هل يعقل أن نساهم في إنجاح مهمة زيني ؟

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
هل يعقل أن نساهم في إنجاح مهمة زيني ؟

بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

وضحت مستشارة الأمن القومي في الإدارة الأميركية، كونداليسا رايس ، أن "الجنرال أنتوني زيني يصل إلى المنطقة مع صلاحية لتطبيق مخطط تينت ، وليس فقط من أجل التحرك ذهاباً وإياباً بين الطرفين"، وتؤمن الإدارة الأميركية أنه في هذه المرة سينجح زيني في تطبيق مخطط تينت لوقف إطلاق النار .

ولكن المعطيات على أرض الواقع تقول إننا لم نكن يوما أفضل مما نحن عليه الآن على صعيد المواجهة ، وقد أسقطنا بفضل الله كل نظريات الأمن التي طالما تبجح بها الصهاينة المفسدون ، وأحلنا حياة الغزاة من اليهود كابوسا لا يطاق ، وفي الوقت الذي لا ننكر فيه شراسة الهجمة الصهيونية وهمجيتها وما تمخض عنها من دمار وتخريب وقتل للمدنيين من أبناء شعبنا إلا أن معنوياتنا عالية إلى درجة لم تصل إليها من قبل ، مما يجعلنا نقول أعطوا هذا الصراع الدائر فرصته كي يحسم المعركة لصالح المستضعفين بإذن الله .

فخلال عام ونصف من انتفاضة الأقصى قد انتقل الشعب الفلسطيني نقلة نوعية لم تكن تخطر ببال الذين خططوا لتركيعه ، ولا ببال المفسدين من اليهود الذين استخدموا أحدث ما يملكون من ترسانة عسكرية أمريكية ضد شعبنا الأعزل ، ولا ببال أمريكا التي أطلقت العنان للوحش الصهيوني كي يلغ في دماء المسلمين في فلسطين ، ولا ببال الدول العربية التي كانت تبتهل إلى الله كي تتوقف الانتفاضة والمقاومة في فلسطين خشية أن تحرك الشعوب غضبا على صمت الأنظمة.

ففي الماضي كان إعداد الاستشهادي نفسيا ومعنويا يحتاج إلى بعض الجهد ولا عيب في ذلك ، فهو مقدم على امتطاء الأهوال، ولكننا اليوم نعيش مرحلة مختلفة ، حيث أن أعدادا لا حصر لها من الشباب ، لا أقول يطلبون ولكن يتوسلون أن تتاح لهم فرصة للشهادة ، تهطل أعينهم تحرقا وشوقا لملاقاة العدو ..

هذا الذي أقول ليس من نسج الخيال ، وليس فيه شيء من المبالغة البلاغية بغية التلاعب في العواطف ، ولكنها الحقيقة التي تشكل عبئاً على الجهاز العسكري الذي لا يملك تجهيز هذه الأعداد الكبيرة من طلاب الشهادة.

وكنا نفخر بالأم الفلسطينية وهي تحتسب ولدها بعد استشهاده ، تخفي حزنها وألمها لفراق فلذة كبدها فتكشف العبرات سرها ، فإذا بنا اليوم أمام صورة جديدة عميقة التأثير، فهذه أم نضال تودع ولدها ، تقبله وتطلب منه ألا يعود إلا شهيدا ، وكنا نظنها فريدة في هذا الموقف الذي هزنا من الأعماق ، فإذا بأم نبيل جارتها تقوم أيضا بوداع فلذة كبدها قبل الرحيل الطوعي ، إذن هي ظاهرة جديدة ، روح جديدة تسري في أوصال هذا الشعب العظيم، إنها العقيدة التي لا تقبل إلا الصدق ، الصدق في النية ، والصدق في الجهاد ، والصدق في الوطنية ، عقيدة لا تعرف التركيع ، ولا أنصاف المواقف.

