نظرة على جماعة الإخوان المسلمون فى مصر

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
نظرة على جماعة "الإخوان المسلمون" فى مصر


مقدمة

Ikhwan-logo1.jpg

لم يكن من الطبيعى أن لا يصدر عن الأمة ككل ، وخصوصا فى مصر بلد الأزهر ، أى رد فعل لسقوط الخلافة ، وغياب ذلك الرمز الذى وحد كلمة المسلمين قرونا طويلة . فبقدر عظم المصيبة التى أصابت الأمة ، بقدر ماكانت ردود فعل المخلصين من أبنائها والذين رأوا آخر قلاعهم وهى تتهاوى ثم تتقاسم تركتها الأمم لتنشىء واقعا جديدا - مغايراً تماما لمواصفات الأمة الواحدة - يرتكز على هوية جديدة عمادها الإقليمية والعصبية وزرع العداوة والبغضاء بين وحدات هذا الواقع الجديد ، وتبنى مناهج بعيدة كل البعد عن المنهج الربانى الواحد الذى كان أساس الأمة الإسلامية الواحدة منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، والذي منع من سقوط الرمز برغم فترات الضعف والخلل الذى كان يصيب كيان هذه الأمة السياسي فى فترات تاريخية متباعدة .

لعل دعوة الإخوان المسلمين والتى بدأت خطواتها الأولى رسميا فى مارس 1928 على يد الامام الشهيد حسن البنا (1906 - 1949) وبعض رفاقه ، كانت من أنضج الدعوات وعيا وإدراكا وشمولا لمعانى الإسلام التى أفرزتها مأساة سقوط الخلافة الإسلامية العثمانية ، بحيث عدها المؤرخون الرد الطبيعى الأول للأمة على هذه المأساة .

ففى رسالة "إلى الشباب " - 1941 - يقول الإمام الشهيد حسن البنا :" لقد أتى على الإسلام والمسلمين حين من الدهر توالت فيه الحوادث وتتابعت الكوارث ، وعمل خصوم الإسلام على إطفاء رواقه وإخفاء بهائه وتضليل أبنائه وتعطيل حدوده ، وإضعاف جنوده ، وتزييف تعاليمه وأحكامه ، تارة بالنقض منها ، وأخرى بالزيادة فيها ، وثالثة بتأويلها على غير وجهها ، وساعدهم على ذلك ضياع سلطة الإسلام السياسية وتمزيق إمبراطوريته العالمية ، وتسريح جيوشه المحمدية ، ووقوع أممه فى قبضة أهل الكفر مستذلين مستعمرين .

فأول واجباتنا نحن الإخوان المسلمين ، أن نبين للناس حدود هذا الإسلام واضحة كاملة بينة ، لا زيادة فيها ولا نقص بها ولا لبس معها . وذلك هو الجزء النظري من فكرتنا ، وأن نطالبهم بتحقيقها ونحملهم على إنفاذها ونأخذهم بالعمل بها ، وذلك هو الجزء العملي فى هذه الفكرة .

وعمادنا فى ذلك كله ، كتاب الله الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، والسنة الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والسيرة المطهرة لسلف هذه الأمة ، لا نبغى من وراء ذلك إلا إرضاء الله ، وأداء الواجب وهداية البشر وإرشاد الناس " .

وفى موضع آخر ، يحدد الإمام الشهيد مراحل العمل وخطواته والوسيلة اليه ، فيقول:

1 - نريد أولا الرجل المسلم فى تفكيره وعقيدته ، وفى خلقه وعاطفته ، وفى عمله وتصرفه . فهذا هو تكويننا الفردى.

2 - ونريد بعد ذلك البيت المسلم فى فكره وعقيدته ، وفى خلقه وعاطفته ، وفى عمله وتصرفه ، ونحن لهذا نعنى بالمرأة عنايتنا بالرجل ، ونعنى بالطفولة عنايتنا بالشباب ، وهذا هو تكويننا الأسرى .

3- ونريد بعد ذلك الشعب المسلم فى ذلك كله أيضاً ، ونحن لهذا نعمل على أن تصل دعوتنا الى كل بيت ، وأن يسمع صوتنا فى كل مكان ، وأن تتيسر فكرتنا وتتغلغل فى القرى والنجوع والمدن والمراكز والحواضر والأمصار ، لا نألو فى ذلك جهدا ولا نترك وسيلة .

4 - ونريد بعد ذلك الحكومة المسلمة التى تقود هذا الشعب الى المسجد ، وتحمل به الناس على هدى الإسلام من بعد ، كما حملتهم على ذلك بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ابى بكر وعمر من قبل . ونحن لهذا لا نعترف بأى نظام حكومى لا يرتكز على أساس الإسلام ولا يستمد منه ، وسنعمل على إحياء نظام الحكم الإسلامي بكل مظاهره ، وتكوين الحكومة الإسلامية على أساس هذا النظام .

5- ونريد بعد ذلك أن نضم الينا كل جزء من وطننا الإسلامي الذى فرقته السياسة الغربية وأضاعت وحدته المطامع الأوروبية . ونحن لهذا لا نعترف بهذه التقسيمات السياسية ولا نسلم بهذا الاتفاقات الدولية ، التى تجعل من الوطن الإسلامي دويلات ضعيفة ممزقة يسهل ابتلاعها على الغاصبين ، وكل شبر أرض ، فيه مسلم يقول : لا إله إلا ألله هو وطننا الكبير الذى نسعى لتحريره وإنقاذه وخلاصة وضم أجزائه بعضها الى بعض . فإن العقيدة الإسلامية توجب على كل مسلم قوى أن يعتبر نفسه حاميا لكل من تشربت نفسه تعاليم القرآن . فلا يجوز فى عرف الإسلام أن يكون العامل العنصرى أقوى فى الرابطة من العامل الإيمانى . والعقيدة هى كل شىء فى الإسلام ، وهل الإيمان الا الحب والبغض ؟

6 - ونريد بعد ذلك أن تعود راية الله خافقة عالية على تلك البقاع التى سعدت بالإسلام حينا من الدهر ودوى فيها صوت المؤذن بالتكبير والتهليل ، ثم أراد لها نكد الطالع أن ينحسر عنها ضياؤه فتعود الى الكفر بعد الإسلام.

فالأندلس وصقلية والبلقان وجنوب إيطاليا وجزائر بحر الروم ، كلها مستعمرات إسلامية يجب أن تعود الى أحضان الإسلام . ويجب أن يعود البحر الأبيض والبحر الأحمر بحيرتين إسلاميتين كما كانتا من قبل .

ولئن كان السنيور موسولينى يرى من حقه أن يعيد الإمبراطورية الرومانية ، وما تكونت هذه الإمبراطورية المزعومة قديما إلا على أساس المطامع والأهواء ، فإن من حقنا أن نعيد مجد الإمبراطورية الإسلامية التى قامت على العدالة والإنصاف ونشر النور والهداية بين الناس."رسالة " الى الشباب".

ونتيجة لهذا الوضوح فى فكرها ودعوتها ، فقد تعرضت الجماعة لضغوط من الحكومات المصرية المتعاقبة والتى كانت خاضعة للنفوذ البريطاني . وقد وصلت هذه الضغوط الى حد إسقاط الإمام حسن البنا عليه رحمة الله فى الانتخابات البرلمانية وتعرض الجماعة للحل وتعرض أفرادها للاعتقال والتعذيب ، لإبعادها عن ساحة العمل الإسلامي أو قصر نشاطها على جوانب محددة من الإسلام .

