الفرق بين المراجعتين لصفحة: «هل العمليات الاستشهادية تضر بالسلطة الفلسطينية ؟»

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
(أنشأ الصفحة ب''''<center> هل العمليات الاستشهادية تضر بالسلطة الفلسطينية ؟</center>''' '''بقلم : الدكتور عبد العزيز الر...')
 
لا ملخص تعديل
 
(٣ مراجعات متوسطة بواسطة نفس المستخدم غير معروضة)
سطر ١: سطر ١:
'''<center> هل العمليات الاستشهادية تضر بالسلطة الفلسطينية ؟</center>'''
'''<center><font color="blue"><font size=5>هل العمليات الاستشهادية تضر بالسلطة ال[[فلسطين]]ية ؟</font></font></center>'''


'''بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي'''
'''بقلم : الدكتور [[عبد العزيز الرنتيسي]]'''


أعلم أن السلطة الفلسطينية التي قامت على قاعدة نبذ "الإرهاب" لن تقوم في يوم من الأيام بالثناء العطر على العمليات الاستشهادية و مباركتها ، بل على النقيض من ذلك و كما هو متوقع ستسارع إلى التنديد بها و استنكارها و إدانتها و اتهامها و رفضها كما يحدث في كلّ مرة ، و لكن هل هذه العمليات في واقع الأمر تضر بمصلحة السلطة الفلسطينية ؟ أم أنها فضلاً عن أنها تشكل مصلحة وطنية عليا للشعب الفلسطيني و لقضيته العدالة ، تشكّل أيضاً مصلحة ذاتية للسلطة نفسها لكي تخرج من مأزقها التي وضعت نفسها فيه ؟
[[ملف:د.عبدالعزيز الرنتيسى.jpg|تصغير|250px|يسار|'''<center>د.[[عبد العزيز الرنتيسي]]</center>''']]


و لا أدلّ على مأزق السلطة من قرارها الأخير المتمثّل بتشكيل حكومة طوارئ و إعلان حالة الطوارئ ، و كأن الأزمة أزمة فلسطينية فلسطينية و ليست صراعاً بين شعب يتطلع إلى الحرية و التحرر و عدو يسلبه ذلك .
أعلم أن السلطة ال[[فلسطين]]ية التي قامت على قاعدة نبذ "الإرهاب" لن تقوم في يوم من الأيام بالثناء العطر على العمليات الاستشهادية و مباركتها ، بل على النقيض من ذلك و كما هو متوقع ستسارع إلى التنديد بها و استنكارها و إدانتها و اتهامها و رفضها كما يحدث في كلّ مرة ، و لكن هل هذه العمليات في واقع الأمر تضر بمصلحة السلطة ال[[فلسطين]]ية ؟ أم أنها فضلاً عن أنها تشكل مصلحة وطنية عليا للشعب ال[[فلسطين]]ي و لقضيته العدالة ، تشكّل أيضاً مصلحة ذاتية للسلطة نفسها لكي تخرج من مأزقها التي وضعت نفسها فيه ؟


كلّ المعطيات على أرض الواقع تشير إلى أن السلطة قد وصلت فعلاً إلى طريق مسدود ، و مثلها في دخولها جحر أوسلو كمثل الدب الذي ابتلع منجلاً فلا هو قادر على إدخاله إلى جوفه و لا هو قادر على قذفه إلى الخارج ، فقد فشلت في تحقيق حلمها الذي هو أدنى بكثير من تطلعات الشعب الفلسطيني ، الذي لن يقبل بحال التفريط في شبر واحد من وطنه ، فقد وصلت السلطة إلى قناعة تامة خاصة بعد مفاوضات كامب ديفيد أنها لن تتمكن من تحقيق ما تصبو إليه ، و الذي أطلقت عليه الحد الأدنى من حقوقنا الوطنية المشروعة ، و هي أيضاً لا تستطيع التحلّل من كارثة أوسلو التي فارقت الحياة منذ زمن بعيد ، و من هنا باتت ثؤمن أن الخيار الوحيد أمام الشعب الفلسطيني هو خيار الانتفاضة أو باختصار شديد خيار المقاومة ، و إن كانت لا تستطيع أن تبوح بقناعتها بذلك لأن البوح بذلك يتناقض مع المكتسبات الشخصية .
و لا أدلّ على مأزق السلطة من قرارها الأخير المتمثّل بتشكيل حكومة طوارئ و إعلان حالة الطوارئ ، و كأن الأزمة أزمة [[فلسطين]]ية [[فلسطين]]ية و ليست صراعاً بين شعب يتطلع إلى الحرية و التحرر و عدو يسلبه ذلك .


