محمد الفاتح عبد الغني

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الأستاذ محمد الفاتح عبد الغني


إعداد: ويكيبيديا الإخوان المسلمين

بقلم: علاء محمد عبد النبي

مقدمة

من الناس من يعيش لنفسه، لا يُفكِّر إلا فيها، ولا يعمل إلا لها، فإذا مات لم يأبه به أحد، ولم يحس بحرارة فقده مواطن، ومن الناس من يعيش لأمته واهبًا لها حياته حاضرًا فيها آماله، مضحيًا في سبيلها بكل عزيزٍ غالٍ، وهؤلاء إذا ماتوا خلت منهم العيون وامتلأت بذكرهم القلوب.

ومن هؤلاء الذين يعيشون بيننا الآن , أحد الرعيل الأول للإخوان المسلمين ببنى مزار, وأحد رجال النظام الخاص للإخوان المسلمين ,أنه رجل من رجال الدعوة الاسلامية دعا له الامام الشهيد حسن البنا عليه رحمة الله عندما سمع اسمه قائلا: فتح الله لك وعلينا".

ترى من هذا الأسد الجسور؟

إنه محمد الفاتح فهيا بنا نجول مع ذكرياته على طريق الدعوة وحديثه بعد عمر ناهز الثمانين عاما.

بعد حالة من الصمت التام ولم يرض بالتسجيل إلا بعد أن أستأذن فضيلة الاستاذ محمد مهدي عاكف المرشد السابق للإخوان المسلمين بعدما اتصلت به شخصياً, ضارباً المثل الحى للجندية الحقة.

المولد والنشأة

  • هو: محمد الفاتح محمد عبد الغنى عمر مصطفى عمرى.
  • من مواليد: 10/10/1930 " نزلة عمرو- بنى مزار- المنيا"

والده عليه رحمة الله الأستاذ محمد عبد الغني كان معلماً للغة العربية , وشاعرا كان من جلساء الشيخ مختار يوسف وعلى الجارم الذى كان يهديه كل عام مجموعة من الدواوين الشعرية ليحفظها ,كذلك كان الوالد خطيبا مفوها بمسجد الشيخ سليمان ببنى مزار, ولقد كان حريصا أن يكون ابنه الفاتح شاعراً.

وكان ناظر المدرسة التى يعمل بها الوالد الشيخ "محمود عبد المجيد" رئيس المكتب الإداري للإخوان المسلمين بالمنيا . وهو الذى أسماه عند مولده "محمد الفاتح".

ولقد كان الوالد عضوا بجماعة الاخوان المسلمين هو ومدرسى اللغة العربية بالبلد, ولقد تقابل مع الامام البنا عدة مرات حتى حدث أول صدام من الإخوان مع الملك عام 1926 عندما نشر الامام البنا فى إحدى المجلات مقالا بعنوان " حكومة كحكومة عمر وإلا السبيل لغيركم ......"

فخشى الوالد على حياته ومهنته . فتنحى تنظيميا,ولكنه حتى وفاته كانت فى رقبته بيعه لله ثم للاخوان. الأم كانت أمية الكتابة والقراءة ولكن البيت كله كان ملتزما دينيا , الكل يصلى محافظا على الصلاة والشعائر الاسلامية.

الدراسة والعمل

الأستاذ محمد الفاتح عبد الغني شاباً

تعهد الوالد بتحفيظ الابن محمد الفاتح القرآ ن الكريم ,وإن كان لم يتم حفظه إلا فى السجن الحربى.

ودخل التعليم الالزامى حينذاك وهو التعليم الأولى الذى كان يتطلب حفظ القران و دخول مسابقة للامتحان , وفى عام 1938 التحق محمد الفاتح بالتعليم الابتدائى ثم الثانوية وكان تنسيقه إلى كلية الزراعة شبين الكوم ولكنه لم يدخلها لأنه كان لا يرغب فيها ,فأشار الاستاذ عبد الله حسين وكان طالبا بكلية الاداب أن كلية دار العلوم بها مسابقة للامتحان لمن يرغب فى دخولها .

وبالفعل تقدم محمد الفاتح إلى الكليه ودخل امتحان المسابقة وكان ذلك عام 1952/1953 فأعطاه الدكتور مصطفى اللباد الممتحن كتابا أصفر وقال له: اقرأ ما أمامك؟

فوقعت عين الفاتح على " المؤمن كيس فطن" فقرأها قراءة صحيحة , فتعجب الدكتور وقال له متسائلا: حسبتك تقول المؤمن كيس قطن" بالقاف؟

فرد عليه الفاتح: ووجه الشبه بين كيس القطن وقلب المؤمن إلا بياض قلب كليهما ,وما بذرة القطن إلا كنزغ الشيطان فى قلب المؤمن. فقال الدكتور: يا عم أنت جى أنا أمتحنك قوم.