وتواصلت الحملة ضد الجماعة حتى انتهت بقيام الحكومة المصرية - وبتحريض من الملك - باغتيال الأستاذ حسن البنا رحمه الله - فى وسط القاهرة فى 12 فبراير 1949 .

ورغم زوال الملكية ، فإن العداء الحكومي للإخوان لم يتوقف واستمر أيضا تحت حكم الجيش الذى بدأ فى يوليو 1952 وحتى الآن .

وكأى جماعة جادة أخرى ، فقد تعرضت - إضافة الى الابتلاء بالقتل والاعتقال - الى حملة مكثفة لتشويه أفكارها وبرامجها ، بدءاً من تشكيك الناس فى فهم الجماعة للإسلام باعتباره دعوة ربانية عالمية ، ومروراً بإتهامها ظلماً وبدون أى دليل بالعمالة لجهات أجنبية وإنتهاءاً بعدم ملائمة الإسلام ذاته لأن يحكم العالم الحديث بتعقيداته الحالية ، وما أوجدته الحضارة الحديثة من متغيرات ...

وبالرغم من كل هذه العقبات وتلك الابتلاءات ، وهذه الافتراءات ، وضراوة الحملات ، لم تفقد الجماعة وضوح فكرتها ونقاءها وصفائها ، بيانا وعملا ، موقفا وثباتاً ، فحرصت عبر المراحل والسنوات ، على التمسك بفكرها الوسطى المعتدل ، وتأكيده والثبات عليه .

وفكر جماعة الإخوان المسلمين الذى ينادى بضرورة التمسك بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، لم يقف فى تناوله لمشاكل العصر عند حدود العموميات ، كما أن الممارسات السياسية والعملية تطبيقا لهذا الفكر قد أوضحت للناس أن الدعاة الى الإسلام لا يعيشون فى خيال ولا على أمجاد الماضى ، بل يعملون على تنفيذ ما يستطيعونه من أمر الله ، ما وسعتهم الى ذلك طاقتهم وقدراتهم .

وقد تحقق ذلك - بفضل الله تعالى - من خلال ممارساتهم فى العمل العام وفى كل الأقطار ... فى النقابات المهنية والبرلمان والهيئات الاجتماعية والاقتصادية والخيرية ... وبصورة غير مسبوقة لم يستطع أعداء الجماعة و المتربصين يها الدوائر ، أن يجدوا فى هذه الممارسة ثغرة تطعن فى النزاهة أو الشرف.

وبالنسبة للقضايا الفكرية المعاصرة - فى فكر جماعة الإخوان المسلمين - فيمكن الإشارة الى بعضها ، للتدليل على مدى توفيق الله سبحانه وتعالى لهذه الجماعة بترشيد خطواتها ... ومن هذه القضايا:

أولاً: الإسلام فى مفهوم الإخوان المسلمين

الإسلام فى فهم الإخوان المسلمين دين شامل ينتظم مظاهر الحياة جميعا ، عقيدة وعبادة ، وطن وجنسية ، دين ودولة ، روحانية وعمل ، مصحف وسيف .

ويفهم الإخوان الدعوة الإسلامية ، دعوة القرآن الحق الشاملة الجامعة ، كما وصفها مرشدها الأول بأنها حقيقة صوفية وجمعية خيرية ، ومؤسسة اجتماعية ، وجماعة رياضية ، ورابطة علمية وثقافية ، وشركة اقتصادية ، وحزب سياسى ، وبالأحرى هى فهم شامل ومتكامل للإسلام.. "رسالة اجتماع رؤساء المناطق والشعب عام 1945م"

وهم فى فهمهم ، يتحرون البعد عن مواطن الخلاف الفقهى بين المسلمين ، لأن الخلافات فى فروع الدين أمر ضرورى فى فهم الإخوان المسلمين .

كما يجاهدون أنفسهم فى التجرد لدعوتهم والحفاظ على نقائها وصفائها والبعد بها عن هيمنة الكبراء والأعيان ، وتنافر الأحزاب والهيئات لأن دعوة الإسلام فى نظرهم عامة تجمع ولا تفرق ، ولا ينهض بها ويعمل لها إلا من تجرد وصار لله خالصاً .

وهم يعلمون أنهم - وسيرة نبيهم صلى الله عليه وسلم رائدتهم فى ذلك - لابد من أن يصلوا الى أهدافهم بالتدرج فى خطواتهم ، والتفهم لظروف مجتمعاتهم فـلا المنبت أرضا قطع ولا ظهراً أبقى " ، يؤثرون فى سيرهم المعتدل إيثار الناحية العملية والبعد عن مظاهر الدعاية والإعلان. "رسالة المؤتمر الخامس"


ثانياً: جماعة الإخوان وعامة المسلمين

الإمام حسن البنا في أحد المؤتمرات الجماهيرية

الحكم على جمهور المسلمين كان ومنذ أول خلاف نشأ بين الخليفة الرابع على بن أبى طالب وبين الخوارج ، من أهم نقاط الخلاف بين العاملين للإسلام والتى من المفترض أن تحسم وفقا لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم . وقد عانى المسلمون خلال مراحل مهمة فى تاريخهم من الخلاف حول أمر الحكم بالإسلام ام بخلاف ذلك ، على عامة الناس من المسلمين ، وفق بعض الشروط التى وضعتها بعض الجماعات اجتهادا منها فى فهم بعض النصوص ، بخلاف ما انتهى اليه إجماع الأمة .

وبالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين ، فقد حرصت منذ قيامها على تحديد منهاجها ، الذى تعتقد أنه المنهاج الصحيح ، إتباعا لسنة السلف الصالح ، وما أجمعت عليه الأمة ، والذى يجب أن يؤمن به كل عضو فيها . فحسمت رسالة التعاليم عام 1942 هذا الأمر وبنص واضح ، هو : " لا نكفر مسلما أقر بالشهادتين وعمل بمقتضاهما وأدى الفرائض - برأى أو معصية - إلا ان أقر بكلمة الكفر ، أو أنكر معلوما من الدين بالضرورة ، أو كذب صريح القرآن ، أو فسره على وجه لا تحتمله أساليب اللغة العربية بحال ، أو عمل عملا لا يحتمل تأويلا غير الكفر ".. "الأصل العشرون من الإصول العشرين .. "رسالة التعاليم"

وبرغم صنوف المحن والابتلاءات ، وخوفا من أن يتعرض هذا المنهاج للخروج عنه نتيجة لما لاقاه أفراد الجماعة من تعذيب وقتل وتشريد ، فقد أعاد المرشد الثانى الأستاذ حسن الهضيبي الـتأكيد على هذا الحكم الشرعي وتأصيله فى كتابه "دعاة لا قضاة" والذى أصدره خلال سجنه عام 1969 ، وأصبح هذا الأمر - لخطورته - نقطة مفارقة بين الجماعة وبين من لا يؤمنون به .


ثالثاً: الإخوان والحكم

الحكومة فى فكر الإخوان المسلمين ركناً من أركان هذا الدين ، فالإسلام حكم وتنفيذ ، كما هو تشريع وتعليم ، وهو قانون وقضاء . وقد جعل المصطفى صلى الله عليه وسلم " الحكم " عروة من عرى الإسلام ، وعدّه الفقهاء من العقائد والأصول لا من الفروع والفقهيات .."رسالة المؤتمر الخامس"

والإخوان لا يطلبون الحكم لأنفسهم ، فإن وجدوا من الأمة من يستعد لحمل هذا العبء ، وأداء هذه الأمانة والحكم بمنهاج إسلامي قرآني ، فهم جنوده وأنصاره وأعوانه . وهم يقفون من الحكومات على اختلاف ألوانها من هذا الشأن وغيره ، موقف الناصح الشفيق الذى يتمنى لها السداد والتوفيق وأن يصلح الله بها مظاهر الابتعاد عن هذا المطلب والانحراف عنه .