لقد باتت السلطة الفلسطينية على يقين أن الصهاينة لن يتزحزحوا عن تعنتهم ، و رفضهم للوجود الفلسطيني ، و إصرارهم على التنكر لكافة الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني ، و ذلك لأن قيام دولة فلسطينية ذات سيادة ، و عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي شردوا منها ، و إزالة المستوطنات التي زرعت في الضفة الغربية و قطاع غزة بهدف ابتلاع الأراضي تدريجياً و كذلك بهدف التضييق على الشعب الفلسطيني ، كل ذلك يتناقض مع المشروع الصهيوني الرامي إلى تحقيق دولة الكيان الصهيوني العظمى من النيل إلى الفرات ، و الذي لا زال محفوراً في تلافيف العقلية الصهيونية .
كلّ المعطيات على أرض الواقع تشير إلى أن السلطة قد وصلت فعلاً إلى طريق مسدود ، و مثلها في دخولها جحر أوسلو كمثل الدب الذي ابتلع منجلاً فلا هو قادر على إدخاله إلى جوفه و لا هو قادر على قذفه إلى الخارج ، فقد فشلت في تحقيق حلمها الذي هو أدنى بكثير من تطلعات الشعب ال[[فلسطين]]ي ، الذي لن يقبل بحال التفريط في شبر واحد من وطنه ، فقد وصلت السلطة إلى قناعة تامة خاصة بعد مفاوضات كامب ديفيد أنها لن تتمكن من تحقيق ما تصبو إليه ، و الذي أطلقت عليه الحد الأدنى من حقوقنا الوطنية المشروعة ، و هي أيضاً لا تستطيع التحلّل من كارثة أوسلو التي فارقت الحياة منذ زمن بعيد ، و من هنا باتت ثؤمن أن الخيار الوحيد أمام الشعب ال[[فلسطين]]ي هو خيار الانتفاضة أو باختصار شديد خيار المقاومة ، و إن كانت لا تستطيع أن تبوح بقناعتها بذلك لأن البوح بذلك يتناقض مع المكتسبات الشخصية .


كما أن السلطة الفلسطينية أيقنت أن الموقف الأمريكي لا يمكن أن يكون محايداً ، بل إن الموقف الأمريكي في عدة نقاط ذهب في تطرّفه أبعد مما ذهب إليه الموقف الصهيوني في تناقضه مع المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني ، فالضمانات الأمريكية ذهبت أدراج الرياح ، و الوعود الأمريكية تبخرّت في الهواء و قد اتضح أنها لم تكن إلا وعوداً تضليلية سرابية هدفها الضحك على الذقون ليس إلا ، أما الموقف الأوروبي فهو موقف انتهازي رخيص ، موقف لا يبنى على مبادئ و قيم ، و لكنها المصلحة هي التي تحدّد المواقف لديهم ، و ما من شكٍ أن مصلحتهم في قضية فلسطين تقتضي وقوفهم إلى جانب الكيان الصهيوني ، فيجب علينا ألا ننسى أن الكيان الصهيوني ابتداء هو مشروع أوروبي .
لقد باتت السلطة ال[[فلسطين]]ية على يقين أن الصهاينة لن يتزحزحوا عن تعنتهم ، و رفضهم للوجود ال[[فلسطين]]ي ، و إصرارهم على التنكر لكافة الحقوق الوطنية المشروعة للشعب ال[[فلسطين]]ي ، و ذلك لأن قيام دولة [[فلسطين]]ية ذات سيادة ، و عودة اللاجئين ال[[فلسطين]]يين إلى ديارهم التي شردوا منها ، و إزالة المستوطنات التي زرعت في الضفة الغربية و قطاع غزة بهدف ابتلاع الأراضي تدريجياً و كذلك بهدف التضييق على الشعب ال[[فلسطين]]ي ، كل ذلك يتناقض مع المشروع [[الصهيونية|الصهيوني]] الرامي إلى تحقيق دولة الكيان [[الصهيونية|الصهيوني]] العظمى من النيل إلى الفرات ، و الذي لا زال محفوراً في تلافيف العقلية [[الصهيونية|الصهيوني]]ة .


