حرب تستهدف عقيدة الأمة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
حرب تستهدف عقيدة الأمة

بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

بينما كنت أقلب النظر في أوراق كتبتها وأنا في إحدى المعتقلات الصهيونية، وقع نظري على سطور كتبت فوقها "هام جدا "، فإذا بها خبر منقول عن صحيفة القدس الصفحة السادسة بتاريخ 4/12/ 1995 جاء تحت عنوان " قلق روسي ـ إسرائيلي مشترك من الحركات الإسلامية الأصولية " ، وجاء فيه نقلا عن شمعون بيرس قوله " تسعى إسرائيل إلى إقامة تحالف دولي ضد الأصولية المسلمة للسماح إلى ملايين السكان في المنطقة بالدخول من دون أي خوف إلى الألفية المقبلة".

واليوم وقد تحقق لشمعون بيرز ما أراد، ونجح في إقامة التحالف الدولي ضد الإسلام، ينبغي علينا ألا ندفن رؤوسنا في التراب، ونكتفي باجترار المقولة الممجوجة " أن العالم بعد الحادي عشر من سبتمبر ليس هو العالم قبله "، وكأننا أمة عاجزة لا حول لها ولا قوة، قدرها أن تنتظر بخشوع ما سيفعل بها جلادوها، فإذا كانت الأفعى الصهيونية تحشد قوى الشر في العالم لضرب هذا الدين، وطمس الهوية الإسلامية، والقضاء على حضارة المسلمين، فلا أقل من أن نضع الخطط التربوية والتثقيفية والإعلامية الكفيلة بالتصدي لهذا الحقد الأسود، والعمل الهادف على إنشاء جيل مؤمن قادر على مواجهة الهجمة الصهيو – غربية، فنحن ندرك أن الإسلام قادر على مواجهة الصهاينة وهزيمتهم، بل الصهاينة يدركون أن الإسلام هو الوحيد القادر على قهرهم، وأما الأفكار المستوردة فمن وجهة نظرهم تشكل التربة الخصبة التي تساهم في استقرارهم وبقائهم في فلسطين إلى الأبد، لا لشيء إلا لأنها تقصي الإسلام عن ساحة المعركة، فقد قال بن غوريون " نحن لا نخشى الاشتراكيات ولا الثوريات ولا الديمقراطيات في المنطقة، نحن فقط نخشى الإسلام، هذا المارد الذي نام طويلا وبدأ يتململ من جديد ".

وهم يؤمنون إيمانا قاطعا أن ظهور الإسلام يعني نهاية دولتهم اللقيطة، يؤكد ذلك شمعون بيرز في مهرجان خطابي أثناء المعركة الانتخابية عام 1978 قائلا " إنه لا يمكن أن يتحقق السلام في المنطقة ما دام الإسلام شاهرا سيفه، ولن نطمئن على مستقبلنا حتى يغمد الإسلام سيفه إلى الأبد "، ويوافقه اسحق رابين فيقول " إن مشكلة الشعب اليهودي هي أن الدين الإسلامي ما زال في دور العدوان والتوسع، وليس مستعدا لقبول أية حلول مع إسرائيل، إنه عدونا اللدود الذي يهدد مستقبل إسرائيل وشعبها "، وإني لأتساءل بكل مرارة وألم وحسرة هل من مصلحة أمتنا أن نغمد سيف الإسلام، وأن نقصيه عن ساحة المعركة، حتى يأمن اليهود الغاصبون على مستقبلهم ؟!!.

ولقد عمد الصهاينة والغرب على محاربة الإسلام من خلف الستار، حتى لا يستفزوا المشاعر الدينية لدى المسلمين، فلا يظهرون على مسرح المواجهة كلاعب مباشر، وتحذر صحيفة (عل همشمار ) من استفزاز الشعور الديني لدى المسلمين فتقول " إن على السلطات الإسرائيلية ألا تستفز الشعور الديني لدى المسلمين، لأن هذا الاستفزاز من شأنه أن يؤجج الشعور الديني لديهم وخاصة الشباب، وفي هذا خطر كبير على مستقبل إسرائيل التي كان الإسلام أكبر وأشرس عدو لها طوال التاريخ "، ولذلك فهم يحرصون على إيجاد من ينوب عنهم في التصدي للحركات الإسلامية التي تهدد مستقبل الهيمنة الغربية على المنطقة، ولا أدل على ذلك مما يجري في أفغانستان، فالدور المباشر للقضاء على طالبان الأفغانية أنيط بحلف الشمال الأفغاني، وكذلك ما يدور في باكستان حيث تحرك مشرف لاعتقال كل من د.

حافظ سعيد زعيم منظمة ( لشكر طيبة) ومولانا مسعود أزهر زعيم منظمة ( جيش محمد )، بعد أن اتصل به بوش ثلاث مرات خلال ساعتين كما تناقلت الأنباء، وما تقوم به الإدارة الأمريكية الآن من تحريض للعديد من الحكومات العربية والإسلامية لضرب الحركات الإسلامية في أقطارها، ولكن المعركة لن تقف عند حدود ملاحقة الحركات الإسلامية وكفى، بل ستمتد لتنال من عقيدة الأمة، ومن هنا جاء حرص الصهاينة والغرب على عدم الظهور على مسرح المواجهة.