فصارت صداقة بينهما ونجح الفاتح ودخل دار العلوم , وكان معه فى الكلية الاستاذ الدكتور عبد الصبور شاهين وكان طالبا فى السنة الأولى وبعدما عاد الفاتح للكليه بعد اعتقاله وجد عبد الصبور أستاذا فيها. كما سيأتى. حتى حصل محمد الفاتح على ليسانس دار العلوم عام 1968.

وعين مدرسا للغة العربية بمدرسة بنى مزار القومية حتى مدرس أول.

وأعير بعدها إلى الجزائر لمدة أربعة سنوات ,ثم سافر إلى المملكة العربية السعودية فى عام 1981 للعمل فى مدارس المنار التابعة للاخ توفيق الشاوي الذى كان مستشارا للملك فيصل حينذاك. ثم عاد إلى مصر وطلب منه الأستاذ صبرى عرفة أن يرجع إلى السعودية للعمل بمدارس التربية الاهلية .

وبالفعل سمع وأطاع وعاد للعمل براتب أقل بكثير عن قبل ولكنها الجندية والسمع والطاعة وعمل سنوات عديدة حتى عاد محمد الفاتح إلى مصر عوداً نهائياً عام 2003م.

تعرفه على دعوة الإخوان والإمام البنا

نشأ محمد الفاتح فى بيت ملتزم دينيا , إخوانى الأصل والنشأة ,تعرف على دعوة الإخوان المسلمين فى بداية الأمر على يد والده عليه رحمة الله , عندما كان يحدثه عن الاخوان وعن الإمام البنا وكل ما يراه من البنا عليه رحمة الله .

ثم أستاذه الشيخ "محمود عبد المجيد" مؤسس دعوة الإخوان المسلمين بالمنيا ورئيس المكتب الإداري للاخوان بالمنيا ,فكان يجلس إليه مستمعا جنديا تحت قيادته . والاستاذ فتحي عثمان.

وأثناء زيارة الامام البنا بنى مزار أقام الإخوان المسلمون ببنى مزار حفلا له , فقال الحاج "أحمد أبو صيام" مسئول الاخوان ببنى مزار موجها حديثه إلى محمد الفاتح قائلا له:

يا فاتح أقف ورا الأستاذ حسن البنا.

وهنا التفت الامام البنا إلى محمد الفاتح مستعجبا سائلا: من؟

قال: محمد الفاتح.

قال البنا: فتح الله عليك وعلينا.

فكان الفاتح ملازما للامام الشهيد طيلة زيارته إلى بنى مزار.

وفى عام 1948 أتاه تكليف من الإخوة بأن الاستاذ "محمود عبد الحليم" عضو الهيئة التأسيسية للإخوان المسلمين ومؤلف موسوعة "الاخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ" _فيما بعد _حيث كان موظفا بشركة القطن بمدينة مغاغة – المنيا- بأنه يسيحضر إلى بنى مزار _ لأنه كان مندوب مكتب الإرشاد للمنطقة الثالثة عشرة للإخوان المسلمين وهى منطقة المنيا.

وبالفعل حضر محمود عبد الحليم إلى بنى مزار وشاء القدر أن يجلس أول اجتماع يرأسه محمد الفاتح بصفته مسئول قسم الطلاب ببنى مزار, وجلس محمود عبد الحليم, والفاتح يتحدث ويتناقش فى العمل والزائر لا يتدخل فى أى شئ, حتى إذا فرغ الاجتماع جلس معه منفردا مشيرا إلى ما جاء فى الاجتماع فيقول محمد الفاتح" لم أسمع من محمود عبد الحليم توجيها لفظيا ,كان عمليا يحضر مجلسا وأنا أصغر منه سنا ومقاما وأصغر تلاميذه فأكون رئيس المجلس وبعد أن ننتهى يحدثنى بما يراه".

لقد كان محمود عبد الحليم هو المسئول المباشر للأخ محمد الفاتح يعلمه ويربيه .

كذلك الاستاذ" عمر هندي" كان يأتى إلى بنى مزار كل أسبوع أو أسبوعين لعمل اللقاء الاسبوعى للطلاب ومعه الأدوات والرسائل من الامام البنا نتدارسها ونربى أنفسنا.

شعبة إخوان بنى مزار

الأستاذ محمد الفاتح عبد الغني والأستاذ علاء عبد النبي

أول شعبة الإخوان المسلمين ببنى مزار كانت على الابراهيمية عبارة عن دورين بجوار صيدلية د- سليم حاليا وكانت هى نفس مقر المنطقة للاخوان وكان ذلك عام 1948 ثم انتقلت إلى جوار السينما وكان هناك بنك باركليز فى البداية ثم انتقلت إلى مكان الشبان المسلمين الآن.