كما أن السلطة الفلسطينية باتت تدرك بما لا يدع مجالاً للشك أن الموقف العربي الرسمي لا يمكن الاعتماد عليه و هو أضعف من أن يقدّم دعماً فاعلاً لإخراج السلطة الفلسطينية من ورطتها ، فقد أثبتت الأيام أن الموقف العربي كان على الدوام موقفاً عاجزاً هزيلاً ، مما شجّع على مزيد من التعنت الصهيوني ، و ساهم في تنامي الانحياز الأمريكي لصالح العدوان الصهيوني ضد الصالح الفلسطيني ..
كما أن السلطة ال[[فلسطين]]ية أيقنت أن الموقف الأمريكي لا يمكن أن يكون محايداً ، بل إن الموقف الأمريكي في عدة نقاط ذهب في تطرّفه أبعد مما ذهب إليه الموقف [[الصهيونية|الصهيوني]] في تناقضه مع المصلحة الوطنية العليا للشعب ال[[فلسطين]]ي ، فالضمانات الأمريكية ذهبت أدراج الرياح ، و الوعود الأمريكية تبخرّت في الهواء و قد اتضح أنها لم تكن إلا وعوداً تضليلية سرابية هدفها الضحك على الذقون ليس إلا ، أما الموقف الأوروبي فهو موقف انتهازي رخيص ، موقف لا يبنى على مبادئ و قيم ، و لكنها المصلحة هي التي تحدّد المواقف لديهم ، و ما من شكٍ أن مصلحتهم في قضية [[فلسطين]] تقتضي وقوفهم إلى جانب الكيان [[الصهيونية|الصهيوني]] ، فيجب علينا ألا ننسى أن الكيان [[الصهيونية|الصهيوني]] ابتداء هو مشروع أوروبي .


و أمام كلّ ذلك أصبحت السلطة الفلسطينية - بيدها لا بيد عمرو - أمام خيارات صعبة أحلاها مر ، و ألخصها في النقاط التالية  :
كما أن السلطة ال[[فلسطين]]ية باتت تدرك بما لا يدع مجالاً للشك أن الموقف العربي الرسمي لا يمكن الاعتماد عليه و هو أضعف من أن يقدّم دعماً فاعلاً لإخراج السلطة ال[[فلسطين]]ية من ورطتها ، فقد أثبتت الأيام أن الموقف العربي كان على الدوام موقفاً عاجزاً هزيلاً ، مما شجّع على مزيد من التعنت [[الصهيونية|الصهيوني]] ، و ساهم في تنامي الانحياز الأمريكي لصالح العدوان [[الصهيونية|الصهيوني]] ضد الصالح ال[[فلسطين]]ي ..


·الإعلان الصريح عن نهاية أوسلو ، و هذا يعني نهاية السلطة التي قامت بناء على مشروع أوسلو ، و لهذا الإعلان تبعات كبيرة و استحقاقات خطيرة ، لأن خطوة كهذه من شأنها أن تضرّ بالمصالح الشخصية لكلّ من حضر من الخارج مع قدوم السلطة و ربط مصيره بمصير أوسلو ، كما أن هذا الإعلان يعني انحياز السلطة إلى خيار المقاومة و هذا ما لا تريده .
و أمام كلّ ذلك أصبحت السلطة ال[[فلسطين]]ية - بيدها لا بيد عمرو - أمام خيارات صعبة أحلاها مر ، و ألخصها في النقاط التالية  :