ويعتقد الإخوان أن مبادئ نظام الحكم الدستورى التى تتلخص فى:

1 - المحافظة على الحرية الشخصية بكل أنواعها .

2 - الشورى .

3 - استمداد السلطة من ألأمة .

4- مسئولية الحاكم أمام شعبة وضرورة محاسبته على ما يعمل من أعمال .

5 - ضرورة بيان حدود كل سلطة من السلطات هو أقرب نظم الحكم القائمة فى العالم كله الى الإسلام ."مشكلاتنا الداخلية فى ضوء النظام الإسلامي"

ويعتبر الإخوان المسلمون أنفسهم دعاة الي الله تعالي بالحكمة والموعظة الحسنة ، ويستهدفون من خلال دعوتهم تطبيق شرع الله كما أمر ، وذلك من خلال الوسائل السلمية المتاحة وعبر المؤسسات الدستورية القائمة ، ولا يسعي الإخوان الي الحكم طلبا له وأملا فيه كما يفعل الكثير من الناس هذه الأيام .

وليس الحكم ولن يكون هدفا للإخوان المسلمين ، غير أنه اذا جاءهم عن طريق صناديق الاقتراع الحر النزيه فإنهم لا يرفضونه من منطلق أنهم أصحاب برنامح إصلاحي ذي مرجعية إسلامية ، ويعتبرون ذلك مسئولية كلفوا بها من قبل الشعب والمسئولية في فهمهم أمانة وتكليف وليست وجاهة وتشريفا .

ويرى الإخوان ، أن المخاوف والشكوك التي يثيرها البعض - بقصد أو بغير قصد - حول الحكومة الدينية بالشكل الذي عرفه العالم عن الكنيسة في العصور الوسطي ، ليس لها وجود في الإسلام ولا في فكر الإخوان المسلمين كما أوضحوا ذلك في كثير من كتبهم ورسائلهم . فالحكومة التي تلتزم تطبيق شرع الله تعالي بكماله وشموله هي حكومة مدنية ذات مرجعية اسلامية ، بمعني ان نظامها السياسي يعتمد الشوري الملزمة ، ولا يتحكم فيها رجال دين ، وتقيم العدل وتصون الحريات العامة ، وتقر التعددية السياسية ، وللشعب حق مساءلتها وتعيينها وعزلها .. "بيان الإخوان بتاريخ 18 يونيو 1994".


رابعاً: الشورى والتعددية السياسية فى فكر جماعة الإخوان المسلمين

أحد اجتماعات مجلس شوري الجماعة

مع عدم الخوض فى التعريف المستقر لكلمة " الديمقراطية " والتى تعارف الناس الآن على أنها تعبير عن حق الشعب فى حكم نفسه واختيار حكامه وأسلوب الحكم الذى يحكم به ، فإن جماعة الإخوان المسلمين - تأكيدا لهذا المبدأ - تحرص على إعلان التزامها أمر الله عز وجل والذى ورد فى سورة الشورى" والذين استجابوا لربهم ، وأقاموا الصلاة ، وأمرهم شورى بينهم ومما رزقناهم ينفقون " ، وتعلن أنها تحرص على إطلاق مسمى الشورى من جديد ليكون التعبير الإسلامى لأسس العلاقة فى المجتمع المسلم باعتباره مسمى قرآنيا خالداً :

وتوقن جماعة الإخوان المسلمين أن الأمة هى مصدر السلطات - فى إطار شرع الله وضوابطه - وأن الشعب هو الذى له الحق أن يولى باختياره الصحيح من يرتضى دينه وأمانته وعلمه وكفاءته ليقوم على ما يحدده له من أمور الدولة .

والجماعة ترى - مع التسليم بأن القرآن الكريم والسنة المطهرة هما الدستور الأسمى لحكم المسلمين ، ولا يعتد ولا يقبل ما يخالف ايهما - فإن الأمة لابد أن يكون لها دستور مكتوب ، تضعه وتتفق عليه ، تأخذه من نصوص الشريعة الغراء ثم من مراميها وغاياتها وقواعدها الكلية ، فيتضمن ما يحقق توازنا بين اختصاصات مختلف المؤسسات التى تدير الدولة ، كما يتضمن من القواعد والأحكام ما يصوب ويحفظ الحريات العامة والخاصة لكل الناس من مسلمين وغير مسلمين ، ويجعل الحكم شورى استمدادا من سلطة الأمة ويحدد مسئولية الحكام أمام الشعب ، وكيفية محاسبتهم ، وتصويبهم وتقويم اعوجاجهم بطريقة سليمة ناجحة إذا ما قصروا ، وإبدالهم إذا لزم الأمر ، وهذا يقتضى وجود مجلس نيابى له سلطات تشريعية ورقابية ذات فعالية تتمثل فيه الإرادة الشعبية الحقيقية نتيجة انتخابات حرة نزيهة وتكون قراراته ملزمة .

كما ان الجماعة ترى - باعتبار ان رئيس الدولة ما هو إلا وكيل عن الشعب - انه يجب أن تكون رئاسة الدولة لمدة محددة ولا يجوز تجديدها إلا لأمد محدد ، وذلك ضمانا لعدم الطغيان.

كما أن الجماعة تؤمن بتعدد الأحزاب فى المجتمع الإسلامى ، وأنه لا حاجة لأن تضع السلطة قيودا من جانبها على تكوين ونشاط الجماعات والأحزاب السياسية ، وإنما يترك لكل فئة ان تعلن ماتدعو اليه وتوضح منهجها مادامت الشريعة الإسلامية هى الدستور الأسمى وهى القانون الذى يطبقه القضاء المستقل المحصن بعيدا عن أى سلطة أو جهة - والمؤهل فكريا وعلميا وثقافيا - فإن فى ذلك ما يكفى لضمان سلامة المجتمع واستقامته على الطريق السوى ، وإتخاذ الإجراء الشرعى المناسب تجاه من يخرج عن المبادىء الأساسية التى لا خلاف فيها بين علماء وفقهاء المسلمين والتى تعتبر المقومات الأساسية للمجتمع .

وعلى هذا الأساس فان الجماعة ترى أن قبول تعدد الأحزاب فى المجتمع الإسلامى على النحو السالف يتضمن قبول تدوال السلطة بين الجماعات والأحزاب السياسية وذلك عن طريق انتخابات دورية.. "بيان الجماعة بتاريخ 18 يونيو 1994 ، بيان للناس 30 أبريل 1995"


خامساً: الإخوان المسلمون وفكرة الخلافة

والإخوان المسلمون يجعلون فكرة الخلافة والعمل لإعادتها فى رأس مناهجهم ، وإن كان ذلك فى نظرهم يحتاج الى كثير من التمهيدات الضرورية من قبيل التعاون الثقافى والاجتماعى والاقتصادى بين الشعوب الإسلامية ، ثم يلى ذلك تكوين الأحلاف والمعاهدات ، وعقد المجامع والمؤتمرات بين هذه البلاد ، ثم يلى ذلك تكوين عصبة الأمم الإسلامية ، حتى إذا تم ذلك للمسلمين نتج عنها الاجتماع على " الإمام " واسطة العقد ، ومجمع الشمل ، ومهوى الأفئدة ، وظل الله فى الأرض .