وكان الإمام البنا يضع على رأس الشعبة كبار البلد ليكونوا الواجهة للإخوان فكان حريصا على دعوة الأغنياء وكبار البلاد ليتسنى لهم محادثة الباشوات والبهوات حينذاك .

وفى بنى مزار اختار الإمام البنا الحاج أحمد أبو صيام ليكون مسئول الإخوان ببنى مزار وكانت رئاستة للإخوان شرفية, أما الأمور التنظيمية فكانت موكولة للشباب الطلاب العاملين كل يأخذ تعليماته من مسئوله مباشرة.

ومن الرعيل الأول للإخوان ببنى مزار الأستاذ عبد الرحمن أبو غنيمة والشيخ إسماعيل بتاع الكراسي وعبد العزيز الطويل ومصطفى خليل وعاشور علي عمر ورشدي عبد الجواد " قرية الشلابى"و بدر راضي وحسين عبد الرازق حسن النجار وممدوح حسن من بردونة الأشراف" تلميذ عبد الرحمن السندي" وغيرهم الكثير.

مسئول من البداية

يقول محمد الفاتح":

أراد الله سبحانه وتعالى أن أحمل الدعوة بتكليف مباشر من محمود عبد الحليم فكنت مسئولا لقسم الطلاب ببنى مزار. والدعوة فى هذا الوقت كانت قائمة على أكتاف الطلاب جميعا , فكنا نقيم الاحتفالات والندوات حتى الرياضة ورفع الأثقال والكورة والبنج بونج والجوالة , الكل يعمل من حيث يستطيع والتكليف يفهم حتى لو بالإيحاء .

كنا لا ننتظر أن ندعى من أحد وأذكر أن عبد الحكيم عامر جاء إلى بنى مزار لمناقشة اتفاقية القنال وكانت بالسينما فوقفت أمام الضباط المدعون للمناقشة دون أن يكلفنى أحد من الإخوان بذلك لأن الأمر يتطلب فى نفس الوقت الرد بإقناع وحجة وتكلمت وتحاورت حتى نفد صبر عامر وطلب من الضابط أن يعتقلنى من وسط الجماهير ولكن الضابط بعد أن انتهيت من حديثى أتى بى إلى جوار عبد الحكيم وأجلسنى بجواره.

حتى انتهى مناقشة الاتفاق قائلا: الآن أكون قد أقتنعت:.ولما علم الشيخ محمود عبد المجيد بما حدث لم يلومنى وكأنه رضا منى ذلك.

إغتيال البنا

يقول الفاتح:

لما أغتيل الامام البنا عليه رحمة الله تعالى فى فبراير 1949 ,كنت يومها فى منزلى حزينا جداً لأن ذلك أثر على وتسألت : لماذا قتل البنا؟ وبأى ذنب؟

وأذكر أنه فى إحدى المرات كنا نجمع السلاح من أجل فلسطين قبيل الحرب فصادر البوليس الحربى يومها سيارة مليئة بالسلاح فاتصلنا بالبنا فكلم الجامعة العربية التى تدخلت وأفرجت عن السيارة والسلاح..

النظام الخاص

أنشأ الإمام الشهيد حسن البنا عليه رحمة الله تعالى جهاز النظام الخاص لمهمة محددة وهى محاربة الإنجليز فى أى مكان يكونون فيه وعين له "عبد الرحمن السندي" وكان من المنيا أصلا , وكان يمتاز بالقوة ولكنه كان ينفذ دون أن يستوضح الأمر كما حدث فى مقتل الخازندار, فإنه سمع فقط من البنا قولته" ربنا يريحنا منه" فأخذها عبد الرحمن السندي على انها تكليف من البنا بقتله فقتله ولما علم البنا بذلك استنكر ما حدث بشدة وعنفه لانه لا يحل دم امرئ مسلم كما علمنا النبى ذلك .

ولما تولى الامام الهضيبى الارشاد عوم الجهاز خشية أن ينفذ شيئا غير الذى أنشأ من أجله .

حتى حل الجهاز تماما. وكل من فى الجهاز لا يعرف الآخر إلا مسئولى الجهاز أنفسهم . ومن أعمال الجهاز ببنى مزار يذكر الفاتح أنهم كانوا يقومون بجمع السلاح من أجل فلسطين والتدريب على حمل السلاح والتدريب على المتفجرات والتدريب على القتال.