·تأقلم السلطة مع الوضع القائم حالياً و هو استمرار الاحتلال الصهيوني دون أن يتحمّل هو تبعات احتلاله ، فالشعب الفلسطيني يرزح تحت وطأة الاحتلال ، و السلطة الفلسطينية في ظلّ استمرار الاحتلال تقوم هي بإدارة شؤون الشعب الفلسطيني الحياتية مما يخفّف العبء عن الاحتلال ، و هذا الأمر لا تستطيع السلطة أن تتأقلم معه طويلاً ، فالسلطة تعيش حالة تآكل جماهيري مستمر ، و إذا استمر الحال على ما هو عليه الآن فستجد السلطة نفسها معزولة تماماً عن الجماهير بعد فترة وجيزة .
•الإعلان الصريح عن نهاية أوسلو ، و هذا يعني نهاية السلطة التي قامت بناء على مشروع أوسلو ، و لهذا الإعلان تبعات كبيرة و استحقاقات خطيرة ، لأن خطوة كهذه من شأنها أن تضرّ بالمصالح الشخصية لكلّ من حضر من الخارج مع قدوم السلطة و ربط مصيره بمصير أوسلو ، كما أن هذا الإعلان يعني انحياز السلطة إلى خيار المقاومة و هذا ما لا تريده .


·إنشاء قيادة وطنية موحدة ، و هذا الأمر لا يمكن أن يتحقق إلا على قاعدة مقاومة الاحتلال و التمسك بكامل الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني ، و هذا ما لا يمكن أن تقبل به السلطة لأنها بذلك ستتناقض مع ما التزمت به في أوسلو ، كما أن الجانب الأمريكي و الجانب الصهيوني سيتصديان بقوة لخطوة كهذه ، و هذا يعني أن السلطة الفلسطينية ستضع نفسها في موقف المتحدي للأمريكان و العدو الصهيوني ، و لا أتصوّر أنها يمكن أن تتخذ هذا الموقف .
•تأقلم السلطة مع الوضع القائم حالياً و هو استمرار الاحتلال [[الصهيونية|الصهيوني]] دون أن يتحمّل هو تبعات احتلاله ، فالشعب ال[[فلسطين]]ي يرزح تحت وطأة الاحتلال ، و السلطة ال[[فلسطين]]ية في ظلّ استمرار الاحتلال تقوم هي بإدارة شؤون الشعب ال[[فلسطين]]ي الحياتية مما يخفّف العبء عن الاحتلال ، و هذا الأمر لا تستطيع السلطة أن تتأقلم معه طويلاً ، فالسلطة تعيش حالة تآكل جماهيري مستمر ، و إذا استمر الحال على ما هو عليه الآن فستجد السلطة نفسها معزولة تماماً عن الجماهير بعد فترة وجيزة .


و أمام هذه الخيارات الصعبة ترى السلطة أن المخرج الوحيد يتمثّل في ممارسة الضغط على الجانب الصهيوني ، و لكن أصبح يقيناً أن أمريكا لن تمارس هذا الضغط ، كما أن الاتحاد الأوروبي لا يتناقض على الإطلاق مع الموقف الأمريكي من القضية الفلسطيني ، فالفرق بين الموقف الأمريكي و الموقف الأوروبي كالفرق بين شارون و بيرز أي وجهان لعملة واحدة أدوارهما تتكامل و لا تتناقض ، و أما الموقف العربي فكما بيّنا أعجز من أن يمارس ضغطاً على الجانب الصهيوني ، أو أن يدفع الجانب الأمريكي لممارسة هذا الضغط .
•إنشاء قيادة وطنية موحدة ، و هذا الأمر لا يمكن أن يتحقق إلا على قاعدة مقاومة الاحتلال و التمسك بكامل الحقوق الوطنية المشروعة للشعب ال[[فلسطين]]ي ، و هذا ما لا يمكن أن تقبل به السلطة لأنها بذلك ستتناقض مع ما التزمت به في أوسلو ، كما أن الجانب الأمريكي و الجانب [[الصهيونية|الصهيوني]] سيتصديان بقوة لخطوة كهذه ، و هذا يعني أن السلطة ال[[فلسطين]]ية ستضع نفسها في موقف المتحدي للأمريكان و العدو [[الصهيونية|الصهيوني]] ، و لا أتصوّر أنها يمكن أن تتخذ هذا الموقف .