والإخوان المسلمون يرون فى الهيئات الإسلامية على اختلاف ميادينها ، أنها تعمل لنصرة الإسلام ، ويتمنون لها النجاح، ويجعلون من منهاجهم التقرب منها والعمل على جمعها وتوحيدها حول فكرة الإسلام العامة ، لا يباعد بينهم وبين هذه الهيئات رأى فقهى أو خلاف مذهبى ، فدين الله يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه.. "رسالة المؤتمر الخامس"

والإخوان المسلمون حريصون دائما على توضيح فكرهم ، ومصارحة الناس بغاياتهم ، وتجلية منهاجهم فى غير لبس ولا غموض ، لثقتهم فى الله أولا ثم فى سمودعوتهم وبراءتها ونزاهتها وتجاوزها المطامع الشخصية والأهواء والأغراض ، فهم لا يسألون الناس شيئا ويلتمسون الأجر والثواب من الذى فطرنا وفطر الناس جميعاً . يحدوهم فى ذلك عاطفة حب خالصة لقومهم - وكل المسلمين قومهم - ولله الفضل والمنة .


سادساً: الإخوان والإصلاح

يري " الإخوان المسلمون " أن الاصلاح السياسي هو المدخل الحقيقي والأساسي لكافة أنواع الاصلاح الأخرى " ، ويتلخص هذا الاصلاح في ضرورة إجراء انتخابات تشريعية تكفل لها كافة ضمانات الحيدة والنزاهة وتشرف عليها السلطة القضائية اشرافا كاملا بدءا بإعداد كشوف جديدة للناحبين ومرورا بتوقيع كل ناخب قرين اسمه في كشوف الإدلاء بالأصوات وانتهاء بفرز واعلان نتائج الفائزين .

إن الإخوان يؤملون كثيرا من وراء إيجاد مجلس نيابي يعبر بحق وصدق عن توجهات الشعب وآماله وطموحاته ليكون قادرا علي الرقابة الحقة دون تراخ او قيود . ولكي يصدر في تشريعاته ايضا عن هوية هذه الامة وقيمها وتراثها الخالد ويعبر عن إرادة الشعب ومصالحة الحقيقية .

ويشارك الإخوان المسلمون كافة القوي والأحزاب السياسية في البلاد ضرورة إيقاف العمل بقانون الطوارئ والغاء كافة القوانين الاستثنائية المقيدة للحريات والموسومة بأنها سيئة السمعة حتي يستطيع الشعب أن يمارس دوره المنوط به ، ولكي يخرج من عزلته للمساهمة في صنع حاضره وبناء مستقبله بشكل لائق .

لقد هيأ الإخوان أنفسهم وأعلنوا استعدادهم الالتزام بقواعد الديمقراطية ، ورغم أنه لا توجد موانع دستورية أو قانونية من أن يكون للإخوان حزبهم ووجودهم الدستوري والقانوني إلا أن غيرهم ومن فى السلطة الحاكمة لا يريدون أن يفسحوا للإخوان ولو موطئ قدم داخل التجربة الديمقراطية ، واضح ذلك من تصريحات رئيس الجمهورية وتكرار ترديده لمقولة أنه لا يمكن أن يكرر تجربة الجزائر ، مع الفارق الكبير بين مصر والجزائر .

ومن بين الاتهامات العجيبة التي تثيرها بعض الأقلام ضد الإخوان المسلمين اتهامهم بالحض علي كراهية نظام العام للدولة او نظام الحكم .

وبداية يقرر الإخوان المسلمون أنهم يفرقون بين النظام العام للدولة وما يرتكز عليه من دستور وقوانين ، وبين ما يقع من ممارسات بعض الأفراد والرموز والهيئات التابعة للسلطة الحاكمة والتي تتعارض مع النظام العام للدولة نفسه .

فمن منطلق المادة الثانية من الدستور التي تنص علي ان الإسلام دين الدولة ، واللغة العربية هي اللغة الرسمية للبلاد ، والشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع ، يسقط علي الفور إدعاء إتهام الإخوان بالحض علي كراهية الأساس الذي يقوم عليه النظام العام . هذا فضلا عن أن الإخوان المسلمين يقدرون أن تكون للدولة مؤسساتها ، وأن يكون هناك فصل واضح بين السلطات ، وأن النظام السياسي القائم علي التعددية يقي الشعوب من أخطار الدكتاتورية والاستبداد .

صحيح أن هناك مواد في الدستور تحتاج الي تعديل ، وأن هناك أيضا قوانين يجب ان تتواءم مع الدستور ، لكن الإخوان يوقنون أن هذه التعديلات يحب أن تكون بالوسائل السلمية ومن خلال المؤسسات الدستورية ، وعبر صناديق الانتخاب حيث يقول الشعب كلمته وتحترم ارادته ، وهذا ما مارسه الإخوان خلال وجودهم في مجلس الشعب . وكيف يستقيم القول بالحض علي كراهية النظام العام وتعطيل أحكام الدستور مع المشاركة الواسعة في كل انتخابات عامة !؟

من ناحية اخري لا يتواني الإخوان المسلمون عن القيام بفريضة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وبالأسلوب الذي يتفق وطبيعة هذا الدين وهو الحكمة والموعظة الحسنة تجاه كل ما يخالف الإسلام من ممارسات.. "بيان الإخوان بتاريخ 18 يونيو 1994"


سابعاً: الإخوان وقضية العنف والإرهاب

سبق أن أوضح الإخوان موقفهم من هذه القضية بكل الصراحة والوضوح وهو : أنهم يدينون العنف ويستنكرونه ويرفضون كل أشكاله وصوره وأيا كانت مصادره وبواعثه ، وذلك علي اساس فهمهم لقيم الإسلام ومبادئه وتعاليمه . كما سبق وأكد الإخوان مرارا علي ضرورة إيقاف أعمال العنف والعنف المضاد من منطلق وقاية البلاد من نزيف الدم الذي حرمه الله والحفاظ علي المجتمع من الانهيار الاجتماعي والخراب الاقتصادي والذي لن يستفيد من ورائه إلا أعداء الإسلام وخصوم المسلمين .

من ناحية أخري فقد أثرت حلقات العنف والعنف المضاد علي الدعوة الإسلامية وأضرت بها ضرراً بالغاً ، حيث أنه من المعلوم أن الدعوة لا تنمو في ظل مناخ يسيطر عليه الهلع والفزع ولا يقبل عليها الشباب في جو يسوده التوتر . كما فتحت أعمال العنف المضاد أبوابا من المفاسد والفتن والشرور ، وأتاحت الفرصة لأجهزة الاستخبار الأجنبية لمحاولات إتمام مخططاتها في إشاعة البلبلة ، وضرب الوحدة الوطنية وتعريض السلام الاجتماعي للخطر . كما استغلت بعض فصائل العلمانية أعمال العنف في تسديد نيران مدافعها وقذائفها صوب الإسلام وأهله بزعم مكافحة وتحت ستار محاربة التطرف ، كما أنها توسعت في دوائر الاتهام بالإرهاب والتطرف ( لتشمل فى مصر ) الأزهر ورجاله ، بل وإمامه الأكبر شيخ الجامع الازهر السابق رحمه الله رحمة واسعة .

وبرغم هذا فقد أدي الإخوان المسلمون دورهم بالنسبة لهذه القضية علي أكمل وجه ممكن ، وبما تتيحه طاقاتهم وإمكاناتهم ، فعقدوا لذلك العديد من الندوات والمحاضرات والمؤتمرات واللقاءات العامة ، واصدروا البيانات والنشرات والكتيبات لتوعية المواطنين (وبخاصة الشباب) وتنبيه الرأي العام لمخاطر العنف والعنف المضاد وأثره السلبي علي أمن واستقرار مصر ، فضلا عن دورها الريادي تجاه امتها العربية والإسلامية ، كما أن الإخوان حالوا - من خلال التربية المستمرة والتوجيه المباشر للشباب - دون وقوع عشرات الآلاف منهم في براثن أعمال العنف ، وكم لهذا آثاره وانعكاساته البعيدة المدي علي تحجيم هذه الاعمال وعدم تناميها وانتشارها .

