد فايز بشارع العباسية أمام مكتبة المطيعي وجدته غاضباً على النظام الخاص (التنظيم السري) ...
في اليوم التالي وكانت ليلة مولد النبي ذهب شخص ما بصندوق من حلوى المولد (حلوى البدعة) وطرق باب بيت سيد فايز في شارع عشرة بالعباسية وسلم صندوق الحلوى إلى شقيقته قائلاً أنه لا يجب أن يفتحه إلا السيد وبالفعل حضر سيد فايز وتسلم الصندوق وبدأ يفتحه وإذا بالصندوق ينفجر ويودي بحياته هذا هو الشق الأول الخاص بسيد فايز ..

أما الشق الثاني وهو الخاص باحتلال المركز العام فهو حدث ثابت بالفعل لم يختلف فيه الإخوان يحدثنا الأستاذ عمر التلمساني فيقول :

واحتل المركز العام هو وبعض أنصاره وذهبوا الى منزل الأستاذ الهضيبى وأساءوا اليه واجتمعت هيئة مكتب الإرشاد والهيئة التأسيسية وقررت فصل السندى وبعض من معه وكان من فضل الله أن الأغلبية من أفراد هذا النظام التزمت بكلام الأستاذ المرشد ولم تتابع عبد الرحمن السندى على أهوائه واتجاهاته وزاد الأمور وضوحا

ويبين تفاصيل الأمر صاحب أحداث صنعت التاريخ فيقول :

قسموا أنفسهم قسمين أو فريقين : فريق كله من الشباب وُكِلَ إليه أن يقتحم علي المرشد بيته لإرغامه علي كتابة استقالة، ويقوم هذا الفريق بمهمته في الوقت الذي يكون فيه الفريق الآخر قد اقتحم دار المركز العام واحتله .. وكان هذا الفريق أيضًا من الشباب ولكن كان علي رأسه ثلاثة من كبار الإخوان هم الأساتذة صالح عشماوي ، ومحمد غزالي ، وأحمد عبدالعزيز جلال من أعضاء الهيئة التأسيسية.
وقد أدي الفريق الأول مهمته في اقتحام منزل المرشد العام وهو أمر ميسور لكل من أراده وصحيح أنهم تطاولوا علي الرجل وأساءوا إليه ، لكنهم لم يستطيعوا أن يستكتبوه الاستقالة . وكان المفروض في التخطيط أن يكون الفريق الآخر قد أتم احتلال المركز العام علي أن يوافيه الفريق الأول باستقالة المرشد العام المكتوبة ، ليعلنها الثلاثة الكبار في الصحف ، ويختاروا بعد ذلك مرشدًا عامًا لابد أنهم كانوا أعدوه فيما بينهما ..
ولكن الفريق الآخر وقد قام بمهمته فاحتل المركز العام وكان احتلاله ميسورًا لأي أحد فاليوم يوم جمعة والمركز خال من الرواد . وقام الثلاثة الكبار باحتلال مكتب المرشد العام ، وقام الشباب بحراسة بوابة المركز حتى لا يدخله إلا المشايعون ولكن الجزء الهام من الخطة لم يتحقق إذ لم يتم الحصول علي الاستقالة.
ومن ثم فأسباب الفصل كانت بسبب اعتراض السندي على التغييرات التي أحدثها المرشد وليس مقتل سيد فايز فبعد تولية المرشد المسئولية أراد أن يحدث بعض التغييرات فى النظام الخاص، غير أن بعض قيادات النظام اعترضت على ذلك أمثال الأستاذ عبد الرحمن السندى قائد النظام الخاص
فحدثت بعض المشاكل مما اضطر المرشد العام ومكتب الإرشاد بتكوين لجنة من الهيئة التأسيسية للتحقيق فى ذلك ، واستقر الأمر على فصل الأستاذ عبد الرحمن السندى و محمود الصباغ وأحمد زكى حسن وأحمد عادل كمال من الجماعةا فى 15 ربيع الأول 1373هـ الموافق 22 نوفمبر 1953م، كما فصل الأستاذ صالح عشماوي والشيخ محمد الغزالي والأستاذ عبدالعزيز جلال.

ختام القول :

أن عبد الرحمن السندي أخ مسلم له وعليه ويجب أن تستفيد الأجيال من هذه الحادثة وتعلم أن الجماعة لم تدع يوما خلو أبنائها من معايب ولكن الحكم يكون للغالب ومن كثرت حسناته فهو على خير.

ومن المعروف أن عبدالرحمن السندي توفاه الله عام 1962م وهو جالس يقرأ القرأن الكريم عليه رحمة الله.

المراجع

للمزيد عن النظام الخاص

روابط داخلية

كتب متعلقة

ملفات وأبحاث متعلقة

مقالات متعلقة

تابع مقالات متعلقة

متعلقات أخري

وصلات فيديو