ولا يختلف اثنان أن العمليات الاستشهادية هي الوحيدة القادرة على ممارسة الضغط المطلوب على كلّ من الكيان الصهيوني و زعيمه شارون ، و على الجانب الأمريكي و الأوروبي ، فكلاهما ينظر إلى العمليات الاستشهادية على أنها سلاح فعال في مواجهة النفوذ الغربي في المنطقة ، و أن العمليات الاستشهادية أصبحت تشكّل ثقافة جهادية تسري في أوصال الأمة الإسلامية ، و هذا ما من شكّ يهدّد مستقبل الهيمنة الغربية على مقدرات الأمة العربية و الإسلامية .
و أمام هذه الخيارات الصعبة ترى السلطة أن المخرج الوحيد يتمثّل في ممارسة الضغط على الجانب [[الصهيونية|الصهيوني]] ، و لكن أصبح يقيناً أن أمريكا لن تمارس هذا الضغط ، كما أن الاتحاد الأوروبي لا يتناقض على الإطلاق مع الموقف الأمريكي من القضية ال[[فلسطين]]ي ، فالفرق بين الموقف الأمريكي و الموقف الأوروبي كالفرق بين شارون و بيرز أي وجهان لعملة واحدة أدوارهما تتكامل و لا تتناقض ، و أما الموقف العربي فكما بيّنا أعجز من أن يمارس ضغطاً على الجانب [[الصهيونية|الصهيوني]] ، أو أن يدفع الجانب الأمريكي لممارسة هذا الضغط .
 
ولا يختلف اثنان أن العمليات الاستشهادية هي الوحيدة القادرة على ممارسة الضغط المطلوب على كلّ من الكيان [[الصهيونية|الصهيوني]] و زعيمه شارون ، و على الجانب الأمريكي و الأوروبي ، فكلاهما ينظر إلى العمليات الاستشهادية على أنها سلاح فعال في مواجهة النفوذ الغربي في المنطقة ، و أن العمليات الاستشهادية أصبحت تشكّل ثقافة جهادية تسري في أوصال الأمة الإسلامية ، و هذا ما من شكّ يهدّد مستقبل الهيمنة الغربية على مقدرات الأمة العربية و الإسلامية .


فهل تجد السلطة ضالتها في العمليات الاستشهادية ؟
فهل تجد السلطة ضالتها في العمليات الاستشهادية ؟


الواقع أنني أرى أن العمليات الاستشهادية التي تقدّم اليوم خدمة جليلة للقضية الفلسطينية ، تقدّم أيضاً و في نفس الوقت طوق النجاة للسلطة الفلسطينية إن هي أحسنت إدارة الصراع .
الواقع أنني أرى أن العمليات الاستشهادية التي تقدّم اليوم خدمة جليلة للقضية ال[[فلسطين]]ية ، تقدّم أيضاً و في نفس الوقت طوق النجاة للسلطة ال[[فلسطين]]ية إن هي أحسنت إدارة الصراع .


== المصدر ==
== المصدر ==
*'''مقال:'''[http://www.palestine-info.info/arabic/palestoday/readers/articles/rantese/2003/7_10_03.htm هل العمليات الاستشهادية تضر بالسلطة الفلسطينية ؟]'''المركز الفلسطينى للإعلام'''
*'''مقال:'''[http://www.palestine-info.info/arabic/palestoday/readers/articles/rantese/2003/7_10_03.htm هل العمليات الاستشهادية تضر بالسلطة الفلسطينية ؟]'''المركز الفلسطينى للإعلام'''
{{روابط عبد العزيز الرنتيسي}}


[[تصنيف:تصفح الويكيبيديا]]
[[تصنيف:تصفح الويكيبيديا]]
[[تصنيف:روابط عبد العزيز الرنتيسي]]
[[تصنيف:روابط عبد العزيز الرنتيسي]]

المراجعة الحالية بتاريخ ٠٨:٥٣، ٢ يونيو ٢٠١٤

هل العمليات الاستشهادية تضر بالسلطة الفلسطينية ؟

بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

أعلم أن السلطة الفلسطينية التي قامت على قاعدة نبذ "الإرهاب" لن تقوم في يوم من الأيام بالثناء العطر على العمليات الاستشهادية و مباركتها ، بل على النقيض من ذلك و كما هو متوقع ستسارع إلى التنديد بها و استنكارها و إدانتها و اتهامها و رفضها كما يحدث في كلّ مرة ، و لكن هل هذه العمليات في واقع الأمر تضر بمصلحة السلطة الفلسطينية ؟ أم أنها فضلاً عن أنها تشكل مصلحة وطنية عليا للشعب الفلسطيني و لقضيته العدالة ، تشكّل أيضاً مصلحة ذاتية للسلطة نفسها لكي تخرج من مأزقها التي وضعت نفسها فيه ؟

و لا أدلّ على مأزق السلطة من قرارها الأخير المتمثّل بتشكيل حكومة طوارئ و إعلان حالة الطوارئ ، و كأن الأزمة أزمة فلسطينية فلسطينية و ليست صراعاً بين شعب يتطلع إلى الحرية و التحرر و عدو يسلبه ذلك .