وهذا " ليوسي واسكال " الضابط في وحدة الأبحاث التابعة للاستخبارات الصهيونية، يفصح عبر الراديو عن مخططهم لمواجهة الإسلام فيقول :

( إن أجهزة الاستخبارات تعمل على مستويين وستعمل قريبا على ثالث :

المستوى الأول :

مستوى التحالف، وقد نجحنا في ذلك مع الولايات المتحدة الأمريكية من خلال إمدادها بالمعلومات عن حماس والجهاد وحزب الله، وقد تم ذلك بالتعاون مع دول التحالف في المنطقة بنطاق استخباري، الأمر الذي أدى إلى وضع هذه التنظيمات على قائمة الإرهاب.

المستوى الثاني :

مستوى الإحباط، إذ تعمل بها أجهزة الشاباك والاستخبارات عبر مد الجيش بالمعلومات الدقيقة حول نشاطات الفلسطينيين والتي تتمثل بالتصفيات والاعتقالات من خلال وحدات المستعربين والدفدفان وحرس الحدود وغيرها.

أما المستوى الثالث والذي سيعمل به قريبا فهو :

تجفيف البويضة) إذ تعتمد الحرب على الفكر ونحن الآن في مواجهة الحركات الإسلامية التي تنتهج فكر المقاومة لإسرائيل ومن هذه الأفكار اقتحام المستوطنات، إطلاق قذائف الهاون، وإطلاق الصواريخ، وإطلاق النار داخل إسرائيل، هذا الأمر يدفعنا للوقوف إزاء محاربة هذا الفكر من خلال معرفتنا بكيفية التعامل مع الإسلام الهادئ، والإسلام المتطرف، وأعني بذلك محاربة أيديولوجيا الحركات الإسلامية، بحيث لا تقف الحرب عند حدود التعامل مع الإرهابيين على النطاق العسكري، وإنما الوصول إلى الروحانية التي يتمتع بها أعضاء الحركات الإسلامية من خلال تجفيف البويضة ).
فالصهيونية العالمية وأمريكا إذن تريدان إسلاما خاصا بمقاييس صهيو - أمريكية، إسلاما مجردا من فكر المقاومة، إسلاما مدجنا بلا أسنان ولا أظافر، إسلاما عاجزا عن النهوض، مستكينا ضعيفا مستسلما لا يدافع عن حياضه، ولا عن كرامة أتباعه، بعيدا عن أهم عناصر القوة فيه وهو الجهاد، إذن فالمعركة الآن كما يرى " واسكال " قد تجاوزت مرحلتها الأولى في خلق تحالف ضد الإسلام، ومرحلتها الثانية في إضفاء الشرعية على اعتقال وتصفية المسلمين، وبدأت مرحلتها الثالثة على مستوى القضاء على الفكر الإسلامي والتخلص من القرآن، أي بدأت المعركة على المستوى الثقافي، فلا غرابة أن يعملوا على إغلاق المدارس الدينية، وأن يحددوا لنا مناهج التعليم، وأن يكتبوا لنا خطب الجمعة، وأن يحددوا لنا الآيات القرآنية التي ينبغي ألا يقرأها أبناؤنا، بل ينبغي ألا تتلى في المذياع، أو التلفاز، أو حتى في بيوت العزاء.
وفي 13/9/ 2001 كتب " تسفي برئيل " مراسل صحيفة " هآرتس " للشؤون العربية تعقيبا على الهجمات على أمريكا، مؤكدا أن الحرب الآن حرب حضارية ثقافية فيقول " وهكذا يسود التوقع الفوري تحت تأثير الهجمة أن تتعمق الحرب الحضارية، حيث يقف الغرب في مواجهة العالم الثالث، وتقف الثقافة اليهودية - المسيحية في مواجهة الإسلام "، ويضيف قائلا " حتى وإن كان الأمر يتعلق فقط بإرهابي اسمه أسامة بن لادن، فلن يكون بالإمكان في المرحلة القريبة على الأقل، تقليص الحرب وحصرها بين دولة عظمى ضخمة وبين مجرم واحد ووحيد. مثل هذه العملية تحتاج في الواقع إلى خوض حرب ثقافية، حرب بين الأشرار المطلقين والأخيار المطلقين ".

هذا غيض من فيض ووشل من بحر، فهل تتنبه الأمة إلى خطر الأفعى الصهيونية، فتعد نفسها للتصدي لهذه الحرب التي تستهدف عقيدتها ؟

المصدر

للمزيد عن الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة بالرنتيسي

مقالات بقلم الرنتيسي

تابع مقالات بقلم الرنتيسي

.

حوارات مع الرنتيسي

حوارات مع عائلة الرنتيسي

بيانات حول إغتيال الرنتيسي

أخبار متعلقة

تابع أخبار متعلقة

.

وصلات فيديو

.