وكان من تلاميذ عبد الرحمن السندي ببنى مزار الأستاذ ممدوح حسن "بردونة الاشراف" حيث كان حلقة الوصل بين السندى مباشرة وإخوان بنى مزار من الجهاز الخاص .

عمر شاهين ومحمد الفاتح

عمر شاهين أحد رجال النظام الخاص تعرف عليه محمد الفاتح عام 1955/1956 وكان يأتى إلى بنى مزار ويبيت فى منزل الفاتح وكانت الوالدة تفرح به كثيرا وعندما كانت تراه تقول " انه ابن موت", وكان يحضر معسكرات التدريب ببنى مزار و يصفه الفاتح :بأنه كان يرى بنور الله ما قال لى يوما فلان... لا تشركه معك فى عمل " إلا وتصدق فراسته وتظهر حقيقة ما قيل . لذلك اصطفاه الله على عينه واستشهد عمر شاهين وشتان بينه وبين على رياض كان ينزل معه الصعيد ولكن ليس له قبول عند الناس وشاء القدر أن يكون موجودا حال دفن عمر شاهين الأخ ممدوح حسن" بردونة الأشراف" وعندما سألته كيف استشهد؟أجاب : برصاصة فى جبهته. وهنا تذكرت الرؤيا التى رأيته فيها من قبل واضعا يده على جبهته فلقد كان أخى وروحى .

الزواج الأول

يقول الفاتح:

كنت أسكن فى أول بداية الدراسة بكلية دار العلوم بالمعادى , وكانت المعادى فى هذا الوقت خلية نحل من البوليس الحربى , وكنت أعمل للتمويه عند الأخ " فايز " فى مستودع بوتاجاز له, مع أن الوالد كان يرسل لى المصروف كل شهر ففكرت فى الزواج من فتاة مع أنها كانت لا تناسبنى تماما أو مع دعوتى ولكن الظروف اضطرتنى أن أدارى نفسى من البوليس الحربى وبالفعل تزوجت . ولكن بعد عشرين يوما حدث ما كنت لا أتوقعه وتم اعتقالى.

المعسكر وقريب مديرالأمن

يذكر محمد الفاتح: " كنا نتدرب فى إحدى المعسكرات هنا فى بنى مزار فى الصحراء وكان معنا شاب مرفه جدا ابن أخت زوجة مدير مديرية الأمن ,فرحان بما يراه من سلاح ومتفجرات وقتال وكان يضحك ولما عاد وبتلقائية منه عن غير قصد حكى لمدير الأمن لزوج خالته ما حدث فى المعسكر وذكر له كان معنا فلان وفلان وفلان وبالتالى أسرع مدير الأمن إلى تبليغ الداخلية بما حدث.

وفى الليل لقيت الشارع أمام البيت حتى الدور الثانى اللى أنا فيه مليان طرابيش عساكر من القاهرة مدججين بالسلاح وطرق على الباب وعندما هممت أن أفتح الباب صاح والدى : يا ولد انت رايح فين؟ تعال؟ فدخلت خوفا من والدى . فنزل الوالد إلى اسفل البيت وقابلهم ودخلوا علينا وكان معم المخبر محمود بتاع مباحث بنى مزار كان يرشدهم على .

وفجأة النور فرقع والكل انبطح على الارض فنظرت إليهم متعجبا وقلت لهم متخافوش دى اللمبة اتكسرت.

وكان معهم بلوكامين اسمه ناشد جاء جرى إلى الضابط ومعه أوراق ويصرخ يا فندم الأسماء بتاع التنظيم أهى هيه . فأمسك الضابط بالأوراق وقال له يا حمار دى أسماء المدرسين فى المدرسة كشوف المرتبات يا حمار. وبحثوا فى كل مكان ولم يجدوا شيئا _ فاعتذر الضابط عما بدر منهم وانصرفوا؟

يوسف ساويرس والإخوان ببنى مزار

بعد 3 أيام من تفتيش البوليس لمنزلنا كنا نتدرب فى الصحراء مرة أخرى على القتال استعدادا لحرب القنال وكيفية تفجير القنابل ضد الإنجليز واليهود وكان هناك يوسف ساويرس كان يسكن هنا ببنى مزار ولما عرف بتدريبنا على السلاح ضد الانجليز أمر سائق سيارته الخاصه أن يكون معنا فى كل مكان وتحت الطلب فى أى وقت وإلى أى مكان نريده وذلك نظرا للعلاقة الحميمة بين الإخوان بببنى مزار والمسيحيين وخاصة يوسف ساويرس الذى كان يعتبر عمدة المسيحيين وأيضا الأب منقريوس كنت أزوره حتى فى كنيستهم .