وقد ظهر للشعب المصري ، بل وللعالم كله في شتي بقاع الارض ما تحمله دعوة الإخوان المسلمين من حكمة واعتدال وبعد نظر وحرص علي إسعاد البشر ، كل البشر ، ولم يحدث خلال الأزمات الماضية والحالية علي كثرتها - والتي كان من الممكن أن تعصف بأمن الوطن واستقراره - أن استغل الإخوان اية فرصة لتصفية حسابات ، أو ممارسة أي عمل من أعمال العنف ( ولو علي المستوي الفردي ) ، أو عقد اتفاقات أو تشجيع ممارسات من شأنها أن تضر بالصالح العام ، بل كانوا حريصين كل الحرص علي أمن وسلامة وطنهم وهدوء واستقرار مجتمعهم ، وذلك من منطلق إيمانهم بربهم ، وحبهم لإسلامهم والتزامهم بأصول دعوتهم.. "بيان الإخوان بتاريخ 18 يونيو 1994"

وقد تعددت البيانات الصادرة عن الجماعة والتى تدين العنف وتعبر فيها عن رأيها فى هذا الخصوص . وقد قامت كل الصحف فى مصر الحكومية والحزبية بنشرها فى حينها إما كاملة أو مقتطفات منها ، بحيث لم يعد فى مصر أحد يجهل رأى الإخوان فى هذه القضية .

وكان من ابرز البيانات التى صدرت ، ذلك البيان الجامع الصادر فى 30 من ذى القعدة 1415 هـ /30 من أبريل 1995مـ ، والذى جاء فيه :

" لقد أعلن الإخوان المسلمون عشرات المرات خلال السنوات الماضية أنهم يخوضون الحياة السياسية ملتزمين بالوسائل الشرعية والأساليب السلمية وحدها ، مسلحين بالكلمة الحرة الصادقة ، والبذل السخى فى جميع ميادين العمل الاجتماعي .. مؤمنين بأن ضمير الأمة ووعى ابنائها هما فى نهاية الامر الحكم العادل بين التيارات الفكرية والسياسية التى تتنافس تنافسا شريفا فى ظل الدستور والقانون ، وهم لذلك يجددون الإعلان عن رفضهم لأساليب العنف والقسر لجميع صور العمل الإنقلابى الذى يمزق وحدة الأمة ، والذي قد يتيح لأصحابه فرصة القفز على الحقائق السياسية والمجتمعية ، ولكنه لا يتيح لهم أبداً فرصة التوافق مع الإرادة الحرة لجماهير الأمة ... كما أنه يمثل شرخا هائلا فى جدار الاستقرار السياسى ، وانقضاضا غير مقبول على الشرعية الحقيقية فى المجتمع .

وإذا كان جو الكبت والقلق والاضطراب الذى يسيطر على الأمة قد ورط فريقا من أبنائها فى ممارسة إرهابية روعت الأبرياء وهزت امن البلاد ، وهددت مسيرتها الاقتصادية والسلمية ، فإن الإخوان المسلمين يعلنون - فى غير تردد ولا مداراه - أنهم برءاء من شتى أشكال ومصادر العنف ، مستنكرون لشتى أشكال ومصادر الإرهاب ، وأن الذين يسفكون الدم الحرام أو يعينون على سفكه شركاء فى الآثم ، واقعون فى المعصية ، وأنهم مطالبون فى غير حزم وبغير إبطاء أن يفيئوا الى الحق ، فإن المسلم من سلم الناس من لسانه ويده ، وليذكروا - وهم فى غمرة ماهم فيه - وصية الرسول صلى الله عليه وسلم فى حجة وداعه " أيها الناس إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم الى يوم القيامة كحرمة يومكم هذا فى عامكم هذا فى بلدكم هذا " .

أما الذين يخلطون الأوراق عامدين ، ويتهمون الإخوان ظالمين ، بالمشاركة فى هذا العنف والتورط فى ذلك الإرهاب ، متعللين فى ذلك ، بإصرار الإخوان على مطالبة الحكومة بألا تقابل العنف بالعنف ، وأن تلتزم بأحكام القانون والقضاء ، وأن تستوعب دراستها ومعالجتها لظاهرة العنف جميع الأسباب والملابسات ولا تكتفى بالمواجهة الأمنية - فإن إدعاءاتهم مردودة عليهم بسجل الإخوان الناصع كرابعة النهار على امتداد سنين طويلة شارك الإخوان خلال بعضها فى المجالس والنيابية والانتخابات التشريعية ، واستبعدوا خلال بعضها الآخر عن تلك المشاركة ، ولكنهم ظلوا على الدوام ملتزمين بأحكام الدستور والقانون ، حريصين على أن تظل الكلمة الحرة الصادقة سلاحهم الذى لا سلاح غيره ، يجاهدون به فى سبيل الله ( لا يخافون لومة لائم ) .

والأمر فى ذلك كله ليس أمر سياسة أو مناورة ، ولكنه أمر دين وعقيدة ، يلقى الإخوان المسلمون عليهما ربهم (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم)

الإخوان المسلمون 30 من ذى القعدة 1415 هـ - الموافق 30 من أبريل 1995م


شهادة حسنى مبارك

ولعله من المناسب هنا أن نورد شهادات للمسئولين الرسميين فى مصر عن موقف جماعة الإخوان المسلمين من هذه القضية ، يثبت كذب كل ما يقال عنهم بعد ذلك :

فقد صرح الرئيس محمد حسني مبارك لجريدة " لوموند " الفرنسية أثناء زيارة له لفرنسا سنه 1993 ، بتصريح نشرته الصحف المصرية وفى مقدمتها جريدة الأهرام بتاريخ 1 / 11 / 1993 قال فيه :" إن هناك حركة إسلامية فى مصر تفضل النضال السياسى على العنف ، وقد دخلت هذه الحركة بعض المؤسسات الاجتماعية واستطاعوا النجاح فى انتخابات النقابات المهنية مثل الأطباء والمهندسين والمحامين " .

إقرأ نص الحوار:
نص الحوار في جريدة الجمهورية عام 1993م


شهادة وزير الداخلية

ولم يكن رئيس الجمهورية هو الوحيد من رجال السلطة الذى أكد انقطاع أى صلة للإخوان بالعنف والإرهاب ، بل إن وزير الداخلية الحالى اللواء حسن الألفى فى مؤتمره الصحفى الذى عقده ، ونشرت وقائعه بتاريخ 14 من أبريل سنة 1994 ، سٌئل عن علاقة الإخوان بتنظيم الجهاد أو الجماعة - وهما المنظمتان اللتان يتهمهما النظام باستخدام العنف - فكان رده :" الإخوان جماعة لا يرتكب أفرادها أعمال عنف ، بعكس تلك التنظيمات الإرهابية .. "جريدة الجمهورية ، وجريدة الأهرام ، عدد 14/4/1994م .

