لماذا يتنافس الشباب الفلسطيني على العمليات الاستشهادية ؟

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لماذا يتنافس الشباب الفلسطيني على العمليات الاستشهادية ؟

بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

مقدمة

لقد أذهل شباب فلسطين العالم بأسره وهم يحوّلون أجسادهم إلى قنابل ذكية ، و أكثر العالم ذهولا كان محور الفساد و الشر الذي تتحكم في أفعاله المجرمة قوة غاشمة و حقد أسود على المسلمين ، و لِمَ لا يصيبه الذهول و الإرباك و قد بدت الجدر الأمنية عاجزة صاغرة أمام هذه القنابل البشرية ، و شباب فلسطين لا يتوانون في انتقاء أهدافهم بدقة متناهية ليحوّلوا حياة المحتلين إلى دمار ، لا يقتصر على الحافلة و الصالة و المطعم و السوق ، و لا على الاقتصاد و المعنويات و الهجرة و الحياة اليومية ، و لكنه دمار زلزل قناعتهم في إمكانية استمرار وجودهم على ما اغتصبوا من أرض المسلمين ، و ضيّع آمالهم في مزيد من التوسع على حساب دولنا العربية التي لم تعد تملك إرادة التصدي للعدوان الصهيوني الغاشم ، خاصة أن أمريكا بما تملك من قوة ظالمة تقف من وراء هذا الإرهاب الصهيوني ، توفر له الغطاء اللازم ، و تمدّه بكل أسلحة الدمار الشامل ، ليواصل الصهاينة عدوانهم دون رادع من قانون دولي ، و لا وازع من ضمير أو خلق أو دين .

و لما كانت العمليات الاستشهادية سلاح المستضعفين في مواجهة من ظنّوا أنهم يملكون الحق المطلق في إذلال البشرية و امتصاص خيراتها ، و لما كان هذا السلاح سلاحا استراتيجيا رادعا و هاما في مواجهة أسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها محور الفساد و الشر في العالم ، عملت قوى الشر جاهدة من أجل تجريد المستضعفين من هذا السلاح ، فشنّت حملة إعلامية قذرة وصمت فيها العمليات الاستشهادية بـ (الإرهاب) الذي يفتك بالمدنيين (الأبرياء) ، و كأن محور الفساد و الشر يقيم وزنا للمدنيين و الأبرياء خاصة إذا كانوا من المسلمين ، و كأن الصهاينة الغاصبين مدنيون و أبرياء !! .

و ما لبث هذا المحور أن دفع ببعض المنتفعين ممن ينتسبون زورا و بهتانا لهذا الشعب الفلسطيني المعذّب ، ليشنّوا حملة مشبوهة ضد العمليات الاستشهادية ، و ينالوا من كرامة الشهداء ، و قد وفّر لهم الدعم المادي و الإعلامي و المعنوي .

و لما فشلت كل المحاولات الرامية لوقف العمليات الاستشهادية ، نشط الباحثون و المحللون و السياسيون و الخبراء لدراسة هذه الظاهرة بهدف القضاء عليها ، و لما كان لكل فعل دوافعه ، استنفر معسكر الفساد و الشر كل قواه لمعرفة الدوافع التي تجعل الإنسان يصنع من جسده العاري - إلا من الإيمان - قنبلة بشرية ، و حتى لا أترك محور الفساد و الشر في حيرته أودّ أن أضع بين يديه بعض الدوافع لعله يعالجها – و ما أظنه فاعل - كي يجرّد الشباب المسلم من هذا السلاح المؤثر و الرادع :

أولا : الدفاع عن النفس

ما يمارسه الصهاينة بدعم من محور الفساد و الشر في العالم من قتل متعمد و بدم بارد لأبناء المسلمين العزل في فلسطين ، حيث يقوم الصهاينة بالفتك بالمسلمين من أطفال و شباب و شيوخ و نساء في مذابح جماعية و اغتيالات فردية ، و على مدى ما يزيد على القرن ، فلا تكاد ترى بيتا فلسطينيا واحدا قد نجا من مأساة مؤلمة ، و قد خلفت هذه المذابح آلاف الأرامل و الثكالى ، و عشرات الآلاف من الأيتام ، فكيف يمكننا أن نصون دماء أبناءنا إن لم يدفع العدو ثمن جرائمه ؟!! .

ثانيا : الدفاع عن الوطن

فاغتصاب فلسطين و طرد شعبها و قد استولى عليها الصهاينة عام 1948 بقوة السلاح ، و تشريد الملايين من أبنائها يتجرّعون الذل و الهوان و الحرمان في مخيمات اللجوء ، بينما يقيم الغزاة من الصهاينة دولتهم على أنقاض شعبنا و على تلال من جماجم أبنائنا ، و على حساب دماء و دموع و آهات أطفالنا و نسائنا ، فكيف يمكننا أن نحرر أرضنا و نعيد المشرّدين من أبناء شعبنا إلى مدنهم و قراهم و نضع حدا لمعاناتهم إن تخلينا عن سلاحنا الذي أفقد العدو أمنه و استقراره ؟! ..

ثالثا : الدفاع عن المقدسات

فكيف السبيل لتطهير مقدسات المسلمين وعلى رأسها المسجد الأقصى من دنس الصهاينة، وكيف السبيل لإعمار العديد من مساجد فلسطين التي أصبحت أثرا بعد عين بعد تدمير الصهاينة لها، أو تحويلها إلى زرائب وحانات للخمور، إمعانا في إذلال المسلمين والنيل من كرامتهم وعقيدتهم.

رابعا: الدفاع عن حرية المعتقلين

فلا زال الاحتلال يمارس حملة اعتقالات واسعة ضد المدنيين العزل، ويحتفظ بأكثر من عشرة آلاف فلسطيني في ظروف اعتقال مأساوية لاإنسانية، فيما يسمى بمعتقل أنصار في صحراء النقب، فكيف يمكنهم أن يتنسموا الحرية ما لم يدفع الصهاينة ثمن الاحتفاظ بهم باهظا؟

خامسا: الدفاع عن حقوقنا السياسية والمدنية

فلابد من التصدي لضغوط محور الفساد والشر التي تمارس على السلطة الفلسطينية ودولنا العربية كي تقوم بملاحقة الشباب الإسلامي، والتضييق عليهم، واعتقالهم، واغتيالهم، وحرمان التنظيمات الإسلامية من ممارسة حقوقها المدنية والسياسية، ومنعها من المشاركة في تقرير مصيرها، ومحاصرتها، وعزلها، والتصدي لأنشطتها المشروعة التي تصب في مصلحة الوطن العليا، واتهامها ووضعها على قوائم الإرهاب، وشن حملات إعلامية ظالمة ومفتراة ضدها.

سادسا: الدفاع عن حق الشعب الفلسطيني في حياة كريمة

وذلك بمواجهة سياسة الحصار والدمار والتجويع التي يمارسها الصهاينة بدعم من محور الفساد والشر، بهدف تركيع وإذلال الشعب الفلسطيني، وإغلاق المؤسسات الخيرية التي تقدم العون لضحايا الإرهاب الصهيوني من أيتام ومعوزين، وحرمان الشباب الفلسطيني من أي فرصة للحياة الكريمة في ظل دولة تقام على ترابه التاريخي.

سابعا: الدفاع عن الثروات الوطنية والقومية

فلابد من وضع حد لما يقوم به محور الفساد والشر من نهب لخيرات المسلمين، مما جعل الملايين من أبناء الأمة يموتون جوعا، بينما يتمتع الغرب الحاقد ومعه الصهاينة الأشرار بما يسلبونه من أموالنا وثرواتنا القومية، وتسخيرها لضربنا، ونشر الفساد في بلادنا، والعمل المحموم على صرفنا عن قيمنا ومبادئنا ومثلنا.

ثامنا: تعزيز ثقة أمتنا العربية والإسلامية بقدراتها

ففي ظل التهديد المستمر من قبل محور الفساد والشر لدولنا العربية والإسلامية، فلا تكاد ترى دولة آمنة من تهديدهم ووعيدهم وعدوانهم، ووصمهم دولنا العربية والإسلامية بالإرهاب في الوقت الذي تعاني فيه كافة شعوبنا العربية والإسلامية من إرهاب محور الفساد والشر، فمن فلسطين إلى الشيشان، و كشمير، والبوسنة والهرسك ، و كوسوفا، و العراق ، و أفغانستان ، وغيرها من بلاد المسلمين المستضعفة، في ظل ذلك لابد من إعادة ثقة الأمة بقدرتها على الدفاع عن نفسها، وتحقيق ما تصبو إليه من نصر وتمكين.

تاسعا: طمع الشباب المسلم في مغفرة الله ورضوانه

فلا نشك لحظة أن من يجود بدمه دفاعا عن أرض وكرامة وعقيدة ودماء المسلمين شهيد كريم على الله، وخيرة هؤلاء الشهداء المتصدرون للعمليات الاستشهادية، فأمل الشباب المسلم كبير في حياة أفضل في جنة عرضها السماوات والأرض، فإن كان محور الفساد والشر لا يؤمن بذلك فهو وشأنه، أما نحن فعلى ثقة بكتابنا ونبينا صلوات ربي وسلامه عليه وبوعد الله لنا.


المصدر

للمزيد عن الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة بالرنتيسي

مقالات بقلم الرنتيسي

تابع مقالات بقلم الرنتيسي

.

حوارات مع الرنتيسي

حوارات مع عائلة الرنتيسي

بيانات حول إغتيال الرنتيسي

أخبار متعلقة

تابع أخبار متعلقة

.

وصلات فيديو

.