وأثناء المعسكسر أصيب أحد الإخوة من الرشاش للرصاص وسال الدماء يلطخ وجهه كله وخلعت الفانلة التى على وربط بها وجهه وركبنا السيارة منطلقين إلى المستشفى بسمالوط وتم استخراج الرش من وجهه وكل ذلك وسيارة يوسف ساويرس معنا .

الإعتقال الأول عام 1955

اعتقل محمد الفاتح فى المرة الأولى لمدة تسع سنوات كاملة قضاها فى السجن الحربي من عام 1955 حتى يوم 27/12/1964

يروى محمد الفاتح عن ذكرياته لأول يوم اعتقل فيه قائلا:

كنت يومها بالقاهرة وكنت طالبا بكلية دار العلوم تقريبا الفرقة الثالثة , وكنت قد أصبت بالأعور ودخلت مستشفى الجامعة لإجراء عملية جراحية وأثناء دخولى المستشفى, كان والدى رهن الحبس عند مأمور مركز بنى مزار حتى أسلم نفسى للبوليس السياسى , وبالمستشفى وضعنى الدكتور عبد العزيز البنداري على على العملية وفوجئت بضابط طويل عرفت أنه صلاح حلمى يقف أمامى ويقول للدكتور عاوزين الفاتح. مقبوض عليه, وهنا تظهر مهنة الطب كأنهم ملائكة الرحمة ورفض الطبيب تسليمى له حتى يجرى لى العملية وأشفى تماما منها وهذا ما حدث.وبعد ثلاثة أيام تم اعتقالى من المستشفى ودخلنا الداخلية وكان فى انتظارنا العساكر مستقبلينا بعدتهم والترحيب ولا أنسى أول كفين على رقبتى من الخلف ويشهد الله اننى أحس بهما حتى الآن.

وربنا لطف بى كثيرا فى حاجات كثيرة ورحم الله شبابا واخوانا . وذلك أنه كنت مع مجموعة من الإخوان ببنى مزار فى بيت أحد الإخوة و دخلت علينا أخته قائلة لى : يا فاتح أنا خايفه يحصل حاجة وتروحوا فى داهية؟ قلت لها مش هيحصل حاجة إن شاء الله تعالى .

وهنا وأنا فى السجن الحربى ومع أول تحقيق لى سألت الله عز وجل مستشفعا بوالدى لأنى أعلم قدره وقربه من الله (سألته أن ينسينى كل شئ) ويا الله والله هذا ما حدث فى لحظتها حتى أاننى نسيت اسمى المولود به , وشاء الله أن يكون المحقق معى من النيابة رجلا كبيرا رأيته يصدقنى كلما سألنى عن شئ أقول لا أعرف .

ثم واجهونى بالاخوة:

وكان جبارة وجهه ملطخ بالماء من كثرة التعذيب فقلت له : كان من الأول بقى بدل من تعذيبكم ولكن ما رأيت أشد من الأخ عثمان حسن حيث كانوا يضعون السبرتو على ظهره ويشعلوا فيه وهو ثابت على دينه .

الإمام حسن الهضيبي

كان محمد الفاتح معتقلا فى السجن الحربى _سجن رقم 2_ وكانت زنزانته قدرا فى مواجهة زنزانة الاستاذ الهضيبى عليه رحمة الله تعالى ويروى الفاتح عنه قائلا: والله إننى فى ذات ليلة سمعت صوت زنزانة الهضيبى تفتح فنظرت بعينى من فتحه فى باب زنزانتى وتعجبت للذى رأيته بعينى ولو أن أحدا قصه علينا ما صدقته. وهو :

رأيت حمزة البسيوني بطوله وجبروته ينزل على ركبتيه ويميل على يد الهضيبى ويقبلها . والهضيبى بعزته وكبرياء الإيمان لا يأبه بما فعله حمزة وهذا دليل على رهبة حسن الهضيبى وإيمانه. والهضيبى كان محبوسا فى زنزانة انفرادى ,كذلك كان معنا فى سجن كبار الإخوان مثل محمود العالم وأحمد حامد شريت وحسن دوح وغيرهم الكثير.

شهيد القرآن سيد قطب ومحمد الفاتح

كان سيد قطب عليه رحمة الله تعالى أستاذا زائرا لكليلة دار العلوم أثناء تواجد محمد الفاتح طالبا بها فكان يراه ويستمع إليه فى مسجد الشريف. وأثناء اعتقاله تقابل معه وتعامل معه فيقول عنه:

كان سيد قطب يكتب تفسيره فى ظلال القرآن الكريم وهو بالسجن الحربي , يكتبه بالقلم الرصاص على ورق الكشكول وكلما انتهى من كتابة شئ بعث به إلينا نحن مدرسى اللغة العربية نقرأه ونصححح إن وجدنا لغويا شيئا يذكر وذات مرة تأخر علينا ولم نر له شيئا فقلت له أين تفسيرك ؟ قال: آية أعيش معها لمدة ثلاثة شهور.

