إياكم وعار لا تمحوه الأيام

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
إياكم وعار لا تمحوه الأيام

بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

لقد تلقت أمريكا ضربة قوية وقاسية وضعت هيبتها على المحك، ولذا فإنها ستعمل بكل الوسائل المشروعة وغير المشروعة لاسترداد هيبتها التي مرغت في التراب، وعلى رأس هذه الوسائل اختيار كبش فداء ثم توجيه ضربة قوية له، ولكي يرضى المواطن الأمريكي الذي أعمته الأكاذيب الصهيونية المضللة لابد أن يكون الكبش دولة إسلامية، وحتى لا تتضرر المصالح الأمريكية خاصة البترولية منها فيجب أن يكون الكبش من الدول الفقيرة، ولن نجد عندئذ نموذجا أفضل من السودان وأفغانستان، لأنهما استوفيتا الشروط المذكورة من جانب، ويمكن أن تلفق لهما تهمة دعم الإرهاب من جانب آخر، ولما كان يصعب على الصهاينة في هذه المرة

ـ كما حدث في المرة السابقة عندما ضربت السفارات الأمريكية في أفريقيا

ـ أن يلصقوا التهمة ب السودان لأن المجاهد بن لادن قد أنهى وجوده فيها ، مما حدا بأمريكا في ذلك الوقت نتيجة للتحريض الصهيوني الإعلامي أن تضرب مصنع الشفاء للدواء في الخرطوم، فإن " أفغانستان " تبقى هي المرشح الوحيد للعدوان الأمريكي القادم، ومن هنا بدأت أمريكا بالاتصال بدول العالم ومنها الدول العربية والإسلامية لتشكيل تحالف دولي ضد أفغانستان، لتحقق أمريكا بذلك الرغبة الصهيونية في إشعال حرب ثقافية ضد الدين الإسلامي، وعندما نقول ضد الدين الإسلامي إنما نستند بذلك إلى ما كتبته الصحف العبرية حول هذا الموضوع، ففي صحيفة معاريف الثلاثاء 13-9 يقول " أريك بخر " في مقال بعنوان " بكل القوة المطلوبة " ( على الولايات المتحدة أن تبيد معاقل الإرهاب، والإسلام هو العدو الأكبر )، .

وفي " هآرتس " في نفس التاريخ يقول " تسفي برئيل " تحت عنوان " من ضد الإرهاب في الوقت الحالي" فيقول ( وهكذا يسود الميل الفوري تحت تأثير الهجمة لتوقع تعمق الحرب الحضارية، حيث يقف الغرب في مواجهة العالم الثالث، وتقف الثقافة اليهودية – المسيحية في مواجهة الإسلام ).فهل يعقل أن تقوم دولة عربية أو إسلامية بفتح مطاراتها وتسليم أجوائها لأمريكا حتى تجتث الإسلام وتذبح المسلمين في أفغانستان كي يشفى غليل الأفعى الصهيونية ؟

إن أحدا من المسلمين والعرب لا يمكنه أن يتصور حدوث ذلك، فأمريكا إنما تريد منا أن نساعدها في ضرب المسلمين لأنها ضربت، وهي التي لا تساعد الفلسطينيين وهم جزء من الأمة العربية والإسلامية عندما تسحقهم الآلة العسكرية الأمريكية على يد الصهيونية ، بل قل هي التي تقف مع العدو الصهيوني وتبارك إرهابه المتمثل في سحق عظام أطفال ونساء وشيوخ المسلمين في فلسطين، فهل يعقل أن نهدف نحورنا دفاعا عن أمريكا التي تبارك احتلال فلسطين وتدعم تهويد المقدسات وتتفهم حصارنا وتجويعنا وتمتهن كرامة الأمة صباح مساء ولا تتردد في استخدام الفيتو لصالح الاحتلال الصهيوني لأرض المسلمين؟!!

إن عقيدتنا لا تسمح لنا بالتعاون مع أمريكا ضد أي قطر إسلامي مهما كانت الذرائع، لقول الله عز وجل ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء )، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله )،

وإن كرامتنا كأمة ذات حضارة ولها وزنها على الساحة الدولية لا تسمح لنا بذلك، فإن أحط شعوب الأرض كالصهاينة مثلا لا يقبلون بالتحالف مع أمريكا ضد جاسوس يهودي، ومن هنا أرى أنه يجب علينا أن نوصد الأبواب في وجه أمريكا إذا أرادت أن تعتدي على أية دولة عربية أو إسلامية، بل علينا أن نقف صفا واحدا في وجه أمريكا إن عقدت العزم على ذلك، نتصدى لعدوانها دفاعا عن دماء المسلمين الذين أصبحت دماؤهم بفضل السياسة الأمريكية أرخص دماء على وجه الأرض، وعلى الشعوب العربية والإسلامية أن تخرج عن صمتها دفاعا عن أفغانستان المسلمة، إن التعاون مع أمريكا ضد أفغانستان لا يختلف عن التعاون مع أمريكا ضد فلسطين،وإذا كانت الأنظمة العربية والإسلامية عاجزة عن الوقوف في وجه أمريكا فعليها أن تسلم القيادة لمن هو قادر على ذلك.

إنه ليس في مقدورنا ولا تسمح بذلك أخلاقنا وقيمنا مجاملة أمريكا على حساب دماء المسلمين، وأولى لأمريكا أن تدرك أن عاقبة الظلم وخيمة، فأمن أمريكا لا يمكن أن يتحقق عن طريق البلطجة والاستخفاف بالشعوب المستضعفة، ولكن عبر احترام الإنسانية والتوقف عن الممارسات اللاأخلاقية من حصار الشعوب ونهب خيراتها وابتزازها وتهديدها، إن الضربات التي تلقتها أمريكا كانت بسبب سياستها الهوجاء في دعم حفنة من شذاذ الآفاق من اليهود رغم تجاوزاتهم التي ندد بها العالم في مؤتمر دوربان لولا الضغوط الأمريكية والأوروبية،

إن الشعوب الحرة لا تقبل أبدا أن تنتهك حرماتها وإن كانت ضعيفة، إن الحقد الذي تزرعه السياسة الأمريكية لن تجني من ورائه مهما بلغت من قوة إلا مزيدا من الضربات المؤلمة، فزمن الرق والعبودية ولى إلى غير رجعه، وما قبره الإسلام من قيم باطلة لا يمكن لأمريكا أن تبعثه من رقاده مهما بلغت قوتها، فعلى أمريكا أن تدرك أن الاعتداء على أفغانستان اعتداء على الأمة الإسلامية، وعلى الدول العربية والإسلامية أن تدرك أن التعاون مع أمريكا في عدوانها على المسلمين عار لا تمحوه الأيام.

المصدر

للمزيد عن الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة بالرنتيسي

مقالات بقلم الرنتيسي

تابع مقالات بقلم الرنتيسي

.

حوارات مع الرنتيسي

حوارات مع عائلة الرنتيسي

بيانات حول إغتيال الرنتيسي

أخبار متعلقة

تابع أخبار متعلقة

.

وصلات فيديو

.