شهادة خبير الأمم المتحدة

كما أكد ذلك الخبراء والمختصين فى هذا المجال وعلى رأسهم خبير الإرهاب الدولي المصرى بالأمم المتحدة اللواء أحمد جلال عز الدين - والذى قام الرئيس مبارك بتعيينه عضوا بالبرلمان عام 1995 ضمن العشرة الذين يحق لرئيس الجمهورية تعيينهم - حيث صرح فى مقابلة موسعة له عن " الإرهاب والتطرف " مع جريدة " الأنباء " الكويتية :" أن الإخوان المسلمون حركة دينية سياسية ليس لها صلة بالإرهاب والتطرف " ، " وأن الإخوان فى نظر عدد كبير من تنظيمات العنف يعتبرونهم متخاذلين وموالين للسلطة ومتصالحين معها ... "العدد 6560 من جريدة الأنباء الكويتية الصادر فى 13/8/1994

كما أن الدكتور مصطفى الفقي مدير مكتب الرئيس حسني مبارك لشئون المعلومات ، قد أعلن فى مؤتمر الإدارة العليا بالأسكندرية " نحن نقبل مشاركة التيار الإسلامى المعتدل ، والمتمثل فى جماعة الإخوان المسلمين ومنحها الشرعية بشروط ، أبرزها إعلانهم نبذ العنف ومقاومته علناً ، وقبول مبدأ الديمقراطية بكل صيغها ، وفى مقدمتها تداول السلطة والأحزاب والحوار".. "صحيفة الوفد المصرية فى 1/11/1993" .


ثامناً: الإخوان والتنظيمات السرية

ليس لدي الإخوان المسلمين أية تنظيمات سرية أو النية لعمل تنظيمات تعمل تحت الأرض بعيدا عن الأعين . فليس هذا من منهاجهم أو توجههم فضلا عن أن العمل السري يضر بالعمل الدعوي.

فأما أن التنظيمات السرية لا تتفق ومنهج الإخوان فذلك واضح من خلال حركتهم ونشاطاتهم في مجالات كثيرة ومتعددة عبر العقود الأخيرة ، كما أن لافتاتهم وملصقاتهم موضوعة في كل مكان من أرض مصر شاهدة علي أنهم يعملون في وضح النهار وأنهم موجودون وسط الميدان يعيشون مع الناس ويمتزجون بهم ويشاركونهم أفراحهم وأتراحهم .

لقد دخل الإخوان المسلمون انتخابات مجلس الشعب في عامي 84 ، 87 ، كما أنهم خاضوا انتخابات مجلس الشوري عام 1989 ، والمحليات عام 1992 ، هذا فضلا عن الانتخابات المتعاقبة للنقابات المهنية المختلفة .

وكان تحرك الإخوان في هذه الإنتخابات جميعها علنيا وظاهرا وبارزا بشعاراتهم وهتافاتهم ولقاءاتهم وبياناتهم . وهم الآن موجودون في النقابات المهنية المختلفة ونوادي هيئة تدريس الجامعة ، والجمعيات والمجالس المحلية ، ومن خلال الانتخابات النزيهة الحرة .

ولا يستطيع أن ينكر أحد دورهم في مجالس الشعب عامي 84 ، 87 وتكوينهم لتكتل نيابى باسم جماعة الإخوان المسلمين ، وكيف أنهم اثروا الحياة النيابية بافكارهم وآرائهم وتوجيهاتهم في كل الاتجاهات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، ولذلك كان لمجلس الشعب في هذين الفصلين التشريعيين مكانته ونصيبه في اهتمامات الناس .

ولم يتخلف الإخوان المسلمون يوما ما عن الإدلاء بدلوهم وتبيان آرائهم ومواقفهم في أية قضية محلية أو إقليمية أو دولية .

فلماذا بعد كل هذا يلجأ الإخوان لعمل تنظيمات سرية؟

وأما أن التنظيمات السرية تضر بالعمل الدعوي فهذا يرجع الي أن التنظيمات السرية تعمل في الظلام ، والظلام بطبيعته يستحيل معه - مهما كانت القيادة نشطة وواعية ومتحركة وجادة - متابعة كل الأفراد (خاصة إذا كان عددهم عظيما) من حيث العقيدة والأفكار والسلوكيات والأخلاق ، ومدي مطابقة هذا من عدمه مع العقيدة الصحيحة ، والأفكار الأصيلة للدعوة ، والسلوكيات والأخلاق الأساسية للإسلام .

ولان الإخوان المسلمين ينتمون إلي أهل السنة والجماعة ويعتبرون أنفسهم جماعة من المسلمين فإن عقيدتهم وفكرتهم من حيث النقاء والأصالة لا تشوبها شائبة ، كما أن مناهجهم واضحة ومتميزة من حيث اعتمادها علي الكتاب والسنة والفهم الصحيح الذي أجمع عليه أهل العلم الثقات وبالتالي فهم حريصون علي الا تشوه دعوتهم من قبل فرد أو مجموعة ، ومخافة أن تنحرف الدعوة عن مسارها الأصلي ينبذ الإخوان المسلمون العمل السري ويرونه خطرا علي دعوتهم وعلي أفرادهم .

إن العمل الدعوي في وضح النهار يكشف في وقت مبكر وبدون عناء أي انحراف يصيب العقيدة أو الفكر ، كما انه يفضح أي سلوك يخالف تعاليم الإسلام وهديه وحتي لو حدث هذا فإنه يمكن معالجته سريعا وبشكل ميسور ، أو أن تنفي الدعوة عن نفسها الخبث فتتخلص مما يريد أن يعلق بها .

غير أن بعض الكتاب من غير المنصفين يحاول الآن وبشكل مبتسر إيهام الرأي العام بأن جماعة الإخوان صاحبة تاريخ عريق في التنظيمات السرية وأعمال الاغتيالات ... الخ ، مستشهدين ببعض الأعمال الفردية التي انزلق اليها افراد من النظام الخاص في الأربعينات والتي ادانتها قيادة الإخوان في حينها .

ومن الحق والإنصاف القول بأن ظروف البلاد في الأربعينات ومطلع الخمسينات من هذا القرن اقتضت أن يشكل الإخوان - كغيرهم من الجماعات الوطنية فى ذلك الوقت - نظاما من بعض الافراد المحبين للتضحية والاستشهاد للقيام بعمليات جهادية ضد المحتل الإنجليزي الغاصب الذي كان جاثما علي صدر مصر ، وأيضا عصابات صهيون التي كانت ولا تزال تعربد بكل الوحشية والإجرام في أرض فلسطين ، وقد أدي هذا النظام الخاص دوره علي أروع ما يكون الأداء حيث شهدت ضفاف القناة وثري أرض المسلمين بطولات خارقة وأعمال استشهادية فذة للإخوان المسلمين يفخر به كل غيور علي بلاده ، وقد انتهي النظام الخاص بانتهاء مسببات قيامه منذ اكثر من اربعين سنة ولم يعد له وجود الا الذكري .

الإخوان المسلمون 30 من ذى القعدة 1415ه - 30 من أبريل 1995م


تاسعاً: الإخوان والعلم

تؤمن جماعة الإخوان المسلمين أن الاستخلاف فى الأرض الذى أوكله الله سبحانه وتعالى لآدم وذريته ، يقتضى أن يبذل المؤمن كل الجهد لإعمار هذا الكون ، وأن من أولويات هذا الجهد ، التعرف على ما أودع الله هذا الكون من علوم وطاقات وتسخيرها عن طريق العلم والعلماء لإتمام مهمة الاستخلاف واعتبار هذه المهمة عبادة

ولم يغفل الامام الشهيد حسن البنا رحمه الله هذا الجانب ، بل عد إهمال العلوم المعملية والمعارف الكونية وصرف الأوقات وتضييع الجهود فى فلسفات نظرية عقيمة وعلوم خيالية سقيمة - فى حين أن الإسلام يحث المسلمين على النظر فى الكون وإكتناه أسرار الخلق والسير فى الأرض ويأمرهم أن يتفكروا فى ملكوت الله : " قل انظروا فى ملكوت الله " - من عوامل التحلل الذى تسرب الى كيان الدولة الإسلامية .. "رسالة بين الأمس واليوم"