هذا هو سيد قطب صنع على عين من الله وسيد قطب كان رجلا روحانيا أكثر مما يعتقد الناس والتالى يدل على ذلك وهى قصته مع السجان الذى روى لى بعد تكديرنا فى السجن الحربى وكان حارسا على زنزانتى الانفراديه,ذكرت سيد قطب والإخوان أمامه فقال لى أنا اعذب الإخوان؟!

أنا أعمل كده مع الإخوان؟!

قلت له ماذا فعلت؟ قال:

فى يوم عودتى من الأجازة وكنت ببلدتى وزوجتى فى حالة وضع لمولودها وليس معى نقود لتذهب إلى الطبيب ولم أدر ماذا أفعل ؟ سوى عودتى إلى العمل وكنت يومها حارسا على العنبر الذى به سيد قطب, وجلست فى آخره أعمل شاى ووضعت يداى على رأسى أفكر ماذا أفعل؟ ولم أكن قد تحدثت بما حدث لى وزوجتى مع أحد نهائيا حيث كنت واصلا فى التو.

وفوجئت بأحد المسجونين مع سيد قطب يقول لى الاستاذ سيد باعت للك ال 10 جنيه دى وبيقولك روح لمراتك. سبحان الله هذا ماحدث رجل روحانى يرى بنور الله .

مذبحة ليمان طرة 1957 وشهادة محمد الفاتح

فوجئ عبد العال سلومة بمحمد الفاتح أمام عينيه وقال له: انت لسه عايش؟

محمد الفاتح شاهد عيان على مذبحة ليمان طرة التى استشهد فيها 21 شهيدمنهم طالبين ثانوى وجامعى يشهد الفاتح على المذبحة قائلا:بدأت مذبحة ليمان طرة بالاعداد قبلها مثلا ,انه أثناء زيارة للاخ "عبد الغفار السيد" كانت والدته تعطيه أكل اعتقد كان فراخ وهى بتديله الحاجة قام عبد العال سلومة بضربها وأنهوا الزيارة وعملوا تفتيش للزنازين كلها واخراج كل ما فيها ,ايضا تم منع صلاة الجمعة ليلة المذبحة والاستعداد للخرروج الى الجبل لتكسير الحجارة,وهنا أحس الإخوان بأن شئ يدبر لهم فى الخفاء لدرجة أن الضابط عبدالكريم عطية قال لنا خلوا بالكم ناويين ليكم على مصيبة" وفى الصباح خرجت أول مجموعة وذلك يوم السبت فيهم الأخ حسن دوح يتفاهوا مع كل عنبر وينبهونهم لما قد يحدث وفجأة رأينا الضباط يخرجون مجموعة مسلسلة بالحديد الى اسفل السجن ونزلت مجموعة ثانية وفيهم حامد قرقر وحسن صابر ولما رأوا ما يحدث تحت رجعوا مسرعين واغلقوا الزنازين عليهم ثم أعطونا ملابس بالية مهلهلة واخذوا التى كانت علينا وأمروا أن نلبس القديمة وهنا تأكد لنا انهم يدبرون للتخلص منا فى الجبل وفوجئنا بكتيبة تصعد للدور الرابع العلوى فوقنابالسجن وفجأة سمعنا أصوات الرصاص ينطلق فخرجنا مفزوعين فنظرنا الى أسفل فاذا بالنيران وليست الرصاص ينطلق من البنادق من أسفل الى أعلى اتجاهنا ومن أعلى من الكتيبة التى صعدت للرابع تطلق النارعلينا, فأصيب الكثيرون .

فخرجت مسرعا أدخل من أصاب الى الزنزانة ,البعض ذهب ليأتى بالماء والملابس يضمدم الجراح وأصوات خروج الروح من الإخوان تتعالى حتى سكن الليل وبدأو يخرجو من يجدوه ميتا والاخر يجهز ببندقيته على رأس من يجده حيا بشهادة طبيب السجن.وضربت بالقايش على رأسى واذكر من الإخوان عبد الرحمن الفيومي سند باب الزنزانة بظهره والرصاص ينفذ فيه " أخو الحارس الشخصى لعبدالناصر"وفى الصباح جاءت النيابة تبحث عما أذيع فى النشرات العالمية من وقوع مذبحة للإخوان وعندما فتح عبدالعال سلومة الباب ومعه النائب وطبيب السجن فوجئ بى وقال لى : لسه عايش يا فاتح احسبك موت.