كلّ المعطيات على أرض الواقع تشير إلى أن السلطة قد وصلت فعلاً إلى طريق مسدود ، و مثلها في دخولها جحر أوسلو كمثل الدب الذي ابتلع منجلاً فلا هو قادر على إدخاله إلى جوفه و لا هو قادر على قذفه إلى الخارج ، فقد فشلت في تحقيق حلمها الذي هو أدنى بكثير من تطلعات الشعب الفلسطيني ، الذي لن يقبل بحال التفريط في شبر واحد من وطنه ، فقد وصلت السلطة إلى قناعة تامة خاصة بعد مفاوضات كامب ديفيد أنها لن تتمكن من تحقيق ما تصبو إليه ، و الذي أطلقت عليه الحد الأدنى من حقوقنا الوطنية المشروعة ، و هي أيضاً لا تستطيع التحلّل من كارثة أوسلو التي فارقت الحياة منذ زمن بعيد ، و من هنا باتت ثؤمن أن الخيار الوحيد أمام الشعب الفلسطيني هو خيار الانتفاضة أو باختصار شديد خيار المقاومة ، و إن كانت لا تستطيع أن تبوح بقناعتها بذلك لأن البوح بذلك يتناقض مع المكتسبات الشخصية .

لقد باتت السلطة الفلسطينية على يقين أن الصهاينة لن يتزحزحوا عن تعنتهم ، و رفضهم للوجود الفلسطيني ، و إصرارهم على التنكر لكافة الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني ، و ذلك لأن قيام دولة فلسطينية ذات سيادة ، و عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي شردوا منها ، و إزالة المستوطنات التي زرعت في الضفة الغربية و قطاع غزة بهدف ابتلاع الأراضي تدريجياً و كذلك بهدف التضييق على الشعب الفلسطيني ، كل ذلك يتناقض مع المشروع الصهيوني الرامي إلى تحقيق دولة الكيان الصهيوني العظمى من النيل إلى الفرات ، و الذي لا زال محفوراً في تلافيف العقلية الصهيونية .

كما أن السلطة الفلسطينية أيقنت أن الموقف الأمريكي لا يمكن أن يكون محايداً ، بل إن الموقف الأمريكي في عدة نقاط ذهب في تطرّفه أبعد مما ذهب إليه الموقف الصهيوني في تناقضه مع المصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني ، فالضمانات الأمريكية ذهبت أدراج الرياح ، و الوعود الأمريكية تبخرّت في الهواء و قد اتضح أنها لم تكن إلا وعوداً تضليلية سرابية هدفها الضحك على الذقون ليس إلا ، أما الموقف الأوروبي فهو موقف انتهازي رخيص ، موقف لا يبنى على مبادئ و قيم ، و لكنها المصلحة هي التي تحدّد المواقف لديهم ، و ما من شكٍ أن مصلحتهم في قضية فلسطين تقتضي وقوفهم إلى جانب الكيان الصهيوني ، فيجب علينا ألا ننسى أن الكيان الصهيوني ابتداء هو مشروع أوروبي .

كما أن السلطة الفلسطينية باتت تدرك بما لا يدع مجالاً للشك أن الموقف العربي الرسمي لا يمكن الاعتماد عليه و هو أضعف من أن يقدّم دعماً فاعلاً لإخراج السلطة الفلسطينية من ورطتها ، فقد أثبتت الأيام أن الموقف العربي كان على الدوام موقفاً عاجزاً هزيلاً ، مما شجّع على مزيد من التعنت الصهيوني ، و ساهم في تنامي الانحياز الأمريكي لصالح العدوان الصهيوني ضد الصالح الفلسطيني ..

