استشهاد الرنتيسي نهاية الوهم وبداية النصر

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
استشهاد الرنتيسي نهاية الوهم وبداية النصر

بقلم: د. محمد مورو

مقدمة

إذا كانت خارطة الطريق، وهي الخطة التي قدمها الرئيس الأمريكي "جورج بوش" إلى الفلسطينيين والإسرائيليين (الصهاينة)، وقبلها الطرفان الرسميان، كانت نوعًا من الوهم والخداع والتحذير، وأنها لم تكن تقدم شيئًا حقيقيًّا للفلسطينيين، وهي في أحسن الظروف والنوايا نوع من التصفية للقضايا الفلسطينية الجوهرية في مقابل أوهام عن دولة فلسطينية لا تكاد ترى على الخريطة، .

ولا تكاد تمتلك أي مقومات للبقاء؛ فإن الطرف الإسرائيلي (الصهيوني) سعى مباشرة لتصفية هذه الخارطة بممارساته القمعية المستمرة وسياسته الإجرامية، والتي كان آخرها اغتيال الدكتور عبدالعزيز الرنتيسي- زعيم حركة حماس في غزة- ومن قبله بأسابيع اغتيال الشيخ أحمد ياسين ضمن سلسلة صهيونية لتصفية قادة المجاهدين، بالإضافة إلى عدوان العدو الإسرائيلي (الصهيوني) وتجاهله للسلطة الفلسطينية رغم انبطاحها، ثم بناء الجدار العنصري العازل... إلخ،

وهي ممارسات وصفتها دوائر السلطة الفلسطينية ذاتها بأنها تنسف فكرة السلام من جذورها، إلا أن تلك السلطة ومَن لفَّ لفَّها من مثقفين وسياسيين منبطحين راحوا يبحثون عن وسيلة لإرضاء الأمريكيين عن طريق إدانة العنف الفلسطيني أو الاستمرار في المراهنة على دور أمريكي ضاغط على إسرائيل (الكيان الصهيوني)- وهو وهم طبعًا- ولكن المهم في المسألة أنه كانت هناك سطور من الوهم تسمى خارطة الطريق يمكن لمن يريد أن يخدع نفسه أو يخدع الناس التمسك بها أو التلويح بها، أو البحث عن موقف ما للرباعية الدولية أو الاتحاد الأوروبي!

ورغم أن المسألة كانت واضحة لأن الأمريكان دعموا الإسرائيليين (الصهاينة) بكل شيء من سلاح ونفوذ وفيتو، وأعطوهم الضوء الأخضر لاغتيال قادة حماس، ورغم التأييد الأوروبي الصامت أو المتواطئ مع إسرائيل (الكيان الصهيوني) مع بعض المواقف النقدية الشكلية التي لا تسمن ولا تغني من جوع، رغم أن المسألة كانت واضحة، إلا أن الغريزة الاستعمارية الأمريكية والصهيونية أبت أن تسقط ورقة التوت عن الجميع، وتضعنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها.

الحلف الأمريكي الصهيوني

ولأن هذه الغريزة الاستعمارية الأمريكية الصهيونية غبية- وهذه حكمة الله تعالى- ولأنها محملة بعداء صليبي طويل وعميق، فإنها تفعل أفعالاً أقل ما يقال فيها إنها تحرج أصدقاء أمريكا، وتنسف منطق دعاة السلام المزعوم، وتستفز الشعوب العربية والإسلامية- والفلسطينية بالطبع- وهذا طبعًا لصالح المقاومة وثقافة المقاومة؛ ولأننا ندرك منذ الوهلة الأولى، ويدرك أي متابع ومحلل ينطلق من المعطيات المجردة، أنه لا سبيل هناك لانتزاع الحقوق كلها أو بعضها إلا بالمقاومة؛ فإن ما تفعله أمريكا وإسرائيل (الكيان الصهيوني) مفيد على المستوى الإستراتيجي لأمتنا وقضيتنا؛ ذلك أنها تدفع الشعوب دفعًا إلى اليقظة وإسقاط الأوهام، ومن ثَمَّ التخندق في خندق المواجهة كخيار وحيد لا بديل له أو عنه.

الموقف الأمريكي الأخير، الذي اتخذته الإدارة الأمريكية عقب زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي (الصهيوني) "أرييل شارون" الأخيرة إلى واشنطن، عبَّر تعبيرًا كاملاً عن الانطباق الأمريكي الكامل مع الموقف الإسرائيلي (الصهيوني)، وهذا في حد ذاته خير حتى نعرف جميعًا أن العدو الإسرائيلي (الصهيوني) هو العدو الأمريكي، وأن النضال والجهاد في العراق هو ذاته النضال والجهاد في فلسطين، وفي كل مكان، وأن علينا أن نواجه الحلف الأمريكي الصهيوني كشيء واحد، وألا ننخدع بعد الآن بإمكانية الاستفادة من الموقف الأمريكي في فلسطين رغم ما يفعله في العراق، ولعل هذه النقطة في حد ذاتها تنهي أوهام الحكومات العربية أو الإسلامية التي تدعو إلى ذلك وتراهن عليه؛ فإما أن تفيق من الوهم، وإما أن تلطخ نفسها بعار الخيانة، أو داء الغباء والبلاهة.

ونلاحظ أن الموقف الأمريكي الأخير الذي تمخض عن اجتماع بوش وشارون جاء عقب زيارة للرئيس المصري إلى واشنطن، وبعدها بأيام معدودة تم اغتيال الدكتور عبدالعزيز الرنتيسي.

الموقف الأمريكي تمثَّل في عدد من النقاط الكاشفة، التي تسقط أي وهم، حتى إنه لم يعد لمخدوع أن يستمر في انخداعه؛ ذلك أن الرئيس الأمريكي وكبار أقطاب حكومته قد عبروا عن أنه على الفلسطينيين ألا يفكروا في عودة اللاجئين، وأن حدود 1967 م ليست مقدسة، وأن حدود إسرائيل (الكيان الصهيوني) يجب ترسيمها وفقًا للحقائق السكانية الجديدة التي طرأت منذ عام 1967 م، وأن إسرائيل (الكيان الصهيوني) دولة يهودية.

وقد وصف "إيهود أولمرت"- نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي (الصهيوني)- الموقف الأمريكي بأنه يمثل انتصارًا رائعًا لسياسة شارون، وفي المقابل فإن عددًا كبيرًا من الفلسطينيين؛ سواء من حماس أو الجهاد، أو حتى أوساط السلطة الفلسطينية، اعتبروا ذلك بمثابة "رصاصة الرحمة" على خارطة الطريق، وإذا كان ذلك مفهومًا من جانب حماس والجهاد، فإن وصول السلطة الفلسطينية إلى تلك القناعة يرتب بالضرورة التخندق مع المقاومة، وانهيار وهم الحصول على شيء عن طريق أمريكا؛ بل يرتب- لو كان هناك كرامة أو عقل- ضرورة فهم أن مواجهة المشروع الصهيوني الأمريكي يقتضي المقاومة، والمقاومة فقط، في مواجهة إسرائيل (الكيان الصهيوني) وأمريكا معًا، وبلا تفرقة بينهما، فالمعركة في فلسطين هي ذاتها في العراق هي ذاتها في أفغانستان .

معركة شعوب مسلمة

الغريزة الاستعمارية بحكم طبيعتها غبية واستفزازية، وهذا من رحمة الله بنا إذا كنا حقًّا شعوبًا حية، وحتى لو سقطت الحكومات في صمت الخيانة أو الغباء، فإن ذلك لن يقدم ولن يؤخر؛ لأن المعركة معركة شعوب في النهاية، وإذا كانت الغريزة الاستعمارية محملة أيضًا بوجدان صليبي استكباري وغطرسة وحمق، فإن المسألة أفضل بكثير؛ لأننا نؤمن أن أمتنا لا تزال حية، وأن جماهير الأمة قادرة بالمقاومة- على غرار المقاومة العراقية والفلسطينية- على إفشال المشروع الأمريكي الصهيوني، طالما سقطت الأقنعة، وباتت الحقائق واضحة؛ ولعل نهاية الوهم هي بداية النصر.

الممارسات الأمريكية في العراق مثل الممارسات الصهيونية في فلسطين ، الممارسات السياسية والعسكرية والاقتصادية على حد سواء، كلها تقود إلى سيادة ثقافة المقاومة.

فالسياسات الأمريكية والصهيونية تسقط ورقة التوت عن المتعاونين مع أمريكا والمراهنين عليها، وبدهي أن انهيار الوضع الرسمي العربي أو "شَلَله" سيفسح المجال أمام حركات المقاومة لامتلاك زمام المبادرة الشعبية؛ وهو ما يعترف به مفكرو العدو أنفسهم؛ فالمفكر والقيادي في حزب العمل الإسرائيلي (الصهيوني) "حاييم رامون" يرى أن استمرار الحالة العربية الرسمية الراهنة أفضل كثيرًا من تغييرها، وظهور حركات للمقاومة على الغرار العراقي والفلسطيني معادية لأمريكا وإسرائيل (الكيان الصهيوني)، وهو نفس رأي "يعكوف بيربي"، الرئيس السابق للمخابرات الإسرائيلية (الموساد).

المواقف والسياسات الأمريكية الإسرائيلية (الصهيونية) في الحقيقة تصفي الوجود الفكري، ومن ثَمَّ الواقعي للتيارات التلفيقية أو المرنة، وتفتح الطريق واسعًا وبلا حدود أمام تيار المقاومة، وخاصةً الإسلامية منها، ولا شك أن اكتساب الشعوب لعنصري إسلامية المرجعية، والمقاومة المسلحة الشعبية للمشروع الأمريكي الصهيوني، هما الشرطان الصحيحان لبداية النصر، وغياب أي من العنصرين (الإسلامية- المقاومة الشعبية المسلحة) كان يمكن أن يجعل النصر مستحيلاً، والصمود مشكوك فيه.

وهكذا فقد انتهى الوهم، وبدأ طريق النصر، والله أكبر ولله الحمد.

المصدر

للمزيد عن الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة بالرنتيسي

مقالات بقلم الرنتيسي

تابع مقالات بقلم الرنتيسي

.

حوارات مع الرنتيسي

حوارات مع عائلة الرنتيسي

بيانات حول إغتيال الرنتيسي

أخبار متعلقة

تابع أخبار متعلقة

.

وصلات فيديو

.