ولقد كانت العمليات الاستشهادية مقصورة على الرجال ، فإذا بنا اليوم أمام ظاهرة تمثل تيارا جارفا من طالبات الشهادة ، مما زاد في التبعة على الجهاز العسكري الذي لا يستطيع تجاهل الأمر طويلا ، فهناك إلحاح من الشابات لا يمكن لأحد أن يغض الطرف عنه ، إنها العقيدة التي صقلت هذا الشعب بكل فئاته ، شيبا وشبانا وأشبالا ، رجالا ونساء .

ومما أذهل الأعداء أن الحصار والدمار والمذابح وكل أشكال الإرهاب التي مارسها المفسدون من اليهود لم تزد شعبنا إلا صلابةً، وحباً في التضحية ، وتفانياً في المواجهة ، تصقله التجربة ، ويبدع في أساليب المواجهة ، فيخترق الأجهزة الأمنية للعدو ، ويصنع الصاروخ ، ويدمر الدبابة ، ويقتحم المغتصبات الصهيون وقد اخترق الجدر الأمنية الإلكترونية ، لا يعرف الوهن ، ولا يستسلم للضعف المادي ، ويحيل اختلال ميزان القوة لصالح عدوه إلى اختلال في ميزان الردع لصالحه .

وعلى النقيض تماما نرى المعتدين من اليهود في حالة من الانهيار التام ، الخوف يسكنهم ، والفرار قبلتهم ، محاصرون بالرعب الذي أحال حياتهم جحيما ، لقد أعطوا شارون كل ثقتهم كي يوفر لهم الأمن ، واليوم يكفرون به ، إنهم اليوم أمام حقيقة طالما فروا منها مع أنهم يدركونها ، تقول هذه الحقيقة أنه لا مقام لهم في فلسطين ، وأن نهاية كيانهم قد أوشكت ،

فهاهما مودي كريتمان وعوزي ديان يكتبان في صحيفة "يديعوت أحرونوت" بتاريخ 17/3/ 2002 مقالا تحت عنوان "وداعاً أيتها البلاد الرائعة" جاء فيه (عام ونصف من الوضع الأمني الصعب الذي يترافق مع انعدام الاستقرار الاقتصادي تمخضا هنا عن ظاهرة آخذة في التعمق مع ازدياد حدة الوضع ، "إسرائيليون" كثيرون قرروا نقل أموالهم للخارج وشراء بيوت هناك كاستثمار أو كمكان يلجأون إليه وقت الطوارئ ، كما قرر آخرون نقل مشاريعهم التجارية أيضا ، عدد غير قليل من المواطنين ينتقلون بأنفسهم ) ، وأضاف قائلين (لا شك أن أعدادا متزايدة من "الإسرائيليين" قد قرروا الرحيل أو التفكير بالرحيل على الأقل ، هناك من يدفعهم شعورهم بوجود تهديد وجودي إلى فحص الخيارات والإمكانات في الخارج ، وهناك من كانوا قد فكروا بالأمر قبل التدهور الأمني ، إلا أن هذا الوضع أصبح لهم بمثابة حافز).

هذه هي المعادلة إذن تمثل اختلالاً في ميزان الرعب لصالح شعبنا المرابط ، وإذا أدركنا أن مخطط تينت يتطلب من الجانب الفلسطيني أن يقوم باعتقال المجاهدين ، ووقف التحريض ، ومصادرة الأسلحة ، واستئناف التعاون الأمني ، أي القضاء على الانتفاضة ، وشل المقاومة ،

وضرب هذا الشعب المجاهد في أعز ما يملك وهي وحدته الوطنية التي عمقت جذورها المقاومة والانتفاضة ، وإنقاذ شارون والكيان الصهيوني الغاصب من مأزق حقيقي لم يعد يخفى على المراقبين ، إذا أدركنا ذلك فهل يعقل أن نساهم في إنجاح مهمة زيني؟؟

المصدر

للمزيد عن الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة بالرنتيسي

مقالات بقلم الرنتيسي

تابع مقالات بقلم الرنتيسي

.

حوارات مع الرنتيسي

حوارات مع عائلة الرنتيسي

بيانات حول إغتيال الرنتيسي

أخبار متعلقة

تابع أخبار متعلقة

.

وصلات فيديو

.