الاستعمار وعالم الافكار (الجزء الأول)
بقلم: ح .ع
الاستعمار وعالم الأفكار في البُلدان المسلمة
نقدم في هذه الحلقة مقاصد الاستعمار في عالم أفكار المسلمين، ونبتدئ هذه الحلقة بمقاربة فكرية بين مفكر الحضارة مالك بن نبي، والآراء والأفكار الباكرة في مشروع التجديد الحضاري عند الإخوان المسلمين , حول الخلفية المعرفية لعلاقة الاستعمار بعالم أفكار المسلمين, ثم نتناول أهم التأثيرات الاستعمارية في ميدان الأفكار في البلدان المسلمة من منظور "الإخوان المسلمون" وكتاباتهم الباكرة.
ومن المعلوم بالضرورة الآن ونحن في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين أن خطط الاستعمار تجاوزت في رؤاها الذهنية ما يتعلق بالاستعمار المادي (الاقتصادي والسياسي) وهو الوجه الظاهر للاستعمار. وإنما تمثلت أهدافه الكامنة في السيطرة على عالم الأفكار الإسلامي وموجهاته الأساسية ومرجعياته العقدية، إما بالإحلال الكامل لفلسفته ومرجعيته، أو بالتشكيك في المرجعيات الفكرية الأصيلة لهذه الشعوب المستعمرة، أو التشويه المتعمد للمفاهيم الثانية والتصورات الراسخة في النموذج الحضاري لتلك الشعوب.
كان الاستعمار حين اقتحم عالم الإسلامي في هذه المرحلة الجديدة قد أعد مخططه على النحو الذي يكفل له تغيير العقيدة والقضاء على مقوماتها الأساسية عن طريق التعليم والثقافة واعتبر هذه الحركة القائمة على الغزو الثقافي والتغريب الفكري هي كبرى معاركه وأعظم عوامل تثبيت قواعده، وذلك من خلال مقصدين أساسيين لعمله وهما: (1)
- 1- إلغاء تطبيق الشريعة الإسلامية وإخلال القانون الوضعي.
- 2- السيطرة على التعليم وتحويله عن أهدافه الطبيعية في بقاء الإنساني المسلم.
ومن أهم مسارات الاستعمار في مواجهته الفكرية في البلدان الإسلامية:
- 1- نقض مفاهيم الإسلام وتشويهها وتحريفها.
- 2- الطعن في الإسلام ومقوماته وأركانه وثقافته.
- 3- محاولة القضاء على اللغة العربية، والعمل على تغليب اللغات الأجنبية محل اللغة العربية، والدعوة إلى إحلال الحروف اللاتينية بديلة للحروف العربية.(2)
واستهدف الاستعمار من خلال مقاصده الفكرية قيام تقارب والتقاء بين البلاد المستعمرة والقوى الاستعمارية فيها تقبل لوجوده الاستعماري، وذلك بإزاحة القيم الإسلامية الكبرى التي تحفظ للمسلمين قدرتهم على المقاومة والمواجهة والجهاد وحرب العاصب، والاعتصام بالاستعداد والتهيؤ الدائم لمواجهة الاعتداء".(3)
ويهدف الاستعمار في مجال عالم أفكار المسلمين- أيضًا – إلى القضاء على الطاقة الفكرية والروحية في المجتمع المسلم وعند الفئة القادرة على مقاومته وكشفه ومواجهته والمرابطة في وجهه. ولذلك فإن مخططات الاستعمار في مجال الثقافة تقوم على محاولة إبطال مفعول الوجدان الروحي والديني والنفسي والخلقي، وإعلاء شأن المفاهيم المادية، وإطفاء مفاهيم الفكر والروح، والهجوم على مقومات الاعتقاد الإسلامي وأركانه ولغته وتاريخه وثقافته.(4)
كما هدف الاستعمار أيضًا من خلال الغزو الثقافي لعالم أفكار المسلمين إلى إزالة الحواجز التي تقوم بينه وبين شعوب هذه البلدان من أجل السيطرة عليها بأقل قدر من خسائره حيث "كانت هذه الحواجز الناشئة عن الاختلاف في الدين, وفى اللغة , وفي التقاليد, وفي العادات سببًا في إحساس الوطنيين من أبناء هذه البلاد بالنفور من الأجنبي المحتل, وفي إحساس المستعمر بالغربة, بل الشعور بالخطر الذي يهدد بقاؤه ووجوده".(5)