وقد عنى الإمام الشهيد بتأكيد هذا المعنى فى أكثر من موضع من منهاج الجماعة ، حيث قال : " كما تحتاج الأمم الى القوة تحتاج كذلك الى العلم الذى يؤازر هذه القوة ويوجهها أفضل توجيه ، ويمدها بما تحتاج اليه من مخترعات ومكتشفات ، والإسلام لا يأبى العلم ، بل يجعله فريضة من فرائضه كالقوة ويناصره ، وحسبك أن أول آية نزلت من كتاب الله تعالى :" اقرأ باسم ربك الذى خلق ، خلق الإنسان من علق ، اقرأ وربك الأكرم الذى علم بالقلم ، علم الإنسان مالم يعلم "

ولم يفرق القرآن بين علم الدنيا وعلم الدين ، بل أوصى بهما جميعاَ ، وجمع علوم الكون فى آية واحدة ، وحث عليها وجعل العلم بها سبيل خشيته وطريق معرفته ، فذلك قول الله تعالى :" الم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلف ألونها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف الوانها وغرابيب سود ، ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك ، إنما يخشى الله من عباده العلماء " فاطر .. (رسالة نحو النور)

ويقول الإمام الشهيد : " نحن نلمس أن هذا المجتمع الإنساني لن يصلحه إلا اعتقاد روحي يبعث فى النفوس مراقبة الله عز وجل والتعزي بمعرفته ، ومن هنا كان لزاماً على الناس أن يعودوا الى الإيمان بالله وبالنبوات وبالروح وبالحياة الآخرة ، وبالجزاء فيها على ألأعمال " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره " . كل هذا فى الوقت الذى يجب عليهم فيه أن يطلقوا لعقولهم العنان ، لتعلم وتعرف وتخترع وتكتشف وتسخر هذه المادة الصماء وتنفع باقى الوجود من خيرات وميزات : " وقل ربى زدنى علما " والى هذا اللون من التفكير الذى يجمع بين العقليتين الغيبية والعلمية ندعو الناس .. "رسالة دعوتنا فى طور جديد"

ويقول : " الإسلام يحرر العقل ، ويحث على النظر فى الكون ، ويرفع قدر العلم والعلماء ، ويرحب بالصالح والنافع من كل شىء . و " الحكمة ضالة المؤمن أنَى وجدها فهو أحق الناس بها " .

ثم يضع قاعدة ذهبية لتكون ميزانا للعلم والإيمان : " وقد يتناول كل من النظر الشرعى والنظر العقلى مالا يدخل فى دائرة الآخر ، ولكنهما لن يختلفا فى القطعى . فلن تصطدم حقيقة علمية صحيحة بقاعدة شرعية ثابتة ، ويؤول الظنى منهما ليتفق مع القطعى ، فإن كانا ظنيين فالنظر الشرعى أولى بالإتباع حتى يثبت العقلى أو ينهار " .. "الأصلين الثامن عشر والتاسع عشر من الإصول العشرين" .


عاشراً: الإخوان والوحدة الوطنية

أباحت الشريعة الإسلامية لغير المسلمين حرية العقيدة والعبادة وإقامة الشعائر ، وحرية الأحوال الشخصية وعملت علي صيانة ذلك الي ابعد مدي .

وتؤكد رسائل الإمام البنا وكتابات الإخوان عامة علي هذا المفهوم كما تعمل علي تعميقه بين الناس من منطلق القاعدة التي اتفق عليها الفقهاء قديما  : لهم مالنا وعليهم ما علينا .

وتعتبر علاقة الإخوان بالنصاري قديما وحديثا نموذجا فريدا وطرازا متميزا يدل علي الصلة القوية بينهم ، ولم يحدث يوما ما من الممارسات ما يعكر صفو هذه العلاقة ، ولعلنا نذكر كيف طالب البعض القساوسة من قنا جنوب مصر في الاربعينات رئيس وزراء مصر في هذا العهد بتطبيق الشريعة الإسلامية بعد ان استمعوا الي محاضرة للامام البنا هناك حول مزاياها وما تتضمنه من حقوق وأمن واستقرار لغير المسلمين .

ويري الإخوان ان المواطنة أو الجنسية التي تمنحها الدولة لرعاياها قد حلت محل مفهوم ( أهل الذمة ) ، وأن هذه المواطنة أساسها المشاركة الكاملة والمساواة التامة في الحقوق والواجبات ، مع بقاء مسألة الاحوال الشخصية من " زواج وطلاق ومواريث ..." طبقا لعقيدة كل مواطن .

وبمقتضي هذه المواطنة وحتي لا يحرم المجتمع من قدرات وكفاءات أفراده - يري الإخوان ان للنصاري حق في أن يتولوا - باستثناء منصب رئيس الدولة - كافة المناصب الاخري من مستشارين ومدراء ووزراء .

ويمثل النصاري مع المسلمين في مصر نسيجا اجتماعياً وثقافياً وحضارياً واحداً تداخلت خيوطه وتآلفت الوانه وتماسكت عناصره .

الإخوان المسلمون 30 من ذى القعدة 1415ه - 30 من أبريل 1995


حادى عشر: الإخوان والمرأة

مكانة المرأة

الحاجة زينب الغزالي نموذج فريد للمرأة المسلمة في نشاطها وتضحيتها

المرأة فى فهم الإخوان المسلمين هى الأم التى ورد فى شأنها الأثر الكريم أن الجنة تحت أقدام الأمهات.

وهى الأبنة والاخت التى تولد كما يولد أخوها الذكر من ذات الصلب ومن نفس الرحم، وهى الزوجة التى هى سكن للرجل والرجل سكن لها، وهى نصف المجتمع ونصف الأمة والقائمة على تنشئة كل الجيل اللاحق من الرجال والنساء وتوجيهه وإصلاحه وغرس المبادىء والعقائد فى النفوس .

ومسئولية المرأة الإيمانية كالرجل سواء بسواء ، فهى مسئولة عن تصديقها وإيمانها بالله والرسول ، وإن خالفها أقرب الناس من أب أو أخ أو زوج فى ذلك .

وهى مأمورة كالرجل بالايمان بالله واليوم الآخر والكتاب النبيين والملائكة ... ، ومأمورة بإقامة الصلاة وأيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله إنا استطاعت الى ذلك سبيلاً ، ويقع عليها واجب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وعليها واجب الولاية العامة لجماعة المسالمين .

وعلى المرأة ماعلى الرجل من التفقه فى أحكام الدين ، لما تحتاج اليه فى شئون حياتها وللنذارة والتبليغ عن الرسول صلى الله عليه وسلم .

والحدود المنصوص عليها فى الشريعة الغراء واحدة بالنسبة للرجل والمرأة فالسارق كالسارقة .... والمحارب لله ورسوله كالمحاربه .

ونفس المرأة فى القصاص كنفس الرجل ، والمرأة القاتلة كالرجل القاتل ، والمرأة القتيل كالرجل القتيل ..... ولا يصح زواج فى شريعة الله الا بموافقة المرأة ورضاها وإجازتها ، ولا يجوز شرعا إجبارها على الزواج ممن لا ترضاه، وللمرأة ذمة مالية كاملة لا تنقص شيئا عن ذمة الرجل المالية ....

فالأصل هو المساواة بين الرجل والمرأة والاستثناءات ترد من لدن العليم الخبير الذى هو الخالق والأعلم بمن خلق .

حق المرأة فى المشاركة فى إنتخاب أعضاء المجالس النيابية وما ماثلها، وترى جماعة الإخوان المسلمين أنه ليس ثمة نص فى الشريعة الغراء يحجب ان تشارك المرأة فى هذا الأمر ، بل إن قوله تبارك وتعالى " والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر " - وغيره من الآيات الكريمة المشابهة - يتضمن تكليفا للمرأة هى تؤديه فى إختيار أهل الحل والعقد على وجه شرعى .


تولى المرأة مهام عضوية المجالس النيابية ومايماثلها

ترى الجماعة أن ليس فى النصوص المعتمدة مايمنع من تولى المرأة مهام عضوية المجالس النيابية ، وما ورد من نصوص تؤيد مشاركتها فى الانتخاب ينطبق على انتخابها عضوأً .


تولى المرأة الوظائف العامة

الولاية العامة المتفق على عدم جواز أن تليها المرأة هى الإمامة الكبرى ، ويقاس على ذلك رئاسة الدولة فى أوضاعنا الحالية، أما القضاء فقد اختلف الفقهاء بشأن تولى النساء له ، فمنهم من أجازه على ألإطلاق (الطبرى وابن حزم) ومنهم من توسط فأجازه فى أنواع من القضايا ومنعه فى أخرى (الامام أبو حنيفة رضى الله عنه) ، ومادام الأمر موضع إجتهاد فالترجيح طبقا للأصول الشرعية أمر وارد ، ثم ابتغاء مصلحة المسلمين طبق ضوابطها الشرعية وطبقا لظروف المجتمع وأحواله امر وارد أيضاً .

أما ماعدا ذلك من الوظائف العامة ، فمادام أن للمرأة شرعا أن تعمل فيما هو حلال لم يرد به نص بتحريمه ، ومادام ان الوظيفة العامة هى نوع من العمل ، فليس ثمة ما يمنع من أن تليها . كأن تكون المرأة : طبيبة أو مدرسة أو ممرضة ، الى غير ذلك مماقد تحتاجه هى أو يحتاجه المجتمع.

ومما يجب الإشارة اليه وبإلحاح أن المثال الغربى لمعاملة المرأة ووضعها الاجتماعى والاستهانة بحياتها وعرضها ، هذا المثل من هذه النواحى مرفوض جملة وتفصيلاً وهو يقوم على فلسفة إباحية تناقض مبادىء الشريعة الغراء وأخلاقها وقيمها .. "رسالة " المرأة " الصادرة عن الجماعة فى شوال 1414 هـ / مارس 1994 مـ"


ثانى عشر: الإخوان والنظام العالمى الجديد

الإمام الشهيد حسن البنا والصحفي الأمريكي وربير جاكسون

فى سنة 1940 وقبل أن تضع الحرب العالمية أوزارها ، كان لكل طرف فى هذه الحرب رؤاه وتصوره للحياة على هذه الأرض بعد إنتهاء هذه المأساة البشرية ، وأيضا كان لجماعة الإخوان المسلمين رؤاها الخاصة وتصورها ، الذى حدده الإمام الشهيد حسن البنا فى رسالة المؤتمر السادس (يناير 1941) .

وفى هذه الأيام وبعد إنهيار الإتحاد السوفيتي ، وتفرد أمريكا بالقوة العالمية ، فإن نفس الرؤى تتكرر مرة ثانية دون تبديل أو نقصان ، ومن المفيد أن نورد هنا تصور جماعة الإخوان المسلمين - القديم .... الجديد - للنظام العالمى الجديد ، ورأيها فى التعامل معه .

تقول رسالة المؤتمر السادس: " لقد ردد الساسة جميعا كلمة " النظام الجديد " ... فهتلر يريد أن يتقدم للناس بنظام جديد ، وتشرشل يقول إن إنجلترا المنتصرة ستحمل الناس على نظام جديد ، وروزفلت يتنبأ ويشيد بهذا النظام الجديد ، والجميع يشيرون الى أن هذا النظام الجديد سينظم أوروبا ويعيد اليها الأمن والطمأنينة والسلام ، فأين حظ الشرق والمسلمين من هذا النظام المنشود ؟

نريد هنا أن نلفت أنظار الساسة الغربيين الى أن الفكرة الاستعمارية إن كانت قد أفلست فى الماضى مرة ، فهى فى المستقبل أشد فشلاً لا محالة ، وقد تنبهت المشاعر وتيقظت حواس الشعوب ، وان سياسة القهر والضغط والجبروت لم تات فى الماضى إلا بعكس المقصود منه ، وقد عجزت عن قيادة القلوب والشعوب ، وهى فى المستقبل أشد عجزاً .

وأن سياسة الخداع والدهاء والمرونة السياسية إن هدأ بها الجو حينا فلا تلبث أن تهب العاصفة قوية عنيفة . وقد تكشفت هذه السياسة عن كثير من الأخطاء والمشكلات والمنازعات ، وهى فى المستقبل أضعف من أن توصل الى المقصود .

وإذن فلا بد من سياسة جديدة ، وهى سياسة التعاون والتحالف الصادق البرىء ، المبنى على التآخى والتقدير ، وتبادل المنافع والمصالح المادية والأدبية بين أفراد الأسرة الإنسانية فى الشرق والغرب ، لابين دول أوروبا فقط ، وبهذه السياسة وحدها يستقر النظام الجديد وينتشر فى ظله الأمن والسلام .

ان حكم الجبروت والقهر قد فات ، ولن تستطيع أوروبا بعد اليوم أن تحكم الشرق بالحديد والنار . وأن هذه النظريات السياسية البالية لن تتفق مع تطور الحوادث ورقى الشعوب ونهضة الأمم الإسلامية ، ولا مع المبادىء والمشاعر التى ستطلع بها هذه الحرب الضروس على الناس .

ولسنا وحدنا الذين نقول هذا ، بل هم الساسة الأوروبيون أنفسهم ، ونحن نضع هذه النظريات أمام أعين الساسة البريطانيين والساسة الفرنسيين وغيرهم من ساسة الدول الاستعمارية ، على أنها نصائح تنفعهم أكثر مما هى مطالب تنفعنا ، فليأخذوا أو ليدعوا ، وقد وطَنًا أنفسنا على ان نعيش أحراراً عظماء أو نموت أطهاراً كرماء.

ونحن لا نطمع فى حق سوانا ، ولا يستطيع أحد أن ينكر علينا حقنا. وان خيراً لكل أمة أن تعيش متعاونة مع غيرها ، من أن تعيش متنافسة مع سواها حينا من الدهر، يندلع بعده لهيب الثورة فى البلاد المغصوبة ، وجحيم الحرب بين الدول المتنافسة "


خاتمة

وبعـد:

فلعلنا بهذه السطور نكون قد القينا الضوء على بعض الجوانب الفكرية والعملية لجماعة الإخوان المسلمين ، التى تتعرض - وخصوصا فى مصر - لحملة إقصاء وتشويه لا تخدم الدين ولا تخدم الوطن ، آملين أن يدرك الجميع حقيقة المواقف بعيداً عن الحملات الإعلامية غير الصادقة .

والله ولى التوفيق

والله أكبر ولله الحمد

رسالة الإخوان

10 ربيع الأول 1417 هـ 25 يوليو 1996م


للمزيد عن دور الإخوان في الإصلاح

كتب متعلقة

من رسائل الإمام حسن البنا

ملفات وأبحاث متعلقة

مقالات متعلقة

الإصلاح السياسي:

الإصلاح الإجتماعي ومحاربة الفساد:

تابع مقالات متعلقة

رؤية الإمام البنا لنهضة الأمة

قضايا المرأة والأسرة:

الإخوان وإصلاح التعليم:

موقف الإخوان من الوطنية:

متفرقات:

أحداث في صور

.