و أمام كلّ ذلك أصبحت السلطة الفلسطينية - بيدها لا بيد عمرو - أمام خيارات صعبة أحلاها مر ، و ألخصها في النقاط التالية  :

•الإعلان الصريح عن نهاية أوسلو ، و هذا يعني نهاية السلطة التي قامت بناء على مشروع أوسلو ، و لهذا الإعلان تبعات كبيرة و استحقاقات خطيرة ، لأن خطوة كهذه من شأنها أن تضرّ بالمصالح الشخصية لكلّ من حضر من الخارج مع قدوم السلطة و ربط مصيره بمصير أوسلو ، كما أن هذا الإعلان يعني انحياز السلطة إلى خيار المقاومة و هذا ما لا تريده .

•تأقلم السلطة مع الوضع القائم حالياً و هو استمرار الاحتلال الصهيوني دون أن يتحمّل هو تبعات احتلاله ، فالشعب الفلسطيني يرزح تحت وطأة الاحتلال ، و السلطة الفلسطينية في ظلّ استمرار الاحتلال تقوم هي بإدارة شؤون الشعب الفلسطيني الحياتية مما يخفّف العبء عن الاحتلال ، و هذا الأمر لا تستطيع السلطة أن تتأقلم معه طويلاً ، فالسلطة تعيش حالة تآكل جماهيري مستمر ، و إذا استمر الحال على ما هو عليه الآن فستجد السلطة نفسها معزولة تماماً عن الجماهير بعد فترة وجيزة .

•إنشاء قيادة وطنية موحدة ، و هذا الأمر لا يمكن أن يتحقق إلا على قاعدة مقاومة الاحتلال و التمسك بكامل الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني ، و هذا ما لا يمكن أن تقبل به السلطة لأنها بذلك ستتناقض مع ما التزمت به في أوسلو ، كما أن الجانب الأمريكي و الجانب الصهيوني سيتصديان بقوة لخطوة كهذه ، و هذا يعني أن السلطة الفلسطينية ستضع نفسها في موقف المتحدي للأمريكان و العدو الصهيوني ، و لا أتصوّر أنها يمكن أن تتخذ هذا الموقف .

و أمام هذه الخيارات الصعبة ترى السلطة أن المخرج الوحيد يتمثّل في ممارسة الضغط على الجانب الصهيوني ، و لكن أصبح يقيناً أن أمريكا لن تمارس هذا الضغط ، كما أن الاتحاد الأوروبي لا يتناقض على الإطلاق مع الموقف الأمريكي من القضية الفلسطيني ، فالفرق بين الموقف الأمريكي و الموقف الأوروبي كالفرق بين شارون و بيرز أي وجهان لعملة واحدة أدوارهما تتكامل و لا تتناقض ، و أما الموقف العربي فكما بيّنا أعجز من أن يمارس ضغطاً على الجانب الصهيوني ، أو أن يدفع الجانب الأمريكي لممارسة هذا الضغط .

ولا يختلف اثنان أن العمليات الاستشهادية هي الوحيدة القادرة على ممارسة الضغط المطلوب على كلّ من الكيان الصهيوني و زعيمه شارون ، و على الجانب الأمريكي و الأوروبي ، فكلاهما ينظر إلى العمليات الاستشهادية على أنها سلاح فعال في مواجهة النفوذ الغربي في المنطقة ، و أن العمليات الاستشهادية أصبحت تشكّل ثقافة جهادية تسري في أوصال الأمة الإسلامية ، و هذا ما من شكّ يهدّد مستقبل الهيمنة الغربية على مقدرات الأمة العربية و الإسلامية .

فهل تجد السلطة ضالتها في العمليات الاستشهادية ؟

الواقع أنني أرى أن العمليات الاستشهادية التي تقدّم اليوم خدمة جليلة للقضية الفلسطينية ، تقدّم أيضاً و في نفس الوقت طوق النجاة للسلطة الفلسطينية إن هي أحسنت إدارة الصراع .

المصدر

للمزيد عن الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة بالرنتيسي

مقالات بقلم الرنتيسي

تابع مقالات بقلم الرنتيسي

.

حوارات مع الرنتيسي

حوارات مع عائلة الرنتيسي

بيانات حول إغتيال الرنتيسي

أخبار متعلقة

تابع أخبار متعلقة

.

وصلات فيديو

.