وهنا سأل وكيل النيابة سلومة هم الإخوان عملوا ليكم ايه؟ علشان تعملوا فيهم كده؟ رد سلومة كانوا بيرمونا بالرورق والاكياس. اجابه ساقها الله على لسانه لتفضحه.

وبقينا 3 شهور بعدها تكدير وكل 3 من الإخوان فى زنزانة وسب وشتم .

سجن القناطر

ثم انتقلنا الى سجن القناطر وفى أول ليلة أذن الأخ إسماعيل عبد العليم لصلاة العشاءوما أن انتهى من الأذان فاذا بجنود السجن تحوطوا بنا ومدججين بالسلاح وعرفنا فى اليوم الثانى ان مدير السجن اعتقد أن الأذان هو اشارة من الإخوان للهجوم على السجن من الخارج او من الداخل .

كانوا يحفظون القرآن من لسان الأخ "عبد الرحمن صبيح" الذى كان يعمل بائع جوال بالقاهرة ولكنه حافظا لكتاب الله تعالى فكان الإخوان يضعون افواهم على الحائط والاخرون يسمعون بأذانهم ويرددون القرآن .

كذلك بسجن القناطر عهد عبده الصعيدى مدير السجن الى الإخوان بمهام السجن لما رأه منهم وكان يأمنهم جدا وسمح لهم بالقراءة والمكتبات والحفل فى ظروف محددة.

وخرج محمد الفاتح من المعتقل يوم 27/12/1964 بعد 9 سنوات كاملة .

العودة الى دار العلوم

رجع محمد الفاتح الى دار العلوم بعد خروجه من المعتقل الأول طالبا ليجد "عبد الصبور شاهين" الذى كان معه طالبا مثله قد تخرج وعين مدرس ودكتورا بدار العلوم وكان قد أعتقل معه اريع شهور فقط عام 1955 وخرج عبد الصبور الى كليته ويذكر الفاتح انه كان يزور عبدالصبور فى غرفتح التى كان مستأجرها بالقاهرة وكانت نصف الغرفة عبارة عن كتب قرأها كلها عن بكرة أبيها .

الاعتقال الثانى 1965/1967

لم تكن تمر اربعة شهور على خروجه من المعتقل حتى أعتقل مرة أخرى عام 1965 وكان محمد الفاتح يومها ببنى مزاروتم اعتقاله من بنى مزار الى مطاى الى المنيا الى مزرعة طرة.

يروى الفاتح قائلا: لما خدونا من بنى مزار وكنت مقيدمن يدى وركبنا القطار ومعنا ضابط حراسة علينا فأشرت اليه باصبعى فجاءالى وقال :عاوز ايه؟ قلت : علبة سجاير؟ فاستغرب الضابط وقال هتدخن؟ قل لا هات بس وبالعل جاب علبة سجاير فأخذت ورق السلوفان الشفاف الى من الخارج زى ماهو وناولته للضابط وقلت له روح املاها ميه واسقى واحد واحد وبالفعل عمل ما قلت له عليه وسقى كل من فى القطار .

القرضاوي

يقول الفاتح:

لا أنسى حمزة البسيوني وهو يطلب من يوسف القرضاوي أمامى أن يغنى لعبد الناصر " يا جمال يا مثال الوطنية" والقرضاوي يرفض تماما.

ذكريات مزرعة طرة

الأستاذ محمد الفاتح عبد الغني والأستاذ علاء عبد النبي

يروى الفاتح: " كانت مجموعة المعتقلين بطرة كلهم السوابق بمعنى كلهم اللى كانوا فى الاعتقال الأول بالسجن الحربي, وكانت الزنزانة من المفترض انها تسع على الأكثر 30 أخ ولكنهم كانوا يدخلون اكثلر من 127 معتقل فكيف نتصرف؟ كنت أخلى السوابق جنب العنبوكة " مكان مرتفع أخر الزنزانة عليه جردل البول والبراز" والناس اللى أول مرة يناموا فى الأول خلف خلاف .

ومن هؤلاء الجدد من اخوان بنى مزار اعتقلوا بسبب مصطفى خليل مع أول تحقيق معه دل على الباقين واعتقلوا معنا مثل:

الحاج أحمد أبو صيام –الحاج عبد العزيز الطويل - الشيخ إسماعيل بتاع الكراسي - عبد الحميد أحمد حسن "الدلايله" - عبد الرحمن أبو غنيمة.