لذلك فإن الاستعمار يكثف عمله حول مجال القيم والأفكار لأنها الأكثر أثرًا وبقًاء وضمانًا للتبعية للمستعمر حتى وإن رحل ظاهريًا أو صوريًا عن البلد المُستعمَر, ومما عمل له الاستعمار في مجال القيم عملين أساسيين هما:
- أ- إضعاف القيم الإسلامية: عن طريق شرح تعاليم الإسلام ومبادئه شرحًا يضعف في المسلم تمسكه بالإسلام، ويقوى في نفسه الشك كدين أو على الأقل كمنهج سلوكي يتفق وطبيعة الحياة القائمة.(6)
- ب- تمجيد القيم الغربية المسيحية في الفكر الإسلامي الحديث نتيجة بصلته بالاستعمار الغربي : فالسبيل إلى الوقوف عليه ما تراه من إبراز التفوق الغربي في الصناعة وزيادة الدخل الخاص والعام الناشئ عن هذا التفوق.. تلك الزيادة التي ترتب عليها رفع مستوى المعيشة وتيسير أمر الحياة الإنسانية لدى الغربيين. هذا التقدم الصناعي هو المنقذ أو النقطة التي يبتدئ بها الغربيون في التدليل على رجاحة التوجيه الغربي، وعلى سمو مقاييس الحياة الغربية في السلوك الفردي والعادات الاجتماعية وعلى أصالة القيم المسيحية والحضارة المادية الصناعية هي عنوان التقدم، ومنطق ذل أن تخلف المسلمين في مجال هذه الحضارة دليل على تخلف الإسلام في قيمه ومبادئه وتقييد الإنسان في السير في هذه الحياة طبقاً لعقيدة الجبر فيه كما زعموا وأشاعوا.(7)
المعركة الفكرية للاستعمار بين حسن البنا ومالك بن نبي

إن المعركة الفكرية التي شنها الاستعمار على العالم الإسلامي أراد بها أن يجعل من اتفاقيات الاستقلال بعد ذلك اتفاقيات صورية حيث يسيطر على تلك الشعوب نفسيا ووجدانيا بما يسهل تبعيتها له بأقل مجهود مادي, وهذا ما وعاه الإمام حسن البنا حيث أشار إلى تغلغل الاستعمار الفكري والثقافي في الأمة وأن الاستقلال عبر الاتفاقات هو استقلال صوري لم يمنح الأمة حقها الحقيقي في الاستقلال الفكر [ لا خير في استقلال سياسي صوري يحول بيننا وبين حقوقنا الطبيعية بل يقيد استقلالنا الفكري والاجتماعي بأثقل القيود ].(8)
- الاحتلال الفكري اشد خطورة من احتلال الثغور والثكنات: يرى البنا أن احتلال الثغور والبلدان أقل أثرًا من احتلال العقول والأرواح, لأن الأول زواله مرتبط باستقلالية الأرواح والأفكار, وبقاؤه مرتبط باحتلالهما [ نحن نعتقد أن احتلال الأعداء للأموال والأولاد والرءوس والنفوس ابعد في الأمة أثرًا وأشد عليها خطرًا , وأطول أمدًا من احتلال الدواوين والثكنات والقلاع والمعسكرات, وبعبارة أخرى: إن العدو إذا كان حظه من الأمة أضعاف قوتها الحربية يومًا ما, وفرض القيود السياسية ليها حينًا من الدهر, فسيأتي عليها اليوم الذي تقوى ويضعف, وتنتفض مطالبة بحقوقها غاضبة لحريتها فتتحرر, ولكن إذا كان حظه منها أن يحتل أرواحها وأفكارها وينسيها مقوماتها ومميزاتها فإنها ستفنى فيه طائعة ويعز عليها بعد ذلك أن تجد نفسها بين الأمم, ومن هنا قال الاجتماعيون بخطورة الاحتلال الروحي, وأنه أقوى على هضم الشعوب وابتلاع الأمم من الاحتلال العسكري السياسيٍ]. (9)
- الاستعمار الفكري وتفريغ مظاهرنا الاجتماعية ومقومات حضارتنا ويعجب البنا من الشرق الذي ينتفض ضد الاحتلال الغربي العسكري بينما يقع ويتلهف إلى الاحتلال الفكري ويغرق فيه [ ونحن الشرقيين نقف من الغرب موقفًا متناقضًا فبينما نبذل كل شئ ونجاهده ليلًا ونهارًا في سبيل الحصول على استقلالنا السياسي, إذا بنا نستعجل في شغف ولهفة احتلال الغرب الاجتماعي والروحي والفكري, ونلقى بأنفسنا في أحضانه مسرورين]. (10)
إن أمتنا أغرقت في تقليد الغرب حتى فرغت قوتها الروحية والفكرية إلى حد الذوبان في ذلك الغربي حتى فنيت ذاتنا فيه -بلغة التصوف أيما فناء- [ إننا مقلدون بكل معنى الكلمة, مقيدون في ذلك من هذا التقليد الغربي بأثقل القيود, مسرفون في الإعجاب بهذه القيود المزخرفة إلى حد تضيع فيه كرامتنا وتتحلل مميزاتنا وقوميتنا, ويفنينا في غيرنا فناء لا حياة بعده..هل هذا لأننا أمة ليست لها مقومات اجتماعية, وليست لها مميزات سجلها التاريخ وزكتها الحوادث؟ لا ولكن لأننا نسينا هذه المقومات إعجابًا بزخرف المدنية الغربية ولذاتها وشهواتها]. (11)
- الاستعمار وتربية طبقة المروجين لعاداته وأفكاره : ويشير البنا أيضًا إلى تلك الطوائف والطبقات التي تبنت أفكار الغرب وعاداته وأنها كانت معركة الغرب الأولى فيها والتي ركز فيها الغرب تركيزًا كبيرًا ونجح في غزوها نجاحًا واضحًا هذه الفئة هي فئة الأغنياء والرؤساء [ ...أدخل بيوت الرؤساء والكبراء وأعيان هذه الأمة المصرية المسلمة ووجهائها وكبار موظفيها من رئيس مصلحة فصاعدًا, بل ونازلًا, فهل ترى في هذه البيوت كلها إلا مظاهر أوروبية, وعادات غربية, ولغة أجنبيه,, وخدمًا لا يمتون لمصر ولا ينتسبون إليها بنسب, وأولادًا من بنين وبنات في مدارس الأعاجم ومعاهد الأعاجم؟! في هذه البيوت تتربى الطبقات الحاكمة في مصر ويخرج منها الوزراء والحكام والموظفون العظام]. (12)
لقد امتد تقليد الأعيان للغرب إلى تقليد عموم الشعب فانتشرت مظاهر الاستعمار الاجتماعي والاحتلال الاجتماعي تطغى وتستشري حتى تعم الصغير والكبير...وأما الوجهة الثقافية فحسبك أن تعلم أننا لا نضع منهاجًا لشئ إلا نظرنا ما فعل الغرب, وحاكينا في ذلك الغرب, واقتبسنا من الغرب, وحسبك أن ترى الطبقة المثقفة منا تؤثر أدب الغرب وأفكار الغرب ولغة الغرب...هذا الاختلال الروحي خطر اشد الخطورة على مستقبلنا , وما لم نتحرر اجتماعيًا واقتصاديًا وثقافيًا فإن حريتنا السياسية ستكون مغلولة مقيدة] (13)
أما مالك بن نبي(1905-1973م) فقد تنبه إلى تلك العلاقة التي قصدها الاستعمار في الواقع الفكري والتربوي والاجتماعي في العالم الإسلامي، وطرح نظريته في تلك العلاقة تحت عنوان (الصراع الفكري في البلاد المستعمرة)، أشار في هذه النظرية إلى أهم أهداف الاستعمار الفكرية، ومبادئه، ووسائله ويذكر في هذا الصدد إلى أنه لا يجب أن يبقى عندنا شك في أن الخصوم الذين يتنافسون على محور واشنطن – موسكو للاستيلاء على عناصر القوة، سيلجئون إلى سلاح الأفكار، لأن قنابلهم الذرية أصبحت عاجزة في المستقبل عن حل مشكلاتهم المعلقة، خارطة السلاح الفكري للاستعمار:
1- امتصاص القوى الحية: عمل الاستعمار على امتصاص القوى الواعية في البلاد المستعمرة بأي طرق ممكنة، حتى لا تتعلق بفكرة مجردة، وسيحاول أولًا تعبئتها لحساب فكرة متجسدة تجسدًا تصبح معه أقرب إليه منالًا؛ لأنه يمكنه مقاومتها إما بوسائل القوة أو بوسائل الإغراء.
2- قتل الفكرة المجردة: إن الاستعمار سوف يواصل حربه ضد الفكرة المجردة بوسائل ملائمة فيها مرونة أكثر ويستعين من أجل ذلك بخريطة نفسية للعالم الإسلامي، وهي خريطة تجرى عليها التعديلات الضرورية في كل يوم، يقوم بها رجال متخصصون مكلفون برصد الأفكار؛ إنه يرسم خططه الحربية ويعطي توجيهاته العلمية على ضوء معرفة دقيقة لنفسية البلاد المستعمرة، معرفة تسوغ له تحديد العمل المناسب لمواجهة الوعي في البلاد حسب مختلف مستوياته وطبقاته.(14)
3- مبادئ الحرب الفكرية: إن خطة الاستعمار في عالم الأفكار تقوم على مبدأين: مبدأ الغموض ومبدأ الفاعلية، فالمبدأ الأول يقضي بألا يكشف النقاب عن وجهه في المعركة، إلا إذا لم تترك له الظروف حيلة، فهو دائمًا أو غالبًا يستخدم قناع القابلية للاستعمار، والمبدأ الثاني: ناتج عن المبدأ الأول في حيز التطبيق، إذ أن هدف الاستعمار لا يتعلق في الأساس بذات شخص معين ولكن بأفكار يريد تحطيمها أو كفها، حتى لا تؤدي مفعولها في توجيه الطاقات الاجتماعية في البلاد المستعمرة.(15)
4- تغيير عقيدة المعركة لصالحه وتفتيت القوى المقاومة: تسعى خطط الاستعمار في ميدان عالم أفكار القوة الحيوية المقاومة إلى تحقيق هدفين: أولًا الحط من المستوى الروحي أو الإيديولوجي الذي كانت تدور فيه المعركة ضده، ثانيًا: تشتيت القوة الموجودة في المعركة، والمعركة إذا ما فقدت طابعها بوصفها وحدة شاملة، فإنها تفقد بذلك من معنوياتها وشيئًا من قداستها في نظر الجماهير.(16) وهكذا يستطيع الاستعمار بطرق مختلفة، تحويل المعركة التى تنشأ بينه وبين القوى التحررية إلى معركة، أو على الأقل إلى منافسة، بين تلك القوى نفسها.(17)
أدوات المعركة الفكرية للاستعمار
تناولت أيضًا كتابات الحركة الإسلامية أهم أدوات الاستعمار في المجال الفكري وهما تحديدًا: تيار التغريبيين من الداخل الإسلامي الذي تحكموا في سياسة وتعليم وثقافة مجتمعهم من خلال ما تبنوا من آراء الغرب في هذه الثلاثة: الثقافة والسياسية والتعليم، أما الأدوات الخارجية فهي الاستشراق والتبشير، وهما من الأدوات المعرفية التى اخترعها الاستعمار لخدمة أهدافه وتحقيق مصالحه.
1- طائفة المثقفين ثقافة أوروبية:
يرى عبدالقادر عودة أن طائفة التغريبيين أو المثقفين ثقافة أوروبية تضم معظم المثقفين في البلاد الإسلامية، ومنهم: القضاة، والمحامون، والأطباء، والمهندسون، والأدباء، ورجال التعليم، والإدارة، والسياسة. وقد تثقفت هذه الطائفة على الطريقة الأوروبية. ولهذا فهم لا يعرفون عن الشريعة الإسلامية إلا ما يعرفه المسلم العادي بحكم البيئة والوسط، وأغلبهم يعرف عن عبادات اليونان وعن القوانين والأنظمة الأوروبية أثر مما يعرف عن الإسلام والشريعة الإسلامية.(18)
وقد انتشرت هذه الطائفة في البلدان الإسلامية، وأطلقوا على أنفسهم "التنويريين" الذين يبشرون بالنهضة والتقدم، بينما هم في حقيقة الأمر "تغريبيون" يدعون إلى تمكين نموذج الغرب الحضاري لاسيما فيما يتعلق بالقيم والأخلاق والسياسة والاجتماع في واقعنا الإسلامي. وتتمثل خطورة هذه الطائفة – كما يشير عبد القادر عودة – إلى تمنها من الوظائف العليا في البلدان المسلمة "فهؤلاء المثقفون ثقافة أوروبية هم الذي يسيطرون على الأمة الإسلامية ويوجهونها في مشارق الأرض ومغاربها. وهم الذين يمثلون الأمة الإسلامية والإسلام في المجامع الدولية.(19)
لقد أراد الاستعمار خلق فئة تغريبية تخدم مصالحه وتسهلها له في حال غيابه المادي عن البلدان المستعمرة " وبرامج التغريب تحاول أن تحقق هدفًا مزدوجًا, فهي تحرس مصالح الاستعمار, بتقريب الهوة التي تفصل بينه وبين المسلمين , نتيجة لاختلاف القيم ونتيجة للمرارة التي يحسها المسلم إزاء المحتلين لبلاده, وهي في الوقت نفسه تضعف الرابطة الدينية في المجتمع التي تجمع المسلمين, وتفرِّق جماعتهم التي كانت تلتقي على وحدة القيم والثقافية, أو بتعبير أشمل وحدة القيم الحضارية".(20)
وقد اتخذ في ذلك عدة طرق أحدها تربية جيل من المصريين العصريين الذين ينشِّئون تنشئة خاصة تقربهم من الأوروبيين ومن الإنجليز على وجه الخصوص في طرائق التفكير والسلوك. ومن أجل ذلك أنشأ كرومر كلية "فكتوريا" التي قصد بها تربية جيل من أبناء الحكام والزعماء والقادة والوجهاء في محيط إنجليزي ليكونوا من بعدُ هُمْ أدوات المستعمر الغربي في إدارة شؤون البلاد ونشر الحضارة الغربية. (21)
3- الاستشراق والتبشير: وهما الأدوات العلمية والعقدية للاستعمار واستطاع من خلالهما العبث بالمفاهيم الإسلامية وبالتشكيل الوجداني للمسلمين , "حيث تعد حركة التبشير من أهم أدوات الاستعمار لتحقيق أهدافه الفكرية والوجدانية، فهي القوة المتحركة في جيش الاستعمار لغزو العقول والقلوب في مختلف الجبهات وإثارة الشبهات في مجال المدرسة والجامعة والصحافة والثقافة. كما كانت حركة الاستشراق – أيضًا – هي المصنع الذي يعد "أدوات العمل" : الشبهات والطعون والشكوك".(22)
كما أنشأ الاستشراق الجمعيات العلمية والأدبية والتاريخية لخدمة أهدافه، وتحقيق مقاصد الاستعمار الفكرية في العالم الإسلامي وأصدر الدوريات والمجلات والكتب التي حققت كثير من أغراضه في تشكيل العقل المسلم وساهمت في تشويه مفاهيمه وأخطر المجلات التي أصدرها المستشرقون الأمريكيون هي مجلة "العالم الإسلامي" The Muslim World، أسسها صموئيل زويمر 1911م، وللمستشرقين الفرنسيين مجلة شبيهة اسمها أيضاً "العالم الإسلاميLe mon de Musulman. كما أصدر المستشرقون – أيضًا - (دائرة المعارف الإسلامية) بعدة لغات والتي أصبحت مصدرًا لكثير من المسلمين في دراساتهم على ما فيها من خلط وتحريف وتعصب ضد الإسلام والمسلمين.(23)
المراجع
(1) أنور الجندي: الاستعمار والإسلام، القاهرة، دار الأنصار، د.ت. ص24.
(2) المرجع نفسه، ص19.
(3) المرجع نفسه، ص26. (4) أنور الجندي : الاستعمار والإسلام، القاهرة، دار الأنصار، ص18.
(5) محمد محمد حسين: الإسلام والحضارة الغربية, ص42.
(6) محمد البهي: الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار الغربي، القاهرة، مكتبة وهبة، ص43.
(7) المرجع نفسه، ص53.
(8) حسن البنا: "مذكرة الأخوان المسلمين إلى رفعة رئيس الوزراء"، جريدة النذير، السنة الأولى، العدد (3)، 14 ربيع الثاني 1357هـ ، ص5.
(9) حسن البنا: " لابد أن نستكمل استقلالنا الاجتماعي والاقتصادي والثقافي وإلا فما ثمرة استقلالنا السياسي" , جريدة الإخوان المسلمون ، السنة الخامسة, العدد( 7), 23ربيع الثاني 1356ه 2 يوليو 1937م, ص1. (10) المرجع نفسه, ص 2.
(11) حسن البنا: " لابد أن نستكمل استقلالنا الاجتماعي والاقتصادي والثقافي وإلا فما ثمرة استقلالنا السياسي" , جريدة الإخوان المسلمون ، السنة الخامسة, العدد( 7), 23ربيع الثاني 1356ه 2 يوليو 1937م, ص1.
(12) المرجع نفسه, ص 3.
(13) المرجع نفسه, ص 5.
(14) مالك بن نبي: الصراع الفكري في البلاد المستعمرة، بيروت، دار الفكر، ط11، 2014، ص15-16.
(15) المرجع نفسه، ص38.
(16)المرجع نفسه، ص41.
(17)المرجع نفسه، 44.
(18) عبد القادر عودة: الأعمال الكاملة، مرجع سابق، ص30.
(19) المرجع نفسه: ص30.
(20) محمد محمد حسين: الإسلام والحضارة الغربية, ص45.
(21) المرجع نفسه, ص46.
(22) أنور الجندي: الاستعمار والإسلام، مرجع سابق، ص24.
(23) محمد البهي: الفكر الإسلامي الحديث وصلته بالاستعمار، ص433.