لن يعود شارون من فتنة غزة إلا بخفي حنين

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لن يعود شارون من فتنة غزة إلا بخفي حنين

بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

لم يكن في حسابات المقاومة الفلسطينية يوما أن تهزم الآلة العسكرية الصهيونية، لأن المقاومة ببساطة ليست جيشا، ولا تملك أسلحة ثقيلة، فليس في حوزتها صواريخ أرض جو، ولا أرض-أرض، ولا تملك رادارات متطورة، ولا طائرات، ولا دبابات، ولكنها مقاومة سلاحها الأهم هو العقيدة الراسخة، والإرادة القوية، والحقوق المشروعة، وقليل من الأسلحة الخفيفة، وعدد من العبوات الناسفة المصنعة محليا، ومن هنا فإن احتلال المدن والقرى والمخيمات وحصارها من قبل العدو أمر سهل ولا تملك المقاومة ما يمكنها من صده وعرقلته، وعليه فإن الاحتلال والحصار لا يشكل نصرا للعدو ولا هزيمة للمقاومة طالما أن إرادة المقاومة لم تنهزم، .

ولقد وعد شارون ناخبيه من الصهاينة أنه سيحقق النصر بسحق إرادة المقاومة خلال مائة يوم، ولكنه فشل مما شكل انتصارا قويا لإرادة المقاومة، ثم وضع شارون خططه الجهنمية التي كان جوهرها في مجملها الاعتقال والإبعاد والقتل والدمار والخراب وكل أساليب القهر والإرهاب القذرة، ولا أكون مبالغا إن قلت أن إرادة الشعب الفلسطيني سحقت هذه الخطط جميعها، .

وهُزم شارون مرة ثانية وثالثة ورابعة حيث كانت تنهار خططه تباعا الواحدة تلو الأخرى أمام إرادة المقاومة، وأدرك الصهاينة أنهم أمام جدار صلب، وفهموا الحقيقة التي حاولوا إقناع أنفسهم بعدم وجودها، فقد أثبتت الانتفاضة والمقاومة أن الشعب الفلسطيني لم ينس شبرا من وطنه، وأن عزيمته ترفض التنازل عن شبر منها، ولذا أصبح الصهاينة في قلق شديد أدرك أنه له ما يبرره، وباتوا في خوف مما يحمله المستقبل لهم على المدى القريب والبعيد.

ولما شعر شارون وعصابته بمرارة الهزيمة بدأ الرهان على شق الصف الفلسطيني، وضرب وحدة هذا الشعب، التي إن ضُربت - لا قدر الله - هُزمت إرادته في مواصلة المقاومة، وعندها فقط يمكن لشارون أن يحتفل بالنصر وهو واثق من إحرازه، وما أن أطلت الفتنة التي عصفت ب قطاع غزة في الأيام الأخيرة برأسها حتى اعتقد شارون أن الفرصة قد لاحت، وأنها أصبحت مواتية جدا لتحقيق النصر المفقود، الذي فشلت في تحقيقه الآلة العسكرية الأمريكية والخطط الجهنمية الصهيو - نازية، وبدأ الصهاينة يلعبون تارة من خلف الستار وأخرى في العلن، يحركون عملاءهم لينفخوا في نار الفتنة، ليضربوا وحدة الصف الفلسطيني، وأخذوا يشجعون أصحاب الأغراض كي يتحركوا، خاصة أولئك الذين اعتقدوا أنها فرصتهم التاريخية لتحقيق ما تصبوا إليه مطامعهم وأحلامهم بل وأوهامهم، ولقد قبلوا بالتحرك رغم أنهم يدركون أن دون ذلك دماء وأشلاء لكن مرضى جنون العظمة لا يقيمون وزنا للدماء ولا للأشلاء.

ولقد طالب شارون الشعب الفلسطيني بوضوح بإيجاد بديل قادر على وقف المقاومة وإجهاض الانتفاضة، وجاء طلبه هذا متزامنا مع الأزمة التي كادت أن تتحول إلى فتنة، وكل هم شارون أن يصنع البديل الذي يقبل أن يصل على ظهر زورق حربي صهيوني يطفو على سطح بحر من الدماء الفلسطينية التي يراد لها أن تسفك بأيد فلسطينية، وجاء متزامنا أيضا مع حملة إعلامية استهدفت قيادة حركة المقاومة الإسلامية حماس وقد جند لها شارون كل العملاء، ينشرون البيانات المسمومة والكفيلة بإشعال نار الفتنة، ويبثون عبارات التحريض على القتل تنطلق بها الحناجر المبرمجة وفق الإرادة الشارونية.

وكان لابد من تطويق نار الفتنة وإخماد أوارها، وتفويت الفرصة على المخطط الشاروني المدمر، لقطع الطريق على أصحاب الأغراض الذين يسعون إلى تحقيق أغراضهم على حساب المصلحة العليا للشعب الفلسطيني المتمثلة في وحدة هذا الشعب على خيار المقاومة والانتفاضة، بعد أن أثبتت كل المعطيات أن استمرار الانتفاضة وتطويرها كفيل بتطهير الوطن من الغزاة، وتحرير المقدسات، وحماية الشعب الفلسطيني، ومن هنا كانت عملية تل أبيب بدلا من الانخراط في الفتنة هي الرد المناسب على المخطط الصهيوني الخطير.

وهنا تقع تبعة كبيرة على شباب حركة المقاومة الإسلامية وقيادتها في ظل الهجمة المبيتة التي تتعرض لها الحركة اليوم، والتي تهدف بوضوح إلى جر الحركة إلى حرب داخلية، وصرفها عن مشروعها المتمثل في مقاومة الاحتلال، وهنا ينبغي على الحركة ألا تقابل الإساءة بالإساءة، عملا يقول الله عز وجل ( ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور )، وما ينتظره الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية دائما من الحركة الإسلامية أن تتمايز في كل المواطن، وأن تستعلي على الجراح، ولا غرابة في ذلك فهي صاحبة رسالة عظيمة، وعليها أيضا أن تترجم قول الله عز وجل ( أشداء على الكفار رحماء بينهم )، وقوله سبحانه ( أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين ) واقعا ملموسا على الأرض، ولن تكون الحركة الإسلامية خاسرة إن فعلت ذلك بل على النقيض تماما ستكون هي الرابحة بلا منازع، فالناس يراقبون ولهم عقول، وإذا كان الهدف كبيرا فلابد من دفع الضريبة المطلوبة لتحقيقه، فلسنا دعاة فتنة ولا دعاة شقاق، ولكننا دعاة جهاد ومقاومة، ودعاة وحدة تخدم مشروع الجهاد والمقاومة.

إن الحركة الإسلامية في فلسطين هي أمل الأمة، وينبغي أن تبقى عند حسن ظن الجماهير بها، فلا أشك لحظة أن هذا القرن هو قرن الإسلام، وعلي الحركة الإسلامية أن تكون على مستوى التحديات الداخلية والخارجية، فأما الداخلية فعليها أن تجرد لها سلاح الصبر، وأما التحديات الخارجية فلها سلاح المقاومة بكل أشكالها وعلى رأسها العمليات الاستشهادية، بهذا يتحقق الهدف، وتبقى فلسطين إسلامية من بحرها إلى نهرها، ويعود شارون من فتنة غزة بخفي حنين.

المصدر

للمزيد عن الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة بالرنتيسي

مقالات بقلم الرنتيسي

تابع مقالات بقلم الرنتيسي

.

حوارات مع الرنتيسي

حوارات مع عائلة الرنتيسي

بيانات حول إغتيال الرنتيسي

أخبار متعلقة

تابع أخبار متعلقة

.

وصلات فيديو

.