وللعلم هؤلاء كانوا واجهة الإخوان امام المجتمع من الباشوات والأعيان, لذلك يشهد الله أن الحاج أحمد ابو صيام هو عبدالرحمن ابو غنيمة لما دخلوا المعتقل استقبلتهم وأردت أن أطمئمهم لما بعدفنمت أمامهم على مكتب مدير السجن وكأننى رأيتهم يندمون على ما فاتهم من عمل تنظيمى لم يكونوا فيه ومحضروش .لدرجة أن الحاج أحمد أبو صيام قال لى باللفظ" أحب على ايدك أشيل جردل بول زيهم" رديت: والناس اللى معانا فين أجرها ؟ هيروحوا فين؟ الكل بيعمل لخدمة دينه واخوانه .

واذكر اننا كنا نمسح أيدينا فى حشائش كنا نجدها فى السجن لدرجة انها أثرت على عين الجمل كانت طالعه فى يدى. لانها بركة ومعية الله معنا.

الشيخ محمد الغزالي والفاتح

فى يوم جاء الأمباشا محمد بسجن مزرعة طرة ويصرخ: فين الواد بتاع المجارى؟ يقصدنى ؟ تعال شوف المصيبة اللى جت بالليل ؟ رحت معاه على طول وأنا بقوله: مصيبة تاخد عدوينك. فمن وجدت؟ رأيت محمد الغزالي فاحتضنته وقبلته وكان يلبس بدلة السجن القصيرة البيضاء واخذته الى زنزانتى وهو متأثر جدا بالذى حدث ويسأل بألم وحرارة :

"اذا كان الذى حدث فى الأول فتنه ففى الثانية ظلم بين "

وفى السجن انهارت امامى قمم للإخوان من اثار التعذيب ليست قوة ولكنه قلب المؤمن بين أصابع الرحمن يقلبهما كيف يشاء

وخرج محمد الفاتح ايضا فى نفس اليوم لخروجه من المعتقل الاول يوم 27/12 ولكن العام اختلف المرة الثانية عام 1967.

العودة الى دار العلوم

عاد مرة أخرى محمد الفاتح الى كلية دار العلوم وحصل على ليسانس دار العلوم عام 1968 وعين مدرسا للغة العربية بالمدرسة القومية ببنى مزار حتى رقى الى مدرس.

مؤلفات محمد الفاتح الشعرية

منذ صغر الفاتح وهو يتقن تأليف الشعر وبخاصة فترة اعتقاله سواء كتابة الدواوين الشعرية باللغة العلاربية الفصحى اتو العاميه وان كانت قليلة , كما تميز بتأليف المسرحيات الشعرية الاسلامية ذات الفصل الواحد ومن مؤلفاته:

  • 5- طريق النصر .... مسرحية شعرية فصل واحد
  • 6- العلم نور .... مسرحية تربوية
  • 7- العود أحمد .... مسرحية تربوية
  • 8- أكثر الوفاء .... مسرحية تربوية
  • 9- نهاية غادر .... مسرحية شعرية فصل واحد

العمل بالخارج ودعوته

أعير محمد الفاتح الى دولة الجزائر من خلال وزارة التربية والتعليم للعمل مدرسل للغة العربية لمدة أربع سنوات,ثم عاد الى مصر.

وفى عام 1981 أشار عليه سعد الحكيم بالقاهرة أن يسافر الى المملكة العربية السعودية للعمل بمدارس المنار الاسلامية الخاصة التابعة للملك فيصل ويشرف عليها الأخ محمود الشاوي أخوالأخ "توفيق الشاوي" مستشار الملك فيصل وخاصة أن منهج المدرسة تخريج مسلم صالح فقط لاغير وبالفعل سافر محمد الفاتح وعمل بالمنار عدة سنوات حتى عاد بعدما تغير منهج المدرسة الى الربحية والاستثمار ولكن الاستاذ: صبرى عرفة اتصل به وأمره بالعودة الى العمل بالسعودية لحاجة الإخوان إليه , فلبى الفاتح الأمر بجندية طائعة وعاد للعمل بمدارس التربية الأهلية ولكن بمرتب أقل بكثير جدا جدا عما كان يتقاضاه فى المنار ولكنه السمع والطاعة لما فيه مصلحة الدين والوطن.

وعمل الفاتح بالسعودية إلى أن عاد إلى مصر عوداً نهائياً ليستقر بها منذ عام 2003 حتى الأن

متعه الله بالصحة والعافية

للمزيد عن النظام الخاص

روابط داخلية

كتب متعلقة

ملفات وأبحاث متعلقة

مقالات متعلقة

تابع مقالات متعلقة

متعلقات أخري

وصلات فيديو

للمزيد عن مذبحة طرة

كتب متعلقة

ملفات ومقالات متعلقة

متعلقات أخرى

شهداء مذبحة طره

تابع شهداء مذبحة طره

